إستطاعت المرأة التونسية أن تحقق العديد من المكتسبات الهامة على درب تحررها مكنتها من تقديم اسهاماتها في كافة الميادين خدمة لمجتمعها بشكل متساو مع الرجل. ويعد قانون الأحوال الشخصية التونسي من بين أهم هذه المكاسب لما كرسه من من مساواة في الحقوق والواجبات أسهمت كثيرا في الحد من مظاهر الغبن التي كانت المراة عرضة لها. وقد أقر هذا القانون حالة التساوي بين المرأة والرجل وأخضع الطلاق إلى مراقبة القاضي وتم اشراك المرأة في إدارة شؤون العائلة كما اقر حق منح المرأة التونسية الجنسية لأبنائها من زوج أجنبي . وبخصوص التربية والتعليم نص قانون الاحوال الشخصية على مبدأ المساواة بين الذكور والاناث في الحق في التربية والتعليم والتثقيف والتكوين وجعل هذا الحق ملزما. وعن الحقوق المدنية والسياسية فان القوانين والمبادئ الدستورية التونسية سوت بين الجنسين من حيث الأهلية في ابرام العقود المدنية والقيام بالإجراءات القضائية ومن حيث الذمة المالية للمرأة. كما منحتها القوانين حق الانتخاب والترشح إلى مختلف المجالس واعترفت لها بحرية التنقل والسفر وفي تحمل المسؤوليات النيابية والحكومية والمشاركة في شتى مجالات الحياة الجمعوية وفي الأحزاب والمؤسسات السياسية المختلفة. ويأتي إقرار الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي لمبدأ المناصفة بين الرجل والمرأة في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي التي ستنظم يوم 24 جويلية القادم ليضاف لسجل مكاسب المرأة التونسية. وحظي هذا القرار بمباركة الحكومة الانتقالية كما لقي ترحيبا كبيرا في الاوساط النسوية. وقد وصفته الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالقرار "التاريخي" مؤكدة بأن تونس حققت الريادة في تكريس مبدأ المناصفة في مقاعد المجلس التاسيسي واعتبرت إقرار هذا المبدأ بمثابة رد الاعتبار لتاريخ النضال المشترك بين الرجال والنساء من أجل الديمقراطية. وفي هذا الصدد أكدت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات السيدة سناء بن عاشور أن المناصفة هو مبدأ يسمح بإرساء نهج ديمقراطي سليم باعتبار أن الديمقراطية --كما قالت-- تكرس مبدأ المشاركة للجميع. ولدى مناقشة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي لمبدأ المناصفة بين المراة والرجل في المجلس التاسيسي تمسك أعضاء الهيئة العليا بالمكاسب التي تحققت للمرأة التونسية بفضل قانون الأحوال الشخصية الذي صدر منذ استقلال البلاد عام 1956. من جهتها، وصفت نائب رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة السيدة لطيفة الاخضر هذا القرار ب"المكسب الهام" الذي يليق بمكانة المرأة التونسية الممثلة في كل الأنشطة المهنية وفي الحياة العامة مشيرة إلى ان تجسيد هذا المبدأ جاء "ليعزز وضعية المرأة التونسية كمواطن كامل الحقوق والواجبات". واعتبرت أن هذا المكسب من شأنه أن يمكن المرأة التونسية من المشاركة في الحياة السياسية ويجعلها طرفا فاعلا خلال هذه المرحلة الجديدة من الانتقال الديمقراطي التي تعيشها البلاد. واعتبرت أن الإرادة السياسية من أجل المشاركة في الشأن العام هي الضمان الوحيد لنجاح مبدأ المناصفة. ومن جهتها، ترى السيدة زهية جويرو الباحثة التونسية في تاريخ الحضارة العربية أن مبدأ المناصفة هو إقرار بواقع موضوعي وحقيقي. غير أن تطبيق مبدأ المناصفة في رأيها قد تعترضه صعوبات نتيجة الذهنية السائدة في المجتمع التونسي من جهة و مدى استعداد الأحزاب السياسية للتطبيق الفعلي لهذا المبدأ من جهة أخرى. من جانبه، أكد عضو الرابطة التونسية لحقوق الإنسان السيد مختار يحياوي ان مبدا المناصفة هو دعم لحضور المرأة في سلطة القرار وهو يعني في المشهد السياسي مثلما أضاف، "تمييزا إيجابيا" لفائدة المرأة وصورة راقية للديمقراطية. أما السيدة سعيدة قراش عضو جمعية النساء الديمقراطيات فتعتبر أن مبدأ المناصفة في الانتخابات جاء نتيجة نضالات طويلة مشيرة الى ان تطبيق هذا المبدأ سيترجم الانخراط الفعلي للمرأة في الحياة السياسية. وتسجل المرأة التونسية أيضا حضورا مميزا في الحركة الجمعوية التي يشكل تواجدها فيها نسبة 42 بالمائة من المنخرطين و20 بالمائة من إطاراتها المسيرة. وفي نفس السياق فقد بلغ عدد الجمعيات النسائية حوالي 140جمعية تغطي مختلف الميادين التنموية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية والسياسية. كما حققت المراة التونسية حضورا كبيرا في الوظائف العليا وفي مواقع القرار والمسؤولية بنسبة لا تقل عن 30 بالمائة. وإذا كانت الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي قد اتخذت قرارا بتجسيد مبدا المناصفة - 50 - 50 - بالمائة بين الرجل والمراة في المجلس التاسيسي القادم فان حضور العنصر النسوي في البرلمان سنة 2010 بلغ 75 ر22 بالمائة في حين كان بقدر عام 1986 ب5ر11 بالمائة ولم يكن يتعدى عام 1986 نسبة 6ر5 بالمائة . أما نسبة مشاركة المراة في مجلس المستشارين او الغرفة البرلمانية الثانية التي انشئت عام 2005 فقد بلغت 19 بالمائة فيما شغلت امرأتان منصب النائب الثاني لرئيسي كل من مجلس النواب ومجلس لمستشارين. وتحصلت المرأة على نسبة 18 بالمائة من المقاعد على مستوى المجلس الاقتصادى والاجتماعي واحتلت ربع مقاعد المجلس الدستوري فيما تقدر نسبة تواجدها حاليا في المجالس الجهوية للولايات ب 32 بالمائة. ويشهد تواجدها في الهيئات الجهوية والمحلية المنتخبة نموا مضطردا وصل الى 7ر 26 فاصل بالمائة فى المجالس البلدية. وتتقلد المرأة فى تونس أيضا مناصب سامية أخرى في المؤسسات الدستورية والهيئات والهياكل الاستشارية. ويبلغ عدد سفيرات تونس بالخارج 12 سفيرة بينما يقدر حضور المرأة فى السلك الديبلوماسى ب20 بالمائة.