فوض "الإئتلاف الوطني من أجل التغيير" الذي يضم قوى المعارضة المصرية من بينها جماعة الإخوان المسلمين اليوم الأحد السيد محمد البرادعي للتفاوض مع السلطة التي تواجه منذ ستة أيام مظاهرات حاشدة مطالبة بتغييرات سياسية واقتصادية في البلاد. وفوضت هذه القوى المعارضة محمد البرادعي رئيس "الجبهة الوطنية للتغيير" بتشكيل حكومة لإنقاذ الوطن . مؤكدة أن إختيارها للبرادعي جاء "إنقاذا للوضع القائم في مصر من فوضى مخططة" نظرا لغياب جهاز الشرطة بالكامل. وجاء هذا التفويض بعد أن رفضت القوى المعارضة المصرية الإجراءات التي أعلنها الرئيس المصري حسني مبارك والمتمثلة في تعيين اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية نائبا لرئيس الجمهورية وتكليف اللواء أحمد شفيق بتشكيل حكومة جديدة. وأعلنت جماعة الاخوان المسلمين اليوم رفضها لقيام الرئيس مبارك بتعيينات جديدة معتبرة أنها "محاولة للالتفاف على مطالب الشعب المصري ولإجهاض ثورته الشعبية وانتفاضته المباركةّ". كما اعتبر العديد من الخبراء والمحليين تعيين مبارك لعمر سليمان نائبا له بعد 30 سنة من الحكم "خطوة متأخرة للغاية" لا تتناسب مع مطالب الشعب المصري في الوقت الحالي. وقال مدير مركز الأهرام للنشر والترجمة وحيد عبد المجيد أن هذه الخطوة تهدف إلى إرسال رسالة للناس أنه لا يوجد توريث وأن تعيين نائبا له يعني أن موضوع نجله جمال انتهى. وأتت قرارات مبارك في الوقت الذي يواصل فيه المتظاهرون المناهضون للنظام الحاكم مسيرات حاشدة وسط القاهرة وفي مختلف المحافظات لليوم السادس على التوالي الرافضة للتعديلات الطفيفة في الطبقة الحاكمة حيث عاد آلاف المتظاهرين ظهر اليوم للاحتشاد في ميدان التحرير وسط القاهرة مطالبين برحيل الرئيس مبارك. وتعيش عدة مدن ومحافظات مصرية أخرى نفس المشهد للمطالبة بتغيير النظام جذريا حيث إنضم إلى المظاهرات الأطباء والمحامون القضاة والمحامون وكذا الفنانين والنقابات المهنية. واعتبر الملاحظون أن دخول النقابات في هذه الاحتجاجات هو "تصعيدا نوعيا" في الاحتجاج وموجات الرفض التي يعرفها الشارع المصري منذ أسبوع. وفي الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات ضد الوضع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في البلاد حث مبارك الفريق احمد شفيق رئيس الوزراء المعين حديثا على تشكيل حكومة تلبي مطالب الشعب. كما أصبحت حالة الفراغ الأمني والفوضى سيدة الموقف في الشارع المصري في اليوم السادس من المظاهرات الشعبية التي أسفرت حتى الآن عن سقوط أكثر من 125 قتيل وآلاف الجرحى. وعلى صعيد متصل بدت أحياء القاهرة صباح اليوم منهكة في غياب مريب للخدمات الأمنية في الشوارع باستثناء أعضاء اللجان الشعبية التي شكلها السكان للدفاع عن الممتلكات العامة والخاصة. ولوحظ تمركز أكبر لعناصر قوات الجيش حول المنشآت الحيوية في البلاد وبعض الأحياء الراقية فيما كثفت قوات الشرطة وجودها في محيط وزارة الداخلية بقرب ميدان التحرير وسط العاصمة الذي تعرض لمحاولات اقتحام أمس السبت أسفرت عن مقتل ثلاثة متظاهرين. وتتواصل في المقابل الجهود الشعبية لتطويق تبعات الأحداث والسيطرة على الأمن.وشكل السكان لجانا شعبية لمواجهة أعمال السلب والنهب التي طالت مباني حكومية وبنوكا وشركات خاصة وفنادق ومراكز تجارية كبرى وحتى المنازل الخاصة. وفيما صدرت دعوات من مواطنين لحمايتهم وممتلكاتهم من "البلطجية" (اللصوص) تطوع آخرون لحماية المباني واستعادة ممتلكات تركها اللصوص في الشوارع. كما شوهد مواطنون في مختلف شوارع القاهرة منها قصر العيني وميداني التحرير وعبد المنعم رياض والجلاء يقومون بإطفاء الحرائق وتولي مهمات شرطة المرور وتنظيم حركة السير في ظل الفوضى والانفلات الأمني. وأمام الوضع الأمني المتردي في مصر أعلنت مصادر أمنية أن آلاف السجناء فروا ليلة امس بعد تمرد فى سجن "وادي النطرون" على الطريق الصحراوي بين مدينتي القاهرة والاسكندرية شمال العاصمة . وأوضحت مصادر أمنية أن السجناء البالغ عددهم عدة آلاف قاموا بتمرد وتمكنوا جميعا من الفرار بعد أن استولوا على أسلحة رجال الامن. ولمتابعة الوضع الامني عقد الرئيس مبارك بزيارة اجتماعا مع نائبه عمر سليمان ووزير الدفاع المشير حسين طنطاوى ورئيس اركان القوات المسلحة سامي عنان وكبار قادة القوات المسلحة. وتتوالى ردود الفعل الدولية المتابعة لتطورات الوضع قي مصر إذ أكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اليوم على ضرورة التعامل مع المظاهرات في مصر بطريقة سلمية. مؤكدا على ضرورة إصغاء السلطات المصرية بانتباه لصوت الشعب وتطلعاته وآماله فى مستقبل افضل والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. كما أكدت واشنطن عن رغبتها في "إنتقال مصر إلى الديموقراطية بشكل منظم عبر إنتخابات حرة ونزيهه عقب الإحتجاجات". وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون"نحن نحث حكومة مبارك التي لاتزال في السلطة ونحث الجيش وهو المؤسسة التي تحظى باحترام بالغ في مصر على إتخاذ الخطوات الضرورية لتسهيل مثل هذا الانتقال المنظم".