طرقات أنجزت حديثا سرعان ما جرفتها السيول و لم تعد صالحة للسير بميلة شهدت ولاية ميلة في السنوات الأخيرة جهدا معتبرا تم بذله في قطاع الأشغال العمومية سواء في مجال إعادة الاعتبار وترميم وتوسيع أو تمديد الطرق الموجودة على مختلف تصنيفاتها أو في ما يتعلق بشق وفتح محاور جديدة لم تكن موجودة من قبل ،غير أن الملاحظ هو أن بعض هذه المحاور التي تم ترميمها أو فتحها كمنجزات جديدة ضمن مشاريع الهياكل القاعدية والأساسية سرعان ما تظهر حاجتها لإعادة الترميم والإصلاح كأمر بارز ومستعجل. الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة و استفهامات حولها من قبل المواطنين العاديين و كذا من قبل المختصين والمسؤولين حول نوعية الدراسات الفنية التي سبقت الانجاز وكذا التقنيات المتبعة والمواد المستخدمة أثناء تنفيذ الأشغال، ثم أن هذه التساؤلات كثيرا ما تدفع بأصحابها إلى إجراء مقارنة بسيطة بين المحاور والطرق التي تم انجازها قديما لاسيما تلك التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية والتي كثيرا ما نجدها في منأى عن التصدعات والإنزلاقات وغيرها من العوامل المؤثرة ،وبين ما تم انجازه حديثا والذي كثيرا ما كان عرضة لأبسط الهزات والتقلبات الجوية ،فإلى ما تعود الأسباب والفوارق التي أدت إلى هذا التباين بينهما ؟. رداءة الأحوال الجوية التي عرفتها الولاية مثل غيرها من ولايات الوطن الأخرى شهر فيفري المنصرم أثرت بشكل سلبي ومباشر على شبكة الطرق المختلفة بالولاية ،وزادها جهل بعض سواق آليات إزاحة الثلوج بتقنيات التعامل مع الثلج المغطي للطريق المنجز بالخرسانة المز فتة أو المنجز بالحجارة العادية بالرغم عليه ورفعت من نسبة من الجهد الكبير الذي بذلوه والمشكورون عليه الحق أضرارا إضافية لجسم الطريق الذي اشتغلوا عليه علما وأن إدارة قطاع الأشغال العمومية وتقنييها قدروا خسائرهم المترتبة عن رداءة الأحوال الجوية السالفة الذكر وحدها وكلفة الترميم و إعادة الاعتبار للأجزاء المتضررة في شبكة الطرق بأكثر من 434 مليار سنتيم. ولأجل معرفة أسباب هذا النقص الموجود الذي يقول به عامة الناس والتعمق فيه تقربنا من المختصين والمهتمين والقائمين على شؤون القطاع لرصد أرائهم في الموضوع وركزنا على أهم التصريحات الصادرة من بعضهم ، وقد اخترنا اثنين منهم و كانت البداية بمدير الأشغال العمومية لولاية ميلة السيد خناقة عز الدين الذي أوضح في بداية الأمر أنه إن كانت السكة الحديدية في الدول المتقدمة تتحمل العبء الأكبر في عملية النقل بصفة عامة والبضائع بالخصوص ،فإن الطريق عندنا هو الذي أوكلت له هذه المهمة بنسبة تفوق ال95 بالمائة ناهيك عن كثافة المرور الكبيرة والمشهودة على كافة المحاور ،مع الإشارة وأن أغلب الشاحنات تلجأ إلى الحمولة الزائدة ولا تحترم صنف الطريق الذي تسير عليه ولا الوزن المسموح لها بنقله خاصة تلك العاملة على مستوى محاجر الولاية التي يفوق عددها ال60 محجره الأمر الذي ينعكس على سلامة الطريق وصحته ويرفع من تكاليف صيانته وإصلاحه. مدير الأشغال العمومية: ميلة الأولى في انزلاق التربة و عبور الشاحنات ذات المتحدث أضاف بأن عوامل عدة تؤثر بشكل مباشر وتتدخل في الدراسات التقنية وسبل انجاز الطرق منها العوامل الجيولوجية والفيزيائية وكذا الموقع الجغرافي والمناخ المميز للمنطقة وكلفة الانجاز . فبخصوص العامل الأول السالف الذكر، فإن ميلة تحتل الصدارة في ما يتعلق بانزلاق تربتها ناهيك عن مناخها الذي نسجل فيه نسبة تساقط تتجاوز أحيانا ال800 ملم من مياه الأمطار التي لها انعكاسها السلبي على الطريق ثم أن طبوغرافيتها المتميزة بشدة المنحدرات في قسمها الشمالي تساعد على كثرة الانزلاق ،وعن الموقع الجغرافي فإن ميلة تشكل ولاية عبور مهمة لكل المركبات خاصة تلك التي تتولى مهمة نقل البضائع وقد ازدادت هذه المهمة لتتعدى مصلحة الولاية و لتأخذ بعدا أشمل يرتبط باقتصاد الوطن بعد دخول ميناء جنحن نشاطه الفعلي الكبير دون أن يتم انجاز الهياكل القاعدية المرتبطة به خاصة الطريق السريع المقرر انجازه بين جيجل وسطيف مرورا بميلة . هذه الأخيرة أصبحت محاورها تعيش حالة تشبع كبرى وارتفعت نسبة ضررها من هذه الحركة، التي حالت دون القيام بعمليات الترميم والصيانة من ذلك أن الطريق الوطني رقم 27 الرابط بين قسنطينةوجيجل في شطره العابر لميلة المعروف بوعورته لم تجد الإدارة الوقت المناسب ولا الطريقة المثلى قصد القيام بعمليات الإصلاح في الليل كما في النهار لأنه لا يعرف فترة فراغ تناسب عمل فرقة الصيانة والأكيد أن هذا الضرر سيرتفع إذا ما دخلت منطقة بلارة مرحلة النشاط. مدير الأشغال يختم بأنه أذا كانت الجدلية القائمة حاليا تتمثل إما في التكفل بالأمور الإستعجالية التي تفرض نفسها أو العمل على احترام المقاييس المعمول بها فان الحتمية التي تفرض نفسها في البرامج المستقبلية هي في ضرورة التوجه نحو العمل بإزدواجية الطرق والمحاور الكبرى بالولاية التي نقر أنها عرفت تأخرا كبيرا في السنوات الماضية في هذا المجال والبداية ستكون بالطريقين الوطنيين 27 و79 مع ربط الشبكة الداخلية لميلة مع الشبكة الجهوية ثم أن ميلة بها إشكال – يقول المدير – هي أن بعض الإنزلاقات معقدة جدا مثل فدولس ببلدية تسالة لمطاعي و بوحاتم ،كما أن الطريق الإجتنابي لميلة مثلا يفتقر لأرضية صلبة لعمق يزيد عن ال30 مترا تستطيع تحمل الأشغال التي تجري عليها وهو ما يتطلب تقنيات أخرى مثل تقنية الأوتاد والأعمدة غير أن الحلول الجذرية العميقة تتطلب أموال كبيرة تقابلها . السيد بوجمعة طورشي المعروف أكثر باسم أحمد بحكم أنه من أكبر نشطاء قطاع الأشغال العمومية على المستوى الوطني وليس ميلة وحدها والملم بقضاياه بالنظر للخبرة والتجربة المكتسبة للعائلة في المجال على مر السنين سجل بدوره صعوبة تضاريس ولاية ميلة لكن نوعية الدراسات والأشغال وخبرة المتدخلين في القطاع حسبه لها الدور الأساس في إطالة عمر الطريق و الرفع من نوعيته وتحسين أدوره وأدائه . فحسبه أن بعض مكاتب الدراسات ومخابر الأشغال العاملين بها و القائمين على شؤونها عاجزون على الربط بين ما تلقوه بصورة نظرية في المعاهد المختصة وعالم التطبيق ،إذ أنهم لا يحسنون التمييز أو يفرقون بين نوعية الحجارة الموجودة المعمول بها فتجدهم يتقبلون ويقبلون بما توفره به بعض مقاولات الانجاز من مواد ظنا منهم أنها المواد المطلوبة وهو ما يؤثر سلبا على صحة مراقبة الأشغال بالنسبة إليهم. حسب المقاول المختص في الطرقات بوجمعة طورشي المشكلة الكبرى تكمن في النصوص القانونية المسيرة للصفقات العمومية والمشكلة الكبرى حسب ذات المتحدث تكمن في النصوص القانونية المسيرة للصفقات العمومية و المنظمة لسبل إسناد المشاريع فيها إذ كيف يلجأ أثناء إسناد المشاريع إلى المقاولات التي تقدم أقل العروض في الوقت الذي يعلم المسيرون والتقنيون أصحاب هذه المشاريع أن العرض أقل بكثير من تقديراتهم المسبقة حوله وأسعار المواد المتداولة في السوق ،خاصة منها المادة الأساسية الممثلة في الزفت فهنا ليس هناك من مخرج للمقاولة المختارة صاحبة العرض الأصغر أو المقاولة المتعهدة بالباطن التي تقوم بالانجاز لحساب المؤسسة التي رست عليها المناقصة سوى ترجيح كفة توازناتها المالية على حساب نوعية المواد المستخدمة و الأشغال المنجزة التي تلجأ للتحايل فيها أو التملص من التزاماتها فيما بعد بفسخ الصفقة وهو ما يطيل في عمر المشروع ونوعية انجازه وهذا الأمر بالتأكيد يضر بالاقتصاد الوطني والتنمية التي يريدها المواطنون. طورشي يشير كذلك إلى المواصفات التقنية المطلوبة في كل صنف من الطريق والتي يفترض أن تحددها الدراسات الفنية وتحدد نوعية التربة الباطنية لجسم الطريق والسمك المطلوب لها ومادمت المركبات لا تحترم صنف الطريق الذي تستعمله فعلينا – يقول – جعل الطريق قابلا ومتحملا لكل الأوزان من خلال اختيار نوع الحجارة الواجب البداية بها كأساس للطريق والتي تأتي بعدها ثم أن عملية التشجير ضرورية بالنسبة لمشاريع الطرق المختلفة وعلى الوصاية إدخال بندها ضمن الصفقات المبرمة وجعلها في مقدمة أشغال الانجاز لما تمثله الأشجار من منفعة للطريق كونها تشكل حلا من حلول منع الانجراف أو الانزلاق كما أنها تقوم بامتصاص المياه الموجودة بحواف الطريق أو تحته وأن الماء يبادر إلى التسرب لجسم الطريق عبر التشققات أو الثقوب الحاصلة فيه مثلما يلجا إلى التأثير على جوانبها وحوافها إن لم تكن مهيأة كما كان حال الطرق من قبل فيؤدي ذلك إلى سرعة إحداث الضرر بها كما أن الخرسانة المزفة المعمول بها حاليا تصبح مثل الزجاج في كثرة انكساراتها إذا ما أحدثنا الشق الأول فيها. ثم ما هي كلفة عمليات التشجير الخاصة بالقطع الأرضية المجاورة للمرات الطريق والتي كان قديما يلجأ إليها في قطاع الأشغال العمومية بما فيه الحقبة الاستعمارية مقارنة مع المبالغ الضخمة التي ترصد لفائدة عمليات الترميم والصيانة التي تتطلبها الأضرار الحاصلة على الطريق جراء الإنزلاقات والفيضانات الحاصلة .