تزيد صور التلاحم و التكافل خلال شهر الصيام، و يتضاعف الإقبال على التطوع في صفوف الهلال الأحمر الجزائري بقسنطينة سنويا باعتباره حضنا جامعا للكثير من الخيريين بين منتسبين ومواطنين يمنحون من وقتهم ساعات و من جهدهم الكثير، لتقديم المساعدة للمحتاجين، ورغم أن الهلال لم يفتح مطعما لإفطار الصائمين هذه السنة إلا أن الأوفياء لفعل الخير يجتمعون في كل مرة، بمقر المنظمة للمشاركة في توفير الإعانات الغذائية و توزيعها، بينهم من تجمعهم بالهلال الأحمر علاقة تزيد عن 20سنة، قضوها في فعل الخير والتطوع لخدمة الضعفاء. إسلام قيدوم دورات الإسعافات الأولية باب من أبواب التطوع تنقلت النصر، إلى مقر الهلال الأحمر الجزائري بحي قيطوني عبد المالك بوسط المدينة، للوقوف على طبيعة النشاطات وحجم التطوع في رمضان، و قد كان في استقبالنا عياد بوهالي، المكلف بالإعلام على مستوى اللجنة، الذي قال بأن المنظمة تحصي أزيد من 100 متطوع دائمين، مسجلين بأرقام هواتفهم وعناوينهم وطبيعة وظائفهم وأعمارهم يتم التواصل معهم في كل مناسبة تستدعي العون بما في ذلك خلال شهر رمضان، لدعم جهود المنتسبين إلى الهلال، موضحا أنه يوجد بين هؤلاء من يتطوعون لتقديم يد العون منذ سنوات طويلة قد تزيد عن العشرين، وأنهم يحضرون بشكل مستمر أو عند طلبهم للمساهمة في إنجاح عمليات التكفل بالمحتاجين. وحسبه، فإن هناك إقبالا متزايدا على التطوع في صفوف الهلال الأحمر الجزائري من قبل مواطنين من مختلف الأعمار و الخلفيات المهنية يتواصلون يوميا مع خلية الاتصال عبر صفحة الفيسبوك للسؤال عن طرق المساعدة، مشيرا إلى أن دورات الإسعافات الأولية التي تنظم سنويا و التي تستقطب في كل مرة من 200 إلى 250 شخصا، تعد بوابة مهمة للتطوع، لأن الانخراط في صفوف المنظمة يكون من بين الأمور التي تطلب من المعنيين، الذين يحملون بموجب ذلك صفة « مسعف متطوع»، وهم بالعموم طلبة و موظفون ومواطنون كثر يشاركون في كل نشاطات المنظمة بما في ذلك جمع الإعانات الغذائية وتحضير الطرود و توزيعها على المحتاجين خلال رمضان. و أضاف المتحدث، بأن باب التطوع مفتوح أمام الجميع وأن الشرط الوحيد، هو الأخلاق و حب العمل الإنساني. تنظيم يسبق رمضان بأشهر ويستمر خلاله أخذنا مرافقنا في جولة داخل المكاتب أين كان العمل جاريا لتحضير المساعدات، وقد علمنا منه بأنها عملية انطلقت قبل الموعد بأشهر وتحديدا في ديسمبر الماضي، حيث تجند الجميع كخلية نحل للتحضير للقفة التي تعد امتدادا لمبادرات أخرى، منها مبادرة شتاء دافئ التي كانت محطة أولى لإحصاء المحتاجين، واستقبال ملفات الراغبين في الحصول على الإعانات خلال شهر الصيام. قال محدثنا، إن لجنة الهلال استقبلت حوالي 750 ملفا، أما توزيع المساعدات فكان قد بدأ قبل رمضان بأسبوع واحد، أما الهدف المسطر من البرنامج ككل فهو التكفل ب 1000 عائلة ومحتاج طيلة شهر الصيام ولما لا تجاوز الرقم خاصة في ظل تسجيل ملفات جديدة لمحتاجين، يطرقون باستمرار أبوب الهلال الأحمر ويكون رجال و نساء المنظمة في استقبالهم. سألنا محدثنا، عن المطعم الرمضاني الذي اعتاد الهلال فتحه كل رمضان فأوضح، بأن عملية الإطعام المباشر توقفت في السنوات الأخيرة، وذلك بعدما باتت الجمعيات الخيرية تقوم بهذا النشاط، وهو ما استدعى إعادة ضبط مخطط المساعدة ليكون أكثر نجاعة و يمس فئات أوسع من المحتاجين الذين يتعذر عليهم التنقل إلى مطاعم الرحمة على غرار النساء. تنسيق مستمر لتعميم الفائدة وبهذا الخصوص قالت وهيبة حازورلي، نائبة الرئيس المكلفة بدراسة الملفات، إن عمل المتطوعين في صفوف الهلال وبينهم شابات نشيطات هو التواصل بطريقة سلسة و مناسبة مع الفئات الحساسة إن صح الوصف، فسيدات الهلال متواجدات دوما لأجل العناية بالمحتاجات و تقديم المساعدة والإعانات لهن، لتجنيبهم الإحراج و منحهن شعورا بأن المنظمة هي أسرة كل الجزائريين. كنا قد قابلنا السيدة وهيبة، في قسم التكوين، الذي يتم على مستواه تسليم وصولات الاستفادة للمعنيين، وقد لاحظنا حين وصولنا عددا من المواطنين أغلبهم سيدات ينتظرون دورهم للحصول على الوصل، بعدما شملتهم عملية معالجة ودراسة، للتأكد من وضعيتهم الاجتماعية بينهم أرامل و مطلقات ومطلقون و معوزون و بطالون كذلك، تمتلك اللجنة بطاقة تقنية عن كل واحد منهم. وقالت محدثتنا إن السنوات الأخيرة تشهد تنظيما حسنا لسير العملية بفضل التنسيق مع مختلف الفاعلين، سواء البلديات أو الجمعيات خيرية، حتى يتسنى للجنة التي تشرف عليها فرز القوائم بما يسمح لكل محتاج بالحصول على المساعدة، و لو لمرة واحدة، فلا يحق لشخص استفاد من جهة معينة الاستفادة مرة ثانية من جهة أخرى، و قد تم كما قالت توزيع 430 قفة إلى غاية الآن.و أوضحت السيدة وهيبة التي تنشط مع الهلال الأحمر الجزائري منذ ما يتعدى العشر سنوات، بأن عملية توزيع الإعانات لا تكون سهلة دائما بسبب تحايل بعض الأشخاص، وقد وقفنا خلال وجودنا في المكتب على موقف، تسببت فيه سيدة جاءت لطلب قفة رمضان، واتضح بعد البحث في القوائم بأنها استفادت من إعانة مالية بقيمة 10000 دينار، لكن المعنية أكدت للمشرفين أنها لم تستلم أي مساعدة، فقامت رئيسة اللجنة بطمأنتها، مؤكدة بأنهم سيعملون على التحقق من وضعيتها مع البلدية كما طالبتها بجلب وثيقة تثبت عدم حصولها على إعانة أخرى. أغلب المساهمات خارجية و متواضعة انتقلنا رفقة السيد عياد، إلى مستودع اللجنة المتواجد بشارع تونس بوسط المدينة، وبمجرد دخولنا وجدنا بعض المواطنين ينتظرون حصصهم من المواد الغذائية، بالإضافة إلى تواجد ثلاثة أشخاص يقومون بتسيير العملية، هم أمين المخزن و متطوعان، يشرفان على تنظيم توزيع المساعدات التي تم توضيبها في طرود تحمل شعار الهلال الأحمر الجزائري، وتضم كما لاحظنا حصصا من البقوليات بأنواعها و زيت المائدة و الطماطم و المعجنات. وبحسب أمين المخزن عبد الحق مشلي، فإنّ نجاح العملية يعتمد كليا على المحسنين والمتطوعين، مؤكدا بأنه يتعين على الناس أن يدركوا بأن الهلال الأحمر منظمة تحتاج إلى التبرعات لتتمكن من توسيع دائرة المساعدات ولا تعتمد على إعانة الدولة بشكل كامل، ولذلك فمن المهم جدا أن يزيد التبرع بالمساعدات خلال رمضان، وذكر بأنه في اليوم الذي سبق حضورنا قدم محسن ما قيمته 30 كيسا من الغذاء، فيما تبرع آخر ب 10 أكياس. و أشار المكلف بالإعلام بوهالي، إلى أنّ المساهمات والهبات التي تأتي في إطار القفة الرمضانية تقدمها بالأخص شركات خاصة، أو أفراد من عامة الشعب، وكذا بعض المؤسسات العمومية، وأضاف أنّه يمنح لكل متبرع وصل و رسالة شكر تعبيرا عن الامتنان لمساهمته، فضلا عن وصل بنكي ليطمئن المتبرع بأنّ مساعدته أودعت في الحساب البنكي للجنة إن تعلق الأمر بمبلغ معين، وهو ما أدى إلى بناء جسر من الثقة بين الهلال و المتبرعين. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من طرف المحسنين لمد يد العون، فإن الهبات تبقى متواضعة حسبه، ولا تغطي كامل العملية، مما يضطر المنظمة إلى الاستعانة بمساهمة منتسبيها لتدارك النقص، حيث تقوم اللجنة عادة ببعض النشاطات التي تسمح لها بالحصول على مبالغ رمزية تستغلها وقت الحاجة. * المتطوع فوزي زغبة أخصص وقت فراغي لدعم مبادرات الهلال الأحمر قال فوزي زغبة وهو واحد من القسنطينيين الأوفياء للهلال الأحمر، : « انخرطت في مجال التطوع منذ سبع سنوات، و أخصص أوقات فراغي لمساعدة الآخرين بقدر ما أستطيع، على اعتبار أنني ابن حي تونس». مواصلا حديثه : « تأثرت كثيرا بحصة تليفزيونية حول التطوع في صفوف الهلال الأحمر وهو تحديدا ما دفعني لالتحاق به، من أجل رفع الغبن على من هم في حاجة إلى المساعدة، وأسعى لأكون دائما حاضرا و فعالا، ولذلك أخصص جانبا من عطلتي السنوية للتطوع مع الهلال خلال شهر رمضان و المساهمة في مبادراته كما لا يقتصر نشاطي على المساعدة في تجهيز قفة رمضان، بل أساهم في ميادين أخرى كالتبرع بالدم، و لا أتردد في أي موقف إنساني أرى نفسي قادرا على أن أساعد فيه إخوتي الجزائريين بالجهد أو المال». * توفيق لحرش متطوع أحب مساعدة المحتاجين منذ صغري المتطوع توفيق لحرش قال بدوره : « أحرص دائما و منذ سبع سنوات كاملة على تقديم يد العون كمتطوع في إطار ما يقوم به الحلال الأحمر الجزائري الذي أتردد على مقره بعد الانتهاء من دوام العمل في البلدية». مسترسلا في حديثه إلينا :» أحب فعل الخير ومساعدة المحتاجين منذ الصغر، وأقوم بذلك بحسب مقدرتي كما أتطوع أحيانا لمساعدة كبار السن في العناية بأنفسهم و أستريح كثيرا عند القيام بمثل هذه الأعمال لأنها تمنحني الرضا عن النفس». أثناء تواجدنا بمستودع اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري، وبعد أن قام المتطوعان بتحضير طرود المواد الغذائية، دخلت سيدة إلى المكان توجه عبد الحق مشلي للحديث معها، ثم عاد ليحمل كمية من المواد الغذائية و يقدمها لها، موضحا بأنها فقدت فردا من عائلتها للتو ولا تملك ما تقدمه لمن سيحضرون الجنازة، وهي حالات كثيرة تتكرر دائما كما قال. حيث أكد أمين المستودع بأنها من الجيران وتقطن بالحي، وبالتالي فلا حاجة للتأكد من هويتها. دخلت بعدها سيدة أخرى تطلب الاستفادة من قفة رمضان، لكن اسمها لم يكن مدرجا في القائمة، وعند الحديث إليها تبين بأنها من بلدية حامة بوزيان وتحملت مشقة السفر للقدوم إلى المستودع لأنها تخجل من طلب المساعدة من جيرانها و من يعرفونها، وتخاف من أن يعلم إخوتها بذلك لأنهم رغم حاجتهم يرفضون هذا النوع من المساعدات، وهو ما دفع بها لطلبها خارج البلدية مقر سكناها. وقد صادف ونحن بمقر اللجنة أن أتى شخص في الثلاثينيات من عمره ويعاني من ضعف في السمع، طلب بعض المواد الغذائية، وهو من الأشخاص المعروفين ودائمي القدوم إلى المقر كما علمنا من المشرفين على المستودع، فتمت تلبية طلبه سريعا وغادر المقر حاملا كيسين من المواد الغذائية وهو يبتسم.