الجزائر- أجمع المختصون في الاقتصاد و المسيرون أن رأس المال الاقتصادي باعتباره وسيلة تمويل موجهة للمؤسسات الصغيرة و التي يجهلها العديد من المقاولين الجزائريين يعد بالكثير في مجال التنمية المحلية للجزائر. و مع انطلاق العمل بهذا التمويل على مستوى 5 مؤسسات مالية عمومية و خاصة مكلفة بتسيير 48 صندوق تمويل ولائي ترتكز المؤسسات الاقتصادية الجزائرية على هذا التمويل لا سيما و أن رأس المال الاستثماري يمنح لهم إمكانية الاستفادة من تمويلات هامة دون اشتراط أي ضمان. و قرر مجلس الوزراء الذي اجتمع يوم 22 فبراير الماضي "تعبئة شركات الاستثمار التي انتهت البنوك العمومية من إنشائها لتسيير أموال الاستثمار الولائية و ترقية مشاركتها في مرحلة أولى في رأس مال المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي ترغب في ذلك". و في 27 فبراير وقعت وزارة المالية و الشركات ذات رأس المال الاستثماري الناشطة اتفاقية تحدد آليات تسيير و استعمال صناديق الاستثمار التي أنشأت في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2009. و قد كلف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي بتفعيل عملية التشاور مع كل الشركاء الاجتماعيين و الاقتصاديين المعنيين "لتحديد أهداف تنمية محلية افضل و مساوقتها مع تطلعات الساكنة". و كان الوزير الأول أحمد أويحيى قد أكد مؤخرا أن تفعيل صناديق الاستثمار الولائية سيسمح "بإعطاء دفع للتنمية المحلية من خلال تكثيف و تنويع المشاريع التي تمت مباشرتها على المستوى المحلي و المشاركة في امتصاص البطالة من خلال إنشاء و تطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من طرف الشباب المقاولين و رفع عرض التمويل باتجاه الاقتصاد الوطني من خلال تطوير منتجات مالية جديدة". و منذ إصدار قانون 11-06 المؤرخ في 24 جوان 2006 الخاص بالشركات ذات رأس المال اللاستثماري لم يحظ هذا النوع من التمويل بدعم السلطات السياسية العليا للبلاد. و كلفت 5 هيئات مالية بتسيير الصناديق ال48 كل وفق قدراتها و يتعلق الأمر بالبنك الوطني الجزائري و بنك الجزائر الخارجي و الشركة المالية للاستثمارات و المساهمات و التوظيف العمومي للاموال (سوفينانس) و الشركة المالية الجزائرية الأوروبية للمساهمات (فيناليب) و الجزاير-استثمار. و يتوفر كل صندوق على مليار دج و يمكنه المساهمة ب50 مليون دج على مستوى كل مؤسسة. و بالتالي كلف البنك الوطني الجزائري بتسيير 10 صناديق استثمارية ولائية (أدرار و بشار و البويرة و بومرداس و الطارف و ميلة و النعامة و معسكر و مستغانم و تندوف) في حين كلف بنك الجزائر الخارجي بتسيير صناديق تيزي وزو و الجلفة و برج بوعريريج و السعيدة و تيسيمسيلت و الشلف و الواد و غرداية و الأغواط. و من جهتها كلفت هيئة سوفينانس بتسيير صناديق البليدة و بداية و باتنة و أم البواقي و وهران و تيارت في حين عاد تسيير صناديق تيبازة و سكيكدة و جيجل و سيدي بلعباس و البيض لفيناليب. و تحصلت "الجزائر استثمار" على حصة الأسد كونها كلفت بتسيير صناديق 16 ولاية و هي عين الدفلى و الجزائر و المدية و قالمة و قسنطينة و عنابة و خنشلة و سوق اهراس و تبسة و عين تيموشنت و غليزان و تلمسان و بسكرة و ورقلة و تمنراست و ايليزي. و أخيرا تمكنت هذه الشركة العمومية و هي فرع للصندوق الوطني للتوفير و الاحتياط (30 بالمئة) و بنك الفلاحة و التنمية الريفية (70 بالمئة) من التكفل بالصناديق الستة التي كان من المقرر أن تسيرها الشركة الجزائرية السعودية للاستثمار (أسيكوم). و أكد لشعب يوسف المدير العام ل "الجزائر استثمار" التي تشتغل منذ شهرين فقط أن هذه الأخيرة سجلت اهتمام حوالي مئة مؤسسة صغيرة و متوسطة عبر مختلف الولايات.و قال لشعب لوأج "تلقينا حوالي مئة طلب تمويل منها عشرة تعد قيد المعالجة و التجسيد". و أضاف أن المؤسسات العشرة المعنية التي تعد 7 منها قيد الانجاز و 3 في طريق التطور موجودة بالعاصمة (4 شركات) و تبسة (3) و المدية و برج بوعريريج و بشار (1 لكل واحدة منها). و أوضح يقول "نحن (الجزائر استثمار) بصدد استكمال اجراءات المساهمات تتراوح بين 20 و 49 بالمئة". و أضاف أن هذه المساهمات "قابلة للتفاوض و لكن لا يمكن أن تكون أدنى من 5 سنوات قصد التمكن من الاستفادة من المزايا الجبائية التي ينص عليها القانون 06-11". و حسب لشعب فإن تدخل شركة رأسمال الاستثماري يسمح "بتعزيز الصناديق النظيفة للشركة الممولة و تحسين قدراتها على التدين لدى البنوك". و قال "إذا كانت المؤسسات الصغيرة و المتوسطة تسدد ديونها لدى البنوك فإن المؤسسات المصغرة و المشاريع في طور الانشاء تفتقد للرؤية إزاء مانحي القروض في حين لا تطلب شركة رأسمال الاستثماري أي ضمان للمقاول الذي تتقاسم معه الأرباح و الخسائر". و في رده على سؤال حول مقاييس اختيار مشاريع الاستثمار ذكر المسؤول امكانية تجسيد المشروع و نوعية خطة الأعمال و الكفاءات التقنية و التسييرية للمقاولين و المساهمة في احداث مناصب شغل و أهمية المشروع بالنسبة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية للولاية. و سجل لشعب أن المساهمات في الجزائر و عبر العالم "تتطلب ما بين 3 و 6 أشهر لتجسيدها كون أن معظم المتعاملين الخواص يعملون دون فواتير و يملكون أموالا غير مصرح بها كما يفتقدون لمعطيات مالية شفافة". و من جهته صرح المندوب العام لجمعية البنوك و المؤسسات المالية عبد الرحمان بن خالفة أن "رأسمال الاستثماري على سبيل الايجار المالي هو صيغة التمويل الأكثر مواءمة لحاجيات المؤسسات الصغيرة الموزعة عبر كافة مناطق البلد و لكن يبقى مهنة صعبة لأن البنوك تعمل و كأنها مالكة". و يضاف لهذه الصعوبة تردد "المؤسسات الجزائرية الخاصة و العائلية في أغلب الأحيان عندما يتعلق الأمر بفتح رأسمالها حتى و إن كانت المساهمة مؤقتة". و قال بن خالفة "ينتظر شركات رأسمال الاستثماري عملا كبيرا في مجال الاتصال و التعميم للتعريف بمزايا هذه التقنية من التمويل".