تشهد ولاية جيجل في الفترة الأخيرة، انتعاشا كبيرا في التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة، إذ بادرت مصالح مديرية الصيد البحري و تربية المائيات و بمشاركة قطاع الفلاحة سنة 2017، في خلق مشاريع داخل أحواض السقي لدى الفلاحين لتوفير منتوج سمكي و الرفع من مردودية الإنتاج الفلاحي المسقي بالمياه المشبعة بالسماد الطبيعي الناجم عن مخلفات الأسماك التي يتم تسمينها في الأحواض. روبورتاج: ك. طويل و قد عملت مصالح الصيد و تربية المائيات على إنجاح المشاريع، حيث أشارت مديرة القطاع إلى أن تنمية النشاط جاء تبعا للوضع المتمثل في انخفاض إنتاج الصيد البحري المسجل خلال السنوات الأخيرة و يعتبر نشاط التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة، خيارا استراتيجيا لخلق الثروة و تمكين كل شرائح المجتمع من استهلاك السمك بأثمان معقولة و يعتبر ذلك مساهمة القطاع في المحافظة على الأمن الغذائي و الاستقلالية في الإنتاج. و يتمثل نشاط التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة، في إدخال و استزراع الأسماك في وسط مائي مؤهل للاستغلال الفلاحي و تتم تنمية هذين النشاطين بشكل متواز أو متتابع، من خلال استفادة كل نشاط من إيجابيات النشاط الآخر، حيث تضمن توفير منتوج سمكي و رفع من مردودية الإنتاج الفلاحي المسقي بالمياه المستزرعة و التي تكون مشبعة بالسماد الطبيعي، المتكون من مخلفات الأسماك التي يتم تسمينها فى أحواض السقي. و يكثر الطلب على التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة عموما في المناطق الريفية، خاصة على مستوى المستثمرات الفلاحية المتوسطة و الصغيرة، نظرا لما توفره من إضافات غذائية معتبرة من البروتين الحيواني. مغترب يقتحم تربية الأسماك المدمجة مع الفلاحة و من بين المستثمرين الذين اقتحموا المجال ببلدية الطاهير، عثامنة أحمد، و هو مغترب عاد للديار بعد سنوات عديدة قضاها في شركة متعددة الجنسيات في المجال البترولي و بعد تقاعده قرر القيام بالنشاط المتمثل في التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة، إذ أنه شاهد النشاط المماثل في دول الخليج، رافقها الاستهلاك الواسع لأسماك المياه العذبة و خلال زيارتنا لمستثمرة أحمد بالطاهير، شاهدنا الأحواض الكبيرة التي قام الفلاح بإنجازها تحت البيوت البلاستكية و خلال جولتنا داخلها، شاهدنا الكميات الكبيرة من البلاعيط التي تطفو على السطح عند القيام بتقديم الغذاء لها، فيما كان أحد العمال يقوم بعملية التنقية و بعدها توجه لسقي الأشجار من المياه المتدفقة من الأحواض. و أشار، المعني إلى أن أكبر هاجس يؤرقه في الوقت الراهن، هو غياب الكهرباء و أنه لجأ للمولدات الكهربائية لتوفيرها و يأمل أن تقوم السلطات بتوصيل الكهرباء له في أقرب الآجال، مضيفا بالقول:« بعد تقاعدي من شركة بترولية، عدت إلى مسقط رأسي بالطاهير و قد جاءتني الفكرة بعد مشاهدتي استهلاك لأسماك المياه العذبة في الخليج بكثرة و قمت بعدها بإنشاء المشروع في مزرعتي، المشروع، كان بالتنسيق مع مديرية الصيد البحري و تربية المائيات» و قمت بتربية البلاعيط «البولطي الأحمر أو البولطي النيلي» و المشروع يعول عليه لإنتاج 20 طنا في ستة أشهر، في حالة توفير الإمكانيات، خصوصا الكهرباء، فقد وجد المستثمر الفلاح صعوبة في عدم وجود الكهرباء بالمزرعة، حيث تتطلب التقنيات المستعملة توفر الكهرباء. ثمانية مشاريع سترفع من القدرة الإنتاجية و قام المعني بتشييد الأحواض من ماله الخاص، و تجهيزهم، حيث قال أنه لم يجد الصعوبات المالية و قام بتجهيزه بأمواله الخاصة و يركز على إنتاج البولطي الأحمر، مشيرا إلى أن الغرض من التربية السمكية في أحواض السقي، تزويد السوق المحلية بالأسماك و الاستفادة من المياه المشبعة بفضلات الأسماك لسقي المزروعات التي تعتبر أسمدة طبيعية، مما يساهم في رفع المردودية بحوالي 30 بالمئة و يعول في نشاطه أن تكون مزرعته تنتج فواكه و خضر طبيعية. و قام بتوظيف أحد الأشخاص ليساعده في الإشراف على عملية تربية الأسماك، إذ يتم يوميا الاعتناء بالبلاعيط و تنظيف دوري للأحواض، مضيفا بأن العملية تتطلب توفر شروط تقنية متعددة، قدمت له من قبل التقنيين بمديرية الصيد، بالإضافة إلى القيام ببحوث حول التقنيات المستعملة، قائلا « تربية الأسماك تتطلب التواجد المستمر، فبلاعيط الأسماك حساسة لدرجة كبيرة، إذ نحاول ضمان توفير الأوكسجين و درجة حرارة متعارف عليها و التغذية اليومية، بالإضافة إلى تنقية الحوض و تنظيفه» و يسعى أحمد لتطوير نشاطه مستقبلا و فتح مجال لتوسيع عملية التوظيف و الإنتاج من جهة أخرى. و قدرت مصالح الصيد البحري و تربية المائيات لحد كتابة هاته الأسطر، المشاريع المنطلقة الناجحة في نشاط التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة،التي تقوم بمرافقتها بحوالي ثمانية مشاريع، و تتكون من حوض إلى ثمانية أحواض للتربية السمكية المدمجة مع الفلاحة موزعة عبر بلديات الولاية، منها مستثمرة فلاحية ببلدية أولاد رابح، ثلاث مستثمرات ببلدية سيدي معروف، مستثمرة بلدية الأمير عبد القادر، مستثمرة بلدية الطاهير، مستثمرتين ببلدية العوانة و أربع مستثمرات بولاية ميلة. خلق نظام بيئي يسمح بإعادة تدوير المخلفات الفلاحية و حسب المختصين في قطاع الصيد البحري، فإن لإدماج التربية السمكية مع الفلاحة، العديد من المزايا، حيث تضمن العملية مصدرا إضافيا من البروتين، تنويع عائدات المستثمرة الفلاحية و تحسين المستوى المعيشي للفلاحين، خاصة إذا تعلق الأمر بالمستثمرات الفلاحية الصغيرة، كما تعمل على تثمين استخدام المسطحات المائية و تقليص استخدام الأسمدة الكيماوية و توفير الأسماك للمستهلك بأسعار تنافسية معقولة و تساهم من جهة أخرى في رفع المرودية الفلاحية للمستثمرة و تطوير فلاحة صحية و مستدامة و الميزة التي يمكن تأكيدها بإنشاء نظام بيئي يسمح بإعادة تدوير المخلفات الفلاحية في التربية السمكية، مما يساهم في الحد من التلوث العضوي. و أوضحت مديرة الصيد البحري و تربية المائيات، بأن القدرات المائية للولاية الهائلة، تؤهلها للعب أدوار رائدة في مجال تربية المائيات القارية، خاصة في مجال تربية الأسماك المدمجة مع الفلاحة و تتمثل هذه القدرات المائية في 5 سدود و 28 حاجزا مائيا، بالإضافة إلى مصبات الوديان و الأحواض المائية المستغلة في عمليات الري بالمستثمرات الفلاحية. تكوين مجاني ل 280 فلاحا في النشاط و سعت ذات المصالح للإعلام، التكوين و مرافقة أصحاب المشاريع و عملت بالتنسيق مع مديرية المصالح الفلاحية و غرفة الصيد البحري و تربية المائيات و الغرفة الفلاحية، على تكوين 280 فلاحا في هذا النشاط بالمجان و ذلك منذ انطلاق برنامج التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة سنة 2017، كما أنها تسهر على المرافقة التقنية للفلاحين. و تم القيام بعدة عمليات للاستزراع السمكي، من أجل تشجيع الفلاحين على الانخراط في هذا البرنامج، رافقتها أيام تحسيسية لفائدة الفلاحين، لاطلاعهم على فوائد التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة و شروط مزاولتها، كما قامت بإحصاء أصحاب المستثمرات الفلاحية الراغبين في إدخال هذا النشاط بمستثمراتهم الفلاحية الذين تتوفر لديهم الشروط اللازمة لعملية استزراع الأسماك، من بينها حيازة حوض للسقي سعته تساوي أو تزيد عن 100 لتر مكعب، وجود مدخل للمستثمرة، توفر مصدر نقي و دائم للمياه، بالإضافة إلى وجود مصدر للكهرباء، مع إمكانية توصيل الكهرباء في حالة توسيع النشاط. و قد حرست مديرية الصيد البحري و تربية المائيات، على توفير صغار الأسماك (سمك التيلابيا) التي يتم استزراعها بأحواض السقي للمستثمرات الفلاحية بالمجان، حيث تم إحصاء 44 حوضا صالحا للتربية السمكية المدمجة مع الفلاحة، وقد تم استزراع 22 حوضا منذ انطلاق العملية، مع العلم بأن صغار الأسماك يتم تفريخها على مستوى مراكز الصيد القاري بكل من ولايات سطيف، خنشلة و عين الدفلى. و ذكرت مسؤولة القطاع، بوجود مشاريع جديدة في طور الإنجاز و أنه قد تم خلال الثلاثي الأخير من السنة الماضية 2021، إيداع 3 طلبات لإنشاء مشاريع استثمارية في مجال التربية السمكية المدمجة مع الفلاحة و قد تم منح ترخيص لمستثمر في بلدية القنار نشفي بطاقة إنتاج تساوي 1 طن و مشروع بلدية الميلية بنفس الطاقة، في انتظار استكمال الإجراءات، حيث يعتبر هاذان المشروعان من الحجم المتوسط، قابلة للتوسيع، مخصص لإنتاج سمك التيلابيا، كما تم تقديم طلبات جديدة مع بداية السنة الحالية في انتظار إيداع البطاقات التقنية للحصول على التراخيص.