تأخر دراسة الملفات إلى أربعة أشهر بسبب تزايد الطلبات تشير أرقام رسمية من وكالات الصندوق الوطني للتقاعد إلى تضاعف عدد الملفات التي تودع من شهر لآخر من طرف عمال وموظفون يطالبون بالاستفادة من التقاعد، مع بداية العد العكسي للآجال التي حددتها الحكومة للاستفادة من التقاعد المسبق أو النسبي، والتي ستنتهي مع نهاية العام الجاري، قبل دخول النظام الجديد حيز التنفيذ مطلع السنة المقبلة. وعلى عكس ما يشاع عن وجود عراقيل في وكالات الصندوق الوطني بشأن استقبال ودراسة ملفات طالبي التقاعد، فإن هذه الأخيرة تبذل جهودا كبيرة من أجل تلبية طلبات الآلاف من الموظفين والعمال الذين يقصدون شهريا وكالات الصندوق من أجل ايداع ملفات التقاعد. وفي جولة قامت بها النصر في بعض وكالات الصندوق في العاصمة تبيّن أن الشبابيك الخاصة باستقبال الملفات تعمل بشكل غير منقطع طيلة النهار، وحتى في أيام السبت، كما أخبرنا أحد الموظفين بوكالة الجزائر الوسطى، من أجل استقبال الكم الكبير من الملفات التي يريد أصحابها مغادرة الحياة العملية والركون إلى الراحة، مستغلين بذلك الأشهر المتبقية التي حددتها الحكومة من أجل إنهاء التقاعد بالصيغ القديمة المتمثلة في التقاعد المسبق والنسبي( دون شرط السن). فبوكالة المحاسبة التابعة للصندوق الوطني للتقاعد للجزائر الوسطى وجدنا القاعة المخصصة لإيداع الملفات في الطابق الثاني مملوءة عن آخرها، العشرات من المواطنين من نفس العمر تقريبا، الكل يحمل ملفا وينتظر دوره لطرحه والاستفسار عما قد يطلب منه من وثائق إضافية. ويقول أحد المسؤولين بالوكالة المكلفين بجمع الملفات،- رفض الكشف عن هويته- أن ملفات التقاعد المودعة تضاعف مرتين في المدة الأخيرة، حيث كانت الوكالة تستقبل شهريا بين 300 إلى 400 ملف فقط خاصة بالتقاعد، واليوم وبعد الحديث عن إنهاء النظام القديم وإعطاء المهلة حتى نهاية العام الجاري أصبحت الوكالة تستقبل بين 2000 إلى 2500 ملف شهريا وهو رقم قياسي. و يضيف محدثنا أن الوكالة تعمل بشكل عاد كما كانت تماما قبل الحديث عن النظام الجديد للتقاعد، عدا أن الضغط عليها زاد بفعل زيادة الملفات المودعة شهريا، وهو ما خلق نوعا من الضغط أيضا على عمال الوكالة وتسبب في إرجاء معالجة الملفات نوعا ما، حيث كانت الملفات تعالج في فترة لا تتجاوز الشهرين فقط، أما اليوم فهذه المدة تصل إلى أربعة أشهر وهو شيء طبيعي في مثل هذه الحالات. ويؤكد ذات المتحدث، أن الصندوق لا دخل له في ملفات العمال والموظفين، فهو يستقبل كل ملف مكتمل وصل صاحبه إلى سن التقاعد، ولا يرفض أبدا أي ملف، وكل ما في الأمر أنه عندما يلاحظ أن وثيقة ما ناقصة يطلب من صاحب الملف أن يضيفها وفقط، أما التقاعد في حد ذاته فإن صاحب العمل- أي المؤسسة التي يعمل بها أي شخص- هي التي تحدد ما إذا كان هذا الأخير قد وصل السن التي تسمح له بالتقاعد أم لا، وما هي حقوقه بالضبط، وهي التي تتكفل بتحضير ملفه بالكامل، لذلك فمن الخطأ أن يعتقد البعض أن الصندوق يرفض ملف فلان أو غيره، لأن الصندوق يتعامل فقط مع الملفات كما تأتيه من صاحب العمل. ويؤكد المسؤول بوكالة الجزائر الوسطى في ذات السياق، أن وكالات الصندوق الوطني للتقاعد تأثرت هي الأخرى بالذهاب المكثف نحو التقاعد، بحيث تقلص عدد العاملين بها لذلك تجد اليوم في ظل الإقبال المضاعف على طلب التقاعد بعض الصعوبة في استقبال ودراسة الملفات، الشيء الذي دفعها إلى فتح شبابيكها يوم السبت لإرضاء الزبائن، خاصة و أن المهلة المحددة لإيداع الملفات و الاستفادة من الصيغ القديمة ستنتهي في 31 ديسمبر. في وكالة الجزائر الوسطى للصندوق الوطني للتقاعد، لا يوجد فقط الذين جاؤوا لإيداع ملفات التقاعد، بل هناك من جاء للاستفسار عن الزيادات في المنحة التي عادة ما يقررها رئيس الجمهورية بمناسبة عيد العمال كل عام، وهو ما أكد عليه شيخ التقيناه هناك، حيث قال إن الكثير من المتقاعدين يقصدون الوكالة للاستفسار عن هذه الزيادة بعدما شاعت أخبار بأنها ستكون بأثر رجعي من جانفي إلى غاية اليوم، في الوقت الذي تقاضى فيه هؤلاء الزيادة المذكورة في منح ماي، جوان وجويلية، لكن الأمر اختلط عليهم بهذا الخصوص. دراسة الملفات تقفز من شهرين إلى أربعة من جهته، عبّر اسماعيل بوكريس الأمين العام لفدرالية المتقاعدين هو الآخر عن ارتياحه للوتيرة التي تسير عليها عملية إيداع ملفات التقاعد وقال في تصريح للنصر، بأنه لم تسجل أي عراقيل في هذا الشأن، إنما فقط هناك بعض التأخر في معالجة الملفات وهي النقطة الوحيدة التي اشتكى منها طالبو التقاعد، فبدل دراسة هذه الملفات في ظرف شهرين أصبح الأمر يستغرق 3 إلى 4 أشهر كاملة. وقال محدثنا أنه وقف على وكالة للصندوق الوطني للتقاعد وضع فيها أكثر من 1300 طلب تقاعد في ظرف شهر واحد، وبحساب بسيط –حسبه- يمكن معرفة بالتقريب عدد الذين يودون الخروج إلى التقاعد على مستوى 48 ولاية، كما قال أيضار أن هناك بين 13 إلى 15 ألف طلب خروج في قطاع التربية الوطنية وحده.ونشير دائما في هذا الصدد أن الحكومة كانت قد فتحت أبواب التقاعد بالصيغ القديمة على مصراعيه أمام الموظفين والعمال إلى غاية 31 ديسمبر من العام الجاري، وبعده لن يكون التقاعد إلا في سن الستين أو 55 بالنسبة للنساء والعالمين في المهن الشاقة، وعلى هذا الأساس ازداد الاقبال على وكالات الصندوق الوطني للتقاعد في جميع ولايات القطر من طرف الراغبين في الاستفادة من التقاعد المسبق والنسبي قبل التاريخ المذكور وهم يسابقون الزمن للظفر بتقاعد من النوع القديم.وحسب مصادر من المركزية النقابية، فإن الحكومة وفي ظل الظروف المالية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، تعمدت فتح الباب أمام من يريد التقاعد من العمال والموظفين، عوض اللجوء إلى التسريح خاصة في بعض المؤسسات، وقد لا تعوض بعد ذلك الكثيرين منهم خاصة في المؤسسات والهيئات التي تعاني من نقص في المداخيل ضمن خطة محكمة تتجنب فيها اللجوء إلى التسريح القسري. م- عدنان ارتفاع ب 20 بالمائة في طلبات التقاعد بولاية قسنطينة كشف، أمس، مدير الصندوق الولائي للتقاعد بولاية قسنطينة، أن نسبة إيداع ملفات التقاعد ارتفعت بحوالي 20 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية، و ذلك منذ الإعلان الرسمي عن قرار الحكومة القاضي بتحديد سن التقاعد ب 60 سنة، كما قال أن أكثر الملفات أودعت من طرف عمال التربية و الصحة و القطاع الاقتصادي، مطمئنا بشأن التوازن المالي للصندوق خاصة أنه غير معني حاليا بالعجز المالي. و في اتصال مع النصر، أوضح مصطفى بوعزة أن ارتفاع عدد طلبات التقاعد في الأوساط العمالية بدأ مع نهاية سنة 2015 و بداية 2016، حيث عرفت مصالح الصندوق توافدا و ضغطا كبيرين على الشبابيك من طرف العمال الراغبين في إيداع ملفات التقاعد، بما فيها النسبي و المسبق بنسبة زيادة تقدر بحوالي 20 بالمائة مقارنة بالسنوات الماضية، خاصة أن تلك الفترة تزامنت مع شيوع أخبار حول تمديد سن التقاعد، و هو ما تجلى فعلا من خلال إعلان الحكومة شرط 60 سنة للاستفادة منه، حيث من المنتظر الشروع في تطبيقه ابتداء من جانفي 2017، فيما أشار ذات المصدر إلى أن الإقبال على إيداع ملفات التقاعد تضاءل بشكل كبير ابتداء من شهر جويلية الماضي، عندما أعلنت الحكومة عن بعض الاستثناءات في التقاعد، تخص قطاعات الأعمال الشاقة و بعض الوظائف الأخرى. و قال مدير الصندوق أن عدد المتقاعدين على مستوى الولاية بلغ 115 ألف، بمبلغ إنفاق يصل إلى 320 مليار سنتيم شهريا، بما فيها مبالغ الاشتراك الخاصة بالضريبة و التغطية الاجتماعية لكل متقاعد، مشيرا إلى اقتطاع الصندوق نسبة 1.6 بالمائة من المبلغ، علما أن القانون يسمح برفعها إلى 3 بالمائة سنويا حسب المتحدث، حيث يتم توجيه هذه القيمة لاقتناء العتاد و إنجاز المقرات و غيرها من النفقات التي تخص الصندوق، و هو ما يعني، حسب المدير، أن 97 بالمائة من مبلغ الإنفاق الإجمالي تسدد كمعاشات للمتقاعدين. و كشف السيد بوعزة أن عمال التربية و الصحة و كذا المؤسسات الاقتصادية، هم الأكثر طلبا للتقاعد حسب طبيعة الملفات المودعة و الإحصائيات التي سجلتها مصالح الصندوق، تليها قطاعات الوظيف العمومي الأخرى بنسبة قليلة، و بشأن المخاوف المتعلقة بجفاف مصادر تمويل الصناديق المعنية و صعوبة تحقيق التوازن المالي بها، في ظل انهيار أسعار البترول و تراجع احتياطي الصرف، طمأن المدير بأن الصندوق لا يعاني حاليا من أي صدمات تتعلق بتراجع التمويل، مضيفا أن هناك اكتفاء و استقرارا من ناحية الاشتراكات التي تضمن السيولة، بحيث يتم العمل بالنظام التكاملي بين الصناديق الولائية، من خلال صب أموال تلك التي تعرف فائضا في التمويل، في الصندوق المركزي، ليتم من خلالها تمويل الصناديق التي تعاني شحا في السيولة بولايات أخرى.