(بقلم هند زبيري) يمثل مشروب الدفي أو ما يعرف بالوزوازة الذي يحضر من التمر و الأعشاب الطبيعية العصير المفضل للصائمين بورقلة حيث يروون عطشهم بشربه وقت الإفطار أو قبيل موعد الإمساك. و يزيد الطلب على هذا المشروب خلال فترات الحر الشديد لاسيما في رمضان لأنه من أفضل السوائل التي تمنع العطش عن الصائم حيث يجعل يوم الصائم الطويل في الصيف أقل إرهاقا حسب ما أكده بعض سكان حي القصبة العتيق بورقلة الذين يعكفون على تحضير هذا المشروب استعدادا لاستقبال شهر رمضان. و يتم تحضير هذا المشروب الشعبي التقليدي أسبوعين قبل حلول شهر رمضان انطلاقا من التمر و40 نوعا من الأعشاب الطبيعية التي يجمعها تجار الأعشاب داخل أكياس ويبيعون الواحد منها ب 200 دج حسب ما لوحظ بإحدى طاولات بيع الأعشاب الطبيعية بسوق الأحد. و لا تزال بعض العائلات الورقلية تحافظ على هذه الحرفة حيث توجد نسوة مختصة في إعداد هذا المشروب الشعبي التقليدي الذي يتم تحضيره أسبوعين قبل حلول شهر رمضان على غرار الحاجة حدة (70 سنة) التي تقوم بإعداد مشروب الدفي يوميا لتقدمه لجيرانها والمقربين منها الذين يتوافدون خصيصا على حي "مخادمة" بورقلة طلبا لدفي "ما حدة" كما يسموه. و تحرس "ما حدة" على إعداد مشروب الدفي يوميا ليكون طازجا حيث تقوم بعجن التمر "مرس الغرس" بين كفيها لتستخلص منه سائل التمر الذي تنقعه مع أكثر من أربعين نوعا من الأعشاب الطبيعية على غرار الزعتر والعرعار وشيح الكمون إلى جانب "الكليلة" وهي جبن أغنام مجفف ثم تضع المكونات في صرة من القماش والماء ثم تقوم بتصفيتها ووضعها في قارورات تبرد في الثلاجة. "لا يمكنني تصور شهر رمضان من دون الدفي لقد تعودت على إعداده سنويا في مثل هذه المناسبة الكريمة وجيراني لا يكفون عن طلبه ولهذا أقوم كل فجر بمرس الغرس و تهيئته ليكون جاهزا في المساء ليضاف إلى الأعشاب الطبيعية " تقول "ما حدة" بكل ثقة استمدتها من جيرانها والمقربين منها الذين لا يمكنهم الاستغناء عن الدفي الذي تعده بكل تفان وإخلاص. و حسب سعيد (40 سنة) وهو أحد جيران "ما حدة" فإن الدفي المصنع بالمنازل أفضل من الذي يباع بالأسواق لأن ربات البيوت يحرسن على تجديد سائل التمر الحلو المضاف يوميا ليحافظ الدفي على نكهته الخاصة دون أن يتغير مذاقه. و على الرغم من أن مذاق الدفي ليس حلوا إلا أنه ينافس المشروبات الغازية ذات الماركة العالمية حيث يتهافت سكان ورقلة و الصحراء عامة على جلب قاروراته من المنازل التي تصنعه أو من الأسواق و ذلك بالنظر لفوائده الصحية الكبيرة. و حسب ما أكده أحد المختصين في الأعشاب الطبيعية الطبية فان مشروب الدفي ''من أفضل السوائل التي تمنع العطش و بفضل تركيبته الطبيعية يطرد الغازات من الجسم و يسهل عملية الهضم و يحافظ على توازن السكر في الجسم و يساعد مرضى الكلى". و قد انتشر مشروب الدفي الذي تتباهى و تعتز العائلات الورقلية في الأرياف و القرى بتحضيره في أوساط المدن حيث أصبح من التجارة الموسمية التي تنتعش بحلول الصيف لاسيما في رمضان حيث يعرض في قارورات بالأسواق يتراوح سعرها ما بين 50 إلى 60 دج للتر الواحد من الدفي الذي يرافق موائد الإفطار و السحور لدى الورقليين.