« الفرود» يعوضون نقص سيارات الأجرة بقسنطينة اصطفت مجموعة من سيارات « الفرود» الواحدة خلف الأخرى عند مدخل عوينة الفول بوسط مدينة قسنطينة في انتظار زبائن اختاروا دون أي تردد أن يستقلوا هذا النوع من وسائل النقل ، في غياب سيارات الأجرة التي كان ظهورها شحيحا إلى حد الإعتقاد بأن المحطة رسميا خاصة بسيارات « الفرود» وغير بعيد عنها كانت تقف سيارة للشرطة . والظاهرة لم تعد حكرا على الأحياء التي تفتقد لوسائل النقل ، أو ذات الطرقات الصعبة التي تنفر من استعمالها سيارات الأجرة ، وهي تعم جميع أحياء المدينة وبلدياتها ، وتتحول إلى واقع فرض نفسه على نساء لم تعد تجدن حرجا في ركوبها ، و فتح باب أي سيارة تقف أمامهن خاصة في ساعات الذروة للفوز بمقعد العودة للبيت أو الإلتحاق بمكان عملهن ، رغم ما قد يسببه ذلك لهن من متاعب . «الله غالب المهم نلقى ركبة» بخطى ثابتة تقدمت من سيارة «الفرود» المتوقفة عند مدخل عوينة الفول ، واختارت الجلوس في المقعد الأمامي ، فيما وقف سائقها الشاب خارجها ينتظر قدوم زبائن آخرين للإنطلاق باتجاه بلدية الحامة بوزيان . قال لنا بأنها جارته وقد تعودت الركوب معه ، و أغلب زبائنه من نساء المنطقة ، يعتمدن على خدمته للعودة للبيت ، أو التنقل إلى وسط مدينة قسنطينة . والسيارة لأخيه يستعملها لتدبر مصروفه من حين إلى آخر لأنه بطال تعذر عليه الحصول على عمل بمستوى الثالثة ثانوي. وغير بعيد عنه راح سائق « فرود» ينادي على « بلاصة واحدة « باتجاه « كانطولي» بطريق الحامة بوزيان ، قال أنه لم يجد رخصة استغلال سيارة الأجرة المعروفة باسم « النيمرو « رغم ارتفاع قيمة كرائها ما بين 6000و 7000دينار للشهر الواحد ، لذلك فهو مضطر إلى العمل ك «فرود» إلى أن يعثر على هذه الرخصة ، رغم متاعب الهرب من رجال الأمن . و أكدت متحجبة بأنها تستعمل سيارة « الفرود» ولم تحدث معها أي مشكلة ، لأنها تعرف أصحابها فهم من أبناء الجيران ، ووجوه أخرى تعودت عليهم ممن يستغلون خط « لاسيتي». وقال شيخ يحمل معه كيس مشتريات ثقيل كان يهم بركوب « الفرود» بأن ساقي سيارات الأجرة « يركبونا بالتشناف» ويرفضون التوقف أمام أصحاب الحمولة ،وهو يجد راحته مع هذا النوع من النقل غير الشرعي ، بل وكون صداقات معهم . ووقفت سيدة أخرى رفقة ابنتها عند مدخل شارع عواطي مصطفى « طريق سطيف» تترقب قدوم سيارة أجرة في ساعة الذروة مساء ، هرعت مع مجموعة من المواطنين إلى سيارة خاصة أوقفتها إشارة المرور ، وفتحت بابها الخلفي ، تبين بأنها ليست سيارة « فرود» فعادت تجر قدميها وهي تنظر من حين إلى آخر إلى هاتفها المحمول لمعرفة الوقت ، وتجري خلف أي سيارة تمر بالقرب منها ، ففي ساعات الذروة كما قالت لنا يتعذر الحصول على سيارة أجرة ، وإن توقفت تشترط نقلها « كورسة « إلى المدينةالجديدة علي منجلي مقابل 400 و 450 دينار ، و « الفرود « طوق النجاة الذي كثيرا ما تلجأ إليه للعودة للبيت والذهاب لمكان عملها وغيرها من المشاوير التي يتعذر عليها فيها الحصول على خدمة سيارات الأجرة . فيما اعترفت عاملة بأن قلبها كاد يتوقف وهي تكتشف في طريقها إلى مكان عملها بأن سيارة « الفرود» التي استقلتها من بلدية ديدوش مراد من المحطة التي تعودت على الوقوف بها لم يكن سائقها « فرودير» وقد أخبرها بذلك عندما لاحظت بأنها الراكبة الوحيدة معه ، و أكدت بأن السيارة تعمدت الوقوف أمامها فلم تشك في وجهة صاحبها ، لذلك فتحت باب سيارته وجلست أمامه في انتظار قدوم ركاب آخرين ، و كم كانت صدمتها كبيرة وهي تعرف حقيقته ، و رغبته في التعرف عليها ، بعد أن سألته إن كان سيأخذها « بلاصة و لا كورسة» وبكت عندما نزلت منها سالمة ، و أقسمت ألا تركب « الفرود» حينها ، لكنها ما زالت تستخدم هذه الوسيلة لأنها كما قالت « الله غالب عليها» وهي تركب مع « فرودير» تعرفهم حاليا بالوجه ،وتنتظر قدومهم إلى المحطة . «الدوبليير» سبب الأزمة اعترف الأمين العام للإتحاد الوطني لسائقي سيارات الأجرة بالولاية محمد محسن الذي انتهى للتو من عقد اجتماع تشاوري حول التحضير لحركة احتجاج « الصفراء» غدا الأحد ، بأن « الفرودير» أصبحوا يعملون بطريقة عادية ، يتوقفون على مستوى محطات سيارات الأجرة التي تعمل بصفة رسمية ، و ذلك بسبب نقص رخص استغلال سيارات الأجرة ، وقد اضطر سائق من بينهم بعد 25 سنة في ممارسة هذه المهنة إلى العمل « فرودير» بسيارة ب 6 مقاعد للمسافات الطويلة لأن صاحب « النيمرو» استرجعه وظل ينتظر 6 أشهر كاملة للحصول على رخصة استغلال أخرى ولم يعثر عليها، وهناك اليوم 3000سيارة أصحابها اجتازوا فترة التكوين ينتظرون الحصول على رخصة الإستغلال التي قفز ثمن كرائها من 3000 و 4000دينار إلى مليون سنتيم يدفعون تسبيقا عنها لمدة ثلاث سنوات. نافيا أن يكون سبب نقص هذه الخدمة العمومية في المساء وفي ساعات الذروة إلى اعتماد سائقين من خارج قسنطينة يعودون إلى ديارهم في هذا التوقيت ،مؤكدا بأن نسبة السائقين القادمين من خارجها لا تتجاوز 2بالمائة ، وهي نسبة قليلة جدا لا تؤثر على نشاط هذه المهنة ، وأن السبب الحقيقي لهذا النقص يكمن في عدم العمل ب» الدوبلير» بسبب الشروط التعجيزية لصندوق الضمان الإجتماعي بالولاية الذي يطالب بتسديد مبلغ 6000دينار شهريا كتأمين للسائق الثاني ، و سائق واحد لا يمكنه أن يستمر خلف المقود أكثر من 12 ساعة فيضطر إلى التوقف عن العمل بعد الساعة الرابعة مساء ، فيما يعمل بهذا النظام في ولاية سكيكدة ، ويسعون إلى رفع عدد السائقين إلى ثلاثة لتوفير النقل بسيارات الأجرة 24 ساعة . بالإضافة إلى مشكلة قدم حظيرة سيارات الأجرة حيث يضطر العديد من السائقين إلى ركنها بسبب كثرة الأعطاب التي تلحق بها ، وعجزهم عن شراء سيارات جديدة . صفية / ب /تصوير: ع.عمور