أويحيى يستقيل من الأمانة العامة للأرندي أعلن أحمد أويحيى الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أول أمس استقالته من منصبه اعتبارا من الخامس عشر جانفي الجاري، وبرّر ذلك في رسالة مطولة وجهها لمناضلات ومناضلي الحزب بحالة الانقسام السائدة في الوقت الحاضر داخل المجلس الوطني للحزب يعود سببه المعلن إلى وجوده شخصيا في منصب الأمين العام، والتي خشي أن تمتد إلى القواعد مستقبلا. بعد تزايد ضغوط معارضيه في الأسابيع الأخيرة رمى الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى المنشفة بعد 14 سنة قضاها على رأس الحزب، وحرص أويحيى على توضيح مبررات ومعللات استقالته من منصبه في رسالة مطولة من أربع صفحات وجهها أول أمس الخميس لمناضلات ومناضلي حزبه عبر مختلف ربوع القطر. وهكذا حرص أويحيى في مستهل رسالته المذكورة على التذكير أن الأزمة التي يمر بها الحزب عكرت صفو الدورة الأخيرة للمجلس الوطني، وأنه حرص شخصيا على التزام الصمت حيال هذه الأزمة إلى ما بعد الاستحقاقات الانتخابية، لكنه اليوم قرر مفاتحة المناضلين حول وضعية الحزب. ثم راح يقول “ وهنا أريد قبل كل شيء أن أوضح أن هدفي ليس إصدار حكم على أي كان أو حتى الرد على التهجمات التي وجهت لي شخصيا والتي كانت جارحة أحيانا، بل أن غاية هذه الرسالة تتمثل في تمكيني من الإدلاء بجملة من الملاحظات حول حالة الحزب وكذا استخلاص بعض الخلاصات". وتأتي على رأس الملاحظات التي تحدث عنها أويحيى وجود “انشقاق داخل المجلس الوطني للحزب سببه المعلن وجوده شخصيا في منصب الأمين العام"، أما الملاحظة الثانية - كما سرد - فهي لجوء الحركة المتسببة في هذا الانشقاق إلى مبادرات خارجة عن الأطر القانونية للحزب ولا أدل على ذلك من كون عدد من التوقيعات التي تجمع حاليا لطرحها خلال دورة المجلس الوطني صادرة عن أشخاص ليسوا أعضاء في هذه الهيئة، فضلا عن سعي الحركة المناوئة إلى تنصيب مكاتب محلية موازية للهياكل النظامية في الولايات. وعليه يخلص المتحدث في ملاحظته الثالثة بناء على ما سبق ذكره إلى أن الوضع الحالي ينذر “بانزلاق" قد تكون عواقبه وخيمة على مستقبل الأرندي من خلال احتمالات ثلاثة، أولها وقوع انقسام في بيت التجمع في حال أدى الخلاف الحالي إلى مواجهة خلال الدورة المقبلة للمجلس الوطني، ثانيها احتمال تأزم أشغال دورة المجلس الوطني وما قد يخلفه ذلك من عواقب سلبية تؤثر على تحضير المؤتمر المقبل ما سيؤدي في النهاية إلى أزمة داخلية مستدامة، أما الاحتمال الأخير فهو الاستمرار في تنصيب مكاتب موازية محليا الشيء الذي قد ينقل الانشقاق إلى قواعد الحزب وتحوله إلى مواجهات مباشرة بين المناضلين. وانطلاقا من الملاحظات التي ساقها –يضيف – الأمين العام للأرندي انه وحرصا منه على توفير علاج حقيقي للازمة التي تعصف بالتجمع، وتوفير الظروف الملائمة لإعادة السكينة إلى داخل الحزب والحفاظ على وحدته، وتجاوز مبررات الأزمة الراهنة، وضمان تحضير جيد للمؤتمر القادم قرر تقديم استقالته من منصب الأمين العام للحزب ابتداء من 15 جانفي الجاري. وشدّد في رسالته يقول" ولقد لجأت إليكم مباشرة انتم المناضلين لأفصح عن استقالتي هذه كون المجلس الوطني غير مخول بحكم نصوص الحزب للنظر في عهدتي الحالية على رأس الأمانة العامة للحزب التي اقرها المؤتمر الثالث للحزب.. ثم إن استقالتي قبل اجتماع المجلس الوطني من شأنها أن تمكن هذه الهيئة من اللجوء إلى المادة 46 من القانون الأساسي التي تخولها خاصة مسؤولية تعيين أمين عام بالنيابة.. كما أرى أن استقالتي الآن قبل بضعة شهور عن الموعد القانوني للمؤتمر الرابع ستجنب الحزب الاستمرار في أجواء متأزمة قد تؤثر سلبا على تحضير المؤتمر المقبل". كما برر أويحيى اختياره 15 جانفي كتاريخ مسبق لسريان استقالته بدافع الحرص على “تجنيب الحزب فراغا طويلا" من حيث التسيير الإداري له من جهة، ومن جهة أخرى فسح المجال لمن اسماهم ذوي النوايا الحسنة للتشاور حول تعيين أمين عام بالنيابة، وعدول الحركة المناوئة له عن المبادرات الموازية على مستوى القواعد. وإذا كان أحمد أويحيى قد حاول الظهور في محتوى رسالته بمظهر المحافظ على وحدة الحزب والجامع لصفوف مناضليه فإن استقالته تأتي بعدما تزايدت الضغوط عليه بشدة في الآونة الأخيرة من طرف الحركة المعارضة له، ولكن أيضا بعدما أعلنت قيادات كبيرة وبارزة في الحزب كانت محسوبة إلى جانبه انضمامها للحركة المعارضة على غرار الكثير من الوزراء، وحتى بعض أعضاء المكتب الوطني الذين لم يعلنوا عن ذلك صراحة، وكانت قبل ذلك بقليل قد انضمت للجهة المقابلة أيضا المنظمات والجمعيات التابعة له والتي كانت تشكل قوة حقيقية للأمين العام وللحزب في المواعيد وفي كل الأوقات. و تقول بعض المصادر أن المجلس الوطني للحزب يسير نحو تعيين أمين عام بالنيابة إلى غاية عقد المؤتمر الرابع المقرر في شهر ماي المقبل، كما تقول هذه المصادر أيضا أن رئيس مجلس الأمة الحالي عبد القادر بن صالح مرشح بقوة للعودة إلى رأس الحزب، أما أويحيى فتشير مصادر أخرى إلى احتمال تعيينه سفيرا في باريس. لكن ما هو مؤكد حسب المراقبين أن صعود أويحيى سنة 1998 و سقوطه سنة 2013 ارتبط بالتحضير لمواعيد انتخابية كبرى هي الانتخابات الرئاسية في كلتا الحالتين، فعندما خلف الطاهر بن بعيبش على رأس الأرندي بداية 1998 كان من أجل دعم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وسقوطه بداية 2013 كان أيضا تحضيرا للانتخابات الرئاسية في العام المقبل لكن لصالح من؟ هو السؤال الذي ستجيبنا عنه الأيام المقبلة. محمد عدنان