حديث أهل البوكر مرة أخرى تثير جائزة البوكر بعض الجدل والنقاشات والأحاديث والتساؤلات، لكن هذه المرة الجدل كان حول اقتسام الجائزة ومنحها مناصفة بين روايتين وكاتبين وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ الجائزة التي وصلت إلى دورتها الرابعة هذا العام، لم يكن مقنعا ولا سهلا تقبل الوسط الأدبي والإعلامي فكرة أن تمنح الجائزة مناصفة وهي التي من المفروض أن تمنح لكاتب واحد ورواية واحدة حسب تقاليد البوكر. والندوة التي أقيمت في أبوظبي بعد الإعلان عن الجائزة تمحورت معظم أسئلتها ومداخلاتها حول مسألة المناصفة تحديدا ودوافعها ومبرراتها وحيثياتها، ولماذا حدثت، وكيف تمت، وكان أعضاء لجنة التحكيم التي رأسها هذا العام الكاتب العراقي فاضل العزاوي يدافعون في كل مرة وبشدة عن خياراتهم وقراراتهم وأصروا على أن قرارهم كان صائبا وأكد العزاوي قائلا: «لم يكن مقبولا لنا كلجنة تحكيم لا مهنيا ولا ضميريا أن نمنح الجائزة إلى رواية «طوق الحمام» لرجاء عالم ونحرم «القوس والفراشة» لمحمد الأشعري، ولا العكس، لأننا كنا سنظلم بمنحنا الجائزة لإحدى الروايتين الرواية الأخرى، لهذا وبعد مناقشات استمرت لساعات طويلة قررنا أن نمنح الجائزة مناصفة لهما معا لأنهما متميزتان وكلاهما تستحقان بوكر هذا العام». ووقع جدل في المناصفة تحديدا. عن الجوائز العربية وعن البوكر بالخصوص كجائزة عالمية للرواية العربية وهل حقا أحدثت الإستثناء وأنصفت الرواية العربية كما يجب، وهل هي الآن أكثر الجوائز مصداقية رغم ما يُثار حولها من جدل في كل مرة، وعن المناصفة وهذا الإقتسام الذي تم لأول مرة وكان بين كاتب من المغرب العربي ولأول مرة وبين كاتبة امرأة لأول مرة أيضا، وهل هذا كما جاء في سياقات الأحاديث الجانبية والعلنية يعتبر كنوع من الترضية أو نصف ترضية لكاتب من المغرب العربي وكاتبة امرأة، أم أنها مصادفة المناصفة لا غير. حول هذه النقاط الحساسة دارت هذه الندوة مع الفائزين بالبوكر ومع كُتاب اللائحة القصيرة وبعض المحكمين. أجرت الندوة في أبوظبي/ نوّارة لحرش فاضل العزاوي/ رئيس لجنة التحكيم لم نتقصد ترضية المغرب العربي ولا المرأة الكاتبة هناك كلام كثير يقال بعد إعلان نتائج الفوز بأي جائزة أدبية. فالصحافيون يميلون عادة إلى إضفاء بعض الإثارة على تقاريرهم، مفسرين الوقائع بالطريقة التي تروق لهم، وهذا شيء طبيعي وعادي ومفهوم تماما. ولكن يظل المهم في كل ذلك هو مدى الإقتراب من الحقيقة. تقولين إن ثمة من يرى أننا بمنحنا جائزة البوكر العربية لكاتب من المغرب وكاتبة من السعودية تَقَصدْنَا ترضية المغرب من جهة والمرأة من جهة أخرى. ولكن من نحن لنفعل ذلك؟، لقد تشكلت لجنة التحكيم من كُتاب ونُقاد لا يمثلون سوى أنفسهم ولا سلطة لأحد عليهم، حيث قررنا منذ البداية أنه لا يحق لأي أحد أن يتدخل في شؤون لجنة التحكيم التي قامت باختيار القائمة الطويلة والقصيرة وأخيرا الفائز بعد مناقشات كانت تستمر أحيانا ساعات طويلة في جو من الإحترام الكامل لكل رأي. وبعد كل شيء فإننا لسنا جهة رسمية أو حكومية حتى نفكر بالموازنات والإعتبارات. في كل المراحل لم يكن ثمة معيار آخر للإختيار سوى معيار الإبداع الأدبي، بغض النظر عن اسم الكاتب أو البلد أو الجنس أو دار النشر أو الوظيفة. ولولا هذا المعيار الإبداعي الوحيد لما وصل وزير سابق و وزير حالي من المغرب إلى القائمة القصيرة ولما منحنا جائزتنا لكاتبين صدرت روايتاهما من دار نشر واحدة. لقد فازت رواية «القوس والفراشة» لمحمد الأشعري و»طوق الحمام» لرجاء عالم بجائزة البوكر العربية، لأنهما روايتان متميزتان تمسان ما هو حقيقي في الحياة العربية وتدهشاننا بغنى عالميهما ومهارة البناء الفني فيهما. ومع ذلك لا أكتمكِ أنني سعيد بأن تفوز امرأة عربية بالجائزة، بعد أن أثبتت الروائيات العربيات أنهن لا يقلن إبداعا عن زملائهن الروائيين. من تجربة عملي في لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية أستطيع القول إنها جائزة تتمتع بالإستقلالية الكاملة والنزاهة والمصداقية، والأمر يعتمد أولا وأخيرا على مستوى لجنة التحكيم والجهد الذي تبذله في إستخلاص الذهب من التراب. رجاء عالم/ الروائية السعودية الفائزة بالجائزة ما تتفرد به البوكر هو تسليط الضوء على عدد من الروايات ليس بوسعنا تقييم أهمية الجوائز المكرسة للنتاج الأدبي أو الفكري بشكل عام، القضية تتوقف على لجان التحكيم التي تقوم بالإنتخاب، الجوائز بصفة عامة لا تصنع أدباً ولا تحدد قيمة ذلك النتاج، لأن كل نتاج فكري وهنا كل عمل روائي هو تجربة أو حياة قد تخاطب تلك اللجنة أو لا، ولا يجب أن نغفل أن كماً مهماً من الروايات لا يشارك أصلاً في هكذا تظاهرات، فالجوائز ليست معياراً مطلقاً للأدب بقدر ما تُلقي الضوء على مسيرة كتابة بعينها، وهي بذلك تقول للمبدع أنه محط إهتمام وربما تقول للمتلقى أن نتاجاً ما يستحق منه الإلتفات، وتقول للجماعة بشكل عام بأن نتاجها الفكري يستحق منها التوقف. ما تتفرد به البوكر هو تسليط الضوء على عدد من الروايات في قوائمها الطويلة، مما يضع أمام القاريء كَمَّا منتخباً من السرد، بينما يتركز الضوء في القائمة القصيرة ويحدث حِراكاً أكبر ويثير فضولاً، أما النتيجة النهائية فليست بتلك الأهمية، لأن الأهم هو الإحتفاء بعدد ستة عشر رواية، وبفعل الكتابة بشكل عام. أمجد ناصر/ شاعر وصحفي مقيم في لندن لبوكر أكثر الجوائز العربية مصداقية وأكثرها تفعيلا وتحريكا للساحة الثقافية العربية أعتقد أن جائزة البوكر العربية جائزة تتميز عن سائر الجوائز العربية التي نعرفها لأن تلك الجوائز عادة ما تُعطى على إنجاز أو تُعطى لشخص/ لكاتب بعينه، هذه قائمة على المنافسة، أي الجائزة في الرواية قائمة على المنافسة، تُعطى لرواية واحدة وليس لمجمل إنجاز الكاتب، يعني إسم الكاتب أو تاريخه ليس مهما، المهم هي الرواية، وبالتأكيد هي أحدثت هذا الحِراك الذي شهدناه في السنوات الثلاث الماضية وأصبحت تشكل نوعا من أفق التوقع، يعني لديها هذا التوقعات التي تُحدِثها في الحياة العربية وترشيحات القراء والنقاد وانحيازاتهم واختياراتهم. إذن هناك باستمرار هذه الحركة التي أحدثتها الجائزة سواء على مستوى الروائيين أنفسهم، يعني للتقدم بنتاجهم للجائزة أم على مستوى الساحة الثقافية العامة من خلال متابعتها للقائمة الطويلة والقائمة القصيرة ومن ثُم الفائز. ولأنها جائزة غير متوقعة تُثار حولها النقاشات والإشكالات والجدالات، الجوائز العربية معضمها جوائز متوقعة تُعطى لهذا السبب أو ذاك، هذه الجائزة قائمة على المنافسة، والتنافس بطبيعة الحال يخلق نوع من التوقعات والرجاءات وخيبة الرجاء والإنحيازات، هذا كله ينعكس في الإعلام. وأنا أظن أن البوكر جائزة تمتلك مصداقية وأثبتت من خلال أكثر من دورة هذا الأمر وأظن أنها تُثبت في هذه الدورة تحديدا أنها توقفت بعمق وجدية ونزاهة مطلقة أمام النتاج الروائي الذي كان بين يديها بصرف النظر عن الإنتماءت الجغرافية أو الجندرية أو الجيلية. أما عن منح الجائزة مناصفة لكاتب من المغرب العربي لأول مرة وكاتبة امرأة لأول مرة أيضا، لم يكن هذا في بال لجنة التحكيم بالمطلق، ولم نتوقف أمام التقسيمات الجغرافية ولا الجندرية كما قلت قبل قليل. هاتان الرواياتان فرضتا ذاتهما على المُحَكِمِين، بحيث فعلا لم يكن هناك بد من أن يصلا إلى الجائزة الأولى، ولكن أي إعتبار آخر خارج الروايتين لم يكن في ذهن لجنة التحكيم على الإطلاق. ميرال الطحاوي/ روائية مصرية مقيمة في أمريكا أحدثت حِراكا والنتائج تبقى محل جدل لا شك أن البوكر أحدثت حِراكا ثقافيا وأهمية كبيرة واقتسامها لا يعني ترضية لأحد لكن في نظري هذه الدورة كانت المنافسة حقيقية وأحيانا شرسة واللجنة عملت في مصداقية ونزاهة والنتائج تبقى محل جدل وهذا ما يكسب الجوائز قيمتها. أمير تاج السر/ روائي سوداني مقيم في الدوحة أكثر الجوائز قيمة من حيث أنها ترتفع بالكَاتب والكِتاب أعتقد أن الجوائز العربية في مجال الإبداع بالرغم من أنها حديثة علينا، إلا أنها باتت ضرورة مُلحة لمكافأة الكُتَاب الذين يكتبون بلا أمل، وقد سعدنا كثيرا بظهور تلك الجوائز، التي أشعلت المنافسة بين المبدعين، وبات في كل عام يتشكل أدب يحاول اللحاق بواحدة من تلك الحوائز. بالنسبة لجائزة البوكر، تبدو أكثر الجوائز قيمة من حيث أنها ترتفع بالكَاتب والكِتاب. هنا لا يُسلم الكَاتِب جائزة مالية وكفى، ولكن يتابع عمله بشدة، تتم ترجمته إلى لغات أخرى، أي ينطلق الكَاتِب إلى العالمية. بالنسبة عن الجائزة في هذه الدورة التي شاركت فيها روايتي «صائد اليرقات»، ومُنحت لعملين آخرين، لم أعترض على النتيجة أبدا، ولن أردد كما يُردِد آخرون بأن الجائزة بلا مصداقية، وشخصيا حققتُ منها مكاسب، ولكن يبدو لي غريبا تقسيمها على شخصين مما يضعف من مكانتها. محمد الأشعري شاعر وروائي مغربي فائز بالجائزة قيمتها تكمن في كونها جائزة مستقلة وليست مرتبطة بأجهزة الدولة صعب أن نُحمل الجوائز أكثر مما تحتمل فهي ليست موجودة للإنصاف بهذا المعنى العدلي المطلق، أظن أنها بالأساس عمل إعلامي يهدف إلى تسليط الأضواء على نصوص روائية عربية واثارة الإنتباه إلى أهميتها في المشهد الثقافي، وكون البوكر العربية ليست عربية تماما فهي مرتبطة أيضا بالبوكر العالمية البريطانية فإن ذلك يُعطيها نوعا من الإستقلالية رغم التمويل العربي المُعلن والواضح، وهذا ما يميزها عن باقي الجوائز العربية التي تُوجد في أغلبها مرتبطة بأجهزةِ الدولة. وأظن أن العمل المهني المرتبط بها هو عمل جيد ويجري حسب المواصفات المرتبطة بجائزة البوكر البريطانية ولذلك فإن الوسط الأدبي يعرف أن لهذه الجائزة قيمة معنوية أساسية لكونها جائزة مستقلة ولكونها تستند إلى تجربة قديمة ولكونها تجري وفق مواصفات تنافسية قوية، هناك اللائحة الطويلة واللائحة القصيرة ثم الفائز ولها تداعيات جد مهمة في ما يخص الترجمة على وجه الخصوص، ونظرا لكونها بهذه الأهمية فمن الطبيعي أن يكون التنافس شديدا ومثيرا لعدد من الخلافات وعدد من وجهات النظر المتضاربة وأظن أن ذلك شيء طبيعي، المهم هو أن تكون اللجنة، لجنة ذات مصداقية ولجنة قوية وأن تكون قادرة على الدفاع عن قراراتها بشكل مقنع، وفي نظري كلما توفرت لجنة بهذه القيمة كلما هدأت الزوابع المفتعلة حول الجائزة وتركز النقاش حول الأساسي، أي حول الأعمال وليس حول الصناعة الإعلامية المرتبطة بالجائزة، أنا أخاف دائما من الحديث عن المصداقية في المطلق، الأمر هنا يتعلق بتقييم أعمال أدبية وهذا الأمر نسبي وفيه حد لابأس به من الذاتية ومن التقييم الذاتي وليس عِلما دقيقا في كل الأحوال، لذلك المهم هو أن تكون النزاهة والشفافية. شخصيا أعتقد أن اللجنة في صيغتها الحالية لجنة نزيهة واشتغلت في شفافية واستطاعت أن تدافع بشكل مقنع عن قرارها وأظن أنها منذ اللائحة القصيرة لم تُهاجم على اختياراتها بطريقة منهجية كما حدث في ما قبل، وفي كل الأحوال فأنا أعتبر البوكر في صيغتها العربية ما تزال في بداية طريقها ولابد لها من وقت لترسخ تقاليد غير قابلة للنقاش وللمراجعة، وبخصوص منح الجائزة هذا العام مناصفة والتساؤل المثار حولها وهل هذا يشكل ترضية أو نصف ترضية لكاتب من المغرب العربي ونصف ترضية لكاتبة امرأة، فأنا أعتقد أن هذه الترضيات غير واردة على الإطلاق، وهذه التساؤلات قَدَمت الأمور كما لو أن كل كِتاب أخذ نصف الجائزة وهذا غير صحيح، فكل كِتاب من الكِتَابين أخذ جائزة البوكر، فاز بجائزة البوكر، وكلمة المناصفة كلمة غير دقيقة لأن الجائزة مُنحت لكِتابين، ولا أظن أن اللجنة كانت مُطالبة بترضيات وقد دافعت أمام الصحافة عن عملها، وأنا لم أنل الجائزة لأنني من المغرب العربي، سيكون ذلك مهينا للجنة ولي شخصيا ولكِتابي، ليست الجغرافية هي التي كتبت الرواية، فقد كتبها شخص معين اسمه محمد الأشعري وبالرغم من اعتزازي أن المغرب حصل على أول جائزة بوكر فإنني لا أرى إطلاقا أية ترضيةٍ في هذا الموضوع، أما حكاية المرأة فأنا بكل صراحة أستهجن كثيرا هذا الإلحاح على المرأة الفائزة، فرجاء عالم كاتبة جيدة ونصها الذي فاز هو نص جيد وهي لم تفز لأنها امرأة، وسيكون حقيقة من الغباء أن تتصرف لجنة وِفْقَ هذه المقاييس السطحية، ولا أعتقد ذلك وشخصيا أرى أن اللجنة حتى ولو كنت معنيا بهذا الموضوع مباشرة فإنني أعتبر أن اللجنة دافعت عن رأيها بشكل مقنع وقالت أنها وجدت أن الكِتَابين معا يستحقان الفوز معا بالجائزة وهذا ما قررته وهي حرة على كل حال في قرارها. طالب الرفاعي/ روائي كويتي البوكر أحدثت الحراك وهذا راجع إلى شفافيتها ومصداقيتها من حيث المبدأ حقيقة أنا مع فكرة الجوائز العربية، بالعموم المبدع العربي يعاني من أوضاع بائسة، ماديا واجتماعيا واعلاميا، نحن نعيش في دول لا تُعطي المبدعين حقهم، وبالتالي وجود جائزة هو بحد ذاته مشروع إلى جانب المبدع، أيا كانت معايير الجوائز، ليست جميع الجوائز العربية ذات معايير جودة عالية جدا، وليست جميع الجوائز العربية تُعطى لمن يستحقها بالفعل، ولكن أيا كان المستوى هذه الجوائز قدمت خيرا وحضورا واعلاما وصحافة للمبدع العربي، حينما نتكلم عن جائزة البوكر تحديدا كما هو واضح جائزة البوكر تُعطى للرواية و وفقت البوكر بشكل كبير إلى أن تُحدِث الحِراك في الساحة الثقافية العربية وهذا راجع إلى الطريقة التي اعتمدت عليها البوكر وتحديدا الشفافية التي تُصاحب إختيار الأعمال. القاريء العربي والمبدع العربي تَعوَد أن يَتَقدم إلى جائزة لا يعرف من يُحكِم هذه الجائزة ولا يعرف معايير تحكِيم هذه الجائزة، لا نعرف إلا أن فلان فاز بالمرتبة الأولى أو الجائزة الأولى وانتهى كل شيء، البوكر كسرت هذه القاعدة، أول شيء عملت لائحة طويلة وهذه اللائحة الطويلة تُسلط الضوء على مجموعة من الأعمال وكأنها تقول للقاريء شارك اللجنة في اختيار الأعمال الأفضل من بين هذه القائمة الطويلة إستعدادا لإطلاق القائمة القصيرة. القائمة القصيرة فيها ستة أعمال ويُعلن مع القائمة القصيرة أسماء المُحكمين وكأن إدارة الجائزة ممثلة بالبوكر العالمية ومؤسسة الإمارات تقول أن صحيح هناك لجنة لتقييم هذه الأعمال واختيار الأجود والأفضل منها ولكن للقاريء العربي الحق أن يُقيم مع هذه اللجنة ويكون بالتالي على تماس مع قرارها، أنا كقاريء أرى هل كانت اللجنة محقة في قرارها أو لم تكن، وهذا جديد على الساحة العربية، جديد من حيث إعلان المُحكِمين، جديد من حيث إعلان الأعمال، كما أن هذا يصب في خانة المبدع العربي، تسلسط الضوء، كل القوائم القصيرة سَلطتْ الضوء على أسماء وأعمال كان مردودها إيجابيا جدا بالنسبة للكاتب العربي وتحديدا للرواية العربية، لذا جائزة البوكر تتميز بشفافيتها، تتميز بإعلان لِجَانها وتتميز بأن الفائز فيها يتقدم خطوةً إلى قاريء مختلف، إلى قاريء آخر عبر الترجمة، يعني أهم ما يميز الجائزة هي الترجمة. هناك جوائز عربية تفوق في قيمتها المادية قيمة البوكر والتي هي 50 ألف دولار ولكن ما يُميز البوكر هو أن هذه الأعمال الفائزة تجد طريقها إلى الترجمة الإنجليزية مباشرة ثم الترجمات الأخرى وهذا أنا أعتقد أنه يقدم جزء كبير ليس فقط للمبدع العربي والروائي العربي وإنما لكل الأدب العربي، أنا بالنسبةِ لي كروائي أعتبر ترجمة زميل لي هي بالضرورة تصب في خانة ترجمة جزء من أعمالي، بمعنى أن القاريء الغربي حينما يقرأ لأديب مصري أو عراقي أو سوري أو سعودي هو بالنهاية يقرأ أدبا عربيا ويكون هذا حافزا لأن يقرأ سنوات طويلة أو لعقود، القاريء الغربي لا يقرأ إلا أسماء بعينها على رأسها نجيب محفوظ بعد حصوله على نوبل. لكن هذه الجوائز وهذه الترجمات جعلت الآن ربما الطريق ممهدا للقاريء الغربي للدخول إلى الحياة العربية، خصوصا أن مجموعة كبيرة من هذه الكتابات تُناقش الحياة التحت سطحية إذا صح التعبير وبالتالي أنا أرى أن البوكر جائزة قدمت الكثير للمبدع العربي وتعمل بأسلوب مختلف وتستحق الإشادة وصارت في ذهن القاريء العربي سنويا أن يبقى منتظرا القائمة الطويلة والقائمة القصيرة ثم الفائز وفي كل الدورات، ونحن الآن نحتفل بالدورة الرابعة بفوز الروائية السعودية الزميلة الأستاذة رجاء عالم وكذلك الروائي المغربي محمد الأشعري وهذه ربما لأول مرة وتعتبر سابقة في البوكر أن تُعطى جائزة لروايتين ولروائية وتكون أول امرأة تأخذ هذه الجائزة، امرأة روائية سعودية ضمن النظرة العامة للمجتمع السعودي ورغم محافظة هذا المجتمع تستطيع امرأة روائية أن تخترق القائمة الطويلة والقصيرة ثم تصل، هذا بحد ذاته يُحسب للروائية ويُحسب للبوكر، أتمنى لكل الجوائز العربية أن تلقى نجاحا وأن تبقى على تماس مع المبدعين العرب وأتمنى لكل المبدعين العرب أن ينالوا الفرصة التي يستطيعون من خلالها الوصول للقاريء العربي. أما عن منح البوكر مناصفة فطبعا هذه القضية تعتمد كليةً على الطريقة التي تعاملت بها لجنة التحكيم، ولجنة التحكيم وعبر رئيسها الشاعر والروائي فاضل العزاوي وعبر مجموعة من الأعضاء المحكِمين منهم الناقد سعيد يقطين وكذلك أمجد ناصر والبقية الباقية فإن الكل أوضح أن هذا خيارهم الخاص ولم تُعطى الجائزة إعتمادا على رجل وامرأة، أو سعودي أو مغربي، كانت معاييرهم الروائية وكانوا مقتنعين بشكل واضح أن كِلا العملين يستحق أن يفوز وإن إبعاد أي عمل يأتي ظلما وجورا على العمل الآخر، وهذا من حقهم، ولو كان هناك أي مجموعة أخرى أوكِل لها قضية التحكيم لاختارات أعمال بقناعاتها. لذا أنا أرى أن الجائزة كونها ذهبت إلى رجاء عالم وإلى محمد الأشعري فهو جزء من حق اللجنة ولا أرى فيها مخاصصة ولا أرى فيها أي نوع من الترضية، لا رجاء عالم ولا محمد الأشعري بحاجة لمن يرضيهما، كِلاهما قامة روائية كبيرة فاعلة، حاضرة، لهما أعمال كثيرة ولهما حضور في قلب وذائقة القاريء العربي، أنا متأكد من أن اللجنة لها رؤاها الخاصة ولها قناعاتها الخاصة وأن هذا القرار جاء بناءً على هذه القناعات، خصوصا وأن رئيس اللجنة أوضح بأنه حين اتصل بالإدارة العليا للبوكر كانت تود لو يكون الفائز واحدا، لكن هم أصروا كلجنة وهذا يوحي بأن قرار اللجنة كان بعيدا عن أي ضغوط. خالد البري/ روائي مصري مقيم في بريطانيا أكثر الجوائز مصداقية لكني لا أفضل جوائز المناصفة جائزة البوكر أكيد أنها أحدثت الرواج وقدمت أسماء جديدة في الجوائز العربية وفي الرواية العربية بشكل عام، والذي أنا متأكد منه جدا أن الأجواء الجديدة في العالم العربي حاليا ستنتج قيمًا جمالية أخرى. جائزة البوكر أمامها المجال لأن تتفاعل مع القيم الجمالية الأخرى، أو أنها ربما تطلع جوائز أخرى تكون خطوة متقدمة على الخطوة المتقدمة أصلا التي أحدثتها البوكر. الجميل هذا العام لم تُثر ضجة ولا إشكالات حول البوكر كما حدث في الدورات السابقة، منذ إعلان القائمة القصيرة وحتى فوز هاتان الروايتان لم تثر أي ضجة، هذا العام الروايتان الفائزتان وبشهادة كثيرين روايتان متميزتان ولكن بوجه عام القيم الجمالية قيم نسبية في كل العالم وهذا شيء طبيعي. البوكر وفي الوقت الحالي أنا أراها أفضل الجوائز العربية وأكثرها شفافية والإختلاف حولها لا يعني أبدا الإنتقاص من مصداقيتها وكما قلت هذا من طبيعة الأشياء، وعن منح الجائزة مناصفة، أنا لم أقرأ أي رواية من الروايات المتنافسة، لأنني أخذت قرارا بعدم قراءة أي رواية حتى لا أعلق على عمل زملائي ولا أعطي نفسي الفرصة حتى ولو على تعليق بسيط على أي عمل، لكن أنا شخصيا أفضل أن يكون العمل الفائز عمل واحد وخصوصا في لجنة فردية العدد يمكن تقسيم الأراء، وأفضل أن لا تتكرر في المستقبل حكاية المناصفة.