مقصلة حقيقية تحبس أنفاس زوار المعرض الوطني الثالث للنحاس بقسنطينة أثارت مقصلة حقيقية انتباه الكثير من زوار الصالون الوطني الثالث لصناعات النحاس الذي افتتح عشية أمس الأول بقسنطينة، و هي مقصلة بمعايير حقيقية صنعها العارض مغزي عبد الغاني بالتزامن مع الذكرى الخمسين للاستقلال و استعدادا لتظاهرة " قسنطينة عاصمة للثقافة العربية "، رغبة من الحرفي المبدع في عرض جانب مهم من تاريخ الجزائر ليعتبر منه شباب جيل الاستقلال و يقدروا حجم تضحيات شهداء الوطن. المقصلة المصنوعة يدويا جسدت وفق النموذج القديم لهذا النوع من آلات الإعدام التي قطعت رأس الشهيد أحمد زبانة،كما صممت اعتمادا على صورة واقعية طلبها الحرفي مغزي عبد الغاني من الجيش الوطني الشعبي بقسنطينة لأنه كما قال لم يسبق له أن رأى مقصلة حقيقية في حياته، مشيرا بأن عملية إنجازها استغرقت مدة شهرين لم يفوّت خلالها أدق التفاصيل داخل ورشته بباردو ، ليتحصل في النهاية على نموذج واقعي لآلة الموت الأكثر شهرة لدى الجزائريين لارتباطها بالعديد من الصور المؤلمة في ذاكرتهم الجماعية، و التي التف حولها زوار الصالون الوطني الثالث للصناعات النحاسية مشكلين حلقات كثيفة حولها من أجل النظر عن كثب إليها و التقاط صور لها، و هم يتساءلون إن كانت فعلا حقيقية و إذا كانت شفرتها الحادة قاتلة حقا. و لم يخف الكثيرون دهشتهم معترفين بأنهم لأول مرة في حياتهم يشاهدون مقصلة عن قرب، كما بدى تأثر البعض من خلال تعبيراتهم و انفعالاتهم و هم يتأملون آلة الموت و يقرؤون أسماء بعض شهداء الثورة القسنطينيين الذين راحوا ضحيتها في حقبة الاستعمار، و من بينهم أحد المجاهدين الذي لم يتمالك نفسه عندما رآها و انفجر باكيا أمام حبال و حديد المقصلة كما أخبرنا صانعها الذي علم منه أنها أثارت في نفسه ذكريات مؤلمة تعود لفترة الاستعمار. ذات شعور التأثر البالغ أحس به الحرفي نفسه عندما شاهد شكل المقصلة النهائي، و الذي زرع في نفسه مثلما قال شعورا غريبا يتراوح بين الهيبة و الرهبة و هو ما أراد نقله للجماهير الذين يشاهدون المقصلة لأول مرة على المباشر ليتذكروا هم أيضا حجم التضحيات الكبيرة التي قدمها شهداء الواجب الوطني لكي ينعم جيلهم الآن بالراحة و الحرية، قبل أن يتم نقلها إلى " المتحف الوطني سيرتا " حسب عرض والي ولاية قسنطينة الذي أعجب بالفكرة وطلب منه شراء المقصلة لعرضها في متحف المدينة. و لم يكتف الحرفي مغزي عبد الغاني بالمقصلة بل راح يجسد نماذج عديدة لآلات تعذيب أخرى حدثه عنها بعض المجاهدين من عائلته و محيطه، " كالمشلخة " و " المشنقة" و آلات حادة كانت تستخدم في التعذيب بالكهرباء و سجن السيلون القاهر الذي كان كابوس الكثير من المجاهدين الذين وقعوا في قبضة الفرنسيين و كانوا تحت رحمة سجونهم و همجيتهم. و للإشارة تحصل الحرفي مغزي عبد الغاني على 35 شهادة مهنية في حرفة الحدادة التقليدية، حيث يعتبر الحرفي الوحيد في قسنطينة الذي يقوم بصنع آلات الحدادة التي يستعملها الكثير من الحرفيين في مهنهم التقليدية، خاصة النحاسيين الذين يشترون منه أدوات النقش . كما يقوم بتعليم هذه المهنة التي يعتبرها أم الحرف للكثير من الشباب الذين يترددون على غرفة الصناعات التقليدية و يتعلمون الجانب التطبيقي في ورشته الخاصة الكائنة بحي رحماني عاشور "باردو".