قدم المسرح الوطني محي الدين بشطارزي سهرة أول أمس بالمسرح الجهوي بقسنطينة مسرحية « الهايشة» ، التي تنتمي للمسرح العبثي، مقتبسة عن نص «الكركدن» أو « الخركيت» لأوجين يونسكو، والتي تتحدث عن ظاهر إجتماعية يغلب عليها التناقض والتشويش في قالب نقدي لا يخلو من الهزل والكوميديا وذلك في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية. المسرحية التي تدور حكايتها حول شخصية بشير الذي إختار الإنعزال عن مجتمع لم يعد يقدر على العيش بين أفراده حيث تتفاعل الشخصيات بشكل هزلي فيما بينها في ديكور جميل ينقسم فيه الممثلون إلى طبقات سفلى وعليا في إشارة إلى توحش المجتمع الشمولي وتصنيف الناس إلى طبقات إجتماعية تتصارع فيما بينها. المسرحية مليئة بالإيحاءات النفسية حيث تسلط الضوء على ظاهرة تخلي الإنسان عن مواقفه ومبادئه الإنسانية وميله إلى التصرفات والسلوكيات الحيوانية ، إلى جانب نبذها لكل أشكال العنف الذي أصبح متفشيا في مجتمعنا بصورة كبيرة وطغى على تصرفتنا المختلفة في حياتنا اليومية. « الهايشة » هي مسرحية كوميدية شاركت في تجسيد مختلف أدوارها على الركح نخبة من الأسماء المعروفة وأيضا من المسرحيين الجدد. المسرحية التي وضعها مخرجها محمد شرشال في بيئة جزائرية لم تخل من نقد ظواهر العنف التي قد تكون أحيانا حيوانية وهو البعد الذي حاولت أن تتحدث عنه المسرحية طيلة ساعة ونصف من الزمن بلهجة عامية جميلة حيث تتساءل عن حدود الإنسان ومساحة الحيوانية التي توجد بداخله. النص المسرحي الأصلي لأوجين يونسكو ينتقد فيه النظام الشمولي و خاصة النازية إذ يندد هذا العمل المقتبس بالحماقة و«السلوكات الحيوانية »للإنسان داعيا من خلاله إلى التحلي بالحكمة و الأخلاق الحميدة بإعتبارها مخرجا للأزمات والتي تتمثل في الحروب والإبادة الجماعية .