تحالفات وتوافقات سياسية تعيد تركيب الخارطة السياسية استعدادا للرئاسيات بدأت ترتسم معالم التحالفات السياسية الجديدة استعدادا للاستحقاقات المقبلة، بداية بتعديل الدستور وصولا إلى رئاسيات 2014، وشرعت الأحزاب في مشاورات سياسية لعقد هذه التحالفات مع اقتراب موعد الرئاسيات، وتزامنت هذه التحركات مع تعافي الرئيس بوتفليقة من الوعكة الصحية التي ألمت به، وهو ما تؤكده الاستعدادات لعقد مجلس للوزراء قريبا للحسم في عديد الملفات السياسية ومشاريع. بعد تخطي الافلان مشاكله الداخلية وانتخاب أمين عام جديد للحزب، شرع عمار سعيداني في مشاورات سياسية مع أحزاب أخرى لبحث فرص إبرام تحالف سياسي جديد يسمح بتكوين قاعدة انتخابية لحسم معركة رئاسية 2014، ويؤكد سعيداني، إن التحالف الجديد سيدعم الرئيس بوتفليقة إذا ترشح هذا الأخير للرئاسيات المقبلة بوصفه مرشح إجماع. هذه التفاهمات من شأنها أن تعيد رسم الخارطة السياسية الجديدة، وقد تعطي نفسا جديدا للأحزاب السياسية التي دخلت في فترة سبات حزبي غير معلن في الفترة الأخيرة، وأفرزت حالة من الغموض وانعدام الرؤية بخصوص مواقف هذه الأحزاب من المواعيد المقبلة، وقد عمدت اغلب هذه الأحزاب إلى "تجميد" مشاوراتها الثنائية أو المتعددة الأطراف في إطار التكتلات إلى حين اتضاح الرؤية سياسيا. وفيما بقى تحالف ما يسمى ب"قوى المعارضة" مجرد حديث إعلامي، دشن الأمين العام الجديد للافلان، مشاوراته السياسية لتشكيل تحالف جديد على أنقاض التحالف الرئاسي الذي دعم الرئيس بوتفليقة في الرئاسيات السابقة، قد يلعب فيه حزب "تاج" الدور الذي لعبته حركة حمس سابقا ومن المنتظر أن يلتقي سعداني مع قادة أحزاب أخرى قريبا، لتنسيق المواقف قبل المواعيد السياسية المقبلة، وخاصة تعديل الدستور وبعدها رئاسيات 2014، وقد تنشأ عن هذه المشاورات تحالفا سياسيا جديدا بين الأحزاب التي تتشارك نفس الرؤى والمواقف السياسية. وترجمتها على مستوى البرلمان من خلال دعم كل المشاريع التي ستعرضها الحكومة. وأكد سعداني، إبرام "توافق سياسي" بين حزبه وتجمع أمل الجزائر "تاج" لدعم تجسيد برنامج رئيس الجمهورية، ودعم ترشح الرئيس بوتفليقة للرئاسيات المقررة في افريل 2014، وأوضح من جانبه رئيس "تاج" عمر غول، بان الجزائر بحاجة إلى حكمة وحنكة الرئيس بوتفليقة للتعامل مع الأوضاع غير المستقرة التي تحيط بالجزائر. وجدد غول، موقف حزبه الداعم لرئيس الجمهورية، مشيرا بان الرئيس تعافي كلية من الوعكة الصحية التي إصابته، وقال "الرئيس عالج وتعافى"، وانتقد الأطراف السياسية التي حاولت استغلال الملف الصحي للرئيس بوتفليقة. ومن غير المستبعد إن تلتحق أحزاب أخرى بهذا التحالف السياسي الجديد في الأسابيع والأشهر المقبلة، بداية بحزب التجمع الوطني الديموقراطي، وذالك بعد انتخاب أمين عام جديد له خلال المؤتمر الرابع المقرر شهر ديسمبر المقبل، إضافة إلى الحركة الشعبية وأمينها العام عمارة بن يونس، الذي أعلن تأييده لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، وقد تلتحق بالركب أحزاب أخرى. بالمقابل يجد التيار المعارض، وخاصة الأحزاب المنتمية للتيار الإسلامي بزعامة حركة "حمس" ورئيسها عبد الرزاق مقري، صعوبة في تحقيق توافق بين الأحزاب ال14 المنضوية تحت شعار "الدفاع عن الذاكرة" ولم تنجح هذه الأحزاب في الاتفاق حول مرشح واحد للمعارضة في رئاسيات 2014، والأكيد إن أي تحالف إسلامي سيكون مبتورا من حزب جاب الله الذي لم يحسم بعد في مسالة الدخول في تحالف لخوض غمار الرئاسيات، خاصة وان وجوه قيادية بارزة في جبهة العدالة والتنمية ترفض الانخراط في أي تحالف تكون فيه حركة الإصلاح بزعامة جهيد يونسي احد أطرافها، وتشير بعض التسريبات بان جاب الله سيحسم في خيارين لا ثالث لهما، أما الدخول باسمه في الرئاسيات أو مقاطعة الانتخابات. وقد اقر الأمين العام لحركة النهضة فاتح ربيعي، بفشل المعارضة بشكل عام، والتيار الإسلامي بصفة خاصة، في التوصل إلى توافق حول مرشح واحد، وقال ربيعي خلال الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا، بان المشاورات التي جرت بين هذه الأحزاب لم تفضي لحد الآن إلى أي اتفاق بين الأحزاب المنضوية تحت لواء "أحزاب حماية الذاكرة" حول مرشح موحد للرئاسيات، موضحا بان هذه الأحزاب لا زالت تتواصل فيها بينها، وقال بان المشاورات السياسية مستمرة في إطار التكتل الأخضر، ومع أحزاب أخرى لها توجهات سياسية أخرى. وأكد بان حزبه يدعم فكرة تقديم مرشح واحد يمثل المعارضة في الانتخابات الرئاسية، وهو الخيار الأول ضمن الخيارات التي وضعتها الحركة، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق مع المعارضة، سيتم البحث عن مرشح موحد بين الإسلاميين أو مع الأحزاب المشكلة للتحالف الأخضر، مضيفا بان الحسم في هذه الخيارات سيتم بعد اتضاح الصورة بالنسبة للرئاسيات. ويرى المتتبعون، بان عودة الرئيس إلى ممارسة مهامه بشكل طبيعي، بعد تعافيه من الوعكة الصحية التي إصابته، قد تساهم في إحداث فرز في المواقف بالنسبة لبعض الأحزاب، وتخلط أوراق أحزاب وشخصيات أعلنت قبل فترة دخول المعترك الرئاسي.