سفن بلا شواطئ أرساها شوقي .. في قسنطينة كالباحث عن ميناء للإرساء بعد جولة بحرية طويلة تقف سفن المبدع محمد شوقي ابن بلدية زيغود يوسف بقسنطينة تترّقب وصول من يقدّرون قيمتها الفنية و حتى التاريخية أيضا، لاعتماد صانعها على الكتب و الدراسات التاريخية في تصميم مجسماته المستوحاة من تاريخ الجزائر العريق في مجال الملاحة البحرية لاسيّما في العهد العثماني كما قال. الفنان الشاب شوقي محمد اختار محاكاة البحر بإعادة تجسيد أجمل البواخر لاستغلالها في الزينة من جهة و الحفاظ على الذاكرة من جهة أخرى، حيث لا يمر زائر على جناح معرضه الخاص الذي شارك فيه مؤخرا في إطار احتفالات يناير دون التوقف لتأمل ما أبدعت في صنعه أنامل ابن بلدية داخلية عشق البحر فراح يعبّر عن حبه له بتجسيد تحف أقل ما يقال عنها أن مكانها يجب أن يكون بالمتاحف الخاصة بالملاحة البحرية، خاصة و أن مبدعها مزج بين الفن و التاريخ و أبدع في تصميم مجسمات لبواخر شراعية قديمة قال أنه استوحى تصاميمها من تاريخ البحرية الجزائرية الحافل الذي حرص على إرفاق تحفه بنبذة عن معارك عمالقة البحر الأخوين بربروس و الأسطول البحري الجزائري. و لم يترك الفنان المتخرّج من مدرسة الفنون الجميلة أدق التفاصيل دون إعادة رسمها و تجسيدها على مجسماته التي يزيد حجمها عن المتر، حيث تفنن في تركيب المدافع و القذائف المدفعية التي تبدو للمتأمل أنها حقيقية لمهارته الكبيرة في استغلال أبسط الأشياء، في تجسيد تحف فنية جميلة. كما أحسن انتقاء المواد المستعملة من خشب و أقمشة و كأنه صانع محترف مختص في صناعة السفن التقليدية و بشكل خاص السفن الشراعية التي اعتنى في وضع شراعٌها المستطيلة أو المربعة فبدت كسفن حقيقية تستعد للإبحار، بالإضافة إلى اعتنائه بتقديم أدق التفاصيل الخاصة بهذا النوع من السفن و لم ينس تحديد المقدمة الطويلة و الحادة التي كانت تستعمل في الماضي كوسيلة لاختراق هياكل سفن العدو. وعن كيفية تصنيع مراكب الزينة والمواد المستعملة في تجسيدها قال محمد شوقي أنه يستغل كل ما يقع بين يديه من ألواح و أنابيب بلاستيكية و أقمشة ، و أن ورشات النجارة المتواجدة ببلديته تحوّلت إلى أكثر الأماكن التي يتردد عليها باستمرار بحثا عن بقايا الخشب التي يحوّلها إلى تحف تستوقف و تجذب اهتمام كل من تقع عيناه عليها. وبخصوص المدة التي يستغرقها في انجاز تحفه الجميلة، قال محدثنا أنها لا تتجاوز الشهر أحيانا كثيرة لأنه يتفرغ لها طوال الوقت و يكرس لها من وقته ما يكفي لإتقان كل جزء منها، مثلما يأخذ كل وقته لانتقاء أسمائها ذات الدلالة التاريخية مثل “رعب البحار”التي أخذ إسمها عن أشهر سفن أمير البحر الجزائري “الرايس حميدو” و التي حاز بفضلها على الجائزة الأولى بمعرض وطني للحرف بولاية بجاية. و عن سعر تحفه قال الفنان أنه يترك التقدير للزبائن، حيث تراوحت أسعار باخرتيه اللتين يزيد طولها عن المتر، بجناحه الخاص بالمعرض الذي احتضنه بهو دار الثقافة محمد العيد آل خليفة في إطار احتفاليات يناير بين 60000دج و 70000دج. و قال الفنان الطموح أنه لا يمل من حرفة صناعة مجسمات السفن بمختلف هياكلها و أحجامها و أعرب عن استعداده لمساعدة المخرجين الذين يفكرّون في تصوير أفلام وثائقية أو أفلام عن تاريخ البحرية الجزائرية، إذا طلبوا منه استغلال تحفه في عمليات التصوير. و لم يكتف الفنان بفن صناعة مجسمات السفن بل هو معروف أكثر بمساهماته في رسم الجداريات بمسقط رأسه زيغود يوسف. و كذا بتميّزه في فن الخط العربي أيضا. مريم/ب تصوير ع/عمور