باماكو تطلب دعم الجزائر لمنع تهريب الأسلحة إلى تنظيم القاعدة طلبت السلطات المالية رسميا، دعم الجزائر لمواجهة التدهور الأمني في منطقة الساحل، وتعد هذه المرة الأولى التي تطلب فيها باماكو إعادة تفعيل التعاون الأمني مع الجزائر، منذ قيام مالي العام الفارط بإطلاق سراح أربعة إرهابيين بينهم جزائريان مطلوبان قضائيا، في إطار صفقة لتحرير الرهينة الفرنسي بيار كامات، ويعكس الطلب المالي الذي حمله وزير الخارجية سوميلو بوباي مايغا، تخوف باماكو من تعاظم دور تنظيم القاعدة في المنطقة واستغلالها الوضع المتأزم في ليبيا للحصول على أسلحة حديثة، وهو الخطر الذي حذرت منه الجزائر في الفترة الأخيرة. حل أمس بالجزائر سوميلو بوباي مايغا وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي لجمهورية مالي و المبعوث الخاص للرئيس المالي أمادو توماني توري. و قد استقبل السيد مايغا لدى وصوله إلى المطار الدولي هواري بومدين من قبل وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي. في تصريح للصحافة أشار الوزير المالي إلى أنه حامل لرسالة من الرئيس توري إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تتضمن "تحليلا حول الوضع على المستوى الإقليمي و كيفية تطوير و تعزيز العلاقات الثنائية في سياق يتميز بالتوتر حيث كل التهديدات التي كانت تواجهنا --كما قال-- قد ازدادت حدة". و اعتبر في هذا الصدد أن الوضع الأمني في منطقة الساحل "يبقى خطيرا و مثيرا للقلق و يقتضي تظافرا أكبر للجهود بغية إيجاد الحلول المناسبة لهذا الوضع". و أكد السيد مايغا أن زيارته إلى الجزائر تهدف إلى "تحقيق أمن فوري في المنطقة إلى جانب استقرار شامل و دائم". وقد ترأس وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي، جلسة عمل مع المبعوث الخاص للرئيس المالي و جرى الاجتماع بإقامة الدولة جنان الميثاق بحضور الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الإفريقية و المغاربية السيد عبد القادر مساهل و أعضاء وفدي البلدين. وتعكس زيارة المسؤول المالي، تحولا في موقف باماكو التي كانت في السابق متهمة بالتقصير في التعاون الأمني، وغض الطرف عن أنشطة الجماعات الإرهابية التي كانت تقوم بتحويلات مالية هامة عبر بنوك مالية، مقابل منح وعطايا كان يحصل عليها بعض الوجهاء وزعماء القبائل، وهي المعلومات التي نشرها موقع "ويكيليكس" قبل أشهر، وقال بأن السلطات العليا في مالي كانت على علم بهذه الأنشطة دون أن تحرك ساكنا. وقد طلب المسؤول المالي، دعم الجزائر في عمليات مراقبة الحدود لمنع حصول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على أسلحة متطورة يتم تهريبها من ليبيا، خاصة وان معلومات استخباراتية غربية كانت قد تحدثت عن حصول تنظيم القاعدة على أسلحة متطورة منها صوارخ "سام" المضادة للطائرات. وقال مسؤولون في مكافحة الفرع المغاربي للقاعدة قبل أيام في تصريح لوكالة «فرانس برس» إن «ثمة خطراً كبيراً أن يتحول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى أحد أكبر الجيوش في منطقة الساحل». وأكد المسؤولون أن «أسلحة كثيرة سقطت بين أيدي إرهابيين لا سيما صواريخ أرض - جو» بعد نهب ثكنات نظام القذافي. وصرح اريك دينيسي مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول الاستخبارات بعد مهمة في طرابلس برفقة مدير جهاز الاستخبارات الفرنسي السابق ايف بونيه، بأن «الخطر حقيقي، وليس مبالغاً فيه على الإطلاق». وأكد مسؤولون في مكافحة تنظيم «القاعدة» ل «فرانس برس» طالبين عدم ذكر هويتهم أنهم لاحظوا في ليبيا «عدداً من المواطنين يحملون على أكتافهم صواريخ مع بداية الأزمة» ويتعلق الأمر خصوصاً بصواريخ أرض - جو من طراز سام - 7. لكن ذلك توقف بعدما «أخذ تنظيم القاعدة الكثير» من تلك الأسلحة التي «وصلت إلى الساحل»، كما أكد هؤلاء المسؤولون الذين أوضحوا أن «التعاون الإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب ضروري أكثر من أي وقت مضى». وقالوا «نحن نعمل في مكافحة الإرهاب مع نواة مشكلة في مالي والجزائر وموريتانيا والنيجر لكننا نوسعها إلى دول أخرى مثل تشاد وبوركينا فاسو». وقد نبّهت الجزائر، من هذا الخطر منذ العمليات الأولى التي شنها التحالف الدولي على العتاد العسكري للعقيد القذافي. ووصف وزير الخارجية مراد مدلسي الوضع في ليبيا بأنه «فرصة نمنحها للإرهابيين» وقال إن الوضع في ليبيا قد «يتفاقم مع التدخل الخارجي». وزار وزير الداخلية دحو ولد قابلية قبل أيام الحدود الجزائرية مع النيجر حيث تفقد معبر عين قزام الحدودي برفقة مسؤولين مدنيين وعسكريين في ولاية تمنراست. ورفض الوزير تأكيد الأخبار التي تحدثت عن حصول تنظيم "القاعدة" في المغرب الإسلامي على أسلحة تم تهريبها من ليبيا، وقال بان ما تردد هو "فرضيات"، وأضاف قائلا "من الواضح أن هناك فرصا لتسلل الأسلحة من ليبيا لكن ليس لي علم انه تم بالفعل نقل الأسلحة من ليبيا، ولكن لا يمكن استبعاد ذلك نظرا لتصاعد الأعمال ضد القوات الأمنية في الفترة الأخيرة. وقد قامت السلطات الأمنية بنشر قوات إضافية على الحدود لإحباط أية محاولة لتهريب أسلحة ليبية نحو الجزائر، وأفادت أوساط رسمية، بأن قوات الأمن أحبطت محاولات لإرسال عناصر إرهابية للاستطلاع حول التدابير الأمنية، واكد وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، أن الوضع الأمني على الحدود مع ليبيا مقلق جدا، بسبب ''الانسحاب التام لحرس الحدود وعناصر الجيش الليبي، من على طول الحدود مع الجزائر الممتدة من منطقة غات إلى غاية الحدود مع النيجر، ما يجعل حدود البلاد مكشوفة ومفتوحة أمام أعداء الجزائر والإرهابيين الذين يحاولون، وحاولوا بالفعل التسلل إلى الجزائر ''. وأشار الوزير إلى أن ''قوات الأمن سبق لها أن قضت على إرهابي مسلح حاول الدخول إلى الجزائر، ونحن نعتقد أن هذا الإرهابي كان مجرد خيط تجربة حاولت الجماعات الإرهابية اختبار مدى يقظة الجيش الجزائري''. وأضاف ولد قابلية ''نحن لا نتدخل في الشؤون الليبية، موقفنا ثابت في هذه القضية، لكن عندما تكون مصالحنا مهددة يجب أن نتجند للدفاع عنها''، مشيرا إلى أن الجيش يستعمل وسائل خاصة وطائرات لتأمين الحدود. وحسب ولد قابلية، فأن الوضع الأمني على الحدود مستقر، وقال بأن الأوضاع تحت المراقبة المستمرة بغية فرض السيطرة عليها، واتخاذ التدابير المناسبة، مشيرا بأن إمكانيات هامة تم تجنيدها على طول الحدود في منطقة الساحل، وقال بأن هذا التعزيز الأمني ليس بسبب الوضع في ليبيا فقط بل تم إقرارها قبل ذلك بفترة طويلة، وأضاف قائلا "عززت قواتنا المسلحة تواجدها على الحدود الجنوبية كما عززت وجودها على الحدود الليبية على طول أزيد من 1000 كيلومتر". أنيس نواري