أوضح رئيس المجلس الدستوري جمال فنيش أمس بأن المحكمة الدستورية ستسهر على ضبط سير المؤسسات الدستورية والفصل في الخلافات التي قد تنشأ بينها، مع ضمان حقوق المتقاضين، فيما دعا مختصون لاستفادة هذه الهيئة من تجربة المجلس الدستوري في مجال الإخطار والدفع بعدم الدستورية، لتطهير المنظومة القانونية من الأحكام المخالفة للدستور. أكد رئيس المجلس الدستوري في مداخلة ألقاها خلال تنظيم ملتقى دولي بالعاصمة، تحت عنوان « المحكمة الدستورية ودورها في بناء الجزائر الجديدة»، بأن الدستور الجديد نص على استخلاف المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية، التي ستواصل مهمة ضمان احترام الدستور، إلى جانب ضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية، والفصل في الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية، لجعل البلاد في منأى عن الأزمات السياسية جراء شلل إحدى السلطات أو المؤسسات الدستورية. وأضاف السيد فنيش قائلا إن إدراج إمكانية إخطار المحكمة الدستورية من طرف الجهات المخولة قانونا لتفسير الأحكام الدستورية، من شأنه الحفاظ على استقرار البلاد، وتجنيبها المشاكل التي قد تنجر عن أي لبس أو سوء تفسير، مع المساهمة في ضمان عدم تعدي أي سلطة، عن قصد أو غير قصد، على صلاحيات أخرى. ويرى رئيس المجلس الدستوري بأن توسيع آلية الدفع بعدم الدستورية من قبل الدستور، لتشمل الأحكام التنظيمية، بعد أن كانت مقتصرة في السابق على الأحكام التشريعية، يعد قفزة نوعية نحو ترسيخ العدالة الدستورية، وذلك بمنح أحد الأطراف في المحاكمة إمكانية الادعاء أمام جهة قضائية، بأن الحكم التشريعي والتنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع، ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور. وذكر المتدخل بالمهام التي اضطلع بها المجلس الدستوري منذ إنشائه قبل ما ينيف عن ثلاثة عقود، من خلال السهر على صحة العمليات الانتخابية، والفصل بالرأي في دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات، وإبداء الرأي في دستورية القوانين العضوية بعد مصادقة البرلمان عليها، والفصل في مطابقة النظام الداخلي لغرفتي البرلمان للدستور، وكذا في مجال الدفع بعدم الدستورية. وقال رئيس المجلس الدستوري إنه رغم الظروف التي مرت بها هذه الهيئة في الفترة الأخيرة، بسبب تغيير رئيسه مرتين في ظرف سنتين، إلا أنه تحمل مسؤولياته كاملة في خضم التطورات التي عرفتها البلاد، وقال بمرافقة السلطات العمومية في العمل على حفظ استقرار البلاد وديمومة المؤسسات الجمهورية، وتمكين الشعب من تحقيق مطالبه السلمية والمشروعة في إطار قوانين الجمهورية. ومن جهتهم أيد مشاركون في تنشيط الملتقى الدولي أهمية استحداث المحكمة الدستورية، وأكدوا على دورها في تعزيز الديمقراطية، وقال في هذا السياق الأستاذ الدكتور «شريف خايس» من جامعة مولود معمري بتيزي وزو، إن الرقابة على دستورية القوانين تم إقرارها بطريقة متدرجة، وصولا إلى إنشاء محكمة دستورية، التي تعد مؤسسة فوق المؤسساتية، لأنها ليست تابعة لا للسلطة التشريعية ولا السياسية ولا القضائية، ومهمتها تكريس دولة الحق والقانون. ويرى الأستاذ المحاضر بأن الصلاحيات التي تضطلع بها المحكمة الدستورية، أضفت عليها صفة فوق المؤسساتية، وذكر من بينها ضمان احترام الدستور وضبط سير مؤسسات الدولة، وهو دور جديد أنيط بها، فضلا عن منحها لأول مرة صلاحية تفسير الدستور، كما تضطلع المحكمة الدستورية بتشكيل قواعد مرجعية أي الكتلة الدستورية، للفصل في النصوص المعروضة عليها، ومراقبة جميع القواعد الإنشائية. وأكد متدخلون آخرون بأن توسيع الحقوق والحريات في الدستور الجديد سيتجسد أكثر من خلال المحكمة الدستورية، ورافع بعضهم على تمكين هذه الهيئة من التجربة الواسعة التي يتمتع بها المجلس الدستوري في مجال الرقابة والإخطار، والدفع بعدم الدستورية، لتطهير المنظومة القانونية الوطنية من الأحكام المخالفة للدستور، حتى نصل إلى دولة القانون.