حفيد صالح باي يقتفي أثر العائلات الأرستقراطية من خلال عرض أثاثهم العريق جعل حفيد صالح باي المدعو صبري بلباي، من الأثاث العتيق، نشاطا تجاريا و هواية فنية يقتفي من خلاله أثر العائلات الأرستقراطية و الفترة التاريخية التي عاشت فيها، حيث حوّل منزله إلى متحف أو قصر فيرساي مثلما يفضل تشبيهه، لأن بحوزته قطع نادرة من صالونات و غرف طعام و خزائن و مكاتب من طراز نابليون الثالث و لويس الخامس و السادس عشر، بالإضافة إلى لوحات تحمل توقيع كبار الرسامين العالميين، كما تقع بين يديه من حين إلى آخر تحف لورثة عائلات ملكية، مثل الصالون الذي اشتراه مؤخرا و الذي أكد أنه لإحدى حفيدات الملكة ماري أنتوانيت. فإذا مررت بشارع ططاش بلقاسم الذي لا زال أبناء المدينة يفضلون تسميته باسمه القديم "الروتيير" أو"الشارع"، يجذبك أثاث فاخر يبدو من خلال تصاميمه أنه قديم و عريق، لا يليق إلا بالقصور، و يحملك الفضول لمعرفة مصدر و تاريخ كل قطعة موجودة بالمحل الذي رغم ضيق مساحته يسع الكثير من التحف التي تأسر قلوب كل من زاره. صاحب المحل قال للنصر بأنه اقتحم مجال جمع التحف و الأثاث الفاخر و العتيق منذ حوالي 35سنة، بدأها كهواية يحفزّها عشقه و وفاءه و ميله للحفاظ على ذاكرة الأولين، مضيفا بأنه لم يترك مكانا إلا و زاره من أجل الحصول على القطع التي تروق ذوقه و تخدم مجموعته و نشاطه التجاري أيضا، آسرا بأن أكثر مقتنياته تأتي من فرنسا و بشكل خاص من تولوز و مرسيليا و باريس و كذا الجزائر العاصمة التي تتوّفر على تجار مختصين و أشخاص مولعين بالتحف العريقة. و بخصوص هوايته أيضا، أسر محدثنا، بأنه توارث حب الأثاث الفاخر عن عائلته و بشكل خاص والده الذي سعى لاستعادة أملاك عائلته بما فيها قصر أحمد باي، إلى آخر يوم في حياته، و هو ما دفعه لممارسة نشاط شراء و إعادة بيع التحف القديمة و بشكل خاص الأثاث، معتبرا نفسه الوحيد على مستوى ولاية قسنطينة المتخصص في هذا النشاط. صبري بلباي الذي التقيناه بمحله الذي استقطب عشرات الزبائن و الزوار في لحظات قليلة، قدم لنا لمحة عن أهم الأثاث العريق الذي كان من حظه سواء من خلال مبيعات فردية مباشرة أو عروض جماعية انتهت لصالحه، مؤكدا حصوله على قطع قديمة تحمل تصاميم جميلة من طراز نابليون الثالث و لويس الرابع و الخامس و السادس عشر، بالإضافة إلى تحف من العصر الباروكي، مشيرا إلى صالون جميل بحوافي مطلية بالرقائق الذهبية، قال أنه كان ملكا لحفيدة الملكة الفرنسية ماري أنتوانيت، بالإضافة إلى تحف أخرى أسر بأنه لشدة جمالها و عراقتها فضل الاحتفاظ بها لنفسه ضمن مجموعته الخاصة التي يزيّن بها بيته الذي يشبهه بقصر فيرساي، مؤكدا بأن لديه صالونات من طراز نابليون الثالث و غرف طعام من طراز لويس الخامس عشر و لوحات لرسامين معروفين و غرف نوم مصنوعة من خشب الورد و صالونات من طراز إمبراطوري و تماثيل من البرونز. و عن أجمل التحف التي وقعت بين يديه، واصل صبري بلباي متحدثا بإعجاب و افتخار، قائلا بأنه اشترى خزانة مصنوعة من عرق اللؤلؤ"ناكر"و الفضة، أكد بأنه رفض إعادة بيعها، رغم السعر المغري الذي عرضه عليه أحد الزبائن عليه و الذي وصل 200مليون سنتيم، في حين لم يدفع هو لاقتنائها سوى 80مليون سنتيم، لأنه يفضل إهداءها لابنته الوحيدة عند بلوغها سن الزواج. و بخصوص مصدر التحف التي يعيد بيعها، قال بأن ثمة مختصين يحضرون ذلك في حاويات يتم بيعها بالعاصمة، كثيرا ما تحتوي على قطع تليق بالمتاحف لكن الناس لا يقدرون قيمتها الحقيقية و يرمونها بأسعار لا تفيها حقها، ناهيك عن أثاث مرصع برقائق الذهب، و الكريستال و الفضة و تحف أخرى تحمل توقيع نحاتين معروفين حسبه فضلا على أطقم من الخزف الفاخر كخزف ليموج المطلى بالرقائق الذهبية، أما فيما يخص نوعية زبائنه فأخبرنا بأنهم متميزين لهم ذوق فني راق و ينتمون عموما للعائلات العريقة التي لا زالت وفية للأثاث الذي يحمل لمسة فنية و تاريخية في آن واحد، مشيرا إلى أن الأثرياء الجدد يفضلون السلع العصرية القادمة من ماليزيا، مضيفا بأن الكثير من العائلات القسنطينية العريقة تملك أثاثا نادرا و ترفض بيعه ، رغم الأسعار المغرية التي تعرض عليهم لأنه ذكرى من الأجداد. نشاط الحرفي بلباي منحه فرصة المشاركة في بعض الأعمال التلفزيونية، كمصمم و منتقي إكسسوارات مثلما حدث في مسلسل "ذاكرة الجسد" الذي أكد بأنه من صمم العرس القسنطيني و أشرف على انتقاء كل الإكسسوارات و الأزياء و المجوهرات التي ظهرت بها الممثلات في مختلف الأدوار، إلى جانب مشاركته بتحف محله ببرنامج قعدة.