من شاطئ الخنازير إلى شاطئ نموذجي القادم إلى مدنية القل حتما عليه أن يمر عبر منطقة الشركة بوابة المدينة التي تفتح ذراعيها لاستقبال الزوار وتخفي وراءها شاطئ عين أم القصب يتراءى من بعيد وكأنه لوحة فنية ، لكن بالاقتراب نحوه يتجلى بوضوح جمال الطبيعة وعظمة صنع الخالق من خلال الصفحة المائية الزرقاء اللامتناهية وحركة أمواج البحر في مدها وجزرها ،تنعش الزائر قبل أن يحط رحاله وتدفعها للسير على مهل للتمتع بخلفية الشاطئ بمناظر خلابة من صخور تضع أرجلها في الماء وتعانق جبل الطبانة من خلال منعرجات الطريق ليتحول شاطئ عين أم القصب إلى بوابة القل يستقبل المصطافين بحفاوة. لكن هذه السنة يبدو أن أشغال تحديث الطريق الرابط بين القل وقسنطينة في الجزء منه الرابط بين كركرة القل نغّصت يوميات مستعملي الطريق بانتشار الغبار والأتربة التي تحجب في بعض الأحيان الرؤيا وتحرم الزائر من التمتع بمنظر شاطئ عين أم القصب. كان يسمى في عهد الاستعمار الفرنسي ب شاطئ الخنازير لأن المكان معزولا وتحيط به غابات تأوي إليها الخنازير من جبل الطبانة المطل على المدينة، لكن التسمية الحالية تعود إلى فجر الاستقلال وسمي عين أم القصب نسبة للمنع الطبيعي المتواجد في الجانب القريب من الطريق كانت تنمو بجانبه نبات القصب بكثرة ، واليوم تحول المنبع إلى ما يشبه الحمام الطبيعي واثر لناب القصب. و ببساطة المكان الذي يجد فيها المصطافون فرصة لإزالة ملوحة البحر من أجسادهم بعد فترة سباحة، والمنبع محاط بأشجار الكاليتوس جعل المكان أكثر أريحية للمصطافين الذين لا يكلفون أنفسهم عناء إحضار مظلاتهم للوقاية من حر أشعة الشمس، وعلى مسافة أكثر من 1كلم يمتد الشاطئ برماله الذهبية إلى حدود فندق طورش التي فتح سنوات الثمانينات، وشاطئ عين القصب الملاذ المحبب للكثير من العائلات القسنطينية خاصة التي تقوم بكراء كل فصل صيف سكنات قريبة منه الشاطئ، فدأبت على اختياره منذ عدة سنوات . كما يمتد الشاطئ نحو شاطئ تلزة وتم شاطئ بن زويت دون فواصل على مسافة أكثر من 8 كلم في منظر ساحري متميز يسر الناظرين ويسيل لعاب المستثمرين، وبالرغم من أن شاطئ عين أم القصب عرف قطيعة قسرية مع المصطافين لأكثر من 10سنوات، مع بداية سنوات التسعينيات بسبب احتلاله من قبل شركة «ميديترام «المكلفة بمشروع توسيع ميناء القل من أجل وضع القاعدة الحيوية للشركة و اللبنات الإسمنتية العملاقة المستعمل في بناء أرصفة الميناء على طول الشاطئ، و بعد نهاية أشغال المشروع ورحيل الشركة سنة 2002 فتح الشاطئ في وجه حركة الاصطياف. و كانت المعاناة كبيرة للمصطافين مع مخلفات القطع الإسمنتية والحديدية التي ظلت مدفونة برمال الشاطئ قبل تدخل السلطات الولائية سنة 2010 لمنح مشروع تنظيف الشاطىء وانجاز أرصفة لجعله ضمن الشواطئ النموذجية بولاية سكيكدة ، كما حظي باهتمام كبير سنة 2012 بجعل محطة للافتتاح الرسمي للموسم الاصطياف على مستوى الولاية. ويبقى الشاطئ رغم كل ذلك في حالة إلى إنجاز بعض المرافق الخدماتية الإيوائية الضرورية ،فيما يشتكي المصطافون طيش بعض الشباب المنحرف من أصحاب تعاطي الخمور والمخدرات والذين حولوا جنبات الشاطئ إلى ما يشبه مخمرة مفتوحة على الهواء. ويمتد المشهد إلى غاية مدخل المدينة بالقرب من الميناء وكثيرا ما يتحول المكان إلى ساحة للمناوشات والعراك الذي يعكر صوف يوميات المصطافين. وتبقى النقطة السوداء التي تهدد شاطئ عين أم القصب تتمثل في المفرغة العمومية المتواجد بمنطقة بومهاجر والتي لا تبعد كثير ا عن الشاطئ بدخانها المتطاير والروائح الكريهة التي تبعث على التقزز، في انتظار تحويلها خاصة وأن مشروع انجاز مفرغة عمومية مشتركة مابين البلديات قيد الانجاز.