خرج سكان قالمة أمس الأربعاء في مسيرة شعبية حاشدة جابت شوارع المدينة القديمة تنديدا بمجازر ماي الأسود التي أودت بحياة الآلاف من الجزائريين العزل بقالمة، سطيف خراطة و بجاية و جيجل، و مناطق أخرى من الوطن ثارت على أبشع استعمار في القرن العشرين و قررت بداية مسيرة التحرر بثورة شاملة لم تتوقف حتى اندحر الغزاة بلا رجعة. المسيرة التي شاركت فيها السلطات المدنية و العسكرية، و كما جرت العادة منذ سنوات طويلة انطلقت من ساحة الكرمات التاريخية، التي بدأت منها مسيرة الكرامة و الحرية قبل 79 عاما، و جابت شوارع و ساحات باب السوق، عنونة ساحة الشهداء، و شارع أول نوفمبر و شارع 8 ماي 1945، أين سقط الطفل عبد الله بومعزة المدعو حامد، أول شهيد في تلك الانتفاضة الخالدة التي أعقبها حمام من الدم كشف الوجه الحقيقي للمعمرين و مليشيا آشياري، و جنرالات العدو المتعطشين لدماء السكان الرافضين للاحتلال المقيت. و قد تقدمت الكشافة الإسلامية المسيرة كما فعلت يوم 8 ماي 1945، عندما تقدمت صفوف الانتفاضة الشعبية الخالدة، و دفعت الثمن باهظا، حيث تعرض قادتها بقالمة للاعتقال و التعذيب و التصفية الجسدية بينهم سويداني بوجمعة و علي عبدة و غيرهم من أبطال الكشافة الإسلامية الجزائرية، مدرسة الوعي السياسي، و النضال و التحرر . و شكلت النساء مربعا بالزي الأسود، تعبيرا عن الحزن الذي عم الشرق الجزائر برمته عقب المجزرة الرهيبة التي استمرت عدة أشهر بعد الثامن ماي، يقتل فيها الناس، و تحرق القرى و المداشر و تقصف بالطيران و البوارج، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في القرن العشرين. و رفعت المسيرة شعارات تندد بالمجزرة، و تذكر ضحايا ماي الأسود، و تدعو إلى عدم نسيان ما وقع في تلك الحقبة الدامية من تاريخ الجزائر، المليء بالأحداث و المآسي و الأمجاد و البطولات. و قال رئيس جمعية 8 ماي 1945 قالمة عبد الوهاب عبداوي، في كلمة له أمام المكان الذي سقط فيه أول شهداء 8 ماي 1945 بقالمة، بان ما حدث جريمة في حق الإنسانية لا يمكن ان تنسى و لا يمكن ان تسقط بالتقادم. و رفعت الكشافة الإسلامية صورا للضحايا، الذين عبدوا طريق الحرية، في يوم تاريخي مشهود مازال حيا في ذاكرة الجزائريين، و أمم كثيرة هالها ما وقع من تقتيل و حرق بأفران الجير و إعدامات بالسهول و الأودية و الجبال و الكهوف و في أعماق البحر.