الشاب خلاص صنع الحدث في سهرة ممطرة كادت أن تلغي الحفل غير أن تدفق الجمهور القسنطيني على مدرجات مسرح الهواء الطلق، وعدم تضرر الأضواء الكاشفة التي صمدت في وجه العاصفة، شجع المنظمين على مواصلة البرنامج، ونجاح سهرة أخرى من ليالي الغناء السراوي في مدينة المالوف. دخل نجم الأغنية السطايفية العصرية الشاب خلاص تحت تصفيقات الجمهور واستهل السهرة بأغنية "انتي لمخيرة فيهم" التي بعثت الدفء في المدرجات وحماس الشباب الذي تجاوب معها حيث تحولت المدرجات الى ساحة للرقص، ومازاد في حماس الساهرين تلك الأغاني التي اقتطعها المطرب من ألبومات الفنانين المعروفين مثل المرحوم الشاب حسني والكينغ خالد. "أولاد حرمة" "واش أداني للغربة" "راكي طولت في الغربة" "سياس باريس" "آسي الكل فالكل" "قوليلي يا عينيا" كانت عناوين الأغاني التي أداها الشاب خلاص الذي ترك الاختيار لجمهوره حيث في كل مرة يدرج أغنية من طلبات الساهرين، ولم يستطع مغادرة الركح لأن المدرجات كانت كلها تصيح (خلاص، خلاص) وبطريقته الذكية لاستقطاب هذا الجمهور خاطب الشاب خلاص محبيه بأنه ساهر معهم اليوم حتى الصباح رغم تعبه لأنه عاد للتو من مهر جان الراي بسيدي بلعباس مما زاد في حماس الشباب واستعداده لمواصلة السهرة رغم رداءة الأحوال الجوية حيث لم تغادر العائلات مدرجات مسرح الهواء الطلق الذي يعرف في السهرة الثالثة من سهرات ليالي الأغنية السراوية عودة النجوم المطلوبين الى الصف الأول بعد حالة الركود التي طبعت مدينة قسنطينة طيلة الشهور الماضية، حيث فتحت مهرجانات الصيف الفرصة أمام المنظمين لدعوة الفنانين الذين يحظون بالشعبية في أوساط محبي الفن الراياوي والسراوي. وكانت السهرة قد استهلت مع نجم آخر ولكن في لون مختلف هو المطرب محمد رضا بودباغ الذي قدم مجموعة من أغانيه (أو المدائح الدينية) مثل "يا محمد جد الحسنين" "يا الشاذلي يا بلحسن" "يا من يلمني في شوق المحبوب" وتوجها بطقطوقات تونسية "من القد طويلة صالحة" وهي أغنية متداولة وسط الشباب، وختم أغانيه ب "يامن يلمني، يا من بغى يزور" وقد كان الفنان متألقا في هذه السهرة. فرقة 19 جوان 1965 جاءت من الشريعة، وكانت الثانية في برنامج هذه السهرة التي امتزجت فيها الألوان الموسيقية من التراث الى السراوي العصري الى الراي الى الأغنية الوطنية، الفرقة استهلت برنامجها ب "لسود مقروني، ثم الطرق، صحة للرجال وأكرد أنوجير وهي بالسراوية وتعني (نوض نمشي) وقد برع الثنائي احمد الشريعي ومقداد في تقديم الأغاني التراثية، من أعماق النمامشة خاصة وأن أعضاء الفرقة كانوا بالزي التقليدي البرنوس اللموشي الأسود. وبعد ذلك صعد للمنصة المطرب القسنطيني بودة كمال الذي غنى "ساريم باتيم" وهو اسم قسنطينة القديم من عهد ماسينيسا الى طارق بن زياد، والأغنية كما قال هي جديدة أعطاها بعضا من روح الأغنية الحماسية، وختم وصلته بأخلاص "نار الفرقة في القد شاعلة". على العموم فإن نجم هذه السهرة كان بلا منازع الشاب خلاص الذي كان مطلوبا وبإلحاح من طرف الساهرين رغم ورود أسماء عديدة في الطابع الذي يختص فيه هذا الفنان الا أن الجمهور فضل أن تكون حفلة اليوم الثالث على ايقاع السطايفي العصري والراي. ومن جهة أخرى فإن الديوان البلدي نجح في التنظيم حيث استهل العلامة كاملة وكذلك الناحية الأمنية والنقل مازاد ربما في نجاح هذه التظاهرة.