أكد الوزير الأول أحمد أويحيى، أن الهزيمة العسكرية لداعش في العراق وسوريا تمثل دون شك تقدما في مجال المكافحة الشاملة للإرهاب، لكنها خلفت تهديدات جديدة للعالم وللقارة الإفريقية، وقال أن هذه الآفة تستوقف القارة الإفريقية بشكل مباشر بالنظر للعدد الكبير للشباب الإفريقي الذين انضموا لصفوف الإرهاب خارج أوطانهم. عرض الوزير الأول أحمد أويحيى، أمس، بأديس أبابا، خلال مشاركته في دورة المشاورات حول مسألة إصلاح الاتحاد الإفريقي، تصور الجزائر حول مسألة الإصلاح المؤسساتي للاتحاد الإفريقي التي ترد ضمن الأولويات الأساسية لعمل المنظمة القارية. وفي تدخله خلال هذه الدورة التي عقدت في جلسة مغلقة قبل الافتتاح الرسمي للقمة ال30، أكد أويحيي بصفته ممثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في قمة الاتحاد الإفريقي بأن الجزائر «تتقاسم ضرورة إصلاح مؤسساتي وهيكلي للاتحاد الإفريقي»موضحا أن «مضمون هذا الإصلاح سيستفيد من أوسع انضمام للدول الأعضاء». في نفس السياق وفيما يتعلق بالجوانب المتعلقة بتمويل الاتحاد الإفريقي أوضح الوزير الأول أن الآلية المالية للمنظمة «ستراعي أدنى حد من التوازن بين كافة الدول الأعضاء وقدراتها الاقتصادية «. ومن جهة أخرى ألح أويحيى على «أهمية تسيير توافقي لمسار الإصلاح لاسيما من خلال مقاربة تقوم على تبني الدول الأعضاء للاقتراحات المتضمنة فيها ودراستها المفصلة». وكان اويحيي، قد دعا، السبت، الدول و القارة الإفريقية إلى تعزيز أعمالهم في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، مجددا التأكيد على استعداد الجزائر لتقاسم تجربتها التي اكتسبتها في مجال مكافحة هذه الآفات. وذلك لدى تدخله في اجتماع مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي وأكد السيد أويحيى «بالفعل فان بلداننا وقارتنا مدعوون إلى تعزيز أعمالهم في العديد من المجالات الحاسمة في مجال مكافحة الإرهاب ومنبته التطرف العنيف». كما أعلن السيد أويحيى أنه في هذا الإطار أيضا وبدعم من المفوضية الإفريقية سيتم إعداد مشروع مخطط إفريقي للوقاية من الراديكالية ومكافحة التطرف العنيف الذي سيعرضه الرئيس على نظرائه خلال القمة المرتقبة في يوليو 2018 بنواكشط. في هذا السياق بلّغ الوزير الأول تحيات رئيس الجمهورية للمشاركين في اجتماع مجلس السلم والأمن المكرس لدراسة مقاربة شاملة لمكافحة التهديد الإرهابي العابر للأوطان في إفريقيا. وأوضح أويحيى أن الهزيمة العسكرية لداعش في العراق وسوريا تمثل دون شك تقدما في مجال المكافحة الشاملة للإرهاب، (لكنها) خلفت تهديدات جديدة للعالم ليست قارتنا في منأى عنها للأسف. وكشف أن هذه التهديدات تجبر إفريقيا على التجند وتسخير المزيد من الموارد من الأجدر تكريسها لتنمية بلدانها وتحقيق رفاه شعوبها. في هذا الصدد أوضح أويحيى أن مكافحة الإرهاب تتضمن عدة جوانب ينبغي التطرق لأربعة منها، الأول متعلق بعودة المقاتلين الأجانب نحو وطنهم الأصلي الأمر الذي يشغل المجتمع الدولي برمته. و أشار أويحيى إلى أن هذه الآفة تستوقف القارة الإفريقية بشكل مباشر بالنظر للعدد الكبير للشباب الإفريقي الذين انضموا لصفوف الإرهاب خارج أوطانهم و بالنظر لحركات التجنيد و تحضيرات الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل الصحراوي لاستقبالهم و تجنيدهم. و اعتبر أن هؤلاء الأشخاص خطيرين، سيما و أنهم يخضعون لتكوين إيديولوجي و عسكري و ما فتؤووا يطورون طريقة عملهم. و يخص الجانب الثاني تطوير العلاقة بين الإرهاب و الجريمة المنظمة العابرة للأوطان التي اتخذت أبعادا كبيرة سيما في منطقة الساحل الصحراوي. و أضاف الوزير الأول أن هذه العلاقة مؤكدة و موثقة باجتماع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي كرس أساسا لهذا الموضوع، موضحا أن الجزائر احتضنت هذين الاجتماعين خلال شهر أكتوبر المنصرم. و أوصى قائلا «هي مسألة ينبغي أن تٌوليها قارتنا المزيد من الاهتمام مع التفكير بشكل خاص في وضع أداة معيارية إقليمية لمكافحة هذه الآفة». أما الجانب الثالث فيخص، كما قال، مطلب تجفيف موارد تمويل الإرهاب المتعددة في إفريقيا، مؤكدا أن هذه الأخيرة تشمل الجريمة المنظمة العابرة للأوطان و الاتجار بالكوكايين و الهيرويين و الحشيش و المهلوسات و كذا الهجرة غير الشرعية و الاتجار بالبشر و احتجاز الرهائن مقابل دفع الفدية. و اقترح الوزير الأول «قصد تطوير نشاط قارتنا في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، سيما من خلال احتجاز الرهائن بلدنا عازم على احتضان في شهر مارس المقبل ندوة افريقية حول الموضوع». و أشار إلى أن الهدف المتوخى يكمن في تعبئة المجتمع الدولي عن طريق إعداد الأممالمتحدة لبروتوكول تكميلي للاتفاقية الدولية من أجل القضاء على الإرهاب في 1999 أو الاتفاقية الدولية ضد احتجاز الرهائن ل 1983. و يتعلق الجانب الرابع بالعلاقة بين الوقاية من التطرف من خلال إيقاظ الضمائر ضمن العائلات لاسيما في أوساط الشباب و مخاطر الخطاب المتطرف و إرساء استراتيجيات إقليمية و مخطط عمل وطني لمكافحة هذا التهديد المنتشر. مجلس السلم و الأمن يذكر بخبرة الجزائر في مكافحة الإرهاب وأشاد تقرير قدمه مجلس السلم والأمن الإفريقي، بخبرة الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب و التطرف العنيف بحيث تم ذكرها مرارا كنموذج يحتذى به في هذا المجال و أبرز التقرير جهود الجزائر في مكافحة الإرهاب و التطرف العنيف بالنظر إلى كل الأعمال التي باشرتها في هذا المجال و استعدادها لتقاسم خبرتها مع دول القارة لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للأوطان و جميع فروعها. كما تضمنت الوثيقة الإشادة بالجزائر لتنظيمها ورشة حول تعزيز القدرات في منطقة غرب إفريقيا و تسهيل عقد لقاء أخر في أكتوبر الفارط حول الجريمة العابرة للأوطان و الإرهاب. كما تم التطرق إلى الندوة المنظمة في الجزائر في أغسطس 2017 من طرف المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب و المركز الإفريقي للدراسات و البحث حول الإرهاب الكائن مقره بالجزائر العاصمة حول عمليات الاختطاف و دفع الفدية.