للمعارضة حق إخطار المجلس الدستوري كشف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بأنه سيتم الإعلان قريبا عن مشروع الدستور الجديد، وقال بأن المشروع يتطلع إلى إرساء «دعائم ديمقراطية هادئة في جميع المجالات»، ولعل أبرز ما سيتضمنه الدستور، تمكين المعارضة على مستوى البرلمان، من أداء دورها بما فيها إخطار المجلس الدستوري، كما استجاب الرئيس بوتفليقة، لأهم مطلب تقدمت به المعارضة، وقرر دسترة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات لوضع حد للجدل المثار بشأن نزاهة الانتخابات في الجزائر. أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، أنه سيتم «الإعلان عما قريب عن مشروع مراجعة الدستور»، مشيرا إلى أن هذا المشروع يتطلع إلى إرساء «دعائم ديمقراطية هادئة في جميع المجالات». وأعطى الرئيس في الرسالة التي وجهها بمناسبة إحياء الذكرى 61 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954، بعض المحاور الكبرى للتعديل الدستوري المرتقب الإعلان عنه قريبا، وأهمها تمكين المعارضة البرلمانية من أداء دورها الرقابي، كما قرر الرئيس إنهاء السجال المثار من قبل المعارضة عقب كل عملية انتخابية، عبر دسترة آلية مستقلة لمراقبة العملية الانتخابية. وتحدث الرئيس بوتفليقة في رسالته، عن الانجازات التي تحققت في السنوات الأخيرة، وقال بان بعض تلك الانجازات «تنتظر التعزيز أو الاستكمال» وذلك هو الشأن في المجال السياسي والحوكمة، مضيفا بان ذلكم هو النهج الذي يسير عليه مشروع مراجعة الدستور الذي سيتم الإعلان عنه عما قريب». وقال بان الدستور الجديد يتطلع «إلى تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا, وحول هويتنا, وحول قيمنا الروحية الحضارية», مشيرا إلى أن الأمر «سواء بالنسبة لصدوره عن إرادة غايتها تدعيم مكانة الشباب ودوره في مواجهة تحديات الألفية» و كذلك بالنسبة للضمانات الجديدة التي سيأتي بها مشروع التعديل هذا من أجل تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة». وأكد الرئيس بوتفليقة، بان الدستور الجديد سيعمق الفصل بين السلطات وتكاملها، وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري، وحرص الرئيس على توجيه إشارات قوية إلى المعارضة، مؤكدا بان الدستور الجديد سيمكن من تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات، تجسيدا للرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية. في الأخير, أعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن تسهم مراجعة الدستور هذه «في تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة في سائر المجالات, وفي مزيد من تفتح طاقات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد, في خدمة مصالح الشعب, الشعب الذي هو, دون سواه, مصدر الديمقراطية والشرعية, الشعب الذي هو الحكم الأوحد صاحب القول الفصل في التداول على السلطة». «لا تنجروا لمحاولات التخويف والتهويل» من جانب أخر، دعا رئيس الجمهورية، الشعب الجزائري إلى عدم الانجرار إلى محاولات التخويف والتهويل والتشكيك في قيادته، داعيا الشباب إلى المساهمة بفعالية في بناء جزائر التنمية والرقي بنفس الروح التي حرر بها أباءه الإنسان والأرض. وأهاب الرئيس بكل الجزائريات والجزائريين «أن يدركوا ويعوا رهانات المرحلة وعدم الارتباك أمام التحديات التي كثيرا ما يجري تهويلها, لتخويف الشعب والتشكيك في قدراته وهز ثقته في قيادته وأطره». وأعرب بوتفليقة عن يقينه من أن الشعب الجزائري «المتمرس على مقارعة الخطوب ومواجهة التحديات, سيتجاوز المرحلة الحالية الحبلى بالأزمات, مرتكزا في ذلك على ما جبل عليه من صبر وثبات، ومن حبه للوطن، والدفاع عن مقدساته، ومقدراته، والذود عن حرية وسيادة قراره، مهما اشتد الظرف وعظم الخطب». كما وجه الرئيس رسالات إلى الشباب، حيث أكد بان عمليات تشبيب الأطر المسيرة للدولة من شانها أن تمكن الشباب من مساهمة فعالة في بناء جزائر التنمية والرقي «بنفس الروح التي حرر بها آباؤه الإنسان والأرض»، وأكد بوتفليقة أن مشروع تعديل الدستور سيدعم مكانة الشباب ودوره في مواجهة تحديات الألفية، إلى جانب تعزيز الوحدة الوطنية «حول تاريخنا و حول هويتنا و حول قيمنا الروحية والحضارية». ثورة نوفمبر مستند رفض الجزائر التدخل في شؤونها وتواجد الأجنبي على ترابها واعتبر الرئيس بوتفليقة، بان ثورة نوفمبر 1954، أصبحت «سند تعريف بلادنا و تعريف هوية شعبنا», مؤكدا أن نوفمبر «هو مستند رفض الجزائر لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في شؤونها و للتواجد الأجنبي فوق أرضها». وقال رئيس الجمهورية أن ثورة نوفمبر «لم تحرر شعبنا من السيطرة الاستعمارية فحسب, بل إنها أعادت الجزائر إلى الوجود بعد أن جردت طيلة مائة واثنين وثلاثين عاما من تاريخها ومن ثقافتها وحتى من شعبها, من خلال تلك المحاولات اليائسة التي رامت تحويلها إلى مجرد عمالات مضافة إلى عمالات الدولة المحتلة لها». وأكد الرئيس بوتفليقة أن ثورة نوفمبر العظيمة «وسمت التاريخ المعاصر بميسمها من ثم, إنها باتت تحظى, خارج حدودنا, بالاحترام في كل القارات, إكبارا وتقديرا لبسالة الشعب الجزائري المكافح وعرفانا للمجد الذي جلبته للعالم العربي ولقاء لما كان لها من أثر في تعجيل استقلال غيرها من البلدان الإفريقية». وقال بان الشعب الجزائري كتب عليه «أن يكافح, وحيدا بلا نصير, من أجل بقاء وطنه, ويقارع إرهابا أعمى عديم الإنسانية مقارعة كان إبانها المجاهدون الأشاوس مضربا للأمثال في روح المواطنة والتجند من أجل نجدة الوطن». الجزائر ستواصل مجهود التنمية برغم الأزمة على الصعيد الاقتصادي، أكد رئيس الجمهورية في رسالته، أن الجزائر عازمة على مواصلة مجهود التنمية الوطنية بالرغم من أزمة المحروقات العالمية مطمئنا بأن البلاد تملك من المكسبات ما يمكنها من تجاوز هذه المرحلة «الصعبة». واستعرض الرئيس بوتفليقة، بعض الانجازات المحققة منذ 1999 حيث تراجعت أزمة السكن بإنجاز الملايين من الوحدات السكنية واستلمت المنظومة التربوية أكثر من 3.000 إكمالية وثانوية و أخذت الجامعات تستقبل ما يفوق المليون ونصف المليون طالب وطالبة. كما انحسرت البطالة وتضاعف الاستثمار الاقتصادي «وإن لم يبلغ المستوى المأمول». و في هذا الخصوص شدد الرئيس بوتفليقة على مواصلة مجهود التنمية الوطنية هذا بالرغم من أزمة المحروقات العالمية التي كلفت الجزائر نصف إيراداتها الخارجية، وقال بان الأزمة قد تدوم مدة من الزمن بسبب جملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. وقال بوتفليقة «أن الجزائر تملك من المكتسبات ما يمكنها من تجاوز هذه المرحلة الصعبة ومن مواصلة إنجازاتها الاقتصادية والاجتماعية». و في هذا الإطار دعا السيد بوتفليقة الجزائريين إلى كسب معركة الإنتاجية و التنافسية لتكريس استقلال وسيادة البلاد في المجال الاقتصادي.وتزويد الجزائر بهذين المكسبين وهي تدخل العولمة التي لا مكان فيها للضعفاء.