تعهد ممثلو أكثر من 80 دولة ومنظمة مشاركة في "مؤتمر طوكيو الدولي حول أفغانستان" اليوم الأحد في طوكيو بمواصلة تقديم الدعم والمساعدة المدنية لهذا البلد بعد انسحاب القوات الدولية التابعة لحلف شمال الاطلسي "الناتو" من أراضيه نهاية عام 2014 شريطة التزام السلطات الأفغانية بمكافحة الفساد الذي ينخر بهياكل البلاد. ووافق المشاركون في المؤتمر على منح 16 مليار دولار من المساعدات المدنية لأفغانستان خلال الأعوام الأربعة القادمة حيث تصدرت كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وألمانيا واليابان قائمة الدول المانحة وذلك بعد موافقة الحكومة الأفغانية على معايير جديدة لمواجهة الفساد المالي والاداري في البلاد. فقد أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في الكلمة التي ألقتها في المؤتمر أن "إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ستطلب من الكونغرس الموافقة على الإبقاء على المساعدة المدنية الأميركية لأفغانستان عند المستوى الحالي أو مستوى قريب منه حتى العام 2017" معتبرة أنه على بلادها "الوفاء بالتزاماتها في هذا البلد بهدف توفير مستقبل على قدر تضحية الشعب الأفغاني والكثير من البلدان الممثلة حول هذه الطاولة". وأضافت كلينتون أن "مستقبل أفغانستان أضحى الآن في يد حكومتها وشعبها" مؤكدة أن بلادها "ستواصل الوقوف بحزم إلى جانب نساء افغانستان". ومن جهته، أكد وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله أن بلاده ستستمر حتى بعد انتهاء مهمة جيشها في أفغانستان في 2014 تقديم مساعدات تنموية بقيمة 430 مليون يورو سنويا لهذا البلد على الاقل حتى 2016. وطالب فسترفيله الحكومة الأفغانية بتنفيذ إصلاحات مقابل المساعدات الجديدة التي وعد المجتمع الدولي بتقديمها لكابول. واستطرد الوزير الألماني قائلا "نحن بحاجة إلى قيادة حكومية جيدة في أفغانستان ونحن بحاجة إلى قيادة حكومية أفضل" معتبرا أن "الإصلاحات القانونية تعد كذلك من بين الشروط اللازمة للحصول على مساعدات كافية لتحقيق تنمية مستدامة في البلاد". وشدد فسترفيله على أن "بلاده سترهن دعمها المدني لأفغانستان بشكل واضح بالإصلاحات الحكومية". وفي ذات السياق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدول المانحة إلى عدم التراجع عن دعمها لأفغانستان معتبرا أن "تخلف عن الالتزامات المالية للمجتمع الدولي تجاه أفغانستان من شأنه أن يقضي على الجهود المبذولة على مدى عشرة أعوام في هذا البلد الذي دمرته الحرب". وأوضح بان كي مون خلال المؤتمر أن "عدم الاستثمار في الحكامة والقضاء والحقوق الانسانية والتوظيف والتقدم الاجتماعي قد يقضي على الاستثمار والتضحيات المبذولة خلال عشر سنوات". ونوه بان كي مون ب "التقدم المحرز" على طريق الأمن والتنمية في هذا البلد معتبرا أن هذه المكتسبات "لا تزال هشة" داعيا إلى "عدم نسيان الحاجات الانسانية لأفغانستان واللاجئين وبذل جهد إضافي من أجل النساء والأطفال في هذا البلد خصوصا في مجال التعليم والمشاركة في الحياة السياسية". أما الهند فقد اعتبرت من جهتها أنه ليس بإمكان أفغانستان التصدي للتهديد الإرهابي العابر للحدود في ظل غياب المساعدات الدولية. فقد أكد وزير الخارجية الهندي أس . أم . كريشنا على ضرورة تقديم دعم واضح لأفغانستان من أجل الحفاظ على المكاسب التي حققها المجتمع الدولي والشعب الأفغاني في العقد الماضي. وحسب كريشنا فإن رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج قد تعهد بحزمة مساعدات تنموية تقدر ب 500 مليون دولار لأفغانستان مما يرفع إجمالي المساهمات إلى ملياري دولار حتى الآن. أما وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي فقد قال أن بلاده أوفت بالتزامتها تجاه أفغانستان حتى الآن وقدمت لها مساعدات في شكل مشاريع بنى تحتية شملت بناء طرق وسكك حديدية وعيادات طبية خاصة إضافة إلى إمدادات ماء وكهرباء". وأكد صالحي أن طهران "ستواصل تقديم المساعدات المالية لأفغانستان وتنفيذ مشاريع البنى التحتية التي تحتاجها هذه الأخيرة" مشددا الوقت ذاته على "ضرورة تصدي الحكومة الأفغانية للفساد الإداري وتهريب المخدرات بالبلاد". وبدوره، تعهد الرئيس الأفغاني حامد قرضاي خلال الكلمة الافتتاحية ل "مؤتمر طوكيو الدولي حول افغانستان" ببذل المزيد من الجهد لمكافحة الفساد في بلاده ونشر الأمن. وأوضح قرضاي أن "تحقيق الرخاء والاعتماد على الذات في بلاده سيستغرق سنوات طويلة من العمل الشاق من جانب الأفغان بالإضافة إلى استمرار دعم الشركاء الدوليين لكابول". ودعا الرئيس الأفغاني الدول المانحة إلى عدم التخلي عن بلاده ومدها بأربعة مليارات دولار سنويا من المساعدات المدنية إضافة إلى مبلغ ال1ر4 مليار الذي سبق أن تعهدت الجهات المانحة بتقديمه خلال مؤتمر شيكاغو لتغطية النفقات الأمنية فقط. ويشارك في هذا المؤتمر الذي ينظم بعد عشر سنوات على "مؤتمر طوكيو الأول حول أفغانستان" (عام 2002) حوالى 80 ممثلا لبلدان ومنظمات يناقشون بالأساس المساعدة المدنية المطلوبة لهذا البلد بعد انسحاب قوات الاطلسي المقرر نهاية العام 2014.