توقيف الإضراب بمركب أرسلور ميطال عنابة عاد فجر أمس الأحد عمال مؤسسة أرسلور ميطال إلى العمل على مستوى جميع الورشات و الوحدات الإنتاجية ونقاط البيع والتوزيع التابعة للمؤسسة، والمنتشرة عبر كامل التراب الوطني خاصة بولايات عنابة، سكيكدة، قسنطينة، تبسة، الجزائر العاصمة، البليدة، مستغانم، سيدي بلعباس ووهران، و ذلك عقب التوصل إلى اتفاق بين النقابة و المديرية العامة في مفاوضات استمرت إلى غاية منتصف ليلة السبت إلى الأحد، حيث أن الحل الوسط الذي أفضت إليه المحادثات المراطونية جعل الجهتين تسارعان إلى إصدار بيان مشترك يكشف الخطوط العريضة للنقاط المتفق بخصوصها مع التأكيد على وقف الحركة الإحتجاجية بعد يوم فقط من الشلل على مستوى مركب الحجار . و ذكر البيان الذي تحصلت « النصر « على نسخة منه، أن المفاوضات بين ممثلي إدارة أرسلور ميطال و الشريك الاجتماعي امتدت من التاسع من شهر ماي الجاري إلى غاية مساء أول أمس السبت، و توزعت على تسع جلسات عمل، حيث كانت المؤسسة ممثلة في هذه المباحثات بكل من المدير العام لمركب أرسور ميطال فانسون لوغويك، و مدير الموارد البشرية فريديريك بايل، إضافة إلى رئيسة دائرة الموارد البشرية حليمة حمديكان، في حين تكفل الأمين العام للنقابة إسماعيل قوادرية و رئيس لجنة المساهمة عبد المجيد بوراي بحمل راية تمثيل الشريك الاجتماعي. و قد تم الاتفاق خلال جلسة المفاوضات المراطونية التي انعقدت سهرة السبت على جملة من النقاط التي كانت كافية لاحتواء الأزمة، و امتصاص الغليان العمالي، من أهمها موافقة الإدارة على اعتماد زيادة في الأجر القاعدي لجميع مستخدمي مؤسسة أرسلور ميطال عنابة، و وحدة الأنابيب التابعة لنفس المؤسسة، و هي الزيادة الموزعة على مراحل، أولاها بنسبة 10 بالمئة، وستدخل حيز التطبيق بداية من الفاتح من شهر جوان القادم، بأثر رجعي منذ مطلع السنة الجارية، على أن تسوي الإدارة هذه الزيادة على فترات من جويلية إلى ديسمبر من هذه السنة، و في حال ما تأزمت الأوضاع المالية للمركب فإن الطرفين سيعمدان إلى التوقيع على اتفاق لتسوية الوضعية العالقة للعمال خلال العام القادم. و في نفس السياق، توصلت الإدارة إلى اتفاق مبدئي مع الشريك الاجتماعي يقضي باعتماد زيادة ثانية في الأجر القاعدي للعمال في الفاتح من شهر ديسمبر المقبل، لكن النسبة التي سيتم اعتمادها مرهونة بالكمية المنتجة من الفولاذ السائل خلال الفترة الممتدة من شهر ماي إلى غاية نوفمبر من السنة الحالية، حيث وافقت المديرة العامة على احتساب زيادة بنسبة 4 بالمئة في حال إنتاج 590 ألف طن من الفولاذ السائل، في حين تتقلص الزيادة إلى 3 بالمئة إذا بلغت الكمية المنتجة 540 ألف طن، على أن تمثل نسبة 2 بالمئة ما قدره 480 ألف طن من إنتاج الفولاذ، و 1 بالمئة من الزيادة إذا لم تتعد كمية الإنتاج 460 ألف طن. و استنادا إلى بيان الاتفاق الجماعي المبرم بين المدير العام فانسون لوغويك،و الأمين العام للنقابة إسماعيل قوادرية فإن بندا ثالثا تم التوصل إلى اتفاق بشأنه يخص المطالب العمالية التي كان قد وضعها الشريك الاجتماعي على طاولة الدراسة، و يتمثل في اعتماد زيادة ثالثة في الأجر القاعدي للعمال بنسبة 2 بالمئة في أوائل شهر جويلية من السنة القادمة، و هي الزيادة المرهونة بمدى النجاح في بلوغ الأهداف المتفاوض بشأنها بين الطرفين، لأن إدارة أرسلور ميطال من المنتظر أن تعقد جلسات مفاوضات مع الشريك الاجتماعي في غضون شهر جوان الداخل من أجل ضبط برنامج تسيير ينطلق من شهر نوفمبر المقبل، إضافة إلى مناقشة مشروع الميزانية للسنة القادمة، و هي نفس الشروط التي تم تعليق الزيادة الرابعة في أجور العمال، و التي من المقرر أن يتم اعتمادها بداية من ديسمبر 2012. و قد أرجأ الطرفان المفاوضات المتعلقة ببعض المطالب الأخرى إلى الأيام القليلة القادمة، خاصة منها ما يتعلق بقضية المنح و العلاوات، سلم الأجور، مخطط الموارد البشرية، برنامج الاستثمار و كذا الإتفاقية الجماعية، لأن الشريك الاجتماعي يعتزم إعادة النظر في لائحة المطالب التي كان قد طرحها، بعد استجابة المديرية العامة للمطلب الأساسي و المتعلق أساسا بالزيادة في الأجر القاعدي لجميع مستخدمي مؤسسة أرسلور ميطال عنابة. توصل الإدارة و ممثلي النقابة إلى حل وسط بعد مفاوضات مراطونية كان كافيا لاحتواء الأزمة التي هزت أركان عملاق الحديد و الفولاذ مطلع الأسبوع الجاري، على اعتبار أن جميع الوحدات و الورشات الإنتاجية قد عرفت شللا تاما يوم أمس السبت، عقب الإستجابة الكبيرة في أوساط العمال لنداء النقابة، و الذي كانت قد دعت من خلاله إلى الدخول في إضراب مفتوح، رغم أن المديرية العامة للمركب كانت قد عمدت على مدار مفاوضاتها مع الشرك الاجتماعي إلى إعادة النظر في بعض اقتراحاتها بشأن نسبة الزيادة في أجور العمال، إلا أن النقابة رفضت الاقتراح القاضي باحتساب زيادة بنسبة 24 بالمئة على مدار 3 سنوات، بينما طالبت الفرع النقابي بزيادة تصل إلى نسبة 35 بالمئة. إلى ذلك، أكد الأمين العام للنقابة إسماعيل قوادرية في اتصال هاتفي أجرته معه « النصر « ظهيرة أمس الأحد أن جميع مستخدمي مكتب أرسلور ميطال التحقوا بمناصب عملهم مباشرة بعد التوقيع إلى اتفاق الصلح بين النقابة و المديرية العامة، و الخطوة القادمة للنقابة تتمثل في ضبط لائحة جديدة للمطالب العمالية تحسبا لجلسات المفاوضات المقررة في شهر جوان القادم، و في مقدمتها المطالبة بإعادة تأهيل الورشات و الوحدات الإنتاجية و كذا قضية الاستثمار التي تبقى في صدارة الانشغالات التي ما فتئت تطرحها نقابة المركب، لأن المخطط الاستثماري الذي كانت قد سطرته الإدارة و الممتد من 2010 إلى 2014 يبقى مجرد حبر على ورق، من دون أن يجد طريقه إلى التجسيد على أرض الواقع، الأمر الذي دفع بالنقابة إلى المطالبة بضرورة تحرك المديرية لإنقاذ الوضع، سيما وأن عقد الشراكة انتهى، و مناقشة مدى نجاعة الصفقة من جميع الجوانب، سواء ما يتعلق بتحسين الإنتاج، انعكاسات عقد الشراكة على الإقتصاد الوطني و سوق الحديد و الفولاذ، و المركب أصبح يسير نحو المجهول، مما قد تنجر عنه إحالة عمال مركب الحجار على البطالة، لأن الوضعية الراهنة للمركب على تصريح قوادرية تجاوزت الخطوط الحمراء، و تعجيل الإدارة بتطبيق مخطط الاستثمار للسنة الجارية يبقى المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة، مادام الاتفاق المبرم بين المديرية والشريك الاجتماعي مرتبط في معظم بنوده بكمية الإنتاج .