تشير معطيات منظمات حماية المستهلك إلى تسجيل ارتفاع ب 110 بالمائة في نسبة استهلاك مختلف المواد الغذائية من قبل الأسر خلال شهر رمضان، لا سيما في الأسبوع الأول منه، في حين تصل نسبة التبذير إلى ما لا يقل عن 30 بالمائة، خاصة ما تعلق بمادة الخبز والزيوت والسكر. قدمت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلكين أرقاما مقلقة حول نمط الاستهلاك لدى الجزائريين خلال الشهر الفضيل، مؤكدة بأن نسبة الاقبال على اقتناء المواد الغذائية من خضر وفواكه وعجائن ومستلزمات تحضير الحلويات ومشروبات ترتفع إلى 110 بالمائة في هذه الفترة من السنة، جراء ما تشهده العادات الغذائية لعامة الاسر من تغييرات مقارنة بباقي أيام السنة. وأوضح بهذا الشأن فادي تميم منسق المنظمة الجزائرية لحماية المستهلكين «للنصر»، بشأن كيفية تغطية مصاريف رمضان التي تتضاعف قيمتها قياسا بالأيام العادية، أن الأسر الجزائرية تخصص ميزانية معينة لتغطية مصاريف شهر رمضان، وقد تلجأ بعضها للاستدانة من أجل تمضية الشهر الفضيل في أحسن الظروف. ويرى المتحدث بأن الظرف الاقتصادي الصعب الناجم عن جائحة كورونا، وما يشهده العالم من هزات لم يؤثر كثيرا على عادات الجزائريين في رمضان، بدليل التهافت على الأسواق والمحلات التجارية منذ بداية هذا الشهر من أجل اقتناء المواد الاستهلاكية المختلفة. وأكد أن التغييرات التي تطرأ على النمط الاستهلاكي تبدأ مع الشهر الفضيل، وتستمر إلى عيد الأضحى ثم الدخول المدرسي، وهي فترة تشهد فيها الفضاءات التجارية المختلفة ضغطا كبيرا من طرف الأسر تحضيرا لهذه المناسبات التي تحظى بمكانة خاصة لدى عامة الجزائريين. وبادرت المنظمة من أجل القضاء على ظاهرة الإسراف والتبذير وعقلنة الاستهلاك، إلى إطلاق حملة بالتعاون مع الأئمة ومنظمات التجار للتشجيع على الحد من الاقتناء العشوائي للمواد الغذائية، للحفاظ على استقرار الأسعار ونظام التوزيع، عبر التسيير العقلاني للمصاريف الشهرية للأسر، تحت شعار شهر رمضان للعبادة وليس للإفراط في الأكل والشرب. 33 بالمائة نسبة التبذير في رمضان كشف من جهته الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي بأن الاقتناء غير المدروس للمواد الغذائية في رمضان يؤدي إلى رفع نسبة التبذير إلى 33 بالمائة، خاصة ما تعلق بمادة الخبز والزيت والسكر، مؤكدا بأن جزءا هاما من المواد الغذائية التي تقتنيها الأسر على أساس تغطية الحاجيات خلال شهر رمضان يكون مصيرها سلة المهملات. وأضاف المتحدث «للنصر» بأن آخر الدراسات أكدت بأن الفرد الجزائري يفرط في تناول السكر بمعدل يفوق بكثير ما هو مسجل في البلدان المتقدمة، جراء الاستهلاك غير العقلاني للسكريات و المشروبات بشتى أنواعها، مما أثر بشكل مقلق على الصحة العامة، بدليل ارتفاع نسبة المصابين بالسكري وأمراض القلب والسمنة سنويا. ونبه المتدخل إلى أن الغذاء غير الصحي الذي يكلف الأسر مبالغ جد هامة، من بين أسباب ارتفاع فاتورة الأدوية، بسبب التداعيات الصحية الخطيرة التي يتعرض لها المستهلك عند عدم اتباع حمية غذائية سليمة ومتوازنة. وأكد الخبير الاقتصادي بأن التهافت على الأسواق وتخزين المواد الغذائية، سببهما ما يروج له من معلومات مغرضة من طرف المضاربين، بخصوص تراجع الوفرة في بعض الأصناف من المنتجات الاستهلاكية، للتشجيع على التزاحم واقتناء ما يزيد عن الحاجة. وأضاف الدكتور عبد المالك سراي بأن الشائعات التي يتم إطلاقها من حين إلى آخر الغرض منها التأثير على عمل الحكومة، مؤكدا بأن الجزائر مستقرة ولديها ما يكفي من الإمكانيات لتلبية حاجات المواطنين من مختلف المواد والمنتجات، ولديها طموحات عدة لتحقيق ما هو أكبر، مما لا يدع أي مجال للخوف مما هو قادم. مواطنون ينهون شهر الصيام بالانضمام إلى قائمة المرضى المزمنين وأوضح من جهته المختص في الصحة العمومية الدكتور امحمد كواش بأن شهر رمضان هو في الحقيقة مناسبة لإعطاء الجسم عطلة بعد 11 شهرا من العادات الغذائية السيئة، بسبب الإفراط في تناول المشروبات والسكريات والدسم، فضلا عن المنبهات. وكشف المصدر بأن العديد من الأشخاص ينهون شهر الصيام بالإصابة بأمراض مزمنة بسبب عدم التقيد بالغذاء الصحي، لا سيما ما تعلق بالسكري والكلى والقرحة المعدية والقولون العصبي والسمنة، فضلا عما تشهده مصالح الاستعجالات من ضغط خلال فترة ما بعد الفطور، بسبب عدم التقيد بنصائح الأخصائيين من طرف الصائمين. وتأسف المصدر لعدم استغلال الكثير من الأفراد هذه المناسبة الدينية لتعديل طريقة الاستهلاك وترشيدها، بسبب ميل الكثير منهم للوجبات الغذائية الثقيلة والمضرة بالصحة، لينتهي بهم المطاف لدى الأطباء الأخصائيين لتلقي العلاج الذي قد يستمر لمدى الحياة.