أعلنت السلطات التونسية مساء يوم الأربعاء عن حظر التجول ابتداء من مساء يوم الأربعاء على الساعة الثامنة ليلا في العاصمة التونسية وما جاورها كما أقالت وزير الداخلية إثر أعمال الشغب و الاحتجاجات التي عرفتها البلاد. وأكد بيان لوزارة الداخلية التونسية، أن بعض أحياء العاصمة شهدت مساء يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء أعمال شغب ونهب واعتداءات على الممتلكات والأشخاص ومن اجل الحفاظ على أمن المواطنين وسلامة الأملاك والمكاسب تقرر اعلان منع التجول بولايات تونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) بصورة مؤقتة وذلك اعتبارا من مساء يوم الأربعاء بداية من الساعة الثامنة ليلا وإلى غاية الساعة الخامسة والنصف صباحا. وتجدر الإشارة إلى أن موجة الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات الجماهيرية قد اندلعت في العاصمة التونسية يوم الثلاثاء واليوم الأربعاء وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها منذ بداية المشادات قبل اربعة اسابيع. وذكر مصادر متطابقة ان اصطدامات وقعت بين المتظاهرين واجهزة الامن في تونس العاصمة وان المواطنين رشقوا قوات الأمن بالحجارة فيما شهدت أحياء شعبية محاذية للعاصمة تونس منها حي التضامن والانطلاقة وإبن خلدون مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن سمع خلالها دوي طلقات نارية. وأوضحت مصادر نقابية أن مواجهات عنيفة جرت اليوم في بلدة "دوز" جنوبتونس العاصمة كما شهدت مدينة صفاقس (275 كيلومترا جنوب شرق تونس العاصمة) يوم الاربعاء مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن. والجدير بالذكر، أن الفروع الجهوية للإتحاد العام التونسي للشغل - الذي يعد أكبر منظمة نقابية في تونس - كانت قد قررت الدخول في إضراب عام في مدن صفاقسوالقصرين وقابس القيروان وجندوبة وتونس العاصمة. وتعمل السلطات التونسية بكل جد على احتواء هذه الازمة الحادة وذلك عبر الاعلان عن سلسلة من الاجراءات والقرارات من ذلك إقالة وزير الداخلية والإعلان عن تشكيل لجان تحقيق في التجاوزات وفي قضايا الفساد والرشوة. وعلى خلفية الازمة الحادة التي اسفرت عن مقتل 21 شخصا قرر رئيس الجمهورية التونسي السيد زين العابدين بن علي اقالة وزير الداخلية والشؤون المحلية السيد رفيق بلحاج قاسم وتعيين السيد احمد فريعة وزير التجهيز السابق في منصب وزير الداخلية والشؤون المحلية المقال. وبخصوص الأشخاص الذين اعتقلوا خلال الاصطدامات والمشادات فلقد تم اتخاذ قرار في هذا الصدد مفاده اطلاق جميع الاشخاص الذين تم ايقافهم خلال هذه الاحداث المؤلمة "باستثناء" من ثبت في حقهم القيام بعمليات تخريب ونهب وحرق الممتلكات العمومية والخاصة وتورطهم في اعمال العنف الدامية. كما تقرر تشكيل لجنة تحقيقات حول التجاوزات التي "يمكن ان تكون قد حصلت" خلال هذه المواجهات وكذا تشكيل لجنة تحقيق ثانية تنظر في قضايا الرشوة والفساد. وعن الإجراءات الكفيلة بوضع حيز التنفيذ القرارات الرئاسية المتخذة لمواجهة التحديات التي تمر بها تونس وجه الرئيس زين العابدين بن علي الدعوة لمجلسي النواب والمستشارين لعقد جلسة استثنائية لكل منهما في حوار مفتوح حول القرارات والاجراءات والخطط العملية المعلن عنها بشأن التشغيل وخلق موارد الرزق ودفع التنمية والاستثمار بالمناطق الداخلية لتدعيم التوازن بين كافة المناطق كما دعا الرئيس التونسي مجلسي النواب والمستشارين الى تاكيد تمسك الجميع بالحوار وحرية التعبير السلمي واشراك جميع الاطراف الوطنية في قضايا البلاد ورفض العنف والمغالاة بكل اشكالهما. وحول افاق دعم ديناميكية التشغيل ابرز الوزير الاول ان حكومته ستمنح الأولوية المطلقة لامتصاص البطالة عبر تطبيق خطة تنموية تقدر استثماراتها بنحو 5 مليار دولار على ان تركز اساسا على المناطق الداخلية للبلاد علاوة على اعطاء الأسبقية لحاملي الشهادات الجامعية الذين يبلغ عددهم حاليا 140 ألف خريج عاطل عن العمل من ضمن 500 ألف مواطن عاطل عن العمل وهو ما يعادل نسبة 13 في المائة من القوى العاملة في تونس. ولم يفت الوزير الأول التعبير عن "أسفه العميق" لما وقع أمس الثلاثاء من "تجاوزات" من طرف اجهزة الامن تجاه جمع من المثقفين والفنانين التونسيين الذي ابدوا رغبتهم في تنظيم مسيرة احتجاجية وسط العاصمة التونسية. وكان رئيس الدولة التونسي قد قرر إعفاء كل مشروع جديد من شانه تشغيل المواطنين من الضريبة على الأرباح وذلك لمدة عشر سنوات من اجل دفع ديناميكية التشغيل قدما الى الامام فيما دعا الأولياء وسائر المواطنين إلى الحفاظ على أبنائهم من هؤلاء "المشاغبين والمفسدين" بتكثيف الإحاطة بهم وتوعيتهم بمخاطر توظيفهم واستغلالهم من قبل هذه المجموعات المتطرفة. والجدير بالذكر ان تونس تعيش منذ أربعة أسابيع على وقع غليان شعبي واصطدامات دامية عنيفة طالت خاصة ولاية سيدي بوزيد وولاية القصرين في أعقاب قيام الشاب الراحل محمد بوعزيزي (26 سنة) على الانتحار حرقا واقدام شاب اخر حسين ناجي( 24 عاما) على الانتحار بواسطة صدمة كهربائية وعلى اثرها لم تهدأ الاصطدامات العنيفة منذ ذلك الحين مما أسفر عن سقوط 21 قتيلا وعدد من الجرحى بعد أن لجأت أجهزة الأمن إلى استخدام الأسلحة النارية والذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين وفض المشادات .