وصف والي قسنطينة قطاع الصحة بالولاية بالمريض جدا و وضعية المستشفى الجامعي بالمزرية، مستغربا عدم إنجاز مشاريع مؤسسات صحية طيلة السنوات السابقة على خلاف الكثير من ولايات الوطن، مؤكدا أنه وجه طلب رفع التجميد عن مشروع المستشفى الجامعي الثاني إلى الوزير الأول، فيما رسم منتخبو المجلس الشعبي الولائي صورة قاتمة عن استعجالات أكبر هيكل صحي بشرق البلاد. وقدمت لجنة الصحة بالمجلس الشعبي الولائي في ختام آخر دورة للمجلس، تقريرا أسود عن واقع الاستعجالات الطبية والجراحية بالمستشفى الجامعي، فيما وصف كل المنتخبين وضعية قطاع الصحة بالكارثية، مؤكدين أنهم وطيلة العهدة طالبوا بإصلاحات و وجهوا انتقادات واقتراحات، لكنها لم تلق أي صدى، «بل على العكس فإن الوضع زاد سوءا مع الجائحة». وقال رئيس لجنة الصحة الدكتور، بن عراب عبد الله، إن العديد من البلديات والمناطق تعرف تصحرا صحيا إذ لا تتوفر بها مستشفيات على غرار عين عبيد وحامة بوزيان، موضحا أن الإمكانيات الصحية الولائية أقل بكثير عن مستوى المعدل الوطني. وأبرز المتحدث، أن 331 مواطنا قسنطينيا مخصص لهم سرير واحد فقط، في حين أن كل عيادة طبية موجهة إلى قرابة 28 ألف نسمة، كما أن 7937 مواطنا يشتركون في قاعة علاج واحد، مشيرا إلى أن الوضع أكثر سوءا ببلدية قسنطينة، إذ أن أزيد من 31 ألف شخص يشتركون في عيادة واحدة، بينما خصصت قاعة علاج لأزيد من 22300 نسمة، علما أن المعدل الوطني هو قاعة علاج لكل 6 آلاف مواطن و عيادة متعددة الخدمات لكل 25 ألف نسمة. وقالت المنتخبة، مرزي شهرزاد، خلال عرضها للملف، أن الاستعجالات الجراحية تعرف نقصا فادحا في أعوان النظافة و الأمن، وهو ما جعل تجهيزات المصلحة والطواقم الطبية المناوبة عرضة للتهديدات بالسلاح الأبيض من طرف متعاطي المخدرات، الذين يقصدون الاستعجالات بحثا عن المهلوسات. وتابعت المتحدثة، أن توظيف أعوان الأمن مجمد من الوزارة إذ أن المستشفى الجامعي يعرف عجزا بخمسين عونا، كما سجلت اللجنة في تحقيقها الميداني الذي عرض بالصور، تسربا للمياه في المستشفى لأزيد من 10 سنوات دون معرفة مصدره، كما أن تجهيزات المصلحة قديمة جدا ومهترئة و تفتقد أيضا إلى أجهزة سكانير وإيكوغرافي وتنفس، رغم أهمية هذه الوسائل في العلاج الاستعجالي. 80 بالمئة من تجهيزات «سامو» تبرع بها مواطنون وبمصلحة المساعدة الطبية المستعجلة «سامو» فقد أوردت اللجنة أن الطابق العلوي غير مستغل وذلك بسبب النقص الكبير في الطواقم شبه الطبية، إذ تعرف عجزا بأكثر من 12 إطارا شبه طبي، كما سجلت نقصا كبيرا في التجهيزات والنظافة لانعدام أعوان التنظيف، فضلا عن الأغطية الخاصة بالمرضى وكذا الأسرة، كما أن أكثر من 80 بالمئة من الأجهزة التي تدخل المصلحة عبارة عن هبات و تبرعات من طرف المواطنين. ويشتكي القائمون على هذه المصلحة، وفق أعضاء المجلس الولائي، من هيمنة فئة النساء على طاقم العمل شبه الطبي، وهو ما يتسبب في عجز في المصلحة عند استفادة كل موظفة من عطلة الأمومة أو عطل مرضية خلال فترات الحمل، كما تحدث القائمون على المستشفى الجامعي أن التكوين به أصبح شبه مستحيل، لانعدام المكان لاستقبال مختلف الطلبات. وما زالت المصلحة تعرف استنزافا في قدراتها، حيث أن غالبية التحويلات إلى المصالح الاستعجالية من الولايات المجاورة، كما يشتكي الطاقم الطبي و شبه الطبي و كذا المرضى من عدم توفر دورات على مستوى الطابق الأرضي، ما يضطر ذوي الحالات الحرجة إلى التنقل مشيا إلى الطابق العلوي، ناهيك عن انعدام الأمن وتسجيل غياب كلي لمكان استراحة الطاقم العامل و المناوب، فضلا عن انعدام أقنعة ضد الكوفيد للطواقم الطبية. وبمصلحة أمراض القلب سجلت اللجنة وجود جهاز واحد لفحص حركة القلب وهو ما يعد أمرا خطيرا بالنسبة للمرضى، كما يوجد جهاز إيكوغرافي واحد وغير صالح في كل الحالات، ناهيك عن نقص الأدوية وحتى الحساسة منها غير متوفرة في الكثير من الأحيان، وفق التقرير، في حين تعرف المصلحة ضغطا كبيرا وأغلب المرضى من الولايات المجاورة، بالإضافة إلى نقص كبير في التجهيزات. رضيعان في سرير واحد بمصلحة الولادة وبقسم الرضع بمصلحة التوليد، عادت مظاهر وضع رضيعين في سرير واحد، كما تعرف نقصا كبيرا في أجهزة الإنعاش والحاضنات، في حين أن أجهزة العلاج بالضوء متوقفة منذ أزيد من سنتين، فيما قال أعضاء المجلس أن الأطباء و شبه الطبيين يشتكون من عدم توفر أدنى الشروط وأبسطها، مثلما قالوا، حوض لغسل الأيدي ودورات للمرضى و لمرافقي المرضى و كذا الفريق العامل. وقال مدير الصحة الولائي، عبد الحميد بوشلوش، أن كل ما ورد في تقرير المجلس صحيح ولا يمكن إنكاره، حيث أن المستشفى الجامعي قديم جدا وأصبح يستهلك أموالا ضخمة دون جدوى، حيث قال إن الإدارة لجأت إلى التعاقد مع مؤسسة خاصة للتكفل بالنظافة وهي الآن في طور إعداد دفتر شروط للتحضير لصفقة العام المقبل، كما أكد بأنه تم إمداده ب 35 شبه طبي لكن العدد بحسبه، يبقى غير كاف. وأكد المتحدث، أن المؤسسة تعرف عزوفا عن الالتحاق بمناصب المسؤولية الكبرى بسبب المتابعات القضائية التي طالت مسؤولين سابقين، إذ أن المدير الحالي يجد إلى اليوم صعوبة في تسيير المؤسسة بسبب هذه المشكلة، مشيرا إلى اقتناء سكانير ثاني والتحضير لجلب جهاز إيارام آخر. وتحدث مدير الصحة، عن نقص كبير في الأخصائيين على مستوى مصالح طب العيون والتوليد وأمراض القلب لاسيما المتخصصين في العلاج بالقسطرة، كما أكد شروع مصالحه في الإعداد لصفقات اقتناء سيارات الإسعاف لسد العجز، مشيرا إلى أن المديرية ما زالت تطالب برفع التجميد عن مشروع إنجاز مستشفى جامعي ثان، قبل أن يؤكد رئيس المجلس الولائي عبد الرحمان بوصبع أن الوالي السابق تلقى تأكيدا شفويا من طرف السلطات العليا للبلاد بأن التجميد رفع عن المشروع المسجل في عام 2009. و وصف والي قسنطينة مسعود جاري، وضعية الصحة بالمزرية والكارثية، كما قال إن القطاع «مريض ومعضلته عميقة جدا»، وأضاف أن مستوى الخدمات المقدمة للمواطن أقل من المستوى الوطني وهو ما يعد بحسبه، أمرا غير مقبول.وتساءل الوالي، عن أسباب عدم إنجاز مشاريع مستشفيات بطاقة استيعاب 60 أو 100 سرير طيلة السنوات الفارطة، «حيث أن جل الولايات وجدت حلولا لمشاكل الصحة بمثل هذه المشاريع، في حين أن قسنطينة ظلت تعتمد على هيكل واحد وقديم جدا». وأكد مسعود جاري، أن التجهيزات المتوفرة قديمة وبدائية ناهيك عن النقص في التأطير، ما يجعل إيجاد الحلول في الوقت الحالي أمرا صعبا جدا، لكنه أكد أنه سيتم إيجاد حلول تدريجية وعملية وذلك بالتنسيق مع مختلف الفاعلين. وأكد الوالي أن الحل على المستوى المتوسط أو البعيد، سيكون برفع التجميد عن مشروع المستشفى الجامعي الثاني، حيث قال إن وجه طلبا رسميا للوزير الأول بهذا الشأن خلال زيارته للمدينة مؤخرا، لكنه ذكر أنه يجب التفكير في هذه الفترة في كيفية تحسين الخدمات والاستعداد لأي طارئ.