الملايير لم تخلص "وادي الكلاب" من النفايات و القاذورات بقسنطينة يعرف مؤخرا محيط ملتقى طرق القماص الواقع أسفل جسر السكة الحديدية بقسنطينة، انتشارا كثيفا و غير مسبوق للردوم و القمامة، كما تحول الوادي المار على هذا النقطة إلى مصب لجميع أنواع القاذورات، ما خلف مشهدا يوحي بأن هذا المحور الهام تحول و بإرادة الجميع إلى مفرغة عمومية مفتوحة، خصوصا و أن الأطراف المعنية تؤكد أنها عاجزة عن التحرك، في وقت يواجه المواطنون خطر كارثة بيئية فعليّة.و يتفاجأ يوميا المار على مفترق طرق القماص المؤدي إلى أحياء بن شيكو، واد الحد، الدقسي و "لوناما"، بكميات هائلة من القمامة و الردوم المرمية قربه و على مستوى مسالكه الأربعة ،التي لا تكاد حوافها تخلو من النفايات، إلى درجة تجعل أي زائر للمدينة يعتقد أن الأمر يتعلق بمفرغة عمومية مفتوحة، و يبدو أن هذا الديكور أصبح جزء من يوميات مواطنين وجدناهم يمشون إلى جانب القمامة و كأنهم ألفوا مظهرها و رائحتها الكريهة، التي عمت المكان و وصل مداها إلى الفيلات الفخمة المنتشرة حوله والتي لا يتردد كثير من أصحابها في رمي الردوم و أكياس القمامة على بعد أمتار منها. تحقيق: ياسمين بوالجدري تصوير: شريف قليب و لم يقتصر انتشار النفايات على مفترق طرق القماص، بحيث امتد إلى غاية الطريق القديم الرابط بالخروب والذي تحول إلى شبه مفرغة عمومية قرر الجميع رمي قماماتهم بها، دون أدنى مراعاة للخطر الذي قد يشكله ذلك على سكان بيوت قصديرية مجاورة لا ذنب لهم سوى أن الظروف المعيشية القاسية اضطرتهم للعيش في المكان و تحمل هذه المعاناة، أما المسلك المتفرع باتجاه حي بن شيكو و طريق المريج ،فاكتشفنا أن حوافه أصبحت و على مسافة عدة أمتار، النقطة المفضلة لأصحاب مشاريع البناء و ورشات الخياطة من أجل رمي ما ليسوا في حاجة إليه بها، بحيث شاهدنا أطنانا من الردوم و لوازم الخياطة و حتى أجهزة كهرومنزلية و و أجهزة كمبيوتر مرمية في المكان. و يؤكد سكان المنطقة ،الذين التقينا بهم أنهم يشاهدون يوميا أشخاصا غرباء يأتون ليلا لرمي أطنان من القمامات و الردوم التي تترك على حواف طرقات رئيسية، بل أن منهم من يرميها فوق الأرصفة ليجعلوا المارة مجبرين على المشي إلى جانب الأوساخ، و هو تحديدا ما لحظناه على مستوى المسلك المتفرع باتجاه حي وادي الحد، أين لم يخف سكان حي شعباني القصديري المجاور سخطهم الشديد من هذا الوضع، خصوصا و أنهم يعيشون، كما قالوا، ظروفا صعبة لا يقبلون أن تزداد سوء بسبب تصرفات لا مسؤولة من قبل أثرياء يتخلصون من النفايات و الردوم بالقرب من بيوتهم الهشة. "وادي الكلاب" يهدد سكان البيوت القصديرية بكارثة وبائية و من أخطر ما لاحظناه في استطلاعنا بمفترق طرق القماص، تراكم كميات هائلة من القمامة في جزء "وادي الكلاب" الذي يبدأ من وادي الحد و يصب في منطقة بومرزوق، بحيث شاهدنا عشرات العجلات المطاطية و القارورات البلاستيكية و كذلك فواكه و خضروات و حتى تجهيزات منزلية، مرمية في مياه هذا الوادي التي طغى عليها اللون الأسود و تنبعث منه روائح كريهة جدا، أجبرت المارة و أصحاب المركبات على استنشاقها يوميا، و قد أبدى العديد منهم لدى تحدثنا إليهم، استياءهم الشديد من هذا الوضع و استغربوا عدم تدخل الجهات المعنية من أجل إيجاد حل لهذا الوضع الذي يؤكدون أن بعض المواطنين هم المتسببون فيه برميهم النفايات في "وادي الكلاب". سكان البيوت القصديرية المتاخمة ل "وادي الكلاب" الملوث قالوا أنهم باتوا مهددين بكارثة وبائية فعلية باعتبار أن درجات حرارة الجو تعرف ارتفاعا مستمرا، ما سيساعد حتما على انتشار الأمراض المعدية خصوصا بين الأطفال، الذين وجدنا عددا منهم يلعبون بالقرب من تلك المياه القذرة بعدما لم يجدوا مكانا آخر للهو فيه، حيث تحدث أولياء عن إصابة أبنائهم بأمراض الحساسية و بعض الأمراض الجلدية نتيجة تلوث الهواء، و هو وضع جعلهم يطالبون بالتعجيل في تنظيف الوادي أو في ترحيلهم إلى سكنات لائقة. و كانت مديرية الري قد باشرت منذ أزيد من 5 سنوات مشروعا لخرسنة "وادي الكلاب" على طول 2.5 كيلومتر بكلفة قدرها 15 مليار سنتيم، لكن الأشغال فيه لم تنته بعد، في وقت انتهي من تركيب قنوات صرف المياه القذرة على طوله، لكن هذه الأخيرة لم تستغل بعد بسبب خوف مديرية الري من احتمال انسدادها بفعل ما يرميه أصحاب محلات الذبح غير الشرعي، المتمركزون في وادي الحد، من لحوم و عظام. البلدية "مقيدة" باتفاقية نفايات و مديرية الري تحمل المواطن المسؤولية مندوب القطاع الحضري القماص و لدى اتصالنا به أكد أن مصالحه عاجزة في الوقت الحالي عن التدخل لرفع القمامة من مفترق الطرق القماص و المسالك المتفرعة عنه، مرجعا ذلك إلى نقص الإمكانيات المتوفرة لديه و عدم التزام البلدية بالتدخل دائما، ليضيف أن ما زاد من تعقيد الوضع هو العقد المبرم مع المؤسسة العمومية البلدية متعددة الأشغال، الذي ينص على رفع القمامة من مناطق معينة و لم يدرج فيه بند رفع الردوم و القاذورات المرمية عشوائيا، لكنه استدرك بالقول أن مصالحه تعمل على تعديل هذه الاتفاقية و تقوم من حين إلى آخر بحملات تنظيف، اعترف أنها تظل غير كافية إذا ما استمرت السلوكات غير اللائقة لمواطنين يرمون بأوساخهم ليلا على قارعة الطريق. من جهته أكد مدير الري أن مصالحه أوكلت عملية خرسنة "وادي الكلاب" لمؤسسة فرنسية لم يتبق لها سوى 300 متر، بحيث يشمل المشروع تعديل المجرى مع تخصيص القنوات الممتدة على طوله لصرف المياه القذرة من أجل جعل الوادي نظيفا تماما، لكنه قال أن عملية التهيئة حتى لو انتهت فإن مظاهر التلوث ستستمر باعتبار أن سكان الجهات العلوية للمنطقة، لا يزالون يرمون جميع أنواع النفايات في هذا الوادي لتستقر في الأخير في مفترق طرق القماص، و هو ما يجعل عملية تحويل مياه الصرف إلى القنوات غير مجدية و غير قابلة للتطبيق باعتبار أن المياه القذرة تحتوي على لحوم و أشياء صلبة تتسبب في انسداد هذه القنوات، مضيفا أنه اجتمع مع لجنة مكافحة الأمراض المتنقلة التي تتابع الوضع عن كثب و التقى مع رئيس البلدية من أجل إيجاد مخرج لهذه المشكلة، كما أكد أن الحل يكمن أولا في الموطن الذي يجب أن يتوقف عن رمي القمامات في الوادي. و قد تعذر علينا معرفة موقف مديرية البيئة من الموضوع، حيث أعلمنا أن مديرها إلى جانب مدير مصلحة التلوث الحضري في عطلة، في حين أكد لنا مصدر مسؤول بداخلها أن مصالحه لا تتحرك عادة إلى بعد تلقي شكاوي عن حدوث مثل هذه التجاوزات، و إلى حين إيجاد مخرج لهذه المشكلة يبقى إحدى أهم المحاور مدينة قسنطينة، يغرق في القمامات و في روائح تنبعث من واد كلفت خرسنته الملايير، لكنه لا يزال يلفظ يوميا مياها قذرة باتت تهدد صحة السكان و حتى المارة.