دعا مختصون في الكتاب و السنة و الأدب و اللغويات المستشرقين إلى التخلص من النظرة العدائية للإسلام و الرسول و السيرة النبوية، و عدم التقيد بدراسات الماضي، و حثوا الذين يكتبون في المجال، على القيام بدورهم في التقريب بين الشعوب و الحضارات، و تقديم كتابات منصفة، مقرين بموضوعية ما قدمه بعض المستشرقين الأجانب، أمثال جون طالون الذي أنصف الإسلام في كتاباته، معربين في الوقت ذاته عن أسفهم لما تعرض له من تضييق و رفض في بلده. في ملتقى دولي حول السيرة النبوية في الكتابات الأدبية عند المستشرقين، نظم بجامعة الأمير عبد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، أوضح الدكتور أبو بكر الكافي، المختص في الكتاب و السنة، في مستهل مداخلته أن الاستشراق ظاهرة قديمة نشأت لأسباب استعمالية و أخرى اقتصادية و معرفية و علمية، غير أنها لا تزال ممتدة لحد الآن، و تنتج دراسات و أبحاث و مؤلفات، منها التي اتسمت بالعلمية و الموضوعية و لا نزال نستفيد منها إلى غاية اليوم، حيث ساهمت في خدمة التراث العربي و الإسلامي، و منها ما يشكك في الإسلام و الرسول محمد صلى الله عليه و سلم، و يطعن في القرآن الكريم و السيرة النبوية، مؤكدا بأنه لا يمكننا التعميم و إقصاء كل الدراسات الاستشراقية أو أن نلمعها كلها، و إنما علينا غربلتها. و حث المتدخل في حديثه للنصر على هامش الملتقى، على ضرورة تخلص الاستشراق المعاصر من أخطاء الماضي، و من النظرة العدائية تجاه الإسلام و الرسول ، و التحلي بالحياد و الموضوعية في الكتابات المتعلقة بذلك، و كذا قيام المستشرقين الذين يكتبون حول العرب و المسلمين بدورهم الحقيقي المتمثل في التقريب بين الشعوب و الحضارات و الأفكار، و الابتعاد عن تقديم صور مغايرة و مغلوطة، كما نرى عند البعض منهم، ممن يجدون كل الترحيب و يحظون بالترويج لإصداراتهم كالكاتب الدنماركي الذي قدم كتابا مسيئا للنبي محمد. في المقابل لا ننكر، حسب المتحدث، بأن هناك مستشرقين فرنسيين و إيطاليين و ألمانيين، قدموا كتابات عن صورة النبي في الاستشراق العصري، و هي منصفة للإسلام و تسعى لتقريب الشعوب، لكن «للأسف تمت محاصرتهم عند نشرها و توزيعها، على غرار جون طالون». من جهتها شددت الدكتورة ذهبية بورويس، مختصة في اللغويات، في حديثها للنصر، على هامش الملتقى، على ضرورة تأسيس جبهة معرفية للرد على الكتابات المسيئة، باعتماد المنهج و قوة الرأي و كذا الإبداع، معتبرة هذا النوع من الكتابات، دافعا و فاعلا مؤثرا في المجتمعات الغربية تدفع للبحث و تحري الحقيقة التي تقود في الغالب، إلى الوصول إلى المعرفة الحقيقية من جهة، كما تشكل حافزا لمستشرقين آخرين من جهة أخرى، للرد و لحماية مرجعيتنا و ديننا و كل ما يتعلق بانتمائنا التاريخي و العقائدي و المنهجي، مشيرة إلى أنه يجب أن لا نتشدد في الحكم على الكتابات الاستشراقية، لكون المعرفة متاحة للجميع .و قالت الأستاذة نجاة الطاهر قرفال، من جامعة الزيتونة بتونس، بأن تناول سيرة النبي، سواء عند العرب أو الغرب بالدراسة، ينقل بالضرورة معرفة للآخر، موضحة بأن لا يهم دراسة الفرنسيين أو الألمان و الإيطاليين لمادة علمية سيئة كانت أو حسنة ، لأن المهم هو أن ذلك سيفتح باب البحث في مسألة السيرة النبوية، مؤكدة بأن كل من نظر في شخصية النبي ، سيواصل البحث و سيصل إلى اليقين، و كمثال عن ذلك ما وقع منذ سنين في الدانمارك، عندما قام رسام برسم محمد عليه الصلاة و السلام في صور مسيئة جدا ، و صنعت حينها ضجة كبيرة، غير أن ذلك كان له أُثر جيد ، و أثار فضول الدنماركيين لمعرفة هذه الشخصية، و توصلوا إلى معرفة حقيقة، قادت الكثير لاعتناق الإسلام، و تؤكد الدراسات اليوم، أن هذا البلد يشهد اعتناق الإسلام بنسبة 25 ألف شخص في السنة. أسماء بوقرن