محلات "الجيلاتو" تسيل لعاب الزبائن و تنافس قاعات الشاي بقسنطينة تحوّلت محلات بيع المثلجات إلى مكان لقاء ينافس قاعات الشاي، خاصة بعد انتشار فضاءات فاخرة، باتت مقصد العائلات و الأصدقاء الباحثين عن أماكن ملائمة للجلوس، و لو حول كوب أو قمع بوظة، مما ساهم في ازدهار هذا النشاط التجاري الذي لم يعد موسميا، مثلما كان في الماضي، بل أصبح يمارس على مدار السنة، بظهور محترفين يطمحون إلى إنشاء مملكات "الجيلاتو"، كما في الخارج. تشهد قسنطينة تزايد انتشار محلات بلافتات و واجهات جذابة يزّينها عادة قمع بوظة عملاق، تسجل تهافتا ملفتا للزبائن طوال اليوم، خاصة في المساء، رغم الأسعار المرتفعة لهذه الحلوى المفضلة للكثيرين في الصيف و التي يتراوح ثمن الكرة الواحدة منها بين 100 و 150دج، فما فوق. آلات المثلجات التقليدية اختفت بالكثير من محلات بيع المثلجات التي استبدلتها بمخابر لإعداد و تنويع النكهات ، يشرف عليها مختصون يطلق عليهم لقب "مايسترو"، تلقوا تكوينهم في هذا المجال بالخارج، و بشكل خاص بإيطاليا. و في حديثنا مع مايسترو محل بوسط مدينة قسنطينة، أكد هذا الأخير بأنهم يعتمدون على المكونات الطبيعية من فواكه و مكسرات و شكولاطة في تحضير هذه المثلجات التي لا يتوقفون عن إضفاء نكهات جديدة عليها و عرضها باستمرار على الزبائن، فيما ذكر بائع آخر في محل بمدينة الخروب بأن بعض أصحاب محلات المثلجات يستعملون نكهات اصطناعية، مشيرا إلى احتفاظ كل محل بسر وصفته المتميّزة. و لم يخف عدد من الباعة و أصحاب محلات بيع المثلجات العصرية الذين تحدثنا إليهم، بكل من وسط المدينة و الخروب و علي منجلي، وجود منافسة شديدة بينهم، تبدأ بالتنافس في إعادة تهيئة المحلات و اعتماد ديكورات عصرية مغرية، لا تختلف عن تلك الرائجة في المطاعم الفاخرة من حيث خدمات الاستقبال و التقديم التي يشرف عليها نادلون شباب يرتدون زيا موّحدا أنيقا، و هو ما اعتبره عامل بمحل بالخروب، شرطا أساسيا لجذب و كسب ثقة الزبائن الذين باتوا متطلبين أكثر و يهتمون بنظافة المكان و جودة الخدمات، و نفس الشيء أكده بائع بمحل آخر بقوله"الزبون لم يعد يهتم بالسعر، بقدر ما يهتم بالخدمات و النظافة بشكل خاص". من الجوزية إلى "فيريرو روشيه" كل الأذواق تلبى واجهات زجاجية مغرية، تسيل لعاب الزبائن الذين لا يستطيعون التحكم في نهمهم أمام التنوّع الكبير في النكهات بين "السوربيه" بمذاق مختلف أنواع الفواكه من اليوسفي و الموز و الفراولة و الليمون، أو البوظة بمذاق كل أنواع المكسرات و بشكل خاص الجوزية التي تعد الأكثر طلبا من قبل الزبائن، الذين يأتون من كل مكان و حتى من المناطق المجاورة لتذوقه، مثلما ذكر بائع بمحل آخر بالخروب، إشارة إلى توافد الزبائن من كل من ميلة و أم البواقي و غيرها من المناطق. وقال عدد من الباعة أن المنافسة فرضت التنويع في العرض، و هو ما دفع بعض أصحاب المحلات إلى دفع تكاليف إضافية لضمان التكوين لحرفييهم في هذا المجال بالخارج، مثلما أكد لنا "مايسترو" محل بمدينة قسنطينة الذي قال أنه استفاد من تكوين بإيطاليا على يد مختصين في إعداد "الجيلاتو"، مما مكنه من إتقان فن إعداد الحلويات المثلجة بكل أنواعها. و تحدث البعض عن ميل الزبائن الصغار و الشباب عادة إلى مذاق الشكولاطة ذات الشهرة العالمية، على غرار "فيريرو روشيه" و "ميلكا" و "سنيكرز"..و غيرها. و قال بعض الزبائن أنهم بالإضافة إلى المذاق الحلو و المتميّز للمثلجات العصرية، وجدوا الفضاء المناسب و المشجع للجلوس و الاستمتاع مع أفراد العائلة و الأصدقاء، بدل حمل قمع المثلجات أو المصاصات و أكلها في الطريق، مثلما تفرضه المحلات التقليدية القديمة التي لا يشجع انعدام شروط النظافة بها في أغلب الأحيان، على الجلوس حول الطاولات البلاستيكية التي تخصصها للزبائن.