اهتزت مدينة تبسة، صبيحة الخميس الماضي، على وقع فاجعة إبادة 4 أشخاص من عائلة واحدة بالغاز، وقد غطى خبر رحيل عائلة جويني أحمد البالغ من العمر 60 عاما وزوجته 53 عاما و ابنه شوقي 27 عاما و مروى 19 عاما، على كل الأحداث التي عرفتها ولاية تبسة في هذا اليوم، في الوقت الذي نزل خبر رحيلهم المفاجئ كالصاعقة على الأقارب و الجيران، وكان أكثر إيمانا بالنسبة للبنت الكبرى المتزوجة بوهران. كانت الساعة في حدود ال 11 صباحا، حين تلقت مصالح الحماية المدنية بتبسة، نداء من أقارب العائلة بشأن احتمال اختناق أقاربهم بالغاز، حيث تنقلت على الفور عناصر من الحماية المدنية بتبسة وباستعمال السلالم، تم الدخول إلى المنزل المتواجد بطريق رفانة بحي جبل الجرف، أين عثر على الزوجة وابنها غير بعيدين عن الباب الخارجي، مما يؤكد على أنهما قد استشعرا خطر تسرب الغاز من المدفأة، بيد أن ذلك جاء متأخرا، فيما داهمت المنية رب الأسرة وابنته الجامعية وهما في أماكن نومهما. وبحضور عناصر من الشرطة العلمية ورجال الحماية المدنية، تم تحويل الجثث الأربع إلى مصلحة حفظ الجثث بالمؤسسة العمومية الإستشفائية عاليا صالح، وسخرت لهذه العملية 3 سيارات تابعة للحماية المدنية وشاحنة إطفاء وبالمستشفى أخضعت جثث الضحايا للتشريح لتحديد أسباب الوفاة. مع مرور الوقت، ذاع الخبر بين الناس، فتوافد أهل الراحل جويني أحمد على المسكن الوظيفي الذي مكث به قرابة عقدين من الزمن، كما سجل زملاء مهنته العاملين بقطاع الصحة حضورهم، وجاءوا لتقديم التعازي للفقيد الذي اشتغل ممرضا لعدة سنوات ثم تقاعد، وسلم المشعل لابنه الوحيد الذي واصل مسيرة التمريض، وبالموازاة مع ذلك تنقل من جهته والي تبسة مولاتي عطا الله إلى عين المكان، أين قدم مواساته وتعازيه لعائلة الضحايا، واطلع على ظروف وملابسات هذا الحادث المأساوي، الذي أدى إلى وفاة رب العائلة يشهد له الكثيرون بالطيبة وحسن المعاملة. وفي موكب جنائزي مهيب، تم مساء أمس الجمعة دفن الضحايا الأربع بمقبرة أم ريحانة -10 كلم عن مقر بلدية العقلة – وذلك بعد أن استقر رأي الأقارب على الدفن بهذه المقبرة، بدلا من مقبرة رفانة بتبسة. يرحل جويني أحمد وعائلته في صمت ودون وداع، لكن موتهم أعاد النقاش مجددا بشأن سلامة وأمن المواطنين ببيوتهم ولم يعد موضوع الاختناق ترفا فكريا، بل صار حديثا مهما ومحورا تدور حوله النقاشات، كما حركت الفاجعة منتخبين من حزب الحرية والعدالة بولاية تبسة، الذين آثروا توجيه سؤال شفوي لوزير الداخلية والجماعات المحلية، بشأن تزايد حالات الاختناقات والوفيات بالغاز، وما هي الإجراءات التي يمكن انتهاجها للتقليل أو القضاء على ما يسميه البعض بالموت الصامت، في الوقت الذي ازدهرت فيه تجارة بيع تلك الأجهزة المستشعرة لتسرب الغاز، وصارت نشطة بالشكل الذي لم يكن مطروحا من قبل في مفكرة العديد من المواطنين. و كانت عائلة جويني قد تنقلت إلى منزلها الجديد، غير بعيد عن المسكن الوظيفي التابع لمديرية الصحة والسكان، بعد إحالته على التقاعد و مطالبته بإخلائه ولم يطل مقام الضحايا بهذا المسكن المتواجد بأعالي المدينة، فقد كان الموت في انتظارهم في صبيحة اليوم الموالي من انتقالهم للمسكن الجديد، ولم يسمح لهذه العائلة بترتيب أثاثها وتجهيزاتها والتجهز للموت، مثلما لم يسمح لها باتخاذ التدابير الاحترازية للحيلولة دون الوقوع في فخ الاختناقات ومراقبة المدفأة الجديدة وملاحقها مثلما تقتضي ذلك لوائح السلامة. و كان سيطول مقامهم على هذه الحالة، لولا مساعي البنت الكبرى بوهران، التي كانت تتابع رحلة تنقل العائلة إلى المنزل الجديد، فكانت تتعقب آثارهم، غير أن هواتفهم ظلت ترن صبيحة الفاجعة دون مجيب، مما دفع بها للاستنجاد بالأخوال والأعمام للاستفسار والاطمئنان. وليست هذه الفاجعة الأولى والأخيرة في سلسلة الاختناقات بالغاز، فقد تضمنت الإحصائيات الرسمية للحماية المدنية، 6 وفيات منذ بداية سنة 2019 وكانت مصالح الحماية المدنية قد تدخلت وحولت 16 شخصا بعد إصابتهم باختناقات بهذا القاتل الصامت، في حين حملت السنوات الماضية حالات وفيات مماثلة وكان أكبرها قبل 10 سنوات، حين قضى الغاز على 7 أفراد من عائلة واحدة بحي الزهور بمدينة تبسة، أين لم ينجو من تلك العائلة سوى طفلة كانت ليلتها عند إحدى قريباتها.