شيوخ يحاولون العودة إلى "منتصف العمر" لم تعد ظاهرة المعاكسات في الشوارع خلال السنوات الأخيرة ، تقتصر على الشبان اليافعين بل صارت تصدر حتى من شيوخ غزا الشيب رؤوسهم . وصار بعضهم يشكل الفئة الأكثر ميلا إلى تلك السلوكات السلبية ،، باتوا يركضون خلف فتيات في عمر بناتهم بل حفيداتهم و يعاكسوهن أو يتحرشون بهن جهارا نهارا.. تتضاعف هذه الظاهرة المشينة في فصل الصيف و العطل . اشتكت الكثير من النسوة والفتيات من هذه السلوكات المشينة التي تصدر من بعض هؤلاء الشيوخ الذين تجردوا من الأنفة والخصال الحميدة التي تميز الرجل الجزائري وانحطوا بسلوكاتهم إلى مستويات متدنية. اختار الكثير من هؤلاء الشيوخ المعاكسة ، كحرفة لهم على مستوى الشوارع بعد مللهم – ربما - من الفراغ القاتل ( ورب عذر أقبح من ذنب ) ووجدوا في المعاكسة وإطلاق أذاهم على غيرهم ، السبيل الذي يسدون به ذلك الفراغ وهو ما يثير تذمر النساء اللواتي كثيرا ما يتوجه بعضهن بنقد لاذع للشيوخ المراهقين الذين لا يستهدفون الفتيات العازبات فقط ، بل حتى النساء المتزوجات اللواتي ضقن ذرعا من هذه الظاهرة التي شاعت في مختلف المناطق والشوارع ، إلى درجة أن بعض الشيوخ يكاد يحترف المعاكسة . وبعضهم يتجرأ حتى على التلفظ بألفاظ بذيئة لا توافق البتة سنهم وشيبهم الذي يفترض أن يكون مصاحبا بالوقار. شاهدنا ووقفنا بأم أعيننا على ترصد هذه الفئة من المعاكسين للنساء والفتيات ورأينا كيف يثور غضب الكثير من المستهدفات منهن اللائي لا يترددن في الرد العنيف وإبداء تذمرهن من مثل هذا الانحطاط الأخلاقي. إحدى السيدات التقيناها وسط مدينة تيزي وزو وهي في قمة الغضب مما حدث لها .. لم تهضم ما يحدث عندما انتبهت إلى أن الشيخ الذي تلفظ بعبارات تستعمل في المعاكسة كان يستهدفها هي ، حاولت أن أهدئ من روعها لكنها استمرت في تأنيب ذلك الشيخ وقالت :'' لو صدر هذا التصرف الأحمق والقبيح وغير الأخلاقي من شاب متهور ضد ابنتي أو أختي الصغرى لهان الأمر ربما ، لكن أن يصدر من شيخ ضد امرأة أربعينية فهذا عيب وعار» . نفس رد الفعل اتخذته الكثير من النساء والفتيات بعد اصطدامهن بمثل تلك المواقف الغريبة والعجيبة الدخيلة على مجتمعنا ، كون أن الشيخ الطاعن في السن يعد في العرف الاجتماعي والديني للمجتمع المسلم بمثابة البركة و القدوة للآخرين و يحظى من طرف الجميع بالكثير من الاحترام والتقدير إلا أن السلوكات الصادرة من طرف بعض هؤلاء الشيوخ المراهقين هدّمت نوعا ما من تلك المعاني السامية بعد أن بات بعض الشيوخ يلهثون وراء بنات في عمر حفيداتهم دون أدنى تأنيب ضمير بل و يتلفظون بألفاظ يستحي حتى الشاب المتهور من تلفظها. وفي ذات السياق اقتربنا من بعض النسوة ، حاولنا أن نعرف موقفهن من الظاهرة ، فقالت السيدة نورية أنها كثيرا ما تعرضت إلى مثل تلك المواقف من طرف شيوخ كبار وصفتهم ب»الأبالسة» كون الشيخ المحترم لا يجرؤ على القيام بتلك الأفعال التي لا ينتظرها المرء حتى من شبان متهورين. وقالت كثيرا ما لا يكتفي الشيوخ برمق النسوة بنظرات المعاكسة بل لا يترددون في التلفظ بألفاظ خادشة للحياء وإطلاق إيماءات يندى لها الجبين تمس كلها بفئة الشيوخ كفئة لها وزن في المجتمع الجزائري كونهم تربت على أياديهم أجيال إلا أن الناس معادن وأصناف وليس كل الشيوخ متشابهين فمنهم الصالح ومنهم سيء الأخلاق بدليل السلوكات المنحطة لبعض فئاتهم والتي تضايق الأوانس وحتى السيدات على مستوى الشوارع، لذلك وجب وضع حد لتلك الممارسات المشينة التي غزت مجتمعنا من كل جانب لاسيما وأنها تصدر من فئات من الأولى أن تكون مثالا يقتدي به الآخرون. من جهته يرى أخصائي في علم النفس بمستشفى تيزي وزو بأن ظاهرة معاكسة الشيوخ للفتيات تكون بسبب الفراغ الذي يعانيه المسن خاصة عندما يرى شريكة حياته التي قضى معها عمره كلّه ، أصبحت هرمة ولم تعد تهتم به كما في السابق. هذا يرفضه الشيخ المسن الذي يلجأ إلى طريقة معاكسة الفتيات حتى يجلب اهتمامهن ، مستعملا في ذلك مختلف الطرق حتى وإن تطلب الأمر إغواءهنّ بالأموال ،عسى أن يظفر بإحداهنّ لعلّها تعوّضه عن إهمال الزوجة له ولحياته السابقة التي لم يعشها ، كما كان يريد .خاصة و أن الرجل عندما يدخل مرحلة الشيخوخة يصبح كالطفل الصغير و بحاجة كبيرة إلى الرعاية والاهتمام والأمان من الطرف الآخر .. موضحا من جهة أخرى بأن هذه المرحلة لدى الشيوخ تعرف بأزمة منتصف العمر، إذ يرغب المسن في العودة إلى أيام الشباب لاعتقاده انّه لم يعش تلك المرحلة من حياته مثل أقرانه ، فيلجأ إلى البحث عن فتيات في عمر بناته أو حفيداته ليثبت أنه مازال قادرا جسديا. سامية إخليف