يتساءل الكثير من المتتبعين عن المكانة الحالية لشباب الذرعان في الساحة الكروية، لأن هذا الفريق كان في أواخر العشرية الماضية طرفا بارزا في بطولة الوطني الثاني، و كان بمثابة المحطة التي ذاع فيها صيت عيسى منادي، قبل أن ينال شهرة أكبر في إتحاد عنابة، لكن تلك الفترة لم تدم سوى 5 مواسم، قبل أن تنقلب الموازين، و يأخذ قطار «موندوفيل» الإتجاه المعاكس، بسقوطه الحر، و على فترات متتالية، إلى درجة أنه أصبح مهددا بالإندثار و الزوال، قبل أن يستقر به المقام في بطولة الجهوي الثاني لرابطة عنابة، حيث ينشط للموسم الرابع على التوالي، مع بقاء عهدة منادي ذكريات راسخة في أذهان كل أبناء المنطقة، بعدما تحولت «نعمة» الملايير التي كانت تضخ من مركب الحجار إلى «نقمة» جف من خلالها «الصنبور» الذي كان يصب أموال مؤسسة «أرسيلور ميطال»، فعاد الشباب إلى نقطة الصفر، بإعتماد إعانات البلدية كمصدر رئيسي للتمويل، مع توصل أنصاره إلى قناعة تتمثل في كون فترة منادي «الزاهية» كانت إنتقالية، لكنها عبارة عن درس قاس يجب أن تستخلص منه العبر، لأن الفريق لم يتمكن حتى الآن من الخروج من غياهب الجهوي الثاني. روبورتاج : صالح فرطاس لخضر شريط (رئيس النادي): جئت في ثوب رجل الإنقاذ فوجدت قنابل موقوتة في البداية بودنا أن نعرف الكيفية التي وافقت بها على قيادة النادي بعد سقوطه الحر إلى الجهوي الثاني؟ إن تواجدي على رأس الفريق كان نتيجة حتمية للظروف العصيبة التي مر بها الشباب، على إعتبار أنه كان على عتبة الإندثار و الزوال في صائفة 2012، لما تواصل إنهياره و سقط إلى الجهوي الثاني لرابطة عنابة، و قد تزامن ذلك مع تجديد العهدة الأولمبية، الأمر الذي وضع النادي في مفترق الطرق، في ظل العزوف الجماعي عن تحمل المسؤولية، كما أن الرابطة كانت قد أدرجت شباب الذرعان ضمن قائمة الفرق المهددة بالشطب النهائي من الرزنامة، بسبب عدم إيداع ملف الإنخراط، و لو أن هذه الوضعية حركت مشاعر بعض الغيورين، الذين كانوا يبحثون عن شخص يوافق على تسيير الفريق في مرحلة إستثنائية بهدف حمايته من الإنسحاب، فاتصلوا بي في العديد من المناسبات، حيث ترددت في بادئ الأمر، لكن دق ناقوس الخطر، أجبرني على الموافقة، من منطلق تعلقي الكبير بالفريق، سيما و أنني كنت ضمن الطاقم المسير في السنوات التي نجح فيها الشباب في الصعود إلى الوطني الثاني. نفهم من كلامك بأنك كنت عضوا في مكتب الرئيس منادي؟ نعم... فعلاقتي بمنادي تعود إلى سنوات مركب الحجار، و قد كنت عضوا في الطاقم الذي تولى فيه رئاسة شباب الذرعان، و توليت الإشراف على تسيير الفئات الشبانية لبضعة مواسم، لكنني إنسحبت رفقة بعض الزملاء في سنة 2007 ، و هذا راجع لظروف شخصية، قبل أن أجد نفسي مرغما على العودة للفريق، في ثوب «رجل الإنقاذ». و كيف وجدت الوضعية مقارنة بما عايشته في فترة تسيير منادي للفريق؟ لا أخفي عليكم سرا إذا قلت بأنني تسلمت قنبلة موقوتة، لأنني و عند تسلم المهام من الرئيس السابق الهادي بوخذنة لم أكن على علم بأن الحساب البنكي للنادي تحت رحمة التجميد من طرف 3 محضرين قضائيين، تنفيذا لأحكام قضائية صدرت لفائدة بعض الدائنين، بقيمة إجمالية قاربت 164 مليون سنتيم، فضلا عن ديون أخرى كانت مقيدة في الحصيلة المالية، بصرف النظر عن 30 مليون سنتيم كانت عالقة على مستوى رابطة عنابة الجهوية، و هي وضعية جعلتني أفكر في الإستقالة، لكن تزايد المخاوف على مستقبل الفريق أجبرني على تحمل المسؤولية، رفقة بعض المسيرين، و ذلك بإعتماد سياسة ترقيعية لتجاوز المرحلة الصعبة، مع العمل على تفادي الإنسحاب النهائي، و لو أن تلك الظروف تختلف تماما عن الفترة التي كنت فيها ضمن طاقم منادي، لأنه لا يوجد أي مجال للمقارنة، و كأن الأمر يتعلق بفريق آخر، على إعتبار أن التباين صارخ في الإمكانيات المادية، و حتى التركيبة البشرية، فتحولت «البحبوحة» المالية في ظرف زمني وجيز إلى أزمة مالية خانقة، إلى درجة أننا لم نكن قادرين على توفير الملابس الرياضية للاعبين. بصفتك واحد من الذين عايشوا المرحلتين كمسير، بماذا تفسر السقوط الحر للشباب من الوطني الثاني إلى أدنى المستويات؟ عند ترأس منادي الفريق كان مركب الحجار الممول الرئيسي للنادي، كما أن المنصب الذي كان يشغله كأمين عام لنقابة مؤسسة أرسيلور ميطال ساعده بطريقة مباشرة على إيجاد مصادر أخرى للتمويل، الأمر الذي ساعده على تحقيق الصعود التاريخي و التواجد في الوطني الثاني، لكن إنتقاله لرئاسة إتحاد عنابة كان في نظري بمثابة المنعرج في مسيرة شباب الذرعان، رغم أن الفريق تحصل بعدها على دعم مالي من مركب الحجار، إلا أن هذه الإعانات أخذت في التراجع مقارنة بما كانت عليه في السابق، و لو أن منادي و عند إستقالته لم يترك أي سنتيم كدين على الفريق، لتكون العواقب العودة إلى نقطة الصفر، في ظل العزوف الجماعي عن تحمل المسؤولية، بدليل أن بوخذنة كان وحيدا في التسيير في فترة جد حرجة، و الأزمة بلغت ذروتها عند سقوط الفريق إلى الجهوي الأول، لتصل إلى الخط الأحمر في صائفة 2012، و عليه فإن تشريحي للوضعية يجعلني أؤكد بأن إنهيار شباب الذرعان كان ضرورة حتمية أملتها ظروف ناتجة بالأساس عن تقلص كبير في حجم الغلاف المالي الموجه للتسيير، لأن لغة «الملايير» كانت في عهدة منادي، لكننا أصبحنا عاجزين عن تسديد حقوق الإنخراط في الرابطة. لكنكم تراهنون هذا الموسم على الصعود إلى الجهوي الأول في خطوة أولى من رحلة البحث عن إستعادة أمجاد الماضي القريب؟ الحديث عن الأمجاد التي عشناها خلال العشرية المنصرمة أصبح من الماضي، و يبقى بالنسبة لنا عبارة عن ذكريات لا تنسى، لأن اللعب في الوطني الثاني رفقة فرق عريقة وطنيا أمثال إتحاد الحراش، شباب قسنطينة، إتحاد بلعباس، شباب باتنة و غيرها حلم قد لا يتكرر مرة أخرى، بالنظر إلى الوضعية الراهنة، و بالتالي فإننا طوينا تلك الصفحة، و سطرنا سياسة عمل تتماشى و ما نتوفر عليه من إمكانيات مادية، لأننا مجبرين على تقبل الواقع الميداني، رغم أن الجميع يسارع إلى مساءلتنا عن سر سقوط الشباب من أعلى المستويات إلى حد الجهوي الثاني، و قد حاولنا الصعود في الموسمين الفارطين، لكننا لم نتمكن من تجسيد الهدف، من دون أن يثبط ذلك من عزيمتنا، بدليل أننا نتنافس هذا الموسم مع نجم بوشقوف على ورقة الصعود، بعد تخلصنا نهائيا من مشكل الديون، لأن البلدية كانت العام الماضي قد منحتنا إعانة بقيمة 400 مليون سنتيم وجهت بالأساس لتسديد مستحقات بعض الدائنين، مع تخصيص إعانة أخرى للفريق خلال سنة 2015 بقيمة 630 مليون سنتيم ساعدتنا على تسيير أمور النادي بكل أريحية، هذا فضلا عن عودة الأنصار بقوة إلى المدرجات لمؤازرة التشكيلة، و هي عوامل من شأنها أن تساعد على تجسيد الهدف المسطر، لأن غايتنا تكمن في الخروج بالفريق من الجهوي الثاني، مادام الكل مقتنعا بأنه لا يستحق هذه المكانة، و التواجد في الجهوي الأول يواكب تاريخه و إمكانياته على حد سواء. عبد الرزاق جميلي (المدرب الحالي للفريق): برنامجنا يوافق الإمكانيات و قادرون على الصعود هذا الموسم أكد المدرب الحالي لشباب الذرعان عبد الرزاق جميلي بأن الخروج من الجهوي الثاني صعب للغاية، لأن التنافس على تأشيرة الصعود يكون دوما ثنائي الأطراف، خاصة في مرحلة الإياب من البطولة، لكن أوضح بالمقابل بأن تشكيلته مصممة على عدم تفويت الفرصة هذه السنة، سيما و أن منافسها الوحيد على ورقة الصعود نجم بوشقوف سيحل ضيفا على الذرعان.جميلي أشار في هذا الصدد إلى أن بقاءه للسنة الثالثة على التوالي على رأس العارضة الفنية للفريق كان نتيجة الثقة المتبادلة بينه و بين المكتب المسير برئاسة لخضر شريط، لأن إدارة النادي كما قال «كانت عند تسلمها المهام قد سطرت برنامج عمل يرمي إلى تكوين فريق تنافسي، لكن معطيات البطولة جعلت شباب الذرعان يتنافس على الصعود خلال الموسمين الماضيين». و أضاف ذات المتحدث بأن الإستقرار على جميع الأصعدة ساهم بصورة مباشرة في تحسن نتائج الشباب من موسم لآخر، مع العمل على استخلاص الدروس من التجارب السابقة، لأن تسطير الصعود كهدف رئيسي يحتم على كل الأطراف التجند و الوقوف إلى جانب اللاعبين كرجل واحد.إلى ذلك أوضح جميلي بأن مشوار تشكيلته إلى حد الآن جد إيجابي، و يتماشى و الأهداف المسطرة، لأن البقاء في المركز الثاني على بعد خطوة واحدة من الرائد نجم بوشقوف يبقي الفصل في أمر الصعود معلقا إلى غاية المواجهة المباشرة التي ستجمع الفريقين بالذرعان، لأن تلك القمة ستوضح حسبه «الرؤية بنسبة كبيرة جدا، رغم أن الحسابات الرسمية ستبقى معلقة إلى آخر جولة، مادام هناك منافسون آخرون يلعبون بنزاهة».و أعرب جميلي في ختام حديثه عن أمله في أن يكلل مشواره مع شباب الذرعان بالنجاح في تحقيق الصعود، لأن العمل الذي قام به بالتنسيق مع المكتب المسير على مدار 3 سنوات متتالية كان بمثابة لبنة أساسية لمشروع فريق مستقبلي قادر على اللعب في الجهوي الأول بكل أريحية، في ظل تواجد مجموعة شابة من اللاعبين، تم تأطيرها بعناصر من أصحاب الخبرة. شايب ديدين (مساعد المدرب و قائد سابق): أفتخر بمشواري كلاعب و حلمي تكرار الإنجاز كمدرب اعتبر شايب ديدين تواجد شباب الذرعان في الجهوي الثاني من العواقب الحتمية للظروف الصعبة التي مر بها الفريق، لأن فترة "العز" التي عاشها الشباب كانت الأغلى في مشواره منذ تأسيسه، لكن تصريحات بعض الأشخاص من أبناء المدينة إنعكست بالسلب على الفريق، الأمر الذي قلب الموازين، و غير المعطيات رأسا على عقب، فأخذ السلم منحى تنازليا من الوطني الثاني، ليصل درجة التواجد على مشارف الشطب النهائي من الرزنامة. ديدين أكد بأنه فخور بكونه واحد من الذين ساهموا في صنع مجد شباب الذرعان، حيث تواجد ضمن التعداد الذي صعد بالفريق إلى الوطني الثاني، بإعتباره واحدا من أبناء الشباب، و تقمص ألوانه في جميع الفئات الشبانية إلى غاية حمل شارة القيادة في أغلى مرحلة، كما أن تلك الفترة شهدت تحقيق الفريق لإنجاز تاريخي بتأهله لأول مرة إلى ثمن نهائي الكأس، و الإقصاء على يد شباب بلوزداد، و هي إنجازات كما إستطرد " تكفي لاعبي تلك الحقبة لكتابة أسمائهم بأحرف من ذهب في سجل النادي، رغم أن الفضل في ذلك يعود للطاقم المسير برئاسة منادي، الذي عمد إلى توفير إمكانيات مادية معتبرة حفزتنا على العمل بجدية، لنبلغ أعلى المستويات، و لعب مباريات تبقى راسخة في الذاكرة، بدليل أن الجميع في الذرعان مازال يتحدث عن مقابلتنا ضد إتحاد الحراش التي جرت سنة 2007". و عن الوضع الراهن للفريق أوضح شايب بأن نكسة السقوط كانت بمرارة كبيرة، لكنها حتمت على أبناء المنطقة وضع ذكريات الوطني الثاني و سنوات العز في الأرشيف، مع التفكير بجدية في المستقبل، وفق معطيات مستمدة من الواقع، لأن الإعانات المالية للنادي تقلصت بنسبة كبيرة جدا، فوجدنا أنفسنا كما قال "مجبرين على بناء الفريق من نقطة الصفر، و على أسس صحيحة، و أملي كمساعد مدرب أن أنجح في المهمة، و ذلك بالصعود مع الشباب، بعدما كنت قد صنعت مجده كلاعب". كريم بودار (رئيس فرع كرة القدم في عهد منادي): لم أصدق بعد بأن الذرعان سقط من الحراش إلى الحروشي تأسف كريم بودار للوضع التي آل إليه شباب الذرعان، و أكد بأنه لم يكن يتصور أن يأتي اليوم الذي يسقط فيه الفريق إلى الجهوي الثاني، و يلعب إلى جانب فرق تمثل بعض الأحياء و القرى من ولايات مجاورة، بعدما كان و إلى وقت ليس ببعيد من أبرز فرق الوطني الثاني، و الجميع كان يحسب له ألف حساب، لأن الخروج من الذرعان بنتيجة إيجابية لم يكن أمرا في المتناول بالنسبة لكل النوادي.بودار إعترف بأنه كان بمثابة الذراع الأيمن لمنادي في تسيير شباب الذرعان، كونه شغل منصب رئاسة فرع كرة القدم على مدار 4 مواسم متتالية، نجح خلالها الفريق في الصعود من الجهوي الأول إلى غاية الوطني الثاني، لكن إنتقال منادي إلى إتحاد عنابة في صائفة 2006 كان حسبه "بمثابة نقطة التحول في مشوار الذرعان، رغم أن الفريق حافظ على مكانته في الوطني الثاني، لأن تصدع الطاقم المسير أثر سلبا على تركيبة المجموعة، كما أننا إنسحبنا بعد ذلك بموسم واحد، و تركنا الفريق في نفس القسم".و في سياق ذي صلة أكد بودار بأن إنتقال منادي إلى عنابة لم يقطع علاقة مركب الحجار بفريق شباب الذرعان، لأن مؤسسة أرسيلور ميطال بقت كما إستطرد " مصدر التمويل الرئيسي للنادي، و المكتب المسير الذي خلفنا كان قد تحصل على نفس الإعانة التي تعودنا عليها من مركب الحديد و الصلب، لكن بعض المشاكل الداخلية التي طفت على السطح تسببت في سقوط الفريق إلى قسم ما بين الرابطات".من هذا المنطلق أوضح محدثنا بأن مسؤولية إنهيار شباب الذرعان بعد سنوات من التألق في الوطني الثاني ملقاة على عاتق بعض المسيرين السابقين، كما أن صدمة السقوط يضيف بودار "كانت كبيرة، و لم يقو الوسط الكروي في الذرعان على مقاومتها، لأن الجميع عزف عن تحمل المسؤولية، فكان التراجع بشكل سريع، قبل أن تبلغ الأمور ذروتها بتراكم الديون، و العجز حتى عن توفير البدلات و الأحذية الرياضية للاعبين، مما أدى إلى السقوط إلى الجهوي الثاني". بودار أشار في معرض حديثه بأن شباب الذرعان تدحرج من سلم المنظومة الكروية من "الحراش إلى الحروشي"، حيث كان يتنقل إلى العاصمة على متن الطائرة لمواجهة إتحاد الحراش، فأصبح الآن يكتفي بإمتطاء حافلة التضامن لملاقاة الجار جيل الحروشي (بلدية عين الباردة)، و هي العبارة كما أردف "التي تبقى الأكثر تداولا في الملاعب التي يقصدها فريق الذرعان لإجراء مبارياته، حيث يتساءل الجميع دوما عن سر هذا السقوط المدوي".