رجال يدفعون زوجاتهم للإنتحار و الإجهاض خلال شهر رمضان بينت دراسة أجريت بمصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة،بأن من بين 213 معاينة أجراها الطاقم الطبي المتخصص بالمصلحة خلال شهر رمضان الفارط ، سجلت 73 حالة لنساء و رجل واحد تعرضوا خلال هذا الشهر الفضيل للعنف الزوجي و أغلبهم حدد الأطباء نسبة عجزهم الجزئي عن العمل ب15 يوما أو أقل، فيما انتحرت سيدتان نظرا لتأثرهما الشديد بمختلف أشكال العنف المتكرر المسلط عليهما من زوجيهما وقد تم تشريح جثتي الضحيتين بالمصلحة في نفس الفترة. الدراسة التي قام بها البروفيسور عبد العزيز بن حركات، رئيس أطباء المصلحة، بمعية كل من البروفيسور زهرة بودراع و البروفيسور عبد الحميد بلوم و الدكاترة تيجاني و فروي و مجدوب و خوالدية تم تقديمها خلال الأيام العلمية حول الخبرات الطبية القضائية التي احتضنتها جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة يومي الأربعاء و الخميس،أمام حضور مكثف لرجال العدالة و الأمن و الدرك و الأطباء و الخبراء من مختلف أنحاء الوطن إلى جانب خبراء من فرنسا و تونس،استخلصت بأن العنف الزوجي لا يزال مشكلة عويصة بالنسبة للصحة العمومية ببلادنا و نتائجه مأساوية خاصة بالنسبة للنساء و الأطفال . أهداف الدراسة تتمثل أساسا في تقييم مدى انتشار العنف الزوجي بقسنطينة و رسم ملامح و خصائص شخصيات كل من الضحايا و المعتدين و إخضاع الأطر القضائية و النصوص القانونية المتعلقة بالعنف العمدي لمحك الدراسة و التحليل واقتراح حلول للتغلب على العنف الزوجي و تقديم توصيات بشأنه. و أشار الباحثون إلى أن أشكال العنف المسجلة لفظية و نفسية و معنوية إلى جانب العنف الجسدي و الجنسي و الاقتصادي.و قد اعتمدوا على دراسة ملفات أفراد العينة الذين خضعوا للمعاينة الطبية القضائية بالمصلحة خلال شهر رمضان.علما بأن العدد الاجمالي للمعاينات في هذا الشهر بلغ 212 حالة لنساء و رجل واحد. 81 بالمائة من المعتدين ذوي مهن حرة حدد الباحثون خصائص الضحايا كالتالي :تتراوح أعمار 31 منهم بين 19 و 30 عاما و ينتمي12 منهم للفئة العمرية من 31إلى 40 عاما و البقية تتراوح أعمارهم بين 41و 60عاما.و الملاحظ أن 81 منهم دون نشاط مهني و إطار واحد و البقية عمال و موظفين و 11منهم ذوي مستوى جامعي و 18 ذوي مستوى تعليمي ثانوي و البقية مستواهم متوسط أو أميين. بالنسبة لخصائص المعتدين تم تسجيل21 حالة لأشخاص تتراوح أعمارهم بين 31و 40عاما و 15حالة لأشخاص تتراوح أعمارهم بين 41و 50عاما و الباقين تتراوح أعمارهم بين 51 و 60 عاما.و 24 من المعتدين ذوي مستوى تعليمي متوسط و واحد فقط جامعي و البقية تتراوح مستوياتهم بين الثانوي و الابتدائي.و في ما يتعلق بالعمل لوحظ بأن 81 بالمائة من المعتدين يمارسون مهنا حرة مقابل 15بالمائة بطالين و 3إطارات و البقية عمال. و عن عدد الأولاد لوحظ بأن الأغلبية لديهم ابنا إلى ثلاثة أبناء و 13فقط دون أبناء و قد اتضح بأن 23من أفراد العينة حديثي الزواج أو لا تتجاوز مدة زواجهم السنة و 4 تزوجوا منذ أكثر من 5سنوات. بخصوص الاصابات بينت الدراسة بأن 81 بالمائة من الحالات تتعلق بكدمات و 4بالمائة كسور و تتراوح باقي الاصابات بين الجروح و الرضوض و 35 اصابة على مستوى الوجه و الرأس و 30 على مستوى الأطراف و البقية في باقي أنحاء الجسم.و قيم الأطباء نسبة العجز الجزئي عن العمل بين 4 و 8 أيام ل 38 حالة و بين 9و15 يوما ل15حالة و تجاوزت نسبة العجز لحالة واحدة 16يوما و البقية بين 0و 3 أيام. المختصون رسموا صورة نمطية طالما تكررت أمامهم لضحايا العنف الزوجي و تتمثل في ربة بيت دون عمل مستواها التعليمي منخفض في الثلاثينات من العمر أم لطفلين.و سجلت حالات عديدة لحوامل معنفات ببيت الزوجية تعرضن لمخاطر النزيف و الاجهاض و تمزق المشيمة و موت الأجنة في الرحم أو وفاتهن أو تعرضهن لكسور الأطراف و غيرها من الاصابات.أما الزوج المعتدي فهو في أغلب الحالات عامل في الأربعينات يتعاطى التبغ و مستواه التعليمي منخفض. الدراسة سجلت أيضا عواقب العنف الزوجي على الأبناء المتمثلة في إصابتهم باضطرابات نفسية و سلوكية و اضطرابات النوم و الأكل و الانطواء و العدوانية و التوتر والقلق المستمرين و صعوبات في التعلم و الدراسة مما يتطلب حماية هذه الشريحة و مساعدتها .بالنسبة للزوجات المعنفات يتعرضن في حالات كثيرة للطرد من بيت الزوجية و التشرد مع أطفالهن و يقعن في شباك الخوف من عواقب الطلاق و نبذ أسرهن و تهميش المجتمع و حصار الاجراءات الطويلة المرتبطة بالخضوع للمعاينة و التقدم بشكاوى للشرطة و العدالة و جهلهن للقوانين . و المؤسف كما استخلص الباحثون وجود فراغ قانوني في ما يخص العنف الزوجي وحماية حقوق الضحايا ببلادنا ،في حين وضع المشرعون بمختلف أنحاء العالم قوانين لمكافحة الظاهرة على غرار تلك المطبقة في السعودية مثلا التي تقضي بسجن الزوج المعتدي على زوجته لمدة سنة و دفعه غرامة قدرها 8.600أورو. إن غياب النصوص القانونية الصارمة لمكافحة هذا النوع من العنف المنتشر بكثرة بمجتمعنا كما شدد يجعل معظم النساء من ضحايا عنف أزواجهن يعزفن عن رفع قضايا ضدهم رغم حصولهن على شهادات تقيم نسبة العجز الجزئي ،يمكن أن يستند إليها القاضي لإثبات الضرر، وهكذا تتواصل معانات آلاف الزوجات لحد الاصابة بعاهة أو إعاقة أو الموت أو الانتحار. من هذا المنطلق أوصى الباحثون بمراجعة القوانين السارية المفعول التي لا تكفي لإنهاء هذه المآسي،و الدعوة لوضع قانون خاص بهذه الشريحة و تفعيل اجراءات الوقاية و التحسيس و فتح مراكز للإصغاء و الاستقبال و مد جسور الاتصال و التواصل بين أفراد الأسرة و المجتمع و التركيز على التربية في البيت و المدرسة لتغيير الذهنيات و مكافحة العنف.