القهوة "السماد"الذي سلب عقول الناس فأدمنوه بأذواق مختلفة يتحدث الكثيرون عن نكهة القهوة التي شغلت بال وعقول الكثير منهم، بنشوة عالية جدا خصوصا في الفترة الصباحية، فمن يبحث عن قهوة جزائرية خالصة من حيث التحضير و الإعداد كقهوة "الفرارة" و "الغلاية" أو الأجنبية مثل ال"إسبريسو" و ال"نيسكافي" وال"كبوتشينو"مرورا بأنواع القهوة الباردة. يشاع في عديد المناطق بالجزائر أن بين كل» مقهى ومقهى يوجد مقهى «نظرا للأعداد الكبيرة من المقاهي التي توفر مادة القهوة وهي عبارة عن «سماد» مطحون سلب عقول الناس بشكل رهيب ،لدرجة تجدهم في أماكن كثيرة يحملون الأكواب الورقية أو الزجاجية في اليد على مسافات بعيدة أو عبر قارعة الطرقات و في السيارات وأماكن العمل . ولا يرتاح للمدمن عليها بال، إلا إذا تناول كوبا منها على الأقل مرة في اليوم كما قال عبد الله مواسي أستاذ في مادة الرياضيات بعين الدفلى التقيناه بمقهى «النادل» .مضيفا إني معتاد على شربها منذ 15 سنة وكلما حاولت التوقف عن تناولها إلا وتعلقت بها أكثر ، فيما يتوجه البعض قبل وصولهم إلى مقر العمل إلى مقهى مجاور ليرتشفها و هو يدخن سيجارة وفق المثل القائل حسب صديقه موسى إطار بالولاية :»قهوة وقارو خير من السلطان في دارو «،لكنه يفضل قهوة خفيفة جدا وعادة ما يرتشف هذا الأخير فنجان القهوة بالطريقة التقليدية «الغلاية «بالمنزل حيث تحضر في إناء به ماء ساخن يوضع فيه البن ويخلط تحت نار هادئة . عودة قهوة الجزوة إلى وسط غرب البلاد تزايد في المدة الأخيرة تحضير القهوة على الطريقة الجلفاوية و المسماة «الفرارة» «التي بات يكثر عليها الطلب بوسط غرب البلاد حيث تقتصر التركيبة في الجمع بين البن و السكر في آن واحد بكميات متساوية ليسكب الماء عليهما و تغلى على نار هادئة في إناء يسمى "الجزوة" ويشرب هذا النوع من القهوة بعد نزول سماد البن إلى القاع، و السر في جودة مذاق القهوة حسب محمد .ي 36 عاما صاحب مقهى بعاصمة الولاية عين الدفلى يكمن في البن المستخدم، حيث أن هناك مئات الأنواع من البن والخلطات المستخدمة من بينها أرابيكا وروبوستا، وتكمن الفوارق الأساسية بينها في الذوق و النكهة . و الجدير بالذكر أن ما يعرف بقهوة «الجزوة» التقليدية كانت تحظى بمكانة خاصة في شرق البلاد حيث كانت تحضر ببعض المقاهي و البيوت لزبائن ذواقين، لكن القهوة العصرية عوضتها بالمدن فتراجعت باتجاه بعض القرى و المداشر و لا يزال الكثير من القسنطينيين يتذكرون بالكثير من الحنين مقهى «الجزوة» برحبة الصوف التي أوصدت أبوابها بسبب خلافات بين ورثتها. الملفت أن معظم المقاهي قلصت من أعداد الطاولات و الكراسي حتى لا يحتلها نفس الزبائن خاصة البطالين و المتقاعدين لساعات طويلة على حساب آخرين، بل هناك مقاه تعرض خدماتها السريعة على الزبائن وهم واقفين ،لأنها لا توفر لهم الطاولات فتستقطب أكبر عدد من الولوعين بالقهوة على عجل ليرتشفونها خارجها. لدى قيامنا بالبحث عن أنواع القهوة الموجودة اتضح لنا أن 70 % من إنتاج القهوة عالمياً هو من الأرابيكا، بينما 30 % هو من نوع روبوستا الذي يزرع في أعالي الجبال، ويعتبر الأفضل مقارنة بغيره من أنواع البن ويتميز بحموضته الحادة ونكهة الكرز أو الأزهار ويزرع في البرازيل ونيكاراغوا والمكسيك وإثيوبيا. أما الروبوستا فحباته أصغر وأكثر دائرية من الأرابيكا ويزرع في السهول، وتحديدا في فيتناموالبرازيل والهند وإندونيسيا، وهو حاد وأكثر مرارة من الأرابيكا وقوامه كثيف وقد تستخدم الروبوستا ذات النوعية الجيدة في بعض توليفات ال «إسبرسو» لتوفير أفضل رغوة وللراغبين في الحصول على أكثر كمية من الكافيين، فالسر يكمن في الروبوستا فبعد التحميص تحتوي الأرابيكا على أقل من 2 % من الكافيين، بينما قد تحتوي حبة روبوستا على 4 % أو أكثر من الكافيين، وكلما زادت حرارة التحميص نقصت نسبة الكافيين في حبات البن. ويتراوح الاستهلاك الوطني للفرد الجزائري من القهوة ما بين 5,3 إلى 4 كلغ للفرد، وحوالي 150 ألف طن سنويا. وتمثل "روبيستا" أكثر الأنواع استهلاكا، كما تشكل السوق الموازية والأسواق غير المراقبة نصيبا وفيرا من تجارة هذه المادة. وتعتبر النساء بنسبة 60 بالمائة من أكبر المستهلكات للقهوة، مقارنة بالرجال بنسبة ب40 بالمائة. وأمام تعدد طرق وآليات تحضير القهوة خصوصا بعد الانفتاح الكبير الذي فرضته التكنولوجيا وحركة تنقل الجزائريين يقول عبد السلام خ، مهندس معماري دخلت أنواع كثيرة من القهوة للجزائر بداية من الإسبرسو و النيسكافي والكبوتشنو، مرورا بأنواع القهوة الباردة «فعادة ما تقدم في الصالونات أو المقاهي العصرية بأثمان جد مرتفعة، ولعل من بينها القهوة الايطالية الإسبرسو الخفيفة والداكنة جداً ،كما تقدم بدون تخفيف أو سكر حيث تسكب عليها قطرات من مستخلص نكهة اللوز أو القليل جدا من الماء ،مع الحرص على إبقائها بنفس الكثافة، فيما يبقى الإقبال على الكابتشنو كبيرا رغم ضعف مستوى تحضيره مقارنة والوصفات المقدمة ببعض المقاهي خاصة التقليدية.