السياحة نائمة في انتظار يد توقظها تتوفر ولاية ميلة على إمكانيات سياحية هائلة، بإمكانها أن تحوّل المنطقة إلى وجهة سياحية، فهي بتاريخها الممتد عبر العصور ومناظرها الطبيعية الساحرة قادرة على استقطاب السواح على مدار السنة. غير أن هذه «الثروة» لا تزال مهدورة في الوقت الراهن في ظل نقص الهياكل القاعدية، حتى و إن بدأت مشاريع هامة تجد طريقها إلى التجسيد، وكذا غياب الترويج للمنتوج السياحي للمنطقة ويكفي دليلا على ذلك أن المواقع الأثرية بالولاية تفتقد إلى خارطة أو دليل. روبورتاج: إبراهيم شليغم تاريخ سحيق و مواقع حموية تستقطب الزوار من أهم أوجه عوامل الجذب بميلة، المواقع الحموية وتتوزع على مختلف جهات الولاية الأربع وهي في الوقت الحاضر محل استغلال يمكن وصفه بالفوضوي بالنظر للوضعية التي توجد عليها، تأتي في مقدمتها حمامات التلاغمة السبعة، إضافة إلى حمام أولاد عاشور ببلدية العياضي برباس، حمام التوامة بعين الملوك، حمام الشفعة ببلدية وادي العثمانية وكذا حمام عبد الله بأولاد بوحامة، وتستقطب هذه المواقع أسبوعيا زوار من داخل إقليم ولاية ميلة ومن خارجه طلبا للاستجمام والعلاج ، وتبقى الخدمات التي تقدمها هذه الحمامات لحد الساعة محدودة، في انتظار تسوية الوضعية القانونية الإدارية والمعمارية لهذه الحمامات التي ينشط بعضها بسجل تجاري عادي فقط برغم أنها مؤسسة مصنفة تخضع لقانون خاص ناهيك عن حاجتها لتهيئة المسالك المؤدية لها خاصة حمامات التلاغمة التي نصل إليها عبر مسلك ترابي، في حين يظل حمام بني هارون يستقطب الزوار رغم وضعيته الكارثية جراء عملية الهدم الذي تعرضت لها بنايته بقرار ولائي، في انتظار الفرج مع اكتمال المشاريع الاستثمارية المبرمجة هناك ، ويتعلق الأمر بمحطة حموية علاجية قيد الانجاز، في حين توجد سبعة مواقع لمنابع حموية أخرى لا تزال غير مستغلة حاليا وقد منح واحد منها فقط وهو منبع القريبصة بوادي النجاء لأحد الخواص وكذلك مشروع مركب سياحي بوادي العثمانية هو الآن قيد الإجراءات الإدارية ، و تنتظر المواقع الباقية المستثمرين. ويخدم تاريخ ميلة القطاع السياحي لو تنجح الولاية في الترويج له، حيث تؤرخ عديد المعالم والشواهد التاريخية والقطع الأثرية التي يعثر عليها عند كل عملية حفر، لمختلف الحضارات التي مرت على المنطقة في مقدمة ذلك نجد مدينة ميلة القديمة ، أثار أولاد اخلوف وسيدي مروان مرورا بمسجد أبي المهاجر دينار المعروف عند العامة باسم مسجد سيدي غانم ، إلى جانب الزوايا التي نذكر منها الزاوية الحملاوية بوادي سقان والزاوية الحسينية لأبناء الشيخ الحسين بسيدي خليفة والسجن الأحمر وقصر الآغا بفرجيوة وكذلك برج زغاية وموقع المقبرة الجماعية بها، كاف السما بمنطقة الزوابق ببلدية العياضي برباس، منطقة شبشوب والسراغنة بوادي النجاء اللتين استعملهما الاستعمار الفرنسي كمواقع للتعذيب بعيدا عن الأعين. غابات و جبال تستهوي الرياضيين ولا يخفى ما تضيفه الطبيعة لميلة من سحر، من الجبال الشاهقة التي تصلح في مواضع منها لرياضة التسلق صيفا وفي مواضع أخرى للتزحلق على الثلج شتاء أما غابات الولاية فهي فاتنة ممتدة مؤهلة لاستقبال الراغبين في الاسترجاع البدني والتدرب من الرياضيين والتجوال ورياضة المشي والتنزه ، ويكفي القول أن عديد الفرق الرياضية من خارج حدود الولاية ناهيك عن المنتسبة لها أصبحت تفضل التركيز على الجانب البدني داخل غابة باردو ببلدية ترعي باينان التي سجل بها مشروع مركب شباني رياضي لفائدة مختلف المنتخبات الرياضية والفرق. المواقع الجبلية و الغابية الأخرى تمتد من جبل مسيد عيشه ببلدية حمالة شرقا إلى غاية تامزقيدة ومنطقة ولبان ببلدية تسدان حدادة عند حدود ميلة مع ولاية سطيف غربا، حيث كشف والي الولاية عن منح لمشاريع استثمارية قصد انجاز قرية سياحية تساهم في توفير الراحة والخدمات لزوار المنطقة، وهم كثر في وقتنا الحالي، مرورا بغابة تادرار بالقرارم التي سجل بها هي الأخرى عدة مشاريع للانجاز، وكذا غابة الوازطة و بوداود دون نسيان منطقة شبشوب بوادي النجاء وحديقة شعبوب بميلة التي ينتصب بها تمثال الطفل والعجل وكذا ألواح و جداريات منطقة عين الصياح المخلدة لتاريخ ميلة. ولا يمكن مغادرة المناطق الجبلية دون ذكر ما تتوفر عليه من مغارات كان لها الدور الكبير أيام ثورة التحرير في احتضان المجاهدين الذين قضى بعضهم هناك بعد أن سدت قوات الجيش الاستعماري المنافذ بالاسمنت المسلح. أما الجمعيات النشطة في مجال البيئة والمؤسسات التعليمية فهي مدعوة لإحياء رياضة التجوال والمشي مع تكثيف الخرجات الترفيهية السياحية لما لها من اثر ايجابي متعدد الجوانب على التلاميذ الذين كان زملاؤهم إلى وقت قريب يقومون بها قبل أن تفتقدها الحياة المدرسية التي لم يبق منها في أحسن الأحوال سوى الزيارات العلمية نحو مواقع معينة محدودة. السد التحفة الذي حوّل الولاية إلى عاصمة للماء منذ وضع مسطح سد بني هارون في الخدمة شهر سبتمبر من عام 2007أصبح هذا المعلم محط أنظار الجميع، بل تحول إلى مزار لا يمكن أن تستغني عنه مختلف الوفود الرسمية وغير الرسمية وكذا مواكب الأعراس حيث يسعى الزوار لالتقاط الصور الفوتوغرافية المخلدة لزيارتهم للموقع الذي يضم الجسر العملاق لوادي الذيب وكذا جسر وادي الرمال، ويجري التفكير في تنويع مجالات استغلال مياه السد ومحيطه ، بعد أن تم بعث المنافسات الرياضية المائية ذات المستوى العالي بمياه السد و ترسيم مهرجان الماء الذي يشمل مسابقات متنوعة، منها تلك التي تدخل في طهي الأطباق والأكلات التي تعتمد على خيرات مياه السد، علما وأن الجهود حاليا متواصلة قصد انجاز عدد من الشواطئ الاصطناعية على طول محيط مياه السد التي تمتد على 50 كلم كاملة، والبداية بمشروع شاطئ القرارم الذي دخلت إجراءاته الإدارية مرحلة متقدمة في حين تم الانتهاء من انجاز القاعدية المائية . وبالجهة المقابلة من السد وبالضبط ببلدية الشيقارة هناك مشروع مركب سياحي ترفيهي شرع في تهيئة أرضيته على ضفاف سد بني هارون بالإضافة لمشروع آخر يهدف لانجاز حديقة للتسلية، الإجراءات الإدارية الخاصة بها قيد الدراسة. أما ببلدية حمالة فيوجد مشروع انجاز فندق قيد الانجاز بمحاذاة جسر وادي الذيب بمرافقة مشروع مركب سياحي جديد . وعن الأفكار القابلة للتجسيد بمنطقة سد بني هارون فتتعلق باللجوء للنقل السياحي عبر التليفيريك والربط بين ضفتي السد الشمالية أي الشيقارة ) والجنوبية في سيدي مروان وكذا النقل عبر العبارات والزوارق باتجاه مراكز البلديات المجاورة لمياه السد. و لا يجد الكثير من الناس من قاطني ولاية ميلة والولايات المجاورة، راحتهم في أيام العطل الأسبوعية وفترة نهاية الدوام إلا داخل الغابات وفي المراعي أو على ضفاف المسطحات المائية الموجودة بالولاية طلبا للصيد الذي يعتبر عندهم المتنفس والسبيل الوحيد للتخلص من ضغط الحياة اليومية وعناء العمل. ميلة تتوفر على كل مقومات وأوجه الصناعة التقليدية والتي تشمل الحدادة التقليدية الفنية ، صناعة الأواني الخشبية ، صناعة الفخار و صناعة النحاس والحلي التقليدية ، صناعة الغربال، صناعة العجائن التقليدية، صناعة النسيج، وأخيرا صناعة السملل التي أصبحت من الماضي لزوالها من منطقة فرجيوة وتفرق اليد العاملة فيها بعدما كانت شائعة ورائجة منذ العهد الاستعماري إلى نهاية الثمانينات وقد كانت تصدر منتجاتها وما تتميز به من جودة وجمال للسوقين الوطنية والدولية . تفتقر ميلة لحد الساعة لمكتب خاص بشركة الخطوط الجوية الجزائرية ناهيك عن مكاتب خاصة بشركات الطيران الأخرى أما الجمعيات ذات الصلة التي لها القدرة على لعب دور معتبر في الترويج للفعل السياحي وليس الطفيلية التي تتغذي عليه فعددها حاليا بميلة ثلاثة فقط مقراتها بكل من ميلة و عين البيضاء احريش و دراحي بوصلاح وديوان واحد ببلدية عاصمة الولاية. الإحصائيات المحتشمة المقدمة من طرف مديرية السياحة حول الزوار الذين أقاموا بفنادق الولاية الستة السنة الماضية والمقدر عددهم ب 9240 جزائريا و573 أجنبيا تبين موقع ميلة وقدرتها الحالية على استقطاب السياح. ثم أن بقاء محلات مختلف الخدمات كالمطاعم والمقاهي والفنادق مفتوحة طول اليوم للتكفل بطلبات السياح والزوار له الأثر الكبير في استقطاب هؤلاء من مختلف المناطق والدفع بهم لتكرار عودتهم للمكان. الحاجة لمسلك سياحي يربط المواقع ويقربها أكثر من الزوار والسياح تأتي في المقدمة كما أن العلاقات المتداخلة بين مختلف القطاعات التي لها دخل وتأثير على السياحة فالاهتمام باخضرار المساحات وبالنظافة ورفع القمامة والنفايات من خلال المؤسسات المختصة (mila net)و( mila vert)وتحسين حال الإنارة العمومية ليلا وتوفير النقل كلها عوامل إذا اجتمعت تعطي صورا جميلة عن المناطق السياحية والحضرية، أما احترام النمط العمراني وجعله ملائما للمكان فيزيد هذا الأخير روعة وجمالا من ذلك مثلا تسقيف المنازل في المناطق التي تشهد تساقط للثلوج بالقرميد الأحمر يصبح أكثر من ضرورة. مشاريع في طور التجسيد و المستقبل يبدأ الآن ولأن ميلة لها موقع استراتيجي نظرا لقربها من المطارات والموانئ المحيطة فقد شكلت منطقة جذب للمستثمرين الذين أقبلوا على طلب مشاريع خدماتية وسياحية عديدة، وقبلهم بادرت الإدارة العمومية إلى تسجيل على حساب المخطط الخماسي 2009/2014 عدة عمليات منها 12 مشروع لترقية الفعل السياحي يصل غلافها المالي إلاجمالي إلى 16,6 مليار سنتيم نذكر منها العمليتين المغلقتين المتعلقتين بدراسة لإنجاز و تجهيز مركز الإعلام و التوجيه السياحي و دراسة تهيئة موقع طبيعي ببني هارون، وأما المشاريع التسعة الأخرى فهي في طور الانجاز وتتمثل في دراسة تهيئة موقع طبيعي غابة تادرار القرارم قوقة، دراسة المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية للولاية, دراسة تهيئة محطة مناخية بوشناك ببلدية تسالة المطاعي، دراسة تهيئة محطة مناخية بجبل تامزقيدة و المرج ببلدية تسدان حدادة، مشروع دراسة تهيئة جذب و جر المنبع الحموي قروز ببلدية واد العثمانية ب 3,8 مليار سنتم بالإضافة لدراسة تحديد و تصنيف و تصريح بثمانية مناطق توسع سياحي غلافها المالي سبعة ملايير سنتيم تتواجد بكل من مارشو ببلدية ميلة،كدية المقتيلة ببلدية التلاغمة فحمام قروز بواد ي العثمانية، ثم وشناك وفج فدولس ببلدية تسالة المطاعي ، عين أحمد ببلدية مينار زارزة، بني هارون ببلدية حمالة أما باقي المبلغ الأول فيتعلق بدراسة وانجاز وتجهيز مقر مديرية السياحة التي وصلها قرار التجميد في إطار سياسة التقشف بعد أن تم الانتهاء من الدراسة التقنية للمشروع. وعن المشاريع الاستثمارية الخاصة يمكن ذكر 24 مشروعا استثماريا منها13مشروعا قيد الانجاز تتضمن فنادق لعل أهمها مشروع فندق بن عميرة ببلدية ميلة، محطات حموية، حظائر تسلية وهناك ثمانية مشاريع أخرى مماثلة لم تنطلق لكونها لازالت قيد الإجراءات الإدارية أما المشاريع المتوقفة فتتمثل في فندق بزغاية ومحطة حموية ببلدية يحيى بني قشة أما المشروع الوحيد المنتهي فيتمثل في فندق خلاف بشلغوم العيد وعن الخمسة فنادق التي دخلت حيز الاستغلال قبل عام1999فهي لحد الساعة غير مصنفة لعدم امتلاك أصحابها لشهادة مطابقة البناء لتشييدها بطريقة فوضوية ودون احترام أدوات التعمير، ويعتبر فندق المبروك الوحيد المصنف فيما ينتظر الفندق الجديد بفرجيوة « فندق الأغا» التصنيف.