أكد رئيس المجلس الدستوري كمال فنيش، أمس، جاهزية المجلس للتحول إلى المحكمة الدستورية تطابقا مع ما جاء به دستور 2020. وأبرز بأن العملية ستتم بسهولة وفي الآجال الزمنية المحددة، مبرزا في الوقت ذاته أهمية الهيئة الجديدة في ضبط العلاقة بين السلطات الثلاث. قال فنيش، إن خلق المحكمة الدستورية لتحل محل المجلس الدستوري، سيتم قبل نهاية العام الجاري، طبقا لأحكام المادة 224 من الدستور التي تنص على استمرار المؤسسات والهيئات التي طرأ على نظامها القانوني تعديل أو إلغاء في أداء مهامها إلى غاية تعويضها بالمؤسسات والهيئات الجديدة في أجل أقصاه سنة واحدة من تاريخ إصدار الدستور الجريدة الرسمية. وأوضح رئيس المجلس الدستوري، في ندوة صحفية، على هامش الملتقى الدولي حول «المحكمة الدستورية ودورها في بناء الجزائر الجديدة»، حضره مستشار رئيس الجمهورية بوعلام بوعلام، وأعضاء من الحكومة، وممثلون عن السلطتين القضائية والتشريعية، إلى جانب إطارات سامية من وزارة الدفاع الوطني، أن هيئته جاهزة للانتقال الذي سيتم ب «سهولة»، إلى محكمة دستورية، دون أن يحدد آجال زمنية دقيقة للعملية. وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد أعلن في خطابه للأمة، يوم 18 فيفري الماضي، عن تنصيب ورشة لاستحداث المحكمة الدستورية، إلى جانب ورشات لاستحداث المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب. وتختلف تركيبة المحكمة الدستورية، من حيث طريقة التشكيل، عن تركيبة المجلس الدستوري، حيث ستتكون من 12 عضوا، يعين منهم رئيس الجمهورية 4 أعضاء من بينهم الرئيس، وينتخب قاضيان عن المحكمة العليا ومجلس الدولة، و6 أعضاء ينتخبون بالاقتراع عن أستاذة القانون الدستوري، يشترط فيهم خبرة في القانون لا تقل عن 20 سنة. ويعود لرئيس الجمهورية تحديد شروط وكيفيات انتخاب هؤلاء الأعضاء، بحسب نص المادة 186 من الدستور. رئيس المجلس الدستوري، أكد أن المحكمة الدستورية ستحظى بتشكيلة هامة من ذوي الكفاءة وأهل الاختصاص، «ما يمكنها من ممارسة السلطات الواسعة التي حظيت بها بموجب الدستور الجديد». ومن أبرز صلاحياتها التدخل في النقاش السياسي وضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية، وهو «ما يجعل البلاد في منأى عن الأزمات أو مأزق الشغور وعرقلة المؤسسات في حل نشوب خلافات داخلها أو فيما بينها»، يؤكد فنيش، مستدلا بحادثة إغلاق بعض النواب للمجلس الشعبي الوطني بالسلاسل الحديدية سنة 2018. وأكد أن دستور نوفمبر 2020، يمنح للمحكمة الدستورية صلاحية التدخل في مثل هذه الحالات، وإصدار قرارات ملزمة واجبة التنفيذ فور نشرها في الجريدة الرسمية، يشدد المتحدث. وستمارس المحكمة الدستورية، كافة صلاحيات القضاء الدستوري، بما فيها التفسير والاجتهاد، مستفيدة من رصيد المجلس الدستوري في المجال، خاصة بعد تجربة 2019، حين احتكم لروح الدستور بعد فشل رئاسيات 04 جويلية 2019، مؤكدا أن مهمة رئيس الدولة مرتبطة بتنظيم الانتخابات الرئاسية أكثر من ارتباطها بمدة 90 يوما. وسمح قرار المجلس الدستوري يومها، باستمرار البلاد في النهج الدستوري للخروج من أزمة شغور منصب رئيس الجمهورية، وتفادي المرحلة الانتقالية غير المحسوبة العواقب. وفي السياق، قال فنيش: «إن مجلسنا مرّ بظروف خاصة في الفترة الأخيرة، حيث عرف تغيير رئيسه مرتين في ظرف سنتين، إلا أنه تحمل مسؤوليته كاملة، حيث رافق السلطات العمومية في الحفاظ على استقرار البلاد وديمومة المؤسسات الجمهورية وتمكين الشعب من تحقيق مطالبه السلمية المشروعة». وأكد أن رئيس الجمهورية، منذ توليه مقاليد الحكم، عمل على تجسيد مطلب الشعب «حتى تم تحقيق أغلبها»، مضيفا بأن «التعديل الدستوري الذي بادر به كان أبرز سمات تكريس مطالب تغيير نظام الحكم». واعتبر دستور نوفمبر 2020، يساعد على الذهاب نحو دولة الحق والقانون والحريات، لما جاء به في مجال تعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها واستقلالية القضاء واستئصال دابر الفساد والاعتراف بالطاقة الهائلة للشباب. وشدد على أن المحكمة الدستورية، ستواصل مهمة ضمان احترام الدستور، والمساهمة في الحفاظ على استقرار البلاد وتجنيبها مشاكل قد تنجر عن أي لبس أو سوء أو تفسير وضمان عدم الاعتداء على أي سلطة عن قصد أو غير قصد، من خلال إخطارها من قبل مؤسسات محددة وتفسير الأحكام الدستورية. قانون الانتخابات في المقابل، نوّه رئيس المجلس الدستوري بقانون الانتخابات الجديد، وقال: «إنه سيسمح للشعب باختيار ممثليه في شفافية بفضل ضمانات إجرائية وحلول فعالة للقضاء على الممارسات الفاسدة التي سادت نظام القائمة المغلقة». ورأى في اعتماد نظام القائمة المفتوحة، «الطريقة الأكثر ديمقراطية»، مشيدا في الوقت ذاته بتكفل الدولة بنفقات الحملات الانتخابية للشباب «ما سيمهد لظهور جيل جديد من المنتخبين». ونظم الملتقى بالشراكة مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، والذي أشادت رئيسته بليرتا أريكو، بالصلاحيات التي يمنحها دستور 2020 للمحكمة الدستورية، وأكدت استعداد الهيئة لمرافقة الجزائر في تطوير منظومتها القانونية. وعرف عدة مداخلات من قبل أعضاء بالمجلس الدستوري وأستاذة ومختصين جزائريين وأجانب، استعرضوا أبرز صلاحيات ومهام المحكمة الدستورية، باعتبارها هيئة فوق مؤسساتية، ستحوز، لأول مرة، على صلاحية دستورية النصوص التنظيمية ومطابقة القوانين للمعاهدات الدولية وممارسة الرقابة على السلطات الثلاث، وتختتم أشغال الندوة اليوم.