جمعية البطالين بالجنوب تحرّكها أطراف أجنبية و رئيسها رفض منصبي عمل * تعرضت لمحاولتي اغتيال من طرف الجيش الإسرائيلي وقوات المارينز الأمريكية أكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، بأنها تسعى من خلال الهيئة التي تشرف عليها إلى جعل العمل التضامني مع العائلات المعوزة ومختلف الفئات الهشة في المجتمع، متواصلا ولا يقتصر على " قفة رمضان " أو على التدخل في مناسبات معينة، داعية الجزائريين إلى ضرورة استرجاع الحسّ التضامني وقيم التكافل الاجتماعي لرفع العبء عن الدولة والمشاركة بفعالية في القضاء على الفقر.وتبرز بن حبيلس في هذا الحديث الذي خصت به جريدة النصر، ما يقوم به الهلال الأحمر الجزائري من عمل تضامني على طول السنة، كما تطرقت إلى عدد من القضايا المتعلقة بالتكفل بالمتشردين والنازحين العرب والأجانب، فضلا عن بعض المحطات اللافتة في مسيرتها النضالية. حاورها عبد الحكيم أسابع فيمَ تتمثل مساهمة الهلال الأحمر الجزائري في العمل التضامني في رمضان؟ عملنا التضامني مستمر ولا يمكن جعله حبيس مناسبة معينة رغم خصوصية شهر الصيام، إذ منذ مجيئي إلى الهلال الأحمر الجزائري قررت عدم حصر نشاط هذه الهيئة في رمضان فقط، لكننا نسعى إلى تحسين عملنا خلال هذا الشهر، لدينا قوائم موجودة وقد أعطيت تعليمات لقواعدنا من أجل إعداد قوائم الفئات المحتاجة بالاشتراك مع أئمة المساجد وشيوخ الزوايا والأعيان والجمعيات الناشطة في الميدان، من أجل توجيه المساعدات إلى من هم في أشد الحاجة إليها، علما أن الهلال الأحمر الجزائري ليس له ميزانية خاصة وإنما يعمل على تحريك الحس التضامني. وبخصوص كيفية توزيع المساعدات التي تصلنا فنحن نعتمد طريقتين الأولى تعتمد على توزيع المساعدات التي تأتينا مباشرة من الخيرين عبر قواعدنا اعتمادا على القوائم التي يتم ضبطها من اللجان المحلية المكونة من الأئمة والزوايا والأعيان والجمعيات، أو تسليم القوائم إلى شركائنا المانحين في حالة ما إذا طلبوا منا التكفل بأنفسهم بنقل المساعدات وتوزيعها على مستحقيها بدون وساطة. نازحون من 40 جنسية إفريقية متواجدون في الجزائر ونحن لدينا قائمة اسمية متكونة من 15 ألف عائلة معوزة وهي ما تزال مفتوحة، وقد أعطينا الأولوية للبلديات المصنفة من طرف وزارة الداخلية كأفقر البلديات مثل بني مليك في تيبازة وبني بوعطب في الشلف والجازية في أم البواقي وغيرها، ونحرص في عملنا على الوصول إلى أقصى نقطة لا يصلها غيرنا من أجل تقديم المساعدات للفئات الهشة. هل يتوفر الهلال الأحمر الجزائري على شركاء- مانحين دائمين؟ لدينا شركاء دائمون حريصون على رعاية مختلف نشاطاتنا وأعمالنا ذات الطابعين التضامني والإنساني من بينهم متعامل الهاتف النقال " أوريدو" إلى جاني مقاول إماراتي يستثمر في الجزائر حيث يحرص على تخصيص حصة معتبرة من المساعدات تتكون من طرود يحتوي كل طرد على مختلف المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع قيمة الطرد الواحد حوالي 8000 دينار، وهو الذي يتكفل بالنقل والتوزيع المباشر للمحتاجين توخيا للشفافية، من خلال القوائم التي نسلمها له، والتي تصل إلى 4000 عائلة أحيانا. كما قرر هذه السنة متعامل تجاري أجنبي ‹› كارفور ‹› بالتكفل ب 2000 عائلة في منطقة الجزائر الكبرى وهو ما يسمح لنا بتوجيه المساعدات الأخرى إلى الولايات المتبقية، وقد أعطيت تعليمات لرؤساء الهلال الأحمر الجزائري في الولايات للتحرك من أجل البحث عن شركاء ‹›مانحين ‹› جدد وعدم انتظار المساعدات التي تمنحها الدولة. و أشير هنا إلى أن أكثر شيء أشمئز منه هو مطاعم الرحمة التي يقصدها الجميع وليس عابر السبيل الحقيقي المحتاج للتكفل على غرار العمال البسطاء في مختلف الورش، كالبنائين وليس ميسوري الحال من المسافرين. كما أنني ضد مطاعم الرحمة التي لا تحترم شروط النظافة ولا تعمل في شفافية من خلال التصريح المبالغ فيه عن عدد الوجبات التي تقدمها للجهات الرسمية والتي تضاعف على الورق أحيانا بعشر مرات. أنا متأكدة لو تتضافر جهود جميع المتدخلين والخيرين وسائر المواطنين الميسورين فإن العبء سيخف على الدولة خلال رمضان . وماذا عن علاقتكم بمنظمات أرباب العمل، سيما منتدى رؤساء المؤسسات ؟ تربطنا بمنظمة منتدى رؤساء المؤسسات اتفاقية، والتي التزمت ببناء مخزن لفائدة الهلال الأحمر الجزائر وفق المعايير المعمول بها دوليا،، وسيتم بناء هذا المخزن في بلدية الدويرة جنوب غرب العاصمة بعد أن تم التأكد من عدم صلاحية قطعة الأرض التي تم منحها لنا في السابق بمنطقة الرويبة. ماذا عن فئة المتشردين وما هي المسؤولية الملقاة على عاتقكم في هذا الشأن؟ نحن لدينا برنامجنا الخاص للتكفل بالمتشردين، ولدينا مسعى مع وزارة الشؤون الدينية في هذا الاتجاه، والموضوع لا يطرح بمنظور سياسي وإنما من منظور ثقافي وأخلاقي، وقمنا بعقد لقاء مع مختلف الشركاء من بينهم وزارات التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة ووزارة الداخلية والجماعات المحلية، وإن شاء الله سنحرك هذا الملف لإخلاء شوارعنا من المتشردين، من خلال التكفل بالمرضى منهم على مستوى المستشفيات والمصابين بالأمراض العقلية في المراكز الاستشفائية المتخصصة، وكذا من خلال إعادة العلاقة بين النساء والفتيات الفارات من البيوت وعائلاتهم بوساطة الأئمة والأعيان والتكفل بالشباب المتشردين من خلال الآليات القائمة التي وضعتها الدولة في المتناول، غير أنه لا بد من التوضيح بأن أولوية أولوياتنا حاليا تتعلق بالتكفل باللاجئين والنازحين من البلدان العربية وبلدان الساحل سيما ماليوالنيجر. أين وصل ملف التكفل بإعادة النازحين الأفارقة إلى بلدانهم الأصلية؟ برنامج إعادة التكفل بالنازحين الأفارقة وإعادتهم إلى بلدهم أخذ منا الكثير من الجهد والوقت لأنها عملية إنسانية بكل مدلولات الكلمة كوننا مطالبين بتوفير كل الشروط المعمول بها دوليا في إطار احترام كرامة الإنسان. والترحيل حاليا مقتصر على النازحين القادمين من النيجر مادام الطلب جاء من سلطات بلدهم، والأمر يتطلب نقلا مريحا لكل الحالات وفحصهم قبل السفر وتلقيح أطفالهم والمرافقة الصحية لهم خلال سفرهم مع ضمان أكل صحي وملبس مناسب ومحترم، كما أن نظرتنا بعيدة في ذلك فقد قمنا بتحسيس نظرائنا وشركائنا الدوليين وطلبنا منهم تمويل مشاريع مصغرة للمرحلين في بلدانهم من أجل ضمان توفير العيش الكريم لهم، ومجهوداتنا بدأت تعطي ثمارها كالحكومة السويسرية التي خصصت 500 ألف فرنك سويسري لتمويل مشاريع للرعايا المرحلين من الجزائر عن طريق المنظمة الدولية للهجرة. كم تبلغ حصيلة النازحين الذين تم ترحيلهم إلى النيجر حتى الآن ؟ الرقم يتجاوز 12 ألف نيجيري على مختلف المراحل منذ انطلاق العملية، وكل شيء مر على احسن ما يرام، أما عن العدد المتبقي فلا يمكن إحصاؤه بالتدقيق لأن هؤلاء النازحين كثيرو الترحال بين الولايات لأن مراكزنا مفتوحة وغير مغلقة، في ولاية تمنراست وحدها يوجد نازحون من حوالي 40 جنسية إفريقية. وماذا عن الرعايا السوريين؟ ليس لنا أي مشكل يطرح مع الرعايا السوريين النازحين بسبب الأزمة السياسية – الأمنية في بلادهم القائمة منذ سنوات، فقد اندمجوا بشكل عاد في المجتمع الجزائري، ولدينا مركز إيواء خاص بهم في سيدي فرج وأبناؤهم يدرسون بشكل عاد في المؤسسات التعليمية للأطوار الثلاثة كما في الجامعات، ونحن نحرص على إحياء المناسبات الدينية معهم سواء في المولد النبوي أو في الأعياد، من خلال إقامة مأدبات على الطريقة الجزائرية ومنح كبش العيد لكل عائلة. وما حظ الليبيين القاطنين في المدن المحاذية للحدود الجزائرية، من مساعدات الهلال الأحمر الجزائري ؟ لقد قمنا بإرسال الكثير من مختلف مواد الإغاثة من مواد غذائية وأدوية لفائدة هؤلاء الأشقاء سيما في مدينة غات ومساعداتنا لهم مستمرة، فهم يقومون بإرسال احتياجاتهم عن طريق الهلال الأحمر الليبي وخاصة احتياجات مستشفى غات وفيه مرضى ليبيون يتم استقدامهم للعلاج في المستشفيات الجزائرية شأنهم شأن الكثير من المواطنين الأفارقة الذين يأتون من بلدانهم كماليوالنيجر من أجل التداوي في مستشفى تمنراست أين يتم ضمان علاجات مختلفة لهم من بينها علاج ‹›السيدا» الذي يقدم للأفارقة النازحين مجانا رغم تكلفته العالية، كما يستفيدون من أدوية أخرى، حتى أن هناك حوامل من ماليوالنيجر يأتين من بلدانهن من أجل وضع حملهن في مستشفى تمنراست، ويتم تسجيل أبنائهم في المصالح القنصلية لبلدانهم. الرعايا السوريون اندمجوا بشكل طبيعي في المجتمع الجزائري ولا يطرحون أي مشكل أما المريض الذي لا يستطيع الطاقم الطبي التكفل به فيتم تحويل المصابين به من الأفارقة من تمنراست نحو مستشفيات الجزائر العاصمة على متن الطائرة. قرأنا ذات مرة أنك كنت مرشحة للحصول على جائزة نوبل البديلة للسلام؟ فعلا حدث ذلك في سنة 1997 بالسويد كما تحصلت على العديد من الجوائز الدولية من بينها جائزة ذات أهمية كبيرة وهي جائزة الأممالمتحدة للمجتمع المدني حيث تم اختياري من بين 5 شخصيات على مستوى دولي ومن بين 185 شخصية دولية وقد تمت تزكيتي من طرف شخصيات دولية بارزة من بينهم سيمون فاي الوزيرة الفرنسية السابقة للصحة والمعروفة بنشاطها من أجل السلم وكذا الوزير الفرنسي الأسبق للثقافة جاك لانغ وكذا من عضو في مجلس الشيوخ البلجيكي ماري ليزان ورئيس جمعية ضحايا الإرهاب بأيرلندا الشمالية وغيرهم، وذلك في سنة 2001 نظير عملي من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة. ما حقيقة ما يتردد عن محاولات أطراف أجنبية لاستغلال الحراك الشبابي في الجنوب من أجل ضرب استقرار البلاد ؟ المجتمع المدني الجزائري مسؤول عن ما تتعرض له صورة الجزائر من تشويه في الخارج لأنه لم يقم بما يجب القيام به من أجل تسويق الصورة الحقيقية لبلادنا، لذلك فإن بعض الأطراف الأجنبية حاولت أن تستغل الحراك الشبابي في الجنوب على غرار لجنة البطالين، وتوظيف هذا الملف من أجل التآمر على الجزائر وضرب استقرارها ومحاولة تقسيمها، وقد اتصلت برئيس جمعية البطالين ذات مرة وتمكنت من ضمان منصبي عمل له واحد في حاسي مسعود وآخر في ورقلة ولكنه رفض، بأمر من الأطراف الأجنبية التي كانت تتواطؤ معها أطراف جزائرية وماذا عن تعرضك أكثر من مرة للاغتيال في بيروت؟ تعرضت لمحاولة اغتيال المرة الأولى على يد الجيش الإسرائيلي سنة 1982 في بيروت عندما ذهبت لتمثيل الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات في مؤتمر رفقة الأخت المناضلة فتيحة بوشامة، في وقت متزامن مع الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وتمت هذه المحاولة عندما استهدفنا الطيران الإسرائيلي في طريق العودة من بيروت ( التي دخلناها بطريقة غير شرعية مع الفلسطينيين ) نحو دمشق وذلك في منطقة ظهر البيضاء اللبنانية ولحسن الحظ فقد أنقذتنا قوات الردع العربية. كما تعرضت لمحاولة اغتيال ثانية سنة 1990 عندما شاركت في قافلة "نساء عبر العالم" التي كانت متوجهة لكسر الحصار على العراق، وكانت السفينة التي انطلقت من الجزائر قد توقفت في موانئ كل من تونس وطرابلس قبل أن تواجهها مشاكل في قناة السويس من طرف قوات الأمن المصرية، التي تكون قد أعطت معلومات مسبقة لرجال المارينز الأمريكية عن تحركاتنا مما جعلها تترصدنا في بحر العرب، وقامت بإنزال ما يفوق 500 عنصر من رجالها فوق السفينة، وقاموا بالاعتداء علينا بالسلاح والضرب فأصبت أنا وأخت جزائرية أخرى، إلى جانب ناشطات عربيات وقد حاصرونا لمدة 18 يوما قبل أن يتدخل رؤساء الدول لإخلاء سبيلنا وتمكنا بذلك من دخول مدينة البصرةالعراقية قبل أن نغادر هذا البلد الشقيق في آخر طائرة قبل اعتداء قوات التحالف على العراق. كيف توفق السيدة بن حبيلس بين عملها ونشاطاتها وبيتها؟ المرأة العاملة والنشيطة يجب أن يكون لها اختيار، بين عملها ومهامها الإنسانية، وفي الواقع أنا محرومة من الأوقات المخصصة لذاتي ولكن أحاول دائما تخصيص أوقاتي لأبنائي الخمسة ( 4 ذكور وبنت ) وقد كان لي الزوج رحمه الله سندا قويا لي وهو الذي شجعني على النضال من أجل حقوق الإنسان وقضايا المرأة وغيرها من القضايا العائلية. وأنا حاليا أتكفل بوالدي البالغ من العمر 106 سنوات كما أتكفل بأختي المعاقة، وأنا أمقت بشدة دور العجزة ولا أسمح لنفسي ولا أفراد أسرتي وأقاربي الزج بأي قريب كان في هذه الدور أو المراكز.