البريئة «ملاك» ضحية لأطباء لم يشخصوا مرضها وأوضاع معيشتها المزرية زادت من حدّة إصابتها لم نكن ندري عندما اتصل أحد المواطنين بمكتب جريدة النصر بحي مصطفى بن بولعيد وسط مدينة أم البواقي هاتفيا لشرح الوضعية الصحية التي تعانيها ابنته أن يكون الوضع أكثر سوداوية مما نقله الشخص المتصل، ولم نكن نتوقع حينها كذلك أن ما زاد معاناة الطفلة بوعزيز ملاك ذات الثلاث سنوات ومن حدة المرض الذي تتخبط فيه هو غياب تشخيص واضح لإصابتها التي أقعدتها و حولت حياة والديها إلى جحيم. تنقلنا إلى عنوان المسكن أو بالأحرى المستودع الذي تقطن داخله هذه العائلة الصغيرة و الكائن على مستوى حي الحراكته على طول طريق خنشلة بعين البيضاء ، وهو عبارة عن محلين تجاريين غابت عنهما أدنى الضروريات قامت باستئجاره كسقف بيت لها ، مقابل 8000 دينار شهريا . والد الطفلة ملاك الذي أثقلت كاهله الهموم ، لم تعد الأجرة التي يتقاضاها من عمله اليومي بورشات البناء تكفيه لتوفير لقمة العيش لأفراد عائلته ناهيك عن صرفه مبالغ مالية إضافية متنقلا بين عيادة وأخرى ومؤسسة استشفائية من ولاية لأخرى، الوضع المادي المزري للعائلة ترجمته صورة عدم اقتناء الوالد لدواء وصفه أحد الأطباء لابنته الرضيعة وذلك بالنظر لارتفاع سعره . ووالدة ملاك التي بدا على ملامحها العياء والتعب وبدت أكبر بكثير من سنوات عمرها الثلاثيني ومرض ابنتها حيرها كما حيّر الأطباء . قالت بصوت حزين أنها تمنت عند حملها بعد عدة أشهر من زواجها أن تنجب ملاكا لكن القدر جعلها ذات 19 جوان من سنة 2009 تصدم بمرض صغيرتها . فبعد وضعها عن طريق عملية قيصرية بعيادة الولادة بمستشفى الدكتور زرداني صالح بعين البيضاء ، اكتشفت ا بأن مولودها من جنس أنثى لم تكن كباقي المواليد الذين رأوا النور ليلتها ، لأنها لم تكن تقوى على الحركة والتنفس وحتى البكاء. وواصلت بكلام خافت وعيناها تذرف دموعا حارة بأنها غادرت العيادة فيما أبقى الأطباء على ملاكها تحت العناية الطبية ، حيث ظلت تعاني من ارتفاع في درجة حرارتها طيلة شهر كامل ، حوّلت بعدها إلى أحد الأخصائيين في طب الأطفال بقسنطينة . لتبدأ رحلة تنقلهما من عيادة لأخرى ومن طبيب لآخر دونما تشخيص واضح للمرض الذي بدأ ينخر جسد ابنتهما الرضيعة . فمن الأطباء من شخصه على أساس مرض فقر الدم وطلبوا إجراء تحاليل لتحديد ذلك ، و بعضهم بين بأن الرضيعة تعاني اضطرابات في الدماغ ورضوض في الرأس، فيما قال آخرون بأنها مصابة بانسداد أنفها وحجرتها ولها ما يعرف ب«اللحمات»، وهي أمراض تاهت فيها الرضيعة وتاهت معها أسرتها الصغيرة بحثا عن علاج أو لربما تشخيص يشفي غليل أم لا تنام ويوفر على الوالد مصاريف التنقل من مؤسسة صحية لأخرى والمقدرة بأزيد من 1500 دينار عن كل عملية فحص ، إضافة إلى الثمن الذي يدفعه لصاحب السيارة التي يستأجرها لنقله إلى عنابة وعيادة الأمراض الصدرية بعين فكرون و عيادتي المخ والعظام بقسنطينة. والصغيرة ملاك تناولت العديدة من الأدوية بناء على هذه التشخيصات المتعددة ، وحسب الكيس الذي اطلعنا على محتواه من عينات الأدوية التي تقدم للرضيعة والتي أنهكت قواها دواء استقدمه أحد المحسنين من فرنسا إسمه «urbanyl 10mg» . والدة ملاك ردّت على سؤالنا المتعلق بماذا تريد حقيقة من قراء النصر فردت بالحرف الواحد «نحب يعاونوني يديو بنتي لواحد يبردلي قلبي وما نبقاش محيرة، وبغيت بنتي تمشي على رجليها برك»، و أكدت بأن ملاكها المقعدة لا تعرفها كما قالت وتبكي بين يديها ظنا منها أنها شخصا غريبا هو الذي حملها وهو ما يجعلها تجهش بالبكاء كلما اقتربت من ابنتها،. وحالة شبه السكن من الخارج ليست بأقل من حاله وحال قاطنيه من الداخل ، فالأوضاع المزرية تترجمها كذلك الأفرشة والأغطية والأثاث الرث ، والعائلة ما زالت تعيش زمن الأبيض والأسود من خلال تلفازها ذي الحجم الصغير، و الرطوبة أثرت سلبا على كل محتويات المستودع وأثّرت خاصة على الأدوية التي لم تحفظ بطريقة جيّدة لغياب الثلاجة. و أكدت والدة ملاك قبل مغادرتنا بأنها وزوجها ورغم الفاقة والمرض لم يقصرا في حق ابنتهما الوحيدة ، مشيرة إلى ما قالت لهما طبيبة عندما كانت في أشهرها الأولى بأن عليها أن تحضر لاستقبال المعزين لان طفلتها ستموت بعد أيام من تلك الفترة ، وهو ما جعلها تتبع كلامها وتقصّر في حق ابنتها، لكن مشيئة الخالق قدرت لها أن تعيش مدة أطول ، مما دفعهما إلى عرضها على عدد من الأطباء على أمل شفائها، ورحلة العلاج طالت وطالت معها معاناة الأسرة المعدمة وهذا رقم هاتف الوالد لمن أراد الاتصال لتقديم يد المساعدة من أهل البر والإحسان : 0778903933.