الرهانات و الصراعات القادمة ستكون حول الهوية و التاريخ يعود الإبن الوفي لأب الفنون الممثل المسرحي عبد الحق بن معروف بطل فيلم “زهرة اللوتس" للشاشة العملاقة من خلال عملين جديدين “حورية الممرضة" و"بطل وحيد هو الشعب" دون التخلي عن تخصصه و عشقه الأول المسرح الذي لا زال يجني نجاحات مسرحية “تارتوف" لموليير و التي حملته و فرقته إلى مسارح العالم. عن مغامراته الفنية الجديدة و قراءته لواقع الحركة الثقافية بالوطن يتحدث الفنان في حوار للنصر. كنت وراء استحداث فكرة " أبي خذني إلى المسرح " التي أصبحت الآن من الأنشطة الهامة للعديد من المؤسسات الثقافية على المستوى الوطني حدثنا عن التجربة؟ - الأنشطة الإرتجالية و الفجائية و الموسمية الموجودة كأنشطة رسمية للعديد من المؤسسات الثقافية دفعتني للبحث عن التأسيس الفعلي لحدث يأخذ بعين الاعتبار المعطيات و الواقع الثقافي للتخلص التدريجي من البريكولاج المكرّس على مستوى هذه المؤسسات و بأهداف واضحة و معلنة لتكريس النوعية بالدرجة الأولى على مستوى النشاط المسرحي الخاص بالأطفال فكانت فكرة / أبي خذني إلى المسرح / بداية فعلية للتحوّل من مسار لآخر و برؤية و منهجية علمية بعيدة عن الارتجالية التي تضر أكثر مما تنفع أطفالنا بالدرجة الأولى. و المشروع و إن أخذ مساره التطبيقي تبقى المراحل القادمة منه كفيلة بإبراز الجوانب الحضارية لهذا الفعل. بصفتك مسيرا بالمسرح الجهوي بعنابة، كيف تقيّم التجربة و ما مدى تأثيرها على شخصكم كفنان ؟ -أنا نفس الشخص و أكثر من هذا أنا في مكاني أو من المفروض أن يكون فيه غيري، لكن شرط توفر العلاقة المتينة و الحميمة بعالم المسرح على كل مستوياته لأن استيعاب مهمة التسيير في هذا المجال يتطلب معرفة واسعة بأجواء العمل الفني أو المسرحي على وجه الخصوص.. و أنا جد مرتاح بتأدية هذه المهمة التي أراها تكملة للجانب الأخر أي أنني أساهم في تكريس هذه الحالة الشخص المناسب في المكان المناسب. أين وصلت عملية تصوير الفيلم الثوري"بطل وحيد هو الشعب" للمخرج محمد قطيطة وهل ترون فيه إثراء للأعمال الثورية أو مجرّد تكريس لما سبق من أعمال سينمائية عن الثورة ؟ - أشير في البداية إلى أن عرض / معركة الجزائر / هذه الأيام في أكبر قاعات فرنسا يعد انتصارا للحقيقة و الذاكرة...و أرى بأن الرهانات و الصراعات القادمة ستكون حول الهوية و التاريخ ولهذا فإن العودة للثورة يعني العودة للذات و للذاكرة الجماعية لشعبنا و التي نحن ملزمون و مجبرون على تحقيقها شرطها بأي شكل من الأشكال التعبيرية حتى تستمر من خلالها البطولات و التضحيات الكبيرة للشعب في تلك الحقبة الزمنية خاصة في شقها السينمائي بما له من تأثير قوي بالصورة و الصوت مع امتلاك التقنيات الحديثة الكفيلة بمسايرة الإنتاج السينمائي العالمي. و الفيلم الثوري الجديد / بطل وحيد هو الشعب / للمخرج محمد قطيطة الذي أمثل فيه دور سي لخضر قائد كتيبة إضافة جيدة للسينما الجزائرية التي أخذت على عاتقها عملية إعادة بعث أحداث الثورة و تمجيد رجالاتها و أبطالها، وهو ما عمل الجميع على إبرازه سواء فنيين أو تقنيين في هذا العمل الذي سيرى النور خلال هذه السنة احتفالا بخمسينية الاستقلال. من “زهرة اللوتس" إلى "حورية الممرضة"ثم أخيرا "بطل وحيد هو الشعب"... هل يعني هذا ابتعاد عبد الحق شيئا فشيا عن المسرح ؟ - لا يمكن للذي كبر فوق الخشبة أن يبتعد عن المسرح، لكن بعض التفاصيل تجعل المؤدي للأدوار التلفزيونية أو السينمائية أكثر ظهورا من الممثل المسرحي الذي لا يتمتع عمله بنفس العملية الإشهارية و التناول الإعلامي رغم الدور الكبير الذي يلعبه المسرح و خصوصيته من خلال المشاهدة و المتابعة المباشرة... و أنجزنا مؤخرا عملا مسرحيا متميزا / تارتوف / لموليير و التي قدمناها على مسارح كثيرة وطنية و عالمية أيضا مثل فرنسا و هولندا بنسخة ، لكن رغم نجاحها الجماهيري داخليا و خارجيا لم تأخذ نصيبها الإعلامي لأسباب نجهلها. كما أن التخلص من هيمنة الدور المسرحي على الشخص المؤدي أصعب بكثير من الدور السينمائي و هو ما يجعلني دائم الارتباط بالحالة التقمصية للدور المسرحي والتي لا تزول إلا بزوال العمل ودخوله أرشيف الذاكرة. تعيش الجزائر احتفاليات خمسينية الاستقلال، فكيف تنظر لهذا الحدث على المستوى الشخصي و الثقافي العام؟ - من جهتي شاركت كما سبق و أن ذكرت في عملين سينمائيين “بطل وحيد هو الشعب و “حورية الممرضة" و هما يدخلان في هذا الإطار. أما على المستوى العام فأنا انتظر أشياء أخرى تكون في مستوى عظمة الحدث و أن لا تكون هناك ارتجالية بالأعمال التي ستنجز، لأن طابعها أكبر بكثير من القول بأنها مناسبة أو تظاهرة... و علينا جميعا كمؤسسات و هيئات ثقافية و أشخاص أن نساهم في إنجاح الحدث لأن التاريخ لن يرحمنا إذا فشلنا في توصيل و ربط الجيل الحالي بذاكرتنا التي سيكون لها الأثر الكبير على مستقبل البلاد.