ضحايا انهيار بنايات حارة "كرمان" يغامرون بحياتهم وسط الخراب يشتكي سكان حارة «كرمان» المتواجدة بقلب مدينة برج بوعريريج، من تواصل معاناتهم بالمبيت تحت أسقف سكنات آيلة للسقوط، رغم صرخات الاستغاثة الموجهة إلى السلطات المحلية بعد انهيار عدد من المنازل، بفعل قيام أحد المواطنين بتهديم بنايات قديمة و الشروع في حفر الأساسات لبناية جديدة مجاورة لمنازلهم بعمق يفوق الثلاثة أمتار، الأمر الذي تسبب في انهيار منزلين عن آخرهما و حدوث انهيارات و تشققات جزئية بالمنازل المجاورة من بينها 03 منازل أخرى و مقرات تجارية و إدارية و مطعم. أشغال تهديم و حفر أساسات لبناية جديدة كانت السبب عن حادثة انهيار المنازل أكد المتضررون أن العائلات القاطنة بالسكنات القديمة المجاورة لمشروع البناية الجديدة، كانت قد حذرت صاحب المشروع من خطورة أشغال حفر الأساسات بعمق يزيد عن الثلاثة أمتار على سلامة مساكنهم الهشة، خاصة بعد ظهور التشققات و التصدعات بالجدران و الأسقف، ما دفع بالبعض منهم إلى التوجه إلى مصالح شرطة العمران لإيداع شكوى ضد صاحب المشروع، غير أنه استمر في أشغال الحفر ما تسبب في انهيار ثلاثة منازل خلال ساعات الفجر، و من حسن الحظ أن العائلات القاطنة كانت قد أخلت سكناتها بعد شعورها بخطورة الوضع، عقب توسع رقعة التشققات في تلك الليلة، و امتدت رقعة التصدعات في الجدران و الأسقف لتطال جميع السكنات و المحلات المجاورة المطلة على ممر أخروف و شارع العربي بن مهيدي . ع / بوعبدالله و أشار سكان الحارة إلى تلقيهم لوعود من طرف صاحب المشروع الذي أكد لهم تكفله بالخسائر الناجمة عن حادث الانهيار و تعويض العائلات المتضررة، حيث قام لحد الآن باستئجار منزلين للعائلات التي انهارت منازلها بشكل تام، و تعويضهم عن الخسائر المسجلة في الأثاث المنزلي. حياة بدائية لسكان يقطنون بقلب مدينة برج بوعريريج و يعتبر السكان أن هذه الحادثة ما هي إلا محصلة لوضع مزري يبقي عليه حال النسيج العمراني القديم بشارع العربي بن مهيدي بقلب مدينة برج بوعريريج، أو ما يعرف بحي الزمالة، وسط الحارات التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية، أين يفصل بين حياة التمدن و البداوة، باب كبير في مدخل الحارة يجعلك محتارا من الفرق الكبير بين مظاهر الحياة وسط الحارة و خارجها، حياة مليئة بمظاهر التمدن و زخرف الحياة، محلات تجارية لأحدث ماركات الموضة في الألبسة و العطور بجميع أنواعها، و سلسلة مطاعم الأكلات العصرية و فندق بأربعة نجوم و سوق العملة في الخارج، و حياة تغلب عليها مظاهر البداوة و التريف بمجرد الدخول من الباب إلى حارة « كرمان» حيث يقابلك فناء تتوسطه بالوعة للصرف الصحي و تتوزع من حوله سكنات هشة و قديمة لعائلات بدى من حديثها أنها مثقلة بهموم الحياة خاصة بعد حادث الانهيار المشؤوم، الذي زاد من متاعب و هموم هذه العائلات الباحثة عن مقر يأويها و يجعلها في مأمن من مخاطر الموت تحت الأنقاض لا قدر الله. و لعل ما استوقفنا خلال الدخول إلى هذه الحارة زيادة على الفرق الشاسع في مظاهر الحياة مشهد معبر لطفلتين صغيرتين إحداهن كانت تضع يدها على رأسها و تتأمل في الأجزاء المنهارة و الأخرى كانت جالسة و بالقرب منها أدوات مطبخ في مشهد قد يترجم هوس هاتين الطفلتين و طموحهما للعيش في منزل لائق يحتوي على مطبخ منفرد. الزائر لهذه الحارة يشعر بعد حادث انهيار المنازل كأنها تعرضت لزلزال أو لقصف، جدران و أسقف هوت و بقايا ركام الأتربة و الحجارة و أوتاد حديدية كانت توضع كدعامات للأسقف منتشرة في كل مكان، بيوت انهارت عن أخرها و أخرى لا تزال تعد أيامها و ينتظر قاطنوها الموت تحت الأنقاض أو الترحيل إلى سكنات لائقة، بحيث أصبحت تشكل كابوسا حقيقيا لقاطنيها، الذين يمنون النفس في كل ليلة برؤية شعاع الشمس ينبعث من فجوات و تشققات الجدران و الأسقف في الصباح، خوفا على أرواحهم و من سقوط ما تبقى من هياكل هشة فوق رؤوسهم، خصوصا بعد امتداد رقعة و مساحة التصدعات إلى الأسقف و الجدران، و تضاعف مخاطر انهيار البنايات من يوم إلى آخر. تذمر من عدم تدخل السلطات وتساؤلات عن إهمال التقارير سكان الحارة من عائلات عالم، بن دراجي، مهني و مزهود في حديثهم لجريدة للنصر، أعابوا على السلطات المحلية عدم تحركها لنجدة العائلات المتضررة و اهمالهم لمعاناتهم و عدم الأخذ بعين الاعتبار خطورة الوضع الذي هم فيه، متسائلين عما إذا كان الأمر يتعلق بعدم نقل هذه الخطورة في التقارير المرسلة إلى السلطات من قبل مصالح الحماية المدنية التي تدخلت بعين المكان، و أهملت في تقريرها بعض البنايات المتضررة، أو أن الأمر يتعلق بحسابات أخرى، مؤكدين بقاءهم بهذه السكنات المتضررة و المتصدعة إلى حين تسوية وضعيتهم إما بتمكينهم من سكنات اجتماعية أو حصولهم على إعانات لإعادة بناء سكناتهم المتضررة. و أشار أحد المتضررين إلى محاولتهم مقابلة والي البرج لنقل انشغالهم غير أن مساعيهم باءت بالفشل للقاء المسؤول الأول على رأس الولاية، و ذلك بعد يأسهم من سلطات البلدية التي لم يتدخل بحسبهم رئيسها للاطمئنان على صحة و أرواح العائلات بعد وقوع حادث الانهيار للسكنات على مرتين الأول قبل أربعة أسابيع و الثاني في الأيام العشر الأخيرة، ناهيك عن توسع رقعة التصدعات في الجدران و الأسقف من يوم إلى آخر إلى المنازل المجاورة و المحلات التجارية و حتى مقر جريدة النصر القريب من موقع الانهيار حيث تنقل ممثلين عنها من ولاية قسنطينة لاتخاذ جميع الإجراءات القانونية الواجبة في مثل هذه الحالات. عائلات تغامر بالبقاء تحت أسقف مهددة بالإنهيار رغبة في السكن الاجتماعي و تساءل بعض الضحايا عن سر سكوت السلطات المحلية و عدم تدخلها لتقييم الوضع و الاطمئنان على العائلات المنكوبة التي منها من تم ترحيلها من طرف صاحب مشروع البناية الجديدة، الذي تعهد بالوقوف إلى جانب جيرانه الضحايا و تعويضهم عن الخسائر المسجلة جراء حادث الانهيار لمنازلهم، في حين بقيت بعض العائلات تعيش تحت أسقف سكنات هشة و مهددة بالانهيار، تصارع و تتحدى الوضع علها تجد استجابة من قبل السلطات، و شعارها في ذلك « الرحيل أو الترحيل «. من بين المتواجدين بالمكان عائلة متكونة من 09 أفراد لأرملة شهيد و ابنها الذي دق أبواب العقد السادس من عمره، دون أن يستفيد من سكن اجتماعي رغم إيداعه لملف منذ سنوات، بالإضافة إلى امرأة مطلقة «مهني» و ابنيها، أشارت الى بقائها بالمنزل الذي تستأجره منذ مدة تزيد عن الثمانية سنوات رغم تعرض جزء منه للانهيار و تشقق الجدران و الأسقف، و علمها بخطورة الوضع و امكانية سقوط سقف المنزل في أي وقت، مضيفة أن وضعها لا يسمح لها باستئجار منزل جديد، فضلا عن تخوفها من نسيانها من قبل اللجنة المكلفة بتوزيع السكنات الاجتماعية في حال تغيير مقر إقامتها رغم أحقيتها بالاستفادة و إيداعها لملف منذ سنوات . عبد الوهاب «ابن شهيد « يقول هو الأخر أن الوضع لم يعد يحتمل السكوت، في وقت بقيت السلطات مكتوفة الأيدي و لم تتدخل لنجدتهم رغم مرور أزيد من أربعة أسابيع على حادث الانهيار الأول للسكنات و وقوع انهيارات جزئية فيما بعد، ما استدعى إخراج عجوز من منزلها المنهار عن آخره و كذا خروج عائلة «بن دراجي « من 09 أفراد من منزلها المتهاوي و لجوئها إلى استئجار منزل جديد، مشيرا إلى أن هذه العائلات كان من المفروض أن يتم ترحيلها منذ سنوات، كونها تقطن بسكنات قديمة و هشة و في وضع مزر لا يليق بولاية تعد نفسها من بين الأقطاب الاقتصادية و الولايات الغنية، لكن لا يزال ساكنوها يعانون من حياة التريف و البداوة رغم تواجدهم بقلب مدينة البرج التي توصف بعاصمة الإلكترونيك. و يضيف محدثنا أن هذه المساكن شيدت منذ الحقبة الاستعمارية بالحجارة و مواد البناء التي كانت متوفرة في تلك الفترة، و تحمل تسمية « كرمان « نسبة لاسم مالكها في فترة الاستعمار، بقيت منازلها على حالها رغم الطلبات المتكررة من قبل أصحاب هذه السكنات للحصول على إعانات الترميم، و تزايد عدد الأسر بهذه السكنات، ما دفع بأغلبيتهم إلى المطالبة بالسكن الاجتماعي، لكنهم لازالوا بعيدين عن أعين السلطات بحسبه، مشيرا إلى أن الشيب قد كسى شعره بعد بلوغه سن الستين، دون استفادته من سكن لائق رغم استشهاد والده دفاعا عن الوطن و ايداعه لملف طلب السكن منذ مدة تزيد عن العشر سنوات، دون أن يتمكن من توفير مسكن لائق لأبنائه و بقائه في منزل والدته، و أضاف بالقول أن ابنه - الذي كان يتحدث كذلك معنا عن الوضع المزري لمسكنهم- قد بلغ العقد الثاني من عمره و يحتاج إلى مسكن . البلدية تفند تصريحات المتضررين و تؤكد تدخلها في الوقت المناسب و فيما عبر سكان الحارة عن استيائهم من عدم تدخل السلطات المحلية بما فيها سلطات البلدية و الولاية، نقلت جريدة النصر هذه الانشغالات إلى المسؤولين المحليين، حيث أكد رئيس المجلس البلدي ببرج بوعريريج على إرسال نائبه « سيليني « في نفس اليوم إلى العائلات المتضررة، فضلا عن تشكيل لجنة لتقييم الوضع و اتخاذ الإجراءات اللازمة، مشيرا إلى إمكانية منح سكنات في إطار برامج السكن الاجتماعي المرتقب توزيعها ببلدية البرج للعائلات المتضررة التي تستحقها، كما أكد رئيس مصلحة الشؤون الاجتماعية ببلدية البرج على تنقله شخصيا صبيحة الحادثة إلى عين المكان و انجاز تقرير مفصل عن الحادثة أرسل إلى السلطات الولائية. كما أكدت مصادر من ديوان الولاية، على اهتمام الوالي بهذا الملف و طلبه لتقرير مفصل من جميع السلطات و المصالح المتدخلة بما فيها مصالح الحماية المدنية و مصالح الأمن و سلطات البلدية، و أشارت مصادر أمنية إلى ضرورة ايداع المتضررين لشكوى على مستوى مصالحها، و تقديم ملف القضية للعدالة للفصل فيه، مشيرة كذلك إلى غياب المشتكي منه صاحب البناية الجديدة الذي يتواجد بالبقاع المقدسة لأداء فريضة الحج .