تصريحات ماكرون خلال زيارته للجزائر كمترشح بخصوص الاعتذار جريئة و ننتظر الملموس أكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني أمس أن مستقبل العلاقات بين الجزائروفرنسا مرهون بتسوية الملفات المرتبطة بالذاكرة الوطنية والتاريخ، مشيرا إلى أنه سيتم استئناف عمل اللجان المشتركة الجزائرية الفرنسية بهذا الخصوص الخريف القادم، بدءا بملف استرجاع الأرشيف الوطني. وفي تصريح للصحافة على هامش ندوة تاريخية حول "العنف الاستعماري الممنهج"، نظمها المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 54 بمقره في الأبيار بالعاصمة، قال زيتوني " إن علاقات الجزائربفرنسا مرتبطة بالأساس بحل الملفات العالقة"، مضيفا " إن الكرة الآن في مرمى فرنسا، إذا أرادت أن تكون هناك ثقة في العلاقات بين البلدين فعليها حل هذه الملفات". وأوضح الوزير في معرض رده على سؤال للنصر، " بأن عمل اللجان المشتركة الجزائرية الفرنسية بخصوص الملفات العالقة سيتم استئنافه خلال الأشهر القادمة وقال " سيتم في البداية استئناف عمل اللجنة المشتركة الخاصة باسترجاع الأرشيف الوطني، شهر سبتمبر المقبل، على أن تتم إعادة فتح الملفات العالقة الأخرى بعد انتخاب الرئيس الفرنسي الجديد وتعيين الحكومة الفرنسية الجديدة"، مشيرا إلى أن عمل اللجان المشتركة توقف خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات في فرنسا "حتى لا نعطي فرصة للمترشحين لاستغلال الملفات كورقة انتخابية". وبعد أن أشار إلى أنه لاحظ من خلال تصريحات المسؤولين الفرنسيين وجود رغبة في دراسة هذه الملفات من جديد انطلاقا من نتائج عمل اللجان المشتركة وليس من نقطة الصفر، ذكر ممثل الحكومة أن دائرته الوزارية عقدت لقاءات استشارية مع وزارة الخارجية من أجل إعادة بعث الملفات الثلاثة المتعلقة بالأرشيف الوطني و التعويضات الخاصة بضحايا التفجيرات النووية في الجنوب والمفقودين واسترجاع جماجم شهداء المقاومة الوطنية الموجودة في متحف الإنسان باريس". وفي رده عن سؤال متعلق بتصريحات الرئيس الفرنسي الجديد خلال حملته الانتخابية التي وعد فيها، بالاعتذار للجزائريين عن جرائم الماضي الاستعماري الفرنسي في بلادنا قال وزير المجاهدين " إن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر كمترشح للانتخابات الرئاسية، كانت جريئة، غير أن الجزائر تنتظر الملموس وتطبيق التصريحات المسجلة"، مضيفا "لقد سئمنا الوعود منذ الاستقلال، فالملفات لازالت مطروحة بين الدولتين"، مؤكدا في ذات الصدد " إن الذي بين الجزائروفرنسا ليس شبرا من الأرض متنازع عليه، بل هناك ملفات مطروحة بين دولتين". وأثناء رده عن سؤال آخر عن رمزية الاحتفالات المخلدة للذكرى ال 55 لعيد الاستقلال، قال الطيب زيتوني أن هذه الاحتفالات تأتي في سياق التعديل الدستوري الجديد الذي أعطى أهمية خاصة لكتابة التاريخ وتبليغه للناشئة، وهي نفس النقطة التي ركز عليها مخطط عمل الحكومة الذي تمت المصادقة عليه من قبل غرفتي البرلمان" وقال " لا نستطيع التقدم في أي ميدان دون الرجوع إلى الذاكرة الوطنية التي تعتبر الأساس بالنسبة لبناء الدولة"، داعيا المختصين والباحثين في التاريخ إلى استغلال الملتقيات المسجلة حول الذاكرة الوطنية والأرشيف والشهادات والوثائق للتعريف بتاريخ الجزائر الذي باعتباره – كما قال - القاسم المشترك بين كل الشعب الجزائري". وأشار في ذات السياق إلى أن وزارة المجاهدين تعمل بالتنسيق مع كل القطاعات الأخرى كالثقافة والتربية والتعليم العالي والتكوين المهني والشؤون الدينية والجمعيات والمؤسسات المختلفة من أجل كتابة التاريخ". وكان وزير المجاهدين قد دعا في كلمته الافتتاحية للندوة التاريخية حول " العنف الاستعماري الممنهج " إلى تجديد العهد مع رسالة الشهداء والمجاهدين من المقاومة الشعبية والحركة الوطنية والثورة التحريرية من خلال "تبليغ رسالتهم وتوثيق تاريخهم وتسجيل مآثرهم والدفاع عن ذاكرتهم وتناقل موروثهم "، مشيرا إلى أن هذه القيم "جسدها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في نص الدستور المعدل، حيث أدرج في المادة 76 أن الدولة تعمل على ترقية كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال الناشئة". الاستعمار الفرنسي دمّر 10 آلاف قرية عن آخرها وخلّف ما يقارب مليون جزائري في اللجوء وأثناء تطرقه للمجازر التي اقترفتها فرنسا خلال فترة الاستعمار في الجزائر قال زيتوني " إن الجزائريين فتحوا أعينهم غداة الاستقلال على مأساة فاقت في الفظاعة كل وصف بإحصاء أكثر من مليون جزائري في المحتشدات و10 آلاف قرية مدمرة عن آخرها وما يقارب مليون لاجئ من دون مأوى وآلاف الثكالى واليتامى والأرامل والمعطوبين ولم يتعد تعداد الشعب آنذاك 10 ملايين نسمة ووضع معيشي منهك". وبخصوص الموضوع الذي تم اختياره للندوة أكد الطيب زيتوني أن وزارة المجاهدين تولي أهمية بالغة للتراث التاريخي والثقافي وصيانة الذاكرة الذي يندرج ضمن مخطط عمل الحكومة المتضمن تنفيذ برنامج الرئيس من خلال كتابة تاريخنا الوطني بأقلام وطنية رصينة واقتراح السبل لترقيته ووفق مقاربات أكاديمية ومنهاج حديثة تواكب التطورات الحاصلة على كافة الأصعدة". وقام وزير المجاهدين بالمناسبة بتكريم أساتذة ومختصين في التاريخ نشطوا ندوات فكرية في إطار المنتدى العلمي الوطني مطلع السنة الجارية. وتم خلال الندوة الإعلان عن مسابقة وطنية ستنظمها وزارة المجاهدين قريبا لاختيار أحسن رسالة جامعية حول تاريخ الجزائر.