سليم بوفنداسة في الوقت الذي تنصح فيه فرنسا الآخرين بالحرية تبخل بها على نفسها. وبكل تأكيد سيبقى إلغاء الاحتفاء الرسمي بخمسينية سيلين شوكة في قدم فرنسا، التي باتت خاضعة لضغوطات أقلية دينية ترى في الموت عقوبة قليلة لكاتب أشار إلى "الرغبة اليهودية" في السيطرة على العالم بلغة مباشرة لا لبس فيها. لقد عاد كاتب "مدرسة الجثث" إلى الحياة الثقافية الفرنسية بضراوة مطلع هذا العام، وهو الذي لا تزال بعض أعماله ممنوعة إلى اليوم في وقت تناهض فيه النخب الفرنسية الرقابة التي تنال من أعمال مبدعين في مختلف أنحاء العالم لدواع دينية أو عرقية. ثمة ازدواجية في الخطاب الثقافي الفرنسي تشبه ازدواجية الخطاب السياسي في مقاربة الديموقراطية في الدول الصديقة بميزان المصلحة، فالمقياس الذي تقاس به الديموقراطية في إيران ليس هو نفسه الذي تقاس به نفس الديموقراطية في دول إفريقية وعربية، ولا بأس أن تكون إسرائيل دولة دينية لكن ذلك ممنوع على إيران.صحيح أن هناك نخب حرة في فرنسا، لكنها غير فعالة بل وحرة بمقدار، حيث بات سيف معاداة السامية مسلطا على رقاب الكتاب والصحافيين والفنانين، وباتت أية فلتة لسان تكلف غاليا في بلد الحرية، إذا تعلق الأمر بالطائفة التي هجاها سيلين.واستفحل الأمر مع وصول نخب سياسية من نفس الطائفة إلى الصفوف الأولى للحكم. وكأن فرنسا الخائفة على نفسها من التطرف الإسلامي مطمئنة إلى التطرفات الأخرى وكأن فرنسا تعيش حرية مشروطة.