أكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، فيصل بن طالب، بأن مشروع القانون المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية للعمل وممارسة حق الإضراب لا يشكل بتاتا تضييقا أو تقييدا أو تراجعا في مكاسب ممارسة الحق الدستوري في الإضراب و إنما جاء لينظم هذا الحق الذي بينت تجربة 32 سنة من الممارسة وفق قوانين 1991 أنه حاد عن هدفه النبيل، وبات وسيلة للفوضى في أغلب النزاعات الجماعية للعمل. وأوضح الوزير خلال رده أول أمس على انشغالات وتساؤلات نواب المجلس الشعبي الوطني بخصوص مشروع القانون بعد يومين من المناقشة أن هذا النص جاء لإرساء آليات أكثر مرونة للحوار الاجتماعي، وذات فعالية لتسوية النزاعات الجماعية للعمل قصد تهيئة مناخ عمل ملائم والحفاظ على السلم و الاستقرار الاجتماعيين. كما أن النهوض بالاقتصاد الوطني و الدفع بعجلة التنمية في البلاد- يضيف المتحدث- لا يتأتى في بيئة اجتماعية تعمها الإضرابات الفوضوية التي تنجر عنها آثار وخيمة على الاقتصاد و المجتمع، و التي لا تعكس فكرة ديمومة المؤسسة المسؤولة اجتماعيا و كذا مبدأ المواطنة المسؤولة. ومن هذا المنطلق يشدد الوزير على أن مشروع هذا القانون يشجع على الحوار المثمر، المبني على أساس التمثيلية الحقيقية و احترام الحقوق الأساسية للعمال و المستخدمين، بما تضمنه من تدابير تشجّع على التسوية الودية للنزاعات الجماعية عبر تدعيم فعالية آليات المصالحة و الوساطة والتحكيم. وبخصوص النقطة المتعلقة بآليات الوقاية من النزاعات الجماعية للعمل وتسويتها والتي أثيرت في العديد من مداخلات النواب أوضح فيصل بن طالب بأنها من أهم المسائل التي اهتم بها مشروع هذا القانون، حيث لم يقتصر النص عليها في المادة 5 منه فقط، بل تم تخصيص الباب الثاني من المشروع للوقاية من هذه النزاعات، في القطاع الاقتصادي و قطاع الوظيفة العمومية، حيث تعتبر آليات الحوار و التشاور و التفاوض الجماعيين، الوسائل السلمية الحضارية الأمثل لتنظيم العلاقات المهنية لما لها من دور وقائي وعلاجي لهذه النزاعات لتفادي الآثار الوخيمة على المؤسسة و العمال و المجتمع بصفة عامة. وأضاف في هذا الصدد بأن المشروع أبرز أهمية هذه الآليات من خلال إلزام المستخدم و ممثلي العمال، في القطاع الاقتصادي بعقد اجتماعات لدراسة المسائل الاجتماعية و المهنية، تحدد دوريتها ضمن بنود الاتفاقيات و الاتفاقات الجماعية للعمل. أما بشأن المصالحة الإلزامية أمام مفتشية العمل فقال أنها آلية فعالة لتسوية النزاعات الجماعية للعمل في القطاع الاقتصادي، وأن الغاية من تمديد فترة المصالحة الإجبارية هو تمكين مفتش العمل من الإلمام بجميع المسائل المتعلقة بالنزاع، كاشفا عن أن مصالح مفتشية العمل سجلت خلال سنة 2022 ما يقارب 308 نزاع جماعي في العمل، و في شهر جانفي من سنة 2023 تم تسجيل 39 نزاعا جماعيا، حيث قامت مصالح مفتشية العمل بتسوية ما يقارب 60 من المائة من النزاعات المسجّلة سنة 2022، والتي تم استباقها و لم تصل إلى درجة الإضراب، كما ساهمت مصالح مفتشية العمل من خلال التدخل في تسوية النزاعات الجماعية للعمل بنسبة 62.21 من المائة من الإضرابات المسجلة ، توّج بإلغاء الإضراب واستئناف العمل ، وهو ما يظهر أهمية المصالحة. وفي ما يتعلق بشروط وإجراءات اللجوء إلى الإضراب أوضح وزير العمل بأن التعريف المدرج في النص لمفهوم الإضراب يتوافق مع المفاهيم المعمول بها في تشريعات العمل المقارنة، أما فيما يخص الإضرابات غير القانونية، التي وردت في نص المشروع فقد تم إدراجها بالنظر إلى الممارسات السابقة و الاجتهادات القضائية في هذا الخصوص بين ما هو قانوني و غير قانوني. وعن حل المنظمة النقابية التي تقوم بإضراب غير قانوني أوضح أن مسألة مباشرة إجراءات الحل القضائي يسبقها توجيه إعذار كما تم النص عليه في مشروع القانون المتعلق بممارسة الحق النقابي. وحرص الوزير على التأكيد بأن قائمتي القطاعات التي تمنع فيها الإضرابات والتي يكون فيها تنظيم الحد الأدنى من الخدمة إلزامي والمحالتين على التنظيم، سيتم إعدادهما بالتشاور مع المنظمات النقابية للعمال و المستخدمين الأكثر تمثيلا. وفي الأخير جدد فيصل بن طالب التأكيد على أن المشروع أدرج أحكاما جديدة أضفت حركية و مرونة في تسوية النزاعات الجماعية و العلاقات المهنية.