خرج سكان مدينة قالمة و القرى المجاورة لها في مسيرة صامتة أمس الاثنين، تنديدا بمجازر الثامن ماي 1945 المقترفة في حق الجزائريين العزل الذين خرجوا للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية و تذكير فرنسا و الحلفاء بوعود الحرية و الاستقلال. المسيرة الحاشدة انطلقت من ساحة الكرمات التاريخية و جابت الشوارع الرئيسية للمدنية تتقدمها الكشافة الإسلامية التي كانت في طليعة الانتفاضة الشعبية قبل 72 سنة، و شارك عدد كبير من سكان قالمة و سلطاتها المدنية و العسكرية و حشود من الفرق الرياضية القادمة من مختلف البلديات في المسيرة التي تحركت من أمام نصب المقاومة التاريخي بساحة الكرمات ثم عبرت شارع عنونة التجاري الشهير ثم ضاحية باب سكيكدة و ساحة مسجد عبد الحميد بن باديس وصولا إلى شارع أول نوفمبر أين سقط أول شهيد في الملحمة الشعبية الخالدة برصاص المعمرين الذين أطلقوا العنان للقتل و الحرق و التدمير بالمدن و القرى و المداشر في محاولة لوقف الانتفاضة و القضاء عليها في المهد لكنها تحولت إلى ثورة شاملة عمت ربوع الوطن و قادت الأمة الجزائرية المستضعفة إلى الحرية و الاستقلال. و قدر المشاركون في المسيرة بالآلاف، و لأول مرة منذ سنوات طويلة تتوشح شوارع قالمة بالسواد حزنا على آلاف الضحايا الذين قتلوا ظلما بالرصاص و الذبح و الحرق بأفران الجير الرهيبة في واحدة من أبشع المجازر ضد الإنسانية في القرن العشرين. و خرجت المئات من نساء قالمة أمس مرتديات العباءات السوداء، اللباس التقليدي المعروف بمنقطة الشرق الجزائري تعبيرا عن الحزن و الحداد الذي عم الربوع الطاهرة بعد المجازر الفظيعة التي أودت بحياة 45 ألف شهيد قبل 72 عاما. و عزفت الفرق النحاسية بقوة و دوت صيحات الله اكبر، رحم الله الشهداء، تحيا الجزائر عبر الشوارع و في سماء المدينة الحزينة التي استرجعت أمس ذكريات ماي الأسود، و أغلقت المتاجر أبوابها تقديسا لأرواح الضحايا و تجديدا للعهد و الوفاء للشهداء. و عند الموقع الذي سقط فيه الشهيد بومعزة السعيد قرأ الإمام مسعود مديني فاتحة الكتاب ترحما على شهداء 8 ماي 1945 و شهداء الثورة التحريرية و ذكر الحاضرين بتلك الحقبة الزمنية المظلمة من تاريخ الجزائر، و دعا إلى الوحدة و الوفاء للشهداء و توجيه رسائل قوية للمستعمر القديم و قوى الشر التي تعمل على النيل من إرادة الشعب الجزائري، مؤكدا بان الشعب الجزائري لن ينس تلك المجازر الفظيعة و يعتبرها محطة نحو التحرر من ليل الاستعمار الطويل. و عاشت ولاية قالمة خلال اليومين الماضيين أجواء احتفالية مميزة أحياء للذكرى 72 لمجازر 8 ماي 1945 و ذلك بتنظيم ملتقى دولي حول المجازر الرهيبة و زيارة مواقع الإعدامات الجماعية ببلديات قالمة، بلخير، بومهرة أحمد و أفران الجير بمدينة هليوبوليس، إلى جانب معارض فنية و حرفية و نشاطات رياضية و ثقافية تخليدا لذكرى تاريخية أليمة مازالت راسخة في أذهان القالميين إلى اليوم.