بمدينة تلمسان التاريخية ما تزال مدرسة دار الحديث التي افتتحتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1937 تحت إشراف إمامها عبد الحميد بن باديس قائمة بطوابقها آخذة في التوسع عمرانا وتعليما شاهدة على دورها التاريخي ودور جمعية العلماء في حفظ شخصية الأمة الجزائرية ودين ولغة وهوية أبنائها في وقت ظن فيه الكثير أن الصليب زحف إلى الأبد وطمس الهلال ولكنة فولتير علا صوتها على صوت لغة الضاد. إرهاصات تشييد المدرسة تعود إلى سنة 1932 وتعود إرهاصات تشييد هذه القلعة العلمية الحضارية إلى زمن زيارة ابن باديس لتلمسان سنة 1932 وإلقائه محاضرات بها ثم إيفاده لرفيق درب الشيخ البشير الإبراهيمي الذي بدأ ظهوره في تلمسان شهر أكتوبر عام 1932م وظهر أثره الكبير في النشاط العلمي من خلال إلقاء الدروس و الخطب في المنتديات و المسجد الجامع حيث أثمر ذلك فكرة بناء مدرسة « دار الحديث» لتكون قلعة من قلاع الإصلاح الإسلامي بالجزائر بالاشتراك مع الجمعية الدينية الإسلامية التي تأسست في سبتمبر 1931 .وفي يوم:17 فبراير1936م انطلقت لجنة تشييد و بناء مدرسة دار الحديث تحت إشراف الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، ومشاركة أهالي تلمسان كل بما وسعه؛ هذا ما قاله ابن باديس لأهل تلمسان الذين خرجوا لاستقباله عن بكرة أبيهم وبعد عام ونيف انتهت أشغال بنائها على طراز عمراني أملسي مغربي أصيل وافتتحت يوم: 27/سبتمبر/1937م وهو يوم مشهود في تاريخ الجزائر عامة و تلسمان ، خاصة حيث توافد الناس من كامل القطر الجزائري والمغرب وتونس لحضور افتتاح دار الحديث،وبلغ عددهم 3000 آلاف شخص 700 مهم ضيوف والبقية من أهل تلمسان خرجوا لحضور الحفل ولقاء رئيس الجمعية الذي تسلم مفتاح الدار لافتتاحها من الإبراهيمي بحضور جمع من علماء الجمعية والأعيان وأطل على الحشود من شرفة الطابق الأول للمدرسة وألقى فيهم خطابا جاء فيه (ياأبناء تلمسان يا أبناء الجزائر إن العروبة من عهد تبع إلى الآن تحييكم وان الإسلام من عهد محمد (ص) اليوم يحييكم وان أجيال الجزائر من هذا اليوم إلى يوم القيامة تشكركم وتثني عليكم وتذكر صنيعكم الجميل يا أبناء تلمسان كانت عندكم أمانة فأديتموها فنعم الأمناء انتم فجزاكم الله جزاء الأمناء والسلام عليكم ورحمة الله ) وقد تحصلت مؤسسة ابن باديس مند أكثر من عام على شريط فيديو لهذه الزيارة التاريخية ومراسيم افتتاح المدرسة وتسليم مفاتيحها للإبراهيمي وحفل الاختتام بالموسيقى الأندلسية . وقد ألقى الشاعر محمد العيد آل خليفة قصيدة بالمناسبة مما جاء فيها : فيا دار الحديث عمي نهارا وعمرك كله أبدا نهار ويوم افتتاحه كانت مرافقها مكونة من طابق ارضي للصلاة ودروس الوعظ والإرشاد وركح مسرحي صغير وطابق علوي بأربعة أقسام وإدارة وشرفة كبيرة ظلت المدرسة تؤدي رسالتها الموكلة لها متكيفة وظروف الاستعمار بيد انه غداة انطلاق ثورة التحرير قدمت من أبنائها مجاهدين وعشرات الشهداء في حين احتلها المستعمر سنة 1956 وحولها ثكنة للقوات الخاصة والمرتزقة الأفارقة . المدرسة تستأنف نشاطها بعد الاستقلال بعد الاستقلال عادت تدريجيا لبعض وظائفها قبل أن تعرف توسعا كبيرا يعرف أوجه هذه الفترة حيث تضاعفت مساحتها وأضيف لها طابق علوي وبها الآن 09 حجرات ب488 تلميذ من الطور التحضيري و14 معلما وينتظر استلام قاعة للمحاضرات ومكتبة كبيرة تعوض الحالية التي تحوز على 5000 عنوان في شتى العلوم الشرعية والإنسانية والأدبية آخذة في التطور عاما بعد عام علاوة على قاعة الصلاة التاريخية الموسعة وما تقدمه من دروس ومواعظ . ورغم زخم التراث المادي بتلمسان وكثرته وتنوعه وقدمه إلا أن مدرسة دار الحديث التي ستطفئ شمعتها أل 75 قريبا أفتكت لها مكانة بين دروب العمران وفي نفس الإنسان التلمساني ليس لأن بصمات ابن باديس القسنطيني وأنفاسه الطاهرة تطوق منها الرحاب والجدران فأحيائها لن تعدم قبر ولي وأنفاس طاهر وبصمات صالح ولكن أيضا لأنها مدرسة عملية تلقن الأطفال الأدب ومبادئ العلوم وقيم الإسلام وتقوم ألسنتهم باكرا قبل التحاقهم بالمدرسة ناضجين وتربطهم بأجيال قاومت الاستعمار باللسان والسنان والسيف والبنان وربطت حاضرة قسنطينة بحاضرة تلمسان . ع/خلفة صورة نادرة لابن باديس يؤدي خطاب افتتاح المدرسة امام التلمسانيين سنة 1937.