تعتبر الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة لشرشال (تيبازة) التي ظهرت للوجود منذ 49 سنة مضت رائدة في مجال تكوين النخبة العسكرية الجزائرية و آلاف الإطارات الشابة في صفوف الجيش الوطني الشعبي. وتتكفل هذه المؤسسة التي أنشئت بمدينة شرشال العريقة غداة استرجاع الاستقلال بتكوين ضباط و ضباط صف الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني. و قد تعدت سمعتها الحدود الوطنية مع مرور الزمن. وعلاوة على التكوين الأساسي فإن الأكاديمية أصبحت تدريجيا متخصصة في تكوين ضباط قيادة الأركان و القيادة إلى جانب توفير تكوين أساسي لفائدة الطلبة الضباط العاملين و تكوين متخصص من المستوى العالي لصالح حاملي شهادات جامعية. و نظرا لجودة التكوين الذي توفره هذه المؤسسة فإن سمعتها سرعان ما تجاوزت الحدود لدرجة أنها أصبحت تتكفل بتكوين عسكريين قادمين من البلدان الشقيقة و الصديقة لاسيما العربية و الإفريقية. وقد جعل مسؤولو الأكاديمية مواكبة المدارس الكبرى و التحولات التي تعيشها هيئات الجيش عبر العالم من بين انشغالاتهم الأساسية حيث يعتبرون أن تكوين العنصر البشري يكتسي أهمية قصوى. و في هذا الإطار كرست جهود وزارة الدفاع الوطني و القادة الذين تعاقبوا على رأس الأكاديمية من أجل تحويل هذه المؤسسة إلى قلعة حقيقية في مجال التكوين وفقا للمعايير العالمية المعمول بها. وتبعا لذلك تم إدخال تكنولوجيات الاتصال و العمل وفق مناهج التسيير العصري حيث تقرر بمناسبة الدخول لسنة 2011-2012 تسجيل المترشحين عن طريق موقع الإنترنت الجديد لوزارة الدفاع الوطني حيث تم انتقاء زهاء 2000 مترشح بدقة للاستفادة من تكوين بالأكاديمية من أصل 8000 ملف يتم إيداعها سنويا. مراحل حاسمة في تاريخ الأكاديمية ولدى فتحها في جوان 1963 شرعت المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة لشرشال في تكوين و إعادة رسكلة ضباط و ضباط صف جيش التحرير الوطني قبل أن تنتقل سنة 1969 إلى تكوين أولى دفعات ضباط الاحتياط بعد استحداث الخدمة الوطنية. وفي سنة 1974 تحولت المدرسة إلى كلية عسكرية لمختلف الأسلحة تخرجت منها أولى دفعات الضباط المحترفين. كما خصصت دورات تكوين لفائدة إطارات قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي و دروس إتقان لصالح الضباط. و مع حلول سنة 1979 تحولت المدرسة إلى أكاديمية عسكرية لمختلف الأسلحة أسندت إليها مهمة تكوين ضباط أركان الجيش و القيادة بهدف تحسين معارفهم و تهيئتهم لشغل مناصب سامية و مواجهة مختلف الأوضاع في أوقات السلم أو الحرب. للإشارة، فإن الأكاديمية التي شرعت في تعريب برامجها التعليمية في تلك الفترة واصلت بالموازاة التكوين الأساسي للطلبة الضباط العاملين كما انطلقت في تكوين خاص لفائدة الطلبة الضباط الحاملين لشهادات جامعية قبل إلحاقها سنة 1991 بقيادة القوات البرية. و انطلاقا من سنة 2007 قرر مسؤولو الجيش الوطني الشعبي توحيد نمط التكوين بالنسبة للضباط من خلال فتح أبواب التكوين العسكري الجامعي في مرحلتين و هما التكوين القاعدي لفائدة الضباط المحترفين بمختلف الأسلحة الجوية و البحرية و البرية و المديريات التابعة لوزارة الدفاع الوطني. و هناك التكوين المتخصص الموجه للقوات البرية تحت رعاية وزير التعليم العالي و البحث العلمي. جدير بالذكر، أن تخرج أول دفعة من الأكاديمية بنظام (أل أم دي) تم سنة 2011 و ضمت 235 ضابطا أنجزوا مواضيع بحث علمية هامة قابلة للتجسيد في الميدان من ضمنها " الطاقة المتجددة " و " مشروع تمهيدي لتصميم مناطد خفيفة"... تكوين عسكري دقيق تجدر الإشارة أن التكوين يستهل بتدريب عسكري لمدة سنة لفائدة الطلبة الضباط من مختلف الأسلحة بإشراف مركز التكوين القاعدي " الشهيد عبان رمضان" الملحق بالأكاديمية و المتواجد بالمدخل الشرقي لمدينة شرشال. وفي أعقاب هذا التربص التطبيقي يلتحق الطلبة الذين اختاروا السلاح البري بالأكاديمية العسكرية لشرشال أين يتابعون تكوينا لمدة ثلاث سنوات يتحصلون على إثرها على رتبة ملازم أول قبل الالتحاق بوحداتهم. ويرتكز التكوين العسكري أساسا على تلقين الطلبة كيفية استعمال الأسلحة مع غرس فيهم قيم الانضباط و الشعور بالواجب و التضحية و روح الوطنية فضلا عن تحضيرهم بدنيا و عقليا لمواجهة كل الوضعيات. منشأة بيداغوجية عصرية و قد زودت الأكاديمية بمنشأة بيداغوجية و تعليمية عصرية تتشكل من مجموعة من المخابر العلمية و قاعات تعليم مكثف و مخابر لتعليم اللغات و الإعلام الآلي و مراكز للاطلاع على المراجع. وفي المجال التطبيقي تتوفر الأكاديمية على ميادين للرماية و إنجاز التمارين التكتيكية و تعليم السياقة و ميادين طبيعية للتوجيه و التدريب على القفز بالمظلات فضلا عن ميادين خاصة بالإسعاف و ممارسة مختلف أنواع الرياضات. كما تتوفر هذه المؤسسة على مركز ثقافي يضم مكتبة مركزية تحتوي على ما يزيد عن 100.000 كتاب و مرجع بالإضافة إلى مرافق لاحتضان النشاطات الثقافية (مسرح و موسيقى و رسم و لعبة الشطرنج...) الموجهة للطلبة الضباط المحترفين و كذا عدد من المكتبات الثانوية على مستوى كل المديريات التابعة للأكاديمية. و تخصص المركب الرياضي التابع للأكاديمية أيضا لاحتضان مختلف المنافسات و البطولات الوطنية مثل الرماية الرياضية بالبندقية و المسدس الأوتوماتيكي و سباق التوجيه و الألعاب الخماسية فضلا عن دورات في التنس و الجيدو و الكاراتي و ألعاب القوى. كما تتوفر الأكاديمية على مركز لممارسة الفروسية من طرف الطلبة و الإطارات. متحف الأكاديمية: نظرة شاملة على تاريخ البلاد أصبحت الأكاديمية تتوفر منذ سنة 1981 على متحف أطلق عليه متحف المقاومة قبل أن يعاد تسميته سنة 2006 بمتحف محمدي سعيد المدعو سي ناصر. و يروي هذا المتحف تاريخ مقاومة الشعب الجزائري عبر التاريخ ضد الغزو الأجنبي و تاريخ الأكاديمية من خلال عرض مجموعات من الصور و الوثائق و الأغراض المختلفة تسمح للزوار و بخاصة الطلبة الضباط من التشبع بقيم البطولة و الشجاعة و التعرف على التضحيات و روح الوطنية التي تحلى بها الأجداد في الماضي المجيد للبلاد. إقبال واسع على الزيارات الموجهة عبر الأكاديمية يتم سنويا تنظيم زيارات موجهة لفائدة الجمهور بغرض إطلاعه على الدور الذي تقوم به هذه المؤسسة التي تعدت سمعتها الحدود الوطنية. و تحظى " الأبواب المفتوحة" على الأكاديمية بإقبال واسع من طرف الزوار. و يبقى حفل تخرج الدفعات الذي يقام سنويا وسط أجواء احتفالية كبيرة بحضور رئيس الدولة من بين الأحداث البارزة بهذه المؤسسة يتمنى الفرد أن يكون من ضمن المدعوين لحضور حفل نهاية سنة من التكوين.