اخفقت الوساطة الافريقية من جديد في كسر الجمود في الوضع السياسي لكوت ديفوار امام "تصلب" مواقف الرئيسين المنتخب حسن واتارا و المنتهية عهدته لوران غباغبو و عدم استجابة كل منهما لل"عرض الجديد للسلام" الذي قدمته لهما مما قد يساهم في "اطالة" حالة الانسداد في ظل تاجيل ارسال تعزيزات اممية لاحتواء الانفلات. واصطدمت جهود وسيط الاتحاد الافريقي رايلا اودينغا الذي قدم للرئيسين اللذين يتنازعان السلطة في كوت ديفوار منذ الاعلان عن نتائج انتخابات 28 نوفمبر "عرضا جديدا للسلام" بعدم استجابة اي طرف على المقترحات التي تضمنته مما حال دون تحقيق "اختراق حقيقي " للوضع. و فشلت المباحثات التي اجراها اودينغا مع الرئيس المنتهية غباغبو/ الذي اعطاه المجلس الدستوري الفوز/ في اقناعه لترك السلطة لصالح الرئيس المنتخب حسن واتارا الفائز في الانتخابات الرئاسية بمصادقة من المفوضية العليا للانتخابات و الاممالمتحدة و بتاييد دولي"واسع". و بالمقابل لم تحقق مساعي الوسيط الافريقي الذي يجري ثان مهمة له بعد اخفاقه في مهمة سابقة اوائل هذا الشهر الجاري رفقة وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا /ايكواس/ الهدف المرجو في اقناع الرئيس المنتخب واتارا للقاء خصمه غباغبو و اجراء حوار يحسم الازمة السياسية التي دخلت شهرها الثاني. وصرح الوسيط الافريقي قبيل مغادرته ابديجان بانه "رغم المحادثات المطولة التي اجراها مع غباغبو و واتارا كل على حده فانه"مع الاسف لم يتحقق التقدم الضروي للوضع". وعبر اودينغا الذي اجري منذ يومين مباحثات وصفت ال"مثمرة" مع المعسكرين المتناحرين عن اسفه لعدم "التزام الرئيس غباغبو بوعده للمرة الثانية" لرفع الحصار المفروض على فندق"الغولف" المقر العام للرئيس المنتخب واتارا الذي يحتمي فيه و طاقمه الحكومي منذ اكثر من شهر قائلا ان "غباغبو تعهد لي برفع الحصار على واتار امس لكنه لم يف بوعهده للمرة الثانية في اسبوعين.. و هذا امر مؤسف". و يرى المراقبون بان" غباغبو الذي يحظى بدعم الجيش يريد التفاوض من مركز قوة يسمح له بفرض شروطه والتوصل إلى اتفاق يعزز نفوذه داخل الدولة اما واتارا فكل ما يمكن له القيام به هو تشكيل حكومة وحدة وطنية مع أعضاء حزب غباغبو /الجبهة الديمقراطية الشعبية/بشرط أن يغادر هذا الأخير الرئاسة أولان و هذا التباين يشكل لب التعقيد للمشهد السياسية الايفواري". و غادر اودينعا اليوم ابيدجان متوجها الى غانا و انغولا ثم بوركينا فاسو لاستكمال مشاوراته حول الوضع المتازم في كوت ديفوار. و في هذه الاثناء يبحث رؤساء أركان الدفاع لدول "ايكواس" منذ امس في جلستهم العادية ال28 في باماكو عاصمة مالي الأوضاع الإقليمية من بينها مبدأ اللجوء الى القوة"المشروعة"لإزاحة الرئيس غباغبو من السلطة والذي كان محل نقاش في اجتماع استثاني عقد في ابوجا/نيجيريا/ اواخر الشهر الماضي حيث تضمن" سرعة إبعاد غباغبو عن الحكم للسماح للحكومة الشرعية بالبدء في ممارسة مهامها". وقالت مصادر اعلامية نقلا عن أولوسيغون بيتينرين ضابط نيجيري رفيع المستوى قوله أن "تحضيرات القادة العسكريين في ايكواس للتدخل في كوت ديفوار تحرز تقدما" مؤكدا استعداد دول المجموعة للتدخل العسكري "إذا لزم الأمر". وفي هذه الاثناء اجلت الاممالمتحدة التصويت على قرار لمجلس الامن الدولي بارسال 2000 رجل اضافي الى كوت ديفوار بعدما تقديم روسيا اعتراضات حول المضمون "السياسي" لمشروع القرار. و لم يتم تحديد علنا تاريخ اعادة مناقشة هذا القرار حسبما ذكرته مصادر دبلوماسية. و طالب قادة قوات حفظ السلام بارسال 2000 رجل اضافي لمواجهة اي تصعيد لاعمال العنف في اعقاب سلسلة الهجمات وعمليات الترهيب التي تستهدف موظفي الأمم المتحدة العاملين فى هذا البلد من طرف جماعات موالية لغباغبو. وتعهدت الأممالمتحدة بمواصلة مهمتها رغم مطالبة غباغبو برحيلها حيث اتهمها بال"انحياز" للرئيس المنتخب واتار و دعمه "عسكريا". وتزداد الضغوط الدولية لردع التحدي "الكبير" الذي اظهره غباغبو منذ بداية الازمة متجاهلا الدعوات المتكررة للتنحي عن الحكم و الاعتراف بهزيمته وسط مساعي رامية الى اعطاء "مصداقية" اممية للتدخل العسكري في حالة اللجوء اليه ك"خيار اخير" لتسوية الوضع في ظل وجود تحفظات من طرف بعض دول ايكواس. وتري بعض المصادر في هذا الصدد ان "مبدا للقوة المشروعة في حالة استخدامها ستكون "أكثر فاعلية"إذا ما صدر عنها قرار من الأممالمتحدة التي دعمت تماما العملية الانتخابية في كوت ديفوار. وفي إطار الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي على غباغبو قام الاتحاد الأوروبي بتجميد أصول الموانئ وشركة النفط المملوكة للدولة وثلاثة بنوك, كما منعت وزارة الخزانة الأمريكية المواطنين من التعامل المالي مع الرئيس غباغبو والمقربين منه. و ادت تداعيات الازمة السياسية الى تردي الوضع الانساني في كوت ديفوار حيث وجهت الأممالمتحدة نداء إغاثة لجمع أكثر من 87 مليون دولار لدعم العمليات الإنسانية اذ سيتم تخصيص نحو5 مليون دولار لتوفير المأوى للاجئين الأيفوريين في ليبريا, في حين سيخصص 32 مليون دولار لدعم عمليات الإغاثة في كوت ديفوار والدول المجاورة. و قد خلفت اعمال العنف التي اعقبت الانتخابات اكثر من 247 قتيلا منذ منتصف ديسمبر المنصرم و فرار 25446 شخص من البلاد اغلبهم لجؤوا الى البلد المجاور ليبيريا في حين نزح 17296 داخل البلاد حسب تقديرات الاممالمتحدة.(