يحذر مختصون من العواقب الوخيمة لإدمان المخدرات والمهلوسات، الذي قد يصبح مشكلة صحة عمومية مع تسجيل حالات وفاة مفاجئة وتطوره إلى أخطر الأمراض العقلية على الإطلاق. فضلا عن تأثيراته على الكيان الاجتماعي ككل. ويرجعون تنامي الظاهرة إلى «وفرة» المواد المخدرة و استخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة في عمليات الترويج. ويؤكد المختصون على ضرورة علاج المدمنين من طرف مختصين، كما يلحون على دور المرافقة الأسرية خلال رحلة العلاج وكذا على «الحرب الاستباقية» على الظاهرة من خلال عمليات التوعية. * النفسانية العيادية الرئيسية كاميليا حاكوم علاج الإدمان يجب أن يكون بمراكز و تحت إشراف مختصين أكدت الأخصائية النفسانية العيادية، كاميليا حاكوم، أن علاج مدمن المخدرات يجب أن يكون بمراكز متخصصة و تحت إشراف مختصين، بينما قد ينجح التخلص من المشكل بالنسبة للمتعاطين بطرق أسهل، و أرجعت تزايد انتشار هذه الآفة في أوساط الشباب و المراهقين إلى تنوعها و انخفاض أسعارها و توفر المعلومة حولها بفعل التكنولوجيا و وسائل التواصل الاجتماعي. صنفت النفسانية كاميليا حكوم الإدمان في خانة الأمراض النفسية أو العصبية، و حتى الجسدية، و قالت إن الشخص يصبح مدمنا إذا ما كان يتعاطي نوعا من المواد المخدرة بطريقة متكررة، إلى درجة يؤثر فيها ذلك على صحته بشكل عام، و على محيطه الاجتماعي خاصة عندما يصل إلى مرحلة التأثير السلبي على محيطه من خلال الوقوع في جرائم من أجل الحصول على جرعته اللازمة من المخدر. و أوضحت المختصة أن تعاطي الممنوعات في بداية الأمر يعطي شعورا بالنشوة و المتعة، مع استرخاء لكافة أعضاء الجسم، غير أنه مع الإدمان يتحول عمل الجسم للعكس، بحيث يعطي انفعالا بدلا عن المتعة، و هو ما يحدث باختلاف درجة الاستهلاك و العوامل البيئية و النفسية المحيطة بالمدمن، سواء كان من أجل الهروب من المشاكل أو الفشل في أمر ما، بينما قد تكون من أجل تقليد الآخرين خاصة بالنسبة للمراهقين الذين قالت أنه كثيرا ما يكون هذا السبب في بداية تعاطيهم قبل الوقوع في فخ الإدمان. تنوع و انخفاض أسعار الممنوعات زاد من متعاطيها و أكدت الدكتورة حاكوم أن التطور الكبير الذي يشهده سوق الممنوعات، من خلال تنوع المنتوجات و انخفاض أسعارها، بما يجعلها في متناول الجميع حتى التلاميذ بالمدارس، ساهم في تزايد نسبة المتعاطين و المدمنين عليها على حد سواء، خاصة في ظل تعدد الوسائل التي تعرف بالمخدرات و تقرب صورتها إليهم، بفعل التكنولوجيا و ما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي. و أضافت المختصة أن البعض أصبح يتفنن و «يخترع» إن صح التعبير مواد جديدة تعطي شعورا كشعور المخدر مثلما وقع مع بودرة العصير التي جرى الترويج لها في أوساط الأطفال بحكم سعرها المتدني و الذي يعتبر في متناول حتى الأطفال، و هي كلها عوامل ترى بأنها شكلت فاصلا في عالم التعاطي و الإدمان، و ساهمت في زيادة عدد شريحة من وقعوا في هذه الآفة حسبها. لهذا يقبل المراهقون على تعاطي المخدرات و عن الأسباب الحقيقية التي تجعل من فئة المراهقين فئة هشة تسقط بسهولة في فخ التعاطي أو إدمان الممنوعات، أرجعت المختصة الأمر إلى المرحلة الانتقالية في نفسية المراهق خلال انتقاله من مرحلة الطفولة إلى المراهقة، أين يحس بأنه كبر و أصبح راشدا أو رجلا، في هذه المرحلة يحاول إثبات ذاته و الذي يكون بالنسبة للبعض من خلال تجريب الممنوعات، متحدثة أيضا عن تأثير الضغوطات النفسية لبعض الأطفال و الظروف الاجتماعية التي قد تقوده إلى ذلك. من جانب آخر تنسب المختصة جزءا من ذلك إلى انفتاح الأطفال و جميع الفئات على العالم الخارجي بفعل التكنولوجيا و وسائط التواصل الاجتماعي التي عرفت الجميع بكل شيء، بحيث نجد طفل في سن 5 أو 6 سنوات يعرف المخدرات، أسماءها و حتى أشكالها و طرق تعاطيها و أين يمكن إيجادها. الجنون، الإجرام و الموت.. نهاية مأساوية للإدمان يكون المدمن على المخدرات عرضة للكثير من الأمور السلبية و التي تصفها الدكتورة حاكوم بالخطيرة، بحيث تقول أن تأثيراتها قد تكون نفسية أو جسدية، بحيث يؤذي جسمه خاصة مع طول فترة الإدمان و باختلاف نوعية الممنوعات أو طرق تعاطيها كاستعمال الإبر أو أي وسائل أخرى تسهل انتقال الأمراض عبر الدم. و تؤكد المختصة أن فقدان الوعي الذي ينتج عن الإدمان قد يكون سببا في سقوط و تأذي المدمن جسديا، إضافة إلى فرط التعاطي أو الجرعات الزائدة التي قد تكون سببا في التسمم، أما بالنسبة للجانب النفسي، فإن الإدمان يسبب اضطرابات نفسية و عصبية كاضطرابات القلق و الاكتئاب، الهذيان، بحيث قد يوصل صاحبه لدرجة الجنون، مما قد يوصل أيضا إلى محاولة الانتحار أو الانتحار نهائيا بسبب الدخول في حالة اللاوعي، و حتى جرائم القتل التي امتدت إلى قتل الأصول بالنسبة لبعض الحالات، في ظل غياب المراقبة الذاتية للسلوك. العزلة الاجتماعية أيضا من بين نتائج الإدماج، بحيث قد يميل الشخص للانعزال عن المحيط الخارجي بحسب المتحدثة، فيما قد يصل إلى القيام بجرائم السرقة و الاعتداء على الأشخاص سواء بسبب غياب الوعي و عدم القدرة على التحكم في السلوكات، أو من أجل توفير المال لشراء المخدرات في حال عجزه عن ذلك ماديا، و هو ما ينتهي به في قضية أكبر توصله للسجن و العدالة و منه تزيد النتائج السلبية أكثر لتتخطى عتبة الإدمان و أذية النفس إلى أذية الآخرين و المحيطين به. بين التعاطي و الإدمان علاج يختلف ترى النفسانية حاكوم أن علاج الشخص المتعاطي للإدمان قد يكون أمرا بسيطا نسبيا مقارنة بعلاج شخص آخر وصل إلى درجة الإدمان، موضحة أن المتعاطي يسهل انتشاله من براثين المخدرات، و لا يحتاج ذلك إلا إلى إرادة قوية من الشخص ذاته، مع مرافقة أسرية تبقى أهم حلقة في السلسلة و استشارة مختص سواء كان نفسانيا أو طبيبا، أما بالنسبة للمدن فإن العملية جادة و تحتاج للكثير من النقاط للنجاح فيها.و تفصل المتحدثة في الأمر مؤكدة أن التكفل يجب أن يكون على مستوى مراكز متخصصة في معالجة الإدمان، و ذلك لمكون المعالج فيه للمدة الكافية لعلاجه نهائيا، مضيفة أن الأمر لا يحتاج لمتخصص واحد فقط، بل يحتاج لعدة مختصين بداية بالنفسانيين، الطب العام و حتى مختصي الأمراض العقلية، و ذلك لضمان تغطية كل الجوانب في الحالة العامة للمدمن، و تفادي وقوعه في الانتكاسات التي تكون كثيرة بسبب حاجة الجسم للمخدر، و التي يتم التكفل بها من خلال العقاقير و الأدوية التي تمنح له في إطار العلاج. تشدد المختصة على أهمية الحملات التحسيسة التي تستهدف تلاميذ المدارس و حتى في المساجد، في نشر الوعي الوقائي وسط المجتمع، و كذا لتوعية الأولياء بأهمية مرافقة و مراقبة أبنائهم و لو عن بعد لحمايتهم من أخطار المخدرات، بحيث قد تكون سلوكاتهم أو رفاقهم دليل على وجود مشكل مخدرات، كما تشير إلى أهمية دور المساعدين التربويين على مستوى المؤسسات التعليمية بسبب قربهم من التلاميذ و تواجدهم معهم لوقت طويل خلال اليوم، داعية إياهم لأهمية المراقبة و الإبلاغ عن أي سلوكات مريبة أو مشبوهة. و توصي المتحدثة أيضا بأهمية القضاء على أوقات الفراغ لدى الأبناء، و حتى الشباب، و ذلك من خلال ممارسة الرياضة و الانضمام لفرق، و الحرص على ممارسة الهوايات بما يشغل الوقت و يقضي على الفراغ الذي يدفع للبحث عما يملؤه، كما تحث على التواصل اللفظي خاصة مع الأبناء لتحفيزه على الكلام، و فتح الأبواب للتحاور معه للتعبير عن رغباته و اهتماماته و احتياجاته، إلى جانب المساعدة الاجتماعية التي من شأنها أن تنقد الكثيرين من الإدمان و العمل على توفير جو أسري مستقر، باعتبار العائلة السند الأول و الأهم، بينما قد يفتح تشتت العائلة و إهمالها لأفرادها أبواب الانحراف. كما تتحدث النفسانية عن أهمية التركيز على تعزيز الثقة بالنفس و تطوير تقدير الذات، خاصة و أن معظمهم بحسب الحالات المتابعة يكون هذا النقص سببا في اللجوء لتعاطي المخدرات، أين يتم العمل على هذه النقطة و الانخراط في العمل الجماعي، و كذا التقرب من المساجد و أهمية توفير بيئة مستقرة تساهم في تنشئة سليمة قائمة على أسس سليمة و تربية دينية تعزز الثقاة في النفس، كما تنصح بضرورة التحدث مع الأبناء من خلال محاولة إيصال الفكرة لهم حتى و إن كانوا صغارا، مؤكدة أنه يجب التحدث إليهم حتى في سن صغيرة عن خطورة أخذ دواء من أي شخص لأنه خطير و مضر، بينما يتطور الحديث مع الأطفال في سن متقدمة كالمتوسط و الابتدائي. إيمان زياري * الأخصائي النفساني ماليك دريد التوعية بأعراض التعاطي ضرورة لتجنب الإدمان تحدث الأخصائي النفساني ماليك دريد للنصر عن تأثير تعاطي و إدمان المخدرات و الحبوب المهلوسة عن الصحة النفسية، قائلا بأن لها أضرار وخيمة على المستهلك، تتمثل في اضطرابات سلوكية و نفسية، تصل حد الاكتئاب الحاد المؤدي للانتحار، و دعا لضرورة التعريف و التوعية بأعراض التعاطي خاصة بالنسبة للأولياء لتمكينهم من اكتشاف أمر تعاطي أبنائهم في البداية، و تجنب بلوغ مرحلة الإدمان، ما يسهل حسبه عملية العلاج، التي تختلف مدتها من فرد لآخر، و تكون صعبة كلما كان وضع المدمن معقدا. ذات المختص قال بأن ظاهرة الإدمان على استهلاك المخدرات بأنواعها في السنوات الأخيرة وفي مختلف المراحل العمرية لدى الجنسين خاصة في الوسط المدرسي، تفاقمت، و يرى بأنه من الضروري اهتمام الأولياء والقائمين على الشأن التربوي بسلوكات الأبناء و التغيرات التي تطرأ و كذا معرفة الأعراض الخاصة بالإدمان على المخدرات بشكل دقيق، و المتمثلة في التقلب المزاجي دون مبرر، ارتفاع مستويات القلق والتوتر أكثر من المعتاد، والتغير في الشهية وعادات النوم مما يسبب فقدان كبير للوزن وفي مدة قصيرة، إضافة إلى الحركات اللاإرادية وعدم التنسيق الحركي، إهمال المظهر الخارجي، ثقل اللسان ، الإحساس المستمر بالتعب حتى بدون جهد ، شحوب الوجه واحمرار العينين ، الرجفة والارتعاش في الأطراف واليدين، الانطواء وكثرة التغيب عن المدرسة أو العمل بالنسبة للمتمدرسين، ناهيك عن انخفاض القدرات الذهنية كضعف التركيز، الإدراك والذاكرة، مشيرا إلى أن الإدمان على المخدرات يصنف حسب الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات العقلية، كاضطراب مزمن مستقل بذاته تحت مسمى اضطراب تعاطي المواد. فيما يتعلق بتأثيرات استهلاكها النفسية، قال الأخصائي بأن لها أضرار وعواقب وخيمة من الناحية النفسية سواء الكحول، التبغ، المنشطات، الأدوية المهدئة والمسكنة كمضادات القلق والأدوية المنومة وخاصة الحبوب المهلوسة والقنب الهندي والمخدرات الصلبة، و التي تعد حسبه، أكثر المواد استهلاكا لدى المدمنين في الجزائر حيث توجد علاقة ارتباطية كبيرة بين تعاطي المخدرات، والإصابة بالاضطرابات النفسية و العقلية وظهور بعض الأعراض كالهلوسة البصرية والسمعية والهذيان، والقلق واضطرابات النوم، والشهية والاضطرابات السلوكية كالعنف والعدوانية واضطراب الاكتئاب، خاصة في حالة الانسحاب المفاجئ والذي يؤدي أحيانا إلى الانتحار، نتيجة انخفاض مستويات هرمونات الدوبامين والسيروتونين في المخ، وهذا التأثير يختلف حسب نوع المادة المخدرة، عدد المواد المستهلكة، و المدة الزمنية للإدمان، والجرعة المستعملة، ويمكننا اقتراح بعض الحلول للحد من الظاهرة فعلى الأولياء مراقبة أبنائهم و معرفة طبيعة أصدقائهم والمحيط الاجتماعي، و الحرص على ملء وقت فراغهم بالانخراط في النوادي الرياضية والجمعيات الثقافية و تخصيص وقت للمطالعة، دون إهمال حلقة التواصل التي تعد أساسية، مع مناقشة المشاكل و تجنب الضغوطات بالحوار مع الأولياء وخلق جو أسري يسوده الحوار والتفهم، و تجنب استعمال العنف مع تفادي منح مبالغ مالية كبيرة للأبناء، مشيرا إلى أن من المؤشرات التي توحي بأن الطفل دخل نفق التعاطي، حسب الأخصائي، هو طلب المال وبطريقة مبالغ فيها قد يكون مؤشرا مهما على تعاطي المخدرات، و دعا للإنتباه للتغيرات النفسية و السلوكية التي تطرأ خاصة إذا كانت بشكل مفاجئ، مشددا على ضرورة الاستعانة بمختصين للتمكن من معالجة المتعاطي بطريقة مدروسة، فيما حث على الإكثار من الحملات التحسيسية والتوعوية في مختلف وسائل الإعلام، في الأحياء وفي المؤسسات التربوية، وأخيرا تبقى للحلول الردعية والعقابية أهمية كبيرة للحد من الظاهرة. أ بوقرن * الدكتور فريد بوشان رئيس الجمعية الجزائرية لأطباء الأمراض العقلية في حوار للنصر مدمنو المؤثرات العقلية و المخدرات يصابون بانفصام الشخصية كشف الدكتور فريد بوشان، طبيب مختص في الأمراض العقلية و الأعصاب بمستشفى الدويرة بالعاصمة، و رئيس الجمعية الجزائرية لأخصائي طب الأمراض العقلية الخواص، في حوار للنصر بأن مرض انفصام الشخصية أصبح يصيب مدمني المخدرات و المؤثرات العقلية، بسبب فرط الاستهلاك و طول فترة الإدمان، مؤكدا بأنه تم تسجيل حالات لمدمنين بلغوا حد الجنون، و يرى بأن الظاهرة تحولت لمشكلة صحة عمومية، خاصة بعد تسجيل حالات موت مفاجئ بسبب فرط الجرعات المؤدي للإصابة بالسكتة القلبية، و قدم الإستراتيجية العلاجية المتبعة لانقاذ مدمنين تضررت صحتهم العقلية، و العوامل التي تساعد على نجاح العلاج، مقدما أمثلة لشباب عادوا إلى حياتهم الطبيعية. حاورته / أسماء بوقرن النصر : تشهد ظاهرة تعاطي المخدرات و الحبوب المهلوسة تفاقما، ما مدى تأثير تعاطيها على الصحة العقلية؟ تعاطي المخدرات و الحبوب المهلوسة عموما، يأخذ منحى خطيرا و تحول لمشكل صحة عمومية، نظرا للأضرار الوخيمة التي تلحق بالمدمنين و نسجلها على مستوى مصلحتنا الإستشفائية، تتمثل في ضعف آليات التفكير و ضعف مؤهلاته المعرفية و العقلية، و تتغير ملامحه إذ يظهر و كأنه يعاني من نقص ذهني، كما لذلك تأثيرات خطيرة على عضلة القلب، و الدليل ما أصبحنا نشهده اليوم من حالات الموت المفاجئ وسط الشباب بسبب السكتة القلبية، حيث نكتشف بعد المعاينة و التحليل أنها ناجمة عن فرط في الجرعات، خاصة المؤثرات العقلية، التي لها تأثير مباشر و كبير على المخ، فتناولها في أول مرة يشعر المتعاطي بالراحة و الانتعاش و النشوة و قوة الشخصية، فالمتعاطي يبدأ باستهلاك حبة واحدة، ثم يضاعف مع الوقت في الجرعة، إلى أن يصبح مدمنا على استهلاكها و غير واع بما يدور حوله، إذ يقوم بأشياء لا يتقبلها العقل، و يرتكب تجاوزات كالسرقة و القتل و حوادث سير . البريغابالين الأكثر استهلاكا و هذه أضراره ما هي الأنواع التي تهدد أكثر الصحة العقلية؟ الأنواع المنتشرة كلها تهدد الصحة، و لعل أكثر أنواع المخدرات انتشارا وسط المدمنين، هو القنب الهندي، و اكتشفت في الفترة الأخيرة من خلال الحالات التي أتابعها أنواع جديدة خطيرة جدا لها تأثير سلبي و قاتل، أتجنب ذكرها، كما نشهد تنامي غير مسبوق لاستهلاك المؤثرات العقلية و بالأخص البريغابالين، الذي يعد الأكثر استهلاكا، فهو يوصف في الأساس للمرضى لتسكين الآلام، و توصف جرعته للمريض بدقة، غير أنه أصبح يستهلك كمخدر و بجرعات كثيرة، لكونه له تأثيرات أخرى تجعل المتعاطي يشعر بنوع من الاطمئنان و السكينة، ما يدفعه في كل مرة إلى زيادة الجرعة، دون الوعي بخطورة ذلك على الصحة العقلية و الجسدية، فكلما زاد في الجرعة كلما ارتفع معدل الخطورة، زاد احتمال الإصابة بمضاعفات صحية في المخ و القلب و الرئة و الكبد. تحدثت عن تسجيل حالات موت مفاجئ بالسكتة القلبية بسبب تعاطي المؤثرات العقلية، هل لك أن تفصل لنا في ذلك؟ فعلا، هناك حالات كثيرة لمدمنين تعرضوا لموت مفاجئ، منهم من كان يسير بشكل عادي أو يصعد السلالم ليتوقف قلبه فجأة، و يتضح ذلك بعد المعاينة و إجراء التحاليل، ناهيك عن الإصابة بأمراض خطيرة عند طول فترة الإدمان على تعاطيها، منها الإصابة بانفصام الشخصية و الجنون. هل هناك مدمنون خضعوا للعلاج و تماثلوا للشفاء بعد إصابتهم بأمراض عقلية؟ هناك حالات كثيرة بلغ بهم الحد إلى دخول مصحة عقلية، و هناك من عالج عن بعد و تماثل للشفاء بعد رحلة علاج، و أنا باعتباري مختصا أحرص دائما عند استقبال حالات من هذا النوع على التركيز في الفحص الأولي و إجراء معاينة دقيقة، تُبنى أساسا على الاستفسار الجيد من محيطه الأسري عن وضعية المريض و ظروفه و مدة تعاطيه و كل ما تعلق بسلوكه، كما أحاول قدر الإمكان استجواب المريض و أوفر له الجو اللازم ليشعر بالاحتواء و بأن هناك من سيساعده للخروج من محنته، لأتمكن من تشخيص الحالة بدقة، فبعد أن أقوم بكل الإجراءات و أتأكد بعد الفحوصات بأن المريض يعاني من اضطراب عقلي راجع لتعاطي المخدرات، أعمل على تشخيص نوع الاضطراب لأضع استراتيجية علاج ناجعة. و ما هي الاستراتيجية العلاجية المتبعة في هذه الحالة، و هل نجاعتها ترتبط بعوامل معينة؟ أولا أجتهد في إبعاد المريض عن مستنقع المخدرات، و لا ننصح بالتوقف الفوري، لأن هناك تأثيرات و مضاعفات خطيرة على صحة المتعاطي، و إنما أختار التوقف التدريجي من خلال تقليل الجرعات، كما يتم وصف علاج موازي يعوض ما كان يتم استهلاكه، و أشرك في العملية الأسرة التي تعد عاملا محوريا و أساسيا في تماثل المريض للشفاء، كما أحرص على تقديم توجيهات علاجية. إرادة المدمن أساس التماثل للشفاء هل مدة العلاج محددة أم تختلف حسب الحالة؟ مدة العلاج تستغرق وقتا طويلا، إذا فرض العلاج على المريض من قبل أسرته، غير أنها تكون أقل في حال تقدم المريض لطلب العلاج طوعا، عموما العملية تستدعي إرادة فكلما كانت هناك إرادة أكبر كانت مدة العلاج أقصر، و المدة في كل الحالات لا يمكن لأي طبيب تحديدها بدقة، إذ تختلف حسب وضع المريض و طبيعة شخصيته و محيطه الاجتماعي و مدة الإدمان، و كذا عوامل أخرى تتعلق بنشاطه المهني و الرياضي. الرياضة عامل أساسي مساعد في العلاج هل هناك حالات لمدمنين قصدوا المصلحة طوعا للعلاج، للخروج من هذا المستنقع؟ استقبلت مدمنين و بالأخص شباب يريدون التخلص من هذه السموم، و غالبا ما يأتون في مرحلة معقدة و بعد طول فترة الإدمان، إذ تبدو عليهم آثار ذلك و انعكاساته على الصحة العقلية، فيبدون رغبتهم في العلاج و إرادتهم في الخروج من نفق التعاطي، منهم من استجاب للعلاج و تماثل للشفاء بعد رحلة علاج، و هناك من عاد مرة أخرى، لأن هناك عوامل خارجية تؤثر على الفرد، خاصة إن أساء ملء وقت فراغه، فيجد نفسه في دوامة مرة أخرى بمجرد أن يقع نظره على مكان كان يتردد عليه للتعاطي، كما أسجل حالات لمدمنين منهم شباب في مقتبل العمر يتم إجبارهم على العلاج من قبل أسرهم، و هي الحالات التي تستغرق وقتا أطول في العلاج. العلاج النفسي حلقة مهمة ما هي الصعوبات التي تواجهها خلال مراحل العلاج؟ الصعوبة الأولى تكمن في طلب مرضى وصف أدوية معينة كالبريغابالين «ليريكا»، و هو ما أرفضه رفضا تاما، لكن هناك أدوية تساعد في عملية العلاج يتم وصفها و تساعد في الخروج من دوامة الإدمان، منها دواء «لغابابونتين»، مع مراقبة دائمة و مضبوطة، و معاينات دورية، كما يتم بالتوازي الحرص على المتابعة النفسية، لأن العلاج النفسي مهم جدا . في ظل انتشار الظاهرة وسط القصر، ما الشريحة العمرية للحالات المتضررة عقليا من التعاطي؟ الشريحة العمرية بين 18 و 30 سنة، أما الفئة الأقل من 18 سنة، فهي تشكل نسبة قليلة، لكن ما ألحظه أن هذه السموم أصبحت منتشرة في أوساط المتمدرسين بدءا من سن 11 و 12 سنة، و هذا راجع لانتشارها في المحيط المدرسي، و ترويجها من قبل أشخاص يريدون تدمير الجيل الصاعد، لهذا يجب تشديد الأمن في محيط المؤسسات التربوية، أما بالنسبة لجنس الإناث فأرى بأنهن يشكلن نسبة قليلة جدا، و لم يسبق و أن استقبلت حالة فتاة بلغ بها حد الإدمان إلى الإصابة باضطراب عقلي. ما تريد توجيهه في الختام؟ لتفادي بلوغ مرحلة الضرر العقلي و وضع حد للتعاطي في بدايته و للظاهرة عموما، يجب نشر الوعي في المدرسة، من السنتين الأولى و الثانية ابتدائي، ثانيا، يجب أن تكون العائلة محيطة بأبنائها و على علم بكل ما يتعلق بهم داخل و خارج البيت، كما على المساجد القيام بدورها، و لها دور محوري التوعية للحد من الآفات الاجتماعية التي تدمر حياة أشخاص في مقتبل العمر. أ ب * الدكتور بوبكر جيملي مختص في علم الاجتماع تأثير المخدرات وخيم على الكيان الاجتماعي والدولة أكد الدكتور بوبكر جيملي، مختص في علم الاجتماع، و أستاذ بجامعة عبد الحميد مهري، أن تعاطي المخدرات و المؤثرات العقلية، ظاهرة سلوكية خطيرة جدا على الأسرة و المجتمع، و لها تأثيرات وخيمة على الدولة والكيان الاجتماعي، و بمثابة فيروس ينخر جسم الأمة، ناهيك عن الأضرار المجتمعية التي تلحق بالمتعاطي و المدمن، و المرتبطة أساسا بهدر المال صعوبة التكيف مع المحيط الاجتماعي، و دخول نفق الإجرام. و قال الأستاذ بأن ظاهرة المخدرات لها تأثيرات على الدولة والكيان الاجتماعي فهي بمثابة فيروس ينخر جسم الأمة، ويقضي على إرادتها وينسف بعناصر القوة التي تمتلكها، فيجعلها عاجزة ومشلولة، لتفقد سيادتها واستقلالها، لأن نهضة و تطور الدول مرتبطة بالعامل البشري و المؤهلات و وعيه المجتمعي، فهي تدمر العقل و الجسد و تهدد سلامة المجتمع و تضر بالعلاقات الاجتماعية والأسرية، كما تقتل عاملا مهما و محوريا في تطور الفرد و المجتمع و التمثل في التمتع بروح المسؤولية، و تولد في الفرد نوعا من الفرار من المحيط الاجتماعي و العالم الخارجي عموما، و تجعله خائفا من مواجهة الواقع، و مع إدمان تعاطيها يصل الشخص إلى درجة العجز، و بتنامي الظاهرة تنتشر اللامسؤولية في المجتمع، لذا يتم التركيز كما قال، على نشرها في وسط الشباب لضرب الحاضر والمستقبل، مضيفا بأن تناميها في الوسط الاجتماعي، وراء تفشي الإجرام بمختلف أشكاله.و شدد المتحدث على ضرورة، تشديد الإجراءات العقابية، و قيم الأسرة و المدرسة و المؤسسات المسجدية بدورها، و مراقبة الأولياء لأبنائهم لحمايتهم من رفقاء السوء، مشيرا إلى أن بلوغ الفرد مرحلة الإدمان على استهلاكها سيصل حتما للترويج و المتاجرة، و الوقوع في يد عصابات المخدرات التي تعمل من أجل الإيقاع بشباب و مراهقين، و تستغل في الغالب حالات اجتماعية معينة للتمكن من اللعب على أوتار عاطفتها و الإيقاع بهم في فخ المتاجرة، موضحا بأن ذلك ألحق أضرارا كبيرة يدفع ثمنها أسر و المجتمع. أ بوقرن حالات كادت تغرق في مستنقع السموم مرافقة الأولياء ركيزة أساسية لإنقاذ الأطفال من الإدمان تلعب المرافقة الأسرية دورا كبيرا في شفاء المدمنين وفق عينة وقفت عليها النصر لدى معالجين عند إعداد هذا الملف، وهو ما يؤكد عليه مختصون أيضا. بدأ وليد العلاج من الإدمان وعمره 18 سنة بعد ثلاث سنوات من دخوله عالم المخدرات أي عندما كان في 15 سنة من عمره، حيث أدمن مختلف أنواع المخدرات، ووصلت حالته للاختلال العقلي والهوس والهذيان وهي أعراض أزمة معقدة جعلت وليد يخاف أكثر على صحته ومستقبله وكان هذا دافعا له للتقرب من مصالح معالجة الإدمان، علما أنه كان يتعاطى أنواعا مختلفة من المخدرات، وبفضل هذا الحرص الذاتي للمعني ومرافقة أوليائه ، تمكن من تخطي مرحلة الخطر وخرج من الأزمة ليباشر حياته تدريجيا بصفة عادية. أما ياسين فهو مثال آخر عن شاب وصل لمرحلة الإدمان بسبب رفقاء السوء، فوالديه ميسوري الحال ويحملان شهادات عليا، لكن ياسين انجرف نحو الإدمان وكان عمره 18 سنة، مجاراة لأصدقائه، ليتحول إلى مدمن تغيرت سلوكاته وتصرفاته، ولحسن حظه تفطن له والداه ورافقاه في رحلة العلاج التي كان يرغب فيها، هو أيضا، للتخلص من السموم، ويبلغ ياسين اليوم 27 سنة وهو صاحب مشروع ناجح، ويستعد حاليا لتكوين أسرة، ولكن هاجس العودة إلى مستنقع الإدمان مازال يسيطر عليه، لقد صارح زوجته المستقبلية بكل شيء وتقبلت الوضع وهي أيضا تسعى لتقوية معنوياته من أجل مواصلة الحياة، لكن ياسين عاد لمصلحة علاج الإدمان التي يثق في القائمين عليها وكشف لهم عن ذلك الشعور بالخوف من العودة يوما ما، وهو اليوم يخضع لعلاج نفسي على أمل تجاوزه لهذه الأزمة. ولكن قصة سعاد مختلفة، فهي فتاة جميلة دخلت عالم الإدمان في سن مبكرة لم تتجاوز 12 سنة نقلت هذه السموم من محيطها في الحي والمدرسة، لم ينتبه لها أحد وهي تستهلك مختلف أنواع المخدرات مع مرور الزمن، لتجد نفسها وقد انحرفت نحو الدعارة بعد تعرضها للاغتصاب، واصلت سعاد في ذات الطريق إلى أن شعرت بالقرف من نفسها وعلى حالها، كان عمرها يقترب من 16 سنة حين رافقها والداها إلى مصلحة علاج الإدمان أين تم التكفل بها من جميع النواحي أي الإدمان والانعكاسات النفسية التي كانت تعيشها بسبب الانحراف، صمد والداها ولازالا يرافقانها في رحلة العلاج التي بدأت تؤتي ثمارها وتعيد لسعاد بريقها الذي فقدته ذات يوم. لم يكن علي وهو في عمر 15 سنة يدري أن مصيره سيتغير ومستقبله، فهو يحفظ 50 حزبا من القرآن وملتزم دينيا، مقارنة بأقرانه في سن المراهقة ومن عائلة محافظة، وكان مقربا جدا من والدته، إلى أن تفاجأ بخبر وفاة أمه الذي كان فاجعة بالنسبة له وفي تلك الظروف لم يجد علي من يعوضه ويملأ الفراغ الذي خلفه غياب أمه ، تأرجح كثيرا خاصة بعد إعادة والده الزواج وانصراف إخوته كل لحاله، فساقته الأقدار لرفاق السوء الذين جذبوه بحلاوة تذوق المخدرات والأقراص المهلوسة حتى أصبح مدمنا، هنا فقط تفطن جميع أفراد العائلة وتكاثفت جهودهم من أجل إنقاذ علي من المستنقع الذي غرق فيه، لم يكن الأمر سهلا حسب أحد أقاربه، ولكن صمود الجميع وإلتفافهم حوله وخضوعه للعلاج، سمح له بالتعافي ولكن الخطر كان دائما يترصده، فماكان على والده سوى الرحيل من ذاك الحي نحو منطقة أخرى ليبعد ابنه عن تهديدات رفاق السوء، وفعلا علي اليوم إشترى شاحنة صغيرة وهو يمارس التجارة وإسترجع حياته الطبيعية. بن ودان خيرة الأستاذ موسى إسماعيل شماخي المختص في الأنثروبولوجيا للنصر الإدمان يجعل الفرد غير صالح اجتماعيا واقتصاديا ثمن الأستاذ موسى إسماعيل شماخي المختص في الانثروبولوجيا، قرارات السلطات العليا بالبلاد من أجل تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية لمكافحة المخدرات عبر كامل التراب الوطني، مشيدا أيضا بإشراك المجتمع المدني في هذه الحملات لنشر القيم المجتمعية وترسيخها لدى الشباب وكذا إشراك الأئمة لتوضيح أهمية الوازع الديني لإبعاد مختلف فئات المجتمع عن هذه السموم. وقال الأستاذ موسى إسماعيل شماخي في اتصال مع النصر، إن الموقع الإستراتيجي للجزائر جعلها منطقة عبور وتدفق كميات كبيرة من مختلف أنواع المخدرات القادمة من الغرب والشرق و الجنوب، مما جعلها مستهدفة في شبابها وقيمها، كما عرفت الجزائر انتشار المخدرات منذ الاستقلال وكان أول إنذار سنة 1975 وهذا بحجز 3طن من القنب الهندي وتم حينها توقيف 25 متورطا أجنبيا، وتوالت عمليات التصدي لهذه السموم من خلال إنشاء الديوان الوطني لمكافحة المخدرات الملحق بوزارة العدل، والقانون "18/04 " الذي ينص على الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروع بها، وأضاف المتحدث أن أكثر الأنواع المنتشرة ببلادنا هي الكيف المعالج وهنا وجب على الأولياء مراقبة أبنائهم وتوعيتهم المبكرة بخطورة الانسياق وراءه وبالتالي حمايتهم، وفق محدثنا الذي أردف أن المهلوسات والمؤثرات العقلية هي اليوم أيضا تستهدف الأطفال وكبار السن على حد سواء. كما أكد الأستاذ شماخي أنه من خلال دراسة سابقة أنجزها حول ذات الموضوع، تبين أن الضرر المشترك بين كل أنواع المخدرات الطبيعية أو الصناعية، يكمن في استعمالها غير المشروع الذي يؤدي بالفرد للإدمان عليها ويحوله لعنصر غير صالح لنفسه حيث تؤثر على قوته البدنية وحيويته وتنهكه وتضعف نشاطه، كما يؤدي الإدمان لإحداث اختلالات في إدراك المعني ومزاجه ويحدث تغييرا كبيرا على سلوكه وردود أفعاله اتجاه نفسه والآخرين، والمدمن يصبح مهيأ كذلك لارتكاب أفعال شاذة يعاقب عليها القانون لأنه يفقد السيطرة على توازنه العقلي والسلوكي، وبالنسبة للأسرة يفقد الشعور بالمسؤولية ولا يبالي بواجباته اتجاهها ولا يسعى لتوفير حاجياتها، كما يصبح المدمن خطرا على المجتمع ويدخل دوامة الانحراف والإجرام، ولا يمكنه المساهمة في النمو الاقتصادي بالنظر لقلة إنتاجه بل قد يتحول لعبء على الدولة، موضحا أن الفرد عنصر هام في الأسرة ثم المدرسة وباقي مؤسسات التعليم، وعليه فأعداء البلاد يضربون المجتمع في هذه الفئات، كما أن دور العائلة و المساجد والمؤسسات التربوية في التنشئة الاجتماعية لا يستهان به أمام التحول الاجتماعي السريع الذي ساهم في التغيير الجذري للمجتمع، وهذا ما أدى لحدوث شروخ كبيرة داخل الأسرة جعلت الشباب يعاني من التوتر والضياع والبحث عن نفسه في فضاءات أخرى، كما أن تغير الأوضاع الاقتصادية والثقافية والتعليمية أثر على القيم الاجتماعية والمعنوية وجعل الفرد يجتهد لتبرير سلوكه. وبصفته عضو المكتب الولائي بوهران للجمعية الوطنية للوعي واليقظة لمكافحة الآفات الاجتماعية، أردف الأستاذ شماخي أنه توازيا ومساعي الدولة، ساهم مع فريق الجمعية في حملات تحسيسية وتوعوية لستهدفت عدة مراكز للتكوين المهني بالولاية، حيث لستفاد المتربصون من تدخلات مختلف الفاعلين الجمعويين وأيضا ممثلي الأمن الوطني ومختصين، كما مست هذه الحملات حسب المتحدث، طلبة الجامعات والأساتذة وحتى أولياء، مبرزا أنه أثناء الحملات لستطاعوا إنقاذ بعض الشباب والمراهقين الذين كانوا في طريق الانحراف نحو إدمان المخدرات وصادفوا آخرين مدمنين تمكن أغلبهم من الوعي بخطورة هذه السموم. كما اعتبر رئيس المكتب الولائي لذات الجمعية عبد الله بوكريمة، أن أساس نشاطهم منذ ميلاد الجمعية الوطنية الوعي واليقظة لمكافحة الآفات الاجتماعية، هو تكثيف الحملات التوعوية للتصدي لمختلف الآفات وأبرزها المخدرات و غالبا ما تكون الخرجات التوعوية بمساهمة أئمة وأخصائيين نفسانيين وحتى رجال الأمن وناشطين من المجتمع المدني للمساعدة على رفع وعي المدمنين ومساعدتهم على الإقلاع، وإرشادهم للطرق التي تمكنهم من ملئ الفراغ مثل ممارسة الرياضة خاصة والابتعاد عن رفقاء السوء، وأن كل أعضاء الجمعية مجندين لاستقطاب الشباب والمراهقين وإبعادهم عن المهلوسات والمخدرات قبل انحرافهم. بن ودان خيرة البروفيسور موفق ساندرا أخصائية علاج الإدمان هكذا يتم التكفل بالمدمن المراهق ودعم الوالدين أساسي قالت البروفيسور موفق ساندرا أخصائية علاج الإدمان بوهران، إن التكفل بحالات الإدمان يندرج ضمن مسار الصحة النفسية والعقلية، وأن المدمنين أقل من 16 سنة لا يمكن علاجهم في المستشفى، بل تتم متابعتهم عن طريق التكفل الخارجي أي يمارسون حياتهم كالمعتاد ويخضعون للعلاج في المصلحة وفق رزنامة محددة، مبرزة أن في بعض الحالات الأولياء هم الذين يتفطنون للوضع ويرافقون أبناءهم ويجبرونهم على العلاج وفي حالات أخرى يأتون لمرافقة أبنائهم الذين هم بحد ذاتهم يرغبون في العلاج، وحالات أخرى تأتي عن طريق العدالة. موضحة في حديثها مع النصر، أن المراهقة عموما تبدأ ما بين 10 و11 سنة، والمراهق لا يتقن كيفية التحكم في مشاعره فكلما يشعر بملل أو ضيق إلا ويسعى لفعل أمر ما، وإذا وجد أمامه المخدرات يقبل عليها دون حساب لعواقبها لأنه لا يدركها، واليوم المجتمع تغير كثيرا حيث كل أنواع المخدرات أصبحت متواجدة في مختلف المؤسسات التربوية وهي متاحة أيضا في مختلف الأحياء سواء الشعبية أو الراقية. أما فيما يخص مسار العلاج، فأكدت البروفيسور موفق أنها من خلال تجربتها خاصة في علاج المراهقين، تكون البداية أساسا باستقبال الطفل أو المراهق وحده في مكتب الطبيب بينما يكون الأولياء في غرفة مجاورة، وهذا حتى يشعر المدمن بأن الطبيب سيتكفل بعلاجه حتى يشفى من هذه الآفة وليس بناء على شكوى أوليائه أو أنه سيتعرض للوم والردع، وأنه سيعالج من أجله هو وليس بأمر من الأولياء، وهذا لإحداث الراحة النفسية لديه والشروع في طرح الأسئلة عليه لتحفيزه على العلاج وأيضا للتعرف إن كان هو راغب في التخلص من الإدمان والعودة لحياته الطبيعية، وكل هذا من أجل بناء عنصر الثقة بين المدمن والطبيب، وفي الخطوة الموالية يتم إخضاع الحالة لجلسات فردية للعلاج النفسي وأخرى عائلية في إطار حصص العلاج الجماعي، وفي المرحلة الثالثة، يبدأ علاج الفطام حيث تعطى للمدمن أدوية تدريجيا لتعويض النقص الذي تتركه الحاجة للمخدرات والتي ينجم عنها القلق والأرق وعدم النوم وغيرها من الأعراض وخاصة الاكتئاب، وفي نفس الوقت يتم ضبط الأمور حتى لا ينفصل المدمن الخاضع للعلاج عن مؤسسته التربوية وأن يواصل تعليمه بشكل عادي، وفي حالة ما إذا يكون المعني قد غادر مقاعد الدراسة فيتم تشجيعه للالتحاق بمراكز التكوين المهني والتمهين حتى يعيش الفراغ الذي قد يؤثر على مسار العلاج.وأضافت المتحدثة، أن هناك حالات لا تعاني من الإدمان فقط بل يصل وضعها للاعتداء عليها جنسيا ومنهم من يلج عالم الانحراف والدعارة، وهذا ما يعقد تدخل الأولياء لإنقاذ فلذات أكبادهم ويضاعف مسؤوليتهم في متابعتهم لعلاجهم من جميع النواحي خاصة الفتيات، ويجب التأكيد وفق المتحدثة، على دور العائلة في مثل هذه الحالات، فأغلبية المتعافين من الإدمان والمشاكل التي تليها ساعدتهم عائلاتهم ورافقتهم طيلة المسار العلاجي. أما فيما يخص المدة التي يستغرقها هذا المسار العلاجي، فأجابت الدكتورة موفق أنها نسبة حسب كل حالة ووضعها ودرجة الإدمان أي هل هو في بدايته أو منذ فترة طويلة، وأيضا هناك عوامل سوسيولوجية ونفسية تؤخذ بعين الاعتبار، مشيرة أن هناك مراهقين ينقطعون عن العلاج ولكن يعودون بعد سنوات طالبين مواصلة التكفل بهم، وفعلا يتم استقبالهم وإعادة المسار معهم حتى يتعافوا، أما فيما يخص نجاعة العلاج والتخلص من الإدمان، فهي مرتفعة عند صغار السن أي يمكن استدراك ما ضاع من حياتهم في الإدمان والنتيجة جيدة في الأغلبية القصوى منهم، أما بالنسبة لكبار السن فالوضع مختلف، حيث مثلما ذكرت الدكتورة قد نجد كهلا مدمنا لأكثر من 20 سنة من عمره، ورغم أن له الرغبة الذاتية للتعافي ويحرص على العلاج ويندمج في المجتمع، إلا أن الكثير منهم يعودون للمخدرات ويصعب بعدها علاجهم خاصة إذا أثرت السموم على إمكانياتهم العقلية والنفسية، وعليه فكلما كان التفطن والتوجه للعلاج مبكرا، كلما تم إنقاذ الشخص في سن مبكرة كي تستمر الحياة عادية حسب الأخصائية. بن ودان خيرة تمت عبر المؤسسات الاستشفائية والعلاجية بوهران التكفل ب 1242 حالة إدمان على المخدرات منذ بداية 2023 أحصت مديرية الصحة والسكان بوهران 1242 حالة إدمان على المخدرات بمختلف أنواعها «الكيف المعالج، الكحول، الأقراص المهلوسة، الكوكايين، الأفيون ومواد مختلطة» وهذا منذ بداية السنة لغاية شهر ماي الجاري، وبلغ عدد الفحوصات الخارجية التي أجريت على المدمنين 1224 فحصا، وتسجيل 24 حالة استشفاء طوعي بمصلحة علاج المدمنين بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة في الأمراض العقلية سيدي الشحمي التي استقبلت أيضا في ذات الفترة 3 حالات عن طريق أوامر قضائية. وأوضح بيان مديرية الصحة والسكان بوهران والذي تلقت النصر نسخة منه، أنه سجل منذ بداية السنة الجارية إرتفاع لعدد حالات الإقبال على العلاج الطوعي من الإدمان مقارنة بالسنة الماضية حيث تم التكفل ب 433 حالة وإجراء 1517 فحص خارجي لمدمنين، و236 حالة استشفاء طوعي بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة للأمراض العقلية سيدي الشحمي، و5 حالات عن طريق أوامر قضائية، وأضاف البيان أن التكفل وعلاج حالات الإدمان على المخدرات بوهران، يتم عبر 13 مؤسسة صحية وهي مصلحة علاج الإدمان المتواجدة بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة للأمراض العقلية سيدي الشحمي والتي تقوم بالاستشفاء الطوعي والتكفل وعلاج الحالات عن طريق الأوامر القضائية، مصالح الفحوصات الخارجية الاستعجالية في الطب العقلي التابعة لمصلحة الطب العقلي بالمركز الاستشفائي الدكتور بن زرجب، إلى جانب 9 مراكز للوسيط للصحة العقلية ومركزين للوسيط لعلاج الإدمان.